جرحى في إطلاق نار على متظاهرين في بغداد
الجيش يعلن حظر التجوال والصدر يدين «حكومة تقتل أبناءها بدم بارد»
بغداد ـ «القدس العربي» من مصطفى العبيدي ووكالات: أصيب، أمس الجمعة، 18 متظاهراً وجندي في الجيش العراقي، جرّاء اقتحام أتباع زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، المنطقة الخضراء، المحصنة أمنيا والتي تضم مقار الحكومة والبرلمان والبعثات الدبلوماسية، وسط بغداد. وأبدى رجل الدين الشيعي العراقي البارز مقتدى الصدر دعمه للمحتجين الذين اقتحموا المنطقة الخضراء وأدان استخدام القوة ضدهم من قبل قوات الأمن العراقية.
وقال الصدر في بيان «إني لأحترم خياركم وثورتكم العفوية السلمية. تعسا لحكومة تقتل أبناءها بدم بارد».
وقال شهود في وقت سابق إن عشرات المحتجين أصيبوا حين أطلقت قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص على متظاهرين. وكان مئات من رجال الميليشيا التابعة لرجل الدين الشيعي، التي تعرف باسم «سرايا السلام»، قد انتشروا في بغداد منذ أول من أمس الخميس.
وتمكن الآلاف من أتباع الصدر، أمس الجمعة، من الوصول إلى المنطقة، بعد اجتيازهم بالقوة الحواجز الأمنية التي وضعت على جسر الجمهورية المؤدي إليها. وذكر شهود عيان من المتظاهرين أن تظاهرة الصدريين كان يفترض أن تتمركز في ساحة التحرير القريبة من المنطقة الخضراء كما هو الحال في كل جمعة، إلا أن المتظاهرين أقدموا على الاندفاع نحو بوابة المنطقة الخضراء من جهة مدخل مجلس النواب، وتمكنوا من دخول مبنى مجلس رئاسة الوزراء والتجوال في قاعة اجتماعات رئيس الوزراء، حيدر العبادي، وهم يهتفون بشعارات وطنية.
وكانت قوات الأمن العراقية، المكلفة حماية المنطقة الخضراء، أطلقت الرصاص الحي في الهواء واستخدمت الغازات المسيلة للدموع، والقنابل البلاستيكية والمياه في محاولة لإبعاد المئات من المتظاهرين عن بوابة التشريع أحد مداخل المنطقة.
وجرّاء ذلك أُصيب بعض المتظاهرين بحالات اختناق، نتيجة لاستنشاقهم الغازات، بينما كانت إصابة آخرين من جرّاء القنابل البلاستيكية. وجرح اثنان برصاص القوات الأمنية الحي، وسقط جندي، مغمى عليه، بسبب الغازات.
وأغلقت القوات الأمنية جميع الطرق المؤدية إلى المنطقة الخضراء، وعززت قوات مكافحة الشغب انتشارها عند مداخلها، بينما شوهد تحرك العديد من العجلات العسكرية لتعزيز القوات الموجودة قرب البوابات.
ويذكر أن اتباع الصدر كانوا قد اقتحموا في 30 من نيسان / ابريل الماضي، المنطقة الخضراء واجتاحوا مبنى البرلمان وقاموا بتكسير بعض محتوياته، على خلفية إخفاقه في عقد جلسة رسمية للتصويت على حكومة تكنوقراط جديدة كان العبادي قد تقدم بها إلى المجلس.
ووجه الصدر أتباعه في اليوم التالي إلى الانسحاب منها. وأدانت وقتها الرئاسات الثلاث (رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء والبرلمان) الحادث، معتبرة ما حدث «تجاوزا على هيبة الدولة ويستدعي مقاضاة المعتدين».
وكان الصدر قد أمر أتباعه المسلحين بالانسحاب يوم الأربعاء من الشوارع في أحياء بغداد التي ضربتها مؤخرا تفجيرات أسفرت عن سقوط قتلى وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية المسؤولية عنها. وقتل 80 شخصا على الأقل وأصيب أكثر من 140 في ثلاثة تفجيرات في بغداد يوم الثلاثاء الماضي.
ونشرت «سرايا السلام» مئات من رجالها في مدينة الصدر وخمس مناطق أخرى تسكنها أغلبية شيعية في العاصمة بعد أن اتهم الصدر الحكومة بالفشل في منع الهجمات التي تشنها الجماعة السنية المتشددة. وقال شهود عيان إن السرايا انسحبت من شوارع مدينة الصدر ليل الثلاثاء. لكنها عادت، أول من أمس الخميس، إلى الشوارع وقامت بتفتيش كل المارة الذين يحملون حقائب وفحصت السيارات وتولت تنظيم حركة المرور، لكن رجالها لم يكونوا يحملون أي أسلحة.
وأظهرت أفلام على قنوات محلية قيام المتظاهرين بدخول مكتب رئيس الوزراء، العبادي، وسط الهتافات المناهضة المطالبة بالإصلاحات، كما عرضت القنوات بعض المصابين بالنار قرب بوابة التشريع ضمن المنطقة الخضراء.
ووردت معلومات مؤكدة من أحد سكان المجمع السكني في حي الصالحية، المطل على بوابة التشريع قرب أسوار المنطقة الخضراء، عن أن الكثير من المتظاهرين انسحبوا من المنطقة الخضراء باتجاه منطقة العلاوي وهم يحملون بعض الجرحى من زملائهم، وذلك نتيجة إطلاق النار الكثيف الذي سمعه سكان الحي من جهة أسوار وبوابات المنطقة الخضراء.
ومن جهة أخرى، أعلنت قيادة عمليات بغداد حالة الطوارئ ومنع التجوال ونزول قوات أمنية إضافية في المناطق المحيطة بالمنطقة الخضراء والمواقع الحساسة في العاصمة العراقية، وسط إجراءات أمنية مكثفة منها غلق مداخل بغداد.
وذكر بيان عاجل لخلية الإعلام الحربي الرسمية أن قوات مكافحة الشغب «تتعامل وفق القانون مع كل من يحاول التخريب والإساءة لمؤسسات الدولة، وتعمل لإخراج المتظاهرين من المنطقة الخضراء».
وفرضت الحكومة حظر تجوال في بغداد ردا على العنف في المنطقة الخضراء.
وبدأ المحتجون بالانسحاب من المنطقة الخضراء إلى ساحة التحرير لكن شهودا قالوا إن قوة من وزارة الداخلية ومسلحين مجهولين أطلقوا النار هناك.
وقال التلفزيون العراقي إن قيادة عمليات بغداد فرضت حظر تجوال في العاصمة «حتى إشعار آخر».
وثمة اتفاق على أن حالات اختراق المنطقة الخضراء، التي تكررت أكثر من مرة من قبل المتظاهرين، هي انعكاس لاحتقان الشارع العراقي إزاء تراخي الحكومة العراقية والبرلمان والنخبة السياسية في تنفيذ الإصلاحات وسط التحديات الأمنية والاقتصادية العسيرة والملحّة التي تحيط بالبلاد. (رأي القدس ص 23)