هل هُزّمَ أردوكًان ؛ أمْ آنتصر ؟
بقلم حاجي علو :
آذار ـ 2016
أنا لست من المتشائمين أو الذين يدعون للإحباط والتخاذل أو الإنتقاص من جهود
المناضلين الكورد في سبيل مستقبلهم الذي أضاعه أَسلافنا بدون ثمن ،
وعن طريق مثل هذه التصورات الخاطئة والوعود الكاذبة والأحلام غير الواقعيّة ،
لكن الأَحلام البعيدة تجعل المرء ينهار تماماً عندما يصطدم بالحقيقة والوهم الذي بنى
عليه خططه وأحلامه ، هكذا لابد من النظر إلى التطورات الحالية والمستقبلية بموجب
المعطيات الحقيقية ، وإتخاذ التدابير الكفيلة بالتصدي للمشاكل والصعوبات التي ستأتي ،
أردوكان لم يفشل ولن يلزم نفسه بشيء ضد إرادته كشرط من شروط أوروپا ، هذا وهم
نتخيله نحن فقط ، أردوكًان إنتصر على روسيا وعلى أوروپا
وعلى إيران وعلى الأسد المغفل بشار ، أما الأكراد العراقيون فهم في جيبه ,
والسوريون يضغط عليهم بداعش وبجيشه بصورة مباشرة ، وبنفس الوقت سيفتح لهم الباب
إلى أوروپا لتصفيتهم من سوريا ، الذين في تركيا سينزفون ولنْ تنفعهم الإتفاقية الأورپية في شيء .
وأكراد إيران هم سيخلدون إنّ لم تدفعهم المخابرات التركية إلى الحرب الدائمة مع الملالي المُغفلين ،
أمل الأكراد في كل مكان هو إيران فعلى أكراد إيران
وقف الثورة والتعاون مع الحكومة لدعم الثورة الكوردية في تركيا وإلاّ فوضعهم مأساوي
وقد لا يُقاومون إلى أمد طويل المصالحة الكوردية الإيرانية واجبة .
وإن لم يتدبر أكراد العراق أمرهم فيتحدوا مع حكومة المركز وإيران ضد تركيا
فالمستقبل أظلم من ليالي الربيع الممطرة عندما يكون القمر في المحاق ،
رأس الحربة في السياسة التركية ليس أردوكان بل
أحمد أوغلو ، أردوكان صاحب الإرادة أما أوغلو فهو السياسي الثعلب ، الشعوب تختار الأكفاء
لقيادتها أما نحن فنختارالطبل الأَعلى صوتاً ، كثيراً ما نقرأ في مقالات الإخوة
يُصوّرون الوضع وكأن أردوكان هو الذي يقوم بهذه السياسة دون إرادة شعبه أو أنه
دمر شعبه أو أعاد تركيا إلى الوراء ، هذا كله خطأ كلام الشعب التركي هو الذي يختار
هذه السياسة ولو لم يكن هكذا ، ما فاز بالأغلبية في المرة الثانية ، الأكاديمي
من أعلى الدرجات ليس أفضل من الأُمي في مسألة الأَكراد ، نحن نوهم أنفسنا فنصطدم بالفشل ،
فيلقي كل منا باللوم على الآخر ، ولا نتحرك إلاّ بعد فوات الأوان عندها لنْ
تجدي الحركة نفعاً ، الأَقليم وضع قدمه على الطريق الخطأ في نهاية مايس 2003 ،
ولا أحد نبّه إلى الخطأ فسار عليه حتى تعدى خط الرجعة ولا نزال نحن سائرون فيه ،
وأنا متأكّد حتى لو غيّرنا الطريق فلنْ نتبع الصحيح بل سنسلك أسوأ منه وسنجرّب
كل السبُل الخاطئة حتى ننهي مستقبلنا في البحث عن الطريق الصحيح ولن نلقاه .
الأَمل الذي في إتّفاقية أحمد أوغلو مع أوروپا ربما يكمن في الزمن الذي تبدّل , والوضع الدولي
بين الشرق والغرب ليس كما كان سابقاً ، أوروپا كانت تخشى على نفسها من
المد الشيوعي السوفيتي فكانت تحتمي بأمريكا التي تعتمد على حارسها تركيا حارسة البسفور ،
الإعلام كان يتعمد الكذب لإخفاء الدور التركي عن الأنظار , على مدى الحرب الباردة كلها
كانوا يوصفون الشاه بأنه شرطي الخليج ، شرطي على ماذا ؟ أي خطر عسكري كان على الأطلسي
من الخليج ؟ النفط كان بيد العرب أعداء السوفيت يسكبونه في البحر ولن يعطوه للشيوعيين ،
تركيا هي التي كانت شرطية على البسفور منذ معاهدة لوزان ( قبل الأطلسي بكثير ) ،
ولما آنهار السوفييت ووهن الدور التركي ، والآن عاد وعلى أشده ، لكن لم يعد الناتو كله يهم أوروپا ،
فقد غدت خادمة لأمريكا وتركيا فقط , وقد آن الأوان في تغيير سياستها فمصلحتها الآن
هي مع روسيا مصدر طاقتها الرئيسي ولا خوف من شيوعيّتها فقد زالت , وبقاؤُها
في الحلف هو ضد مصلحة شعوبها ولا يمكن تبرير بقائها ,
إلاّ بالجبن والغباء , وقد بدأت أمريكا بالتجسس على معظم دولها بعد إنهيار السوفيت مباشرةً
أي أنّ أمريكا قد إعتبرت أوروپا خصم المستقبل ، وربما تداعيات الإتفاقية الأخيرة ستربك المعادلة ،
وإنشاء الله ستنتهي بإنسحاب جماعي من الحلف الأمريكي التركي ومعها بريطانيا ،
وبعدها ممكن الكلام عن الإنهيار الأردوكاني ، وأنا لا أقول أنْ الأكراد ليس
لهم أمل في الحياة ، لقد أضاعوا كل الفرص الذهبيّة التي توفرت لهم ، ولم يتخذوا
الأسلوب الصحيح الذي يؤدي إلى نتيجة لحد الآن ولن ترضو به إن ذكرناه .