بغداد - أحمد النعيمي:قال مظهر محمد صالح، مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون المالية، إن العراق سيعاني من فجوة مالية بقيمة 50 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة، مما "سيعرض المشاريع العراقية واستقرار البلاد لخطر كبير". وأضاف صالح في تصريحات صحافية اليوم أن " العراق اتفق مع صندوق النقد الدولي على برنامج خاص للترتيبات الائتمانية، وسيدخل الصندوق للمرة الأولى في مجال الحوكمة والتدقيق المالي بالعراق".
وأعلن وزير المالية العراقي، هوشيار زيباري، في 19 مايو/أيار الجاري، أن بلاده توصلت إلى اتفاق على قرض تحت الطلب بقيمة 5.4 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي، قد يؤدي إلى تقديم مساعدات دولية إضافية قيمتها 15 مليار دولار في السنوات الثلاث المقبلة.
ومن المقرر أن يوزع القرض على 13 شريحة على مدى ثلاث سنوات حتى يونيو/ حزيران 2019، وسيكون السداد على ثماني سنوات، منها ثلاث سنوات فترة سماح، وفق كريستيان غوس، رئيس بعثة الصندوق في العراق. لكن صندوق النقد الدولي، رهن صرف القرض الذي سيتراوح سعر الفائدة عليه بين 1% و1.3%، بعدة إجراءات منها سداد بغداد مستحقات شركات النفط الأجنبية العاملة في البلاد. وبحسب مستشار رئيس الوزراء العراقي، فإن العراق جزء من صندوق النقد الدولي، وهذا يفرض بالمحصلة أن يكون المجتمع الدولي ككل مسؤولاً عن استقرار العراق مالياً.
ويواجه العراق أزمة اقتصادية، إذ تتوقع الحكومة أن يبلغ العجز المالي هذا العام نحو 25 مليار دولار في موازنة تبلغ قيمتها نحو 100 مليار دولار، نتيجة انخفاض أسعار النفط أكثر من60% منذ منتصف عام 2014، بالإضافة إلى كلفة الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، الذي يسيطر على مناطق واسعة شمال وغرب البلاد. ويعتمد الاقتصاد العراقي في موازنته السنوية على واردات النفط البالغة 90% من عائدات البلاد المالية.
كما ساهمت عمليات الفساد الإداري والمالي وتهريب العملة خلال فترة حكم رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، لثماني سنوات بين عامي 2006 و2014 بهدر كبير في ميزانية الدولة. وأعلن رئيس الوزراء، حيدر العبادي، منتصف العام الماضي 2015 خطة تقشف شاملة في البلاد، تضمنت تقليل النفقات وفرض ضرائب على الاتصالات واستقطاع مبالغ مالية من رواتب الموظفين والمتقاعدين لسد عجز الميزانية.
من جهته قال الخبير الاقتصادي محمد المولي ان" هذ الفجوة المالية تعني استمرار بقاء العراق تحت طائلة أزمة مالية للخمس سنوات المقبلة على الأقل في حال لم ترتفع أسعار النفط لأكثر من 70 دولار على اقل تقدير خاصة مع استمرار وتيرة الانفاق العسكري على اشدها بسبب الحرب وديون العراق المتراكمة للشركات النفطية بسبب جولات التراخيص وعجز الموازنة".
وبين المولي لـ"العربي الجديد" ان" العراق سيمر بمرحلة ديون متراكمة كبيرة تضاف إلى عجز الموازنة السنوية فضلاً عن نفقات الحرب المستمرة والتي استنزفت ميزانية الدولة بشكل كبير وعجز الحكومة عن إنعاش قطاعات الصناعة والزراعة والسياحة لتوفير موارد إضافية".
وأشار المولي إلى أن " العراق سيبقى معتمداً خلال الخمس سنوات القادمة على أقل تقدير على إيرادات النفط فقط ما يعني أن الخطورة لازالت تتهدد بنيته الاقتصادية والتي تنعكس في كل الأحوال سلباً على المواطنين العراقيين وخاصة ذوي الدخل المحدود". ولفت المولي إلى أن" الحكومة العراقية لا تمتلك الكثير من الوقت لإنعاش الاقتصاد العراقي عبر تنشيط الصناعة والزراعة والسياحة ولا بد من خطة شاملة بهذا الصدد توضع من قبل خبراء ومتخصصين بعيداً عن نفوذ وسيطرة الأحزاب السياسية الحاكمة.