الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 130تاريخ التسجيل : 07/12/2009الابراج :
موضوع: مناقشة مقالة الكاتب الكوردي علي تتر 1 الإثنين 23 أغسطس 2010 - 8:17
مناقشة مقالة الكاتب الكوردي علي تتر
التي ترجمها إلى العربية: داود مهمد خضر الماموسي
الجزء الأول:
قبل أيام زارني أبو خالد (أسماعيل جعفر)المقيم في مدينة مونيخ، وأبلغني عن إعجابه الشديد بإحدى المقالات المنشورة في المواقع الإيزيدية الإليكترونية في ألمانيا، ولما وقع نظري على اسم الكاتب استبشرت خيرا، ولكن عندما قرأت المقالة وجدها مخيبة للأمال.
أنا أعرف الكاتب وأعلم أنه من منطقة النيروي موطن القائديين الإيزيديين المعروفين، وأنه من خلفية ئيزيدية، و يحبنا ونحبه وأنه يبذل ما بوسعه من خلال كتاباته من أجل تحسين صورة الإيزيدية ولو دينيا بين الكورد، ولكن ما جاء به هو مخيب للآمال، فأنا أعلم أنه مفكر وكاتب قدير ومنصف بحق الإيزيدية، وأن مستواه العلمي والتاريخي يعلو مستوى مقالته هذه، و المقالة بحد ذاتها تشوه المعتقد الإيزيدي، وأبلغت وجهة نظري هذه لأبا خالد، ولكن الأخير لم يسكت وإنما سلني هل تستطيع أن ترد على هذه المقالة..؟ قلت له نعم.
في البداية أقول: بأن المقالة هذه قد عقدت فهم الديانة الإيزيدية على الذين يهتمون بالديانة الإيزيدية، وفي مقدمتهم أبناء الإيزيدية، وكمقدمة أنا لا أعتبر ما جاء في المقالة بحثا،لأن الكاتب لم يستند في مقالته ولا مرة على مصادرالديانة الإيزيدية ، كالأقوال والأدعية والأبيات والأساطير، و لو كانت المقالة بمستوى البحث المنشود لكنت أول الذين يشكرون الكاتب، ولو لم تشوه المقالة المعتقد الإيزيدي، لما تحملت عناء السهر لكتابة مناقشته حسب معلوماتي، أمل أن يكون مناقشتي بناء يستفيد منها أبناء الإيزيدية و الذين يهتمون بالديانة الإيزيدية.
يقول الكاتب في مقدمة مقالته: بدون شك قبل مجيء المسيحية والإسلام إلى كوردستان لا بد كان للكورد دين خاص يعتقدون به، ومن ثم يسأل ويقول: فما هو ذلك الدين..؟ ولم يذكر الديانة الداسنية العريقة التي كانت ديانة كل الكورد، و جمشيد ملك ميديا أول من حاربها باسم الدئيفسنية التي حورها إلى عبادة القوة الشريرة، بينما الدئيفسنية هي عبادة الإله (د ئيڤا ـ مها ديڤا) رب أرباب الطبيعة، ومثل هذه الحقيقة وردت في المصادر التاريخية نذكر منها: كتاب قصة الأديان لمؤلفه سلمان مظهر.
كما أن الكاتب لم يذكر الديانة الزرادشتية الميدية الفارسية التي انطلقت هي الأخرى بالفتوحات من قبل الميديين والفرس على شعوب إيران وكوردستان قبل المسيحية بخمسة قرون، فراح يقفز إلى مراحل عبادة الكورد للمظاهر الطبيعية، والتي كانت أولى مراحل الديانة الإيزيدية، وأضافة يقول: أن النصوص القديمة التي حللت من قبل الباحثين الآثاريين تفيد بأن عبادة وتقديس تلك الظواهر: كالهواء والمطر والشمس والقمر والطوفان كانت موجودة عند الإنسان الكوردستاني، كما أنهم خصصوا لكل ظاهرة من هذه الظواهر (إله) وإلى آخره.
الباحث أبو أزاد: في الحقيقة أن ثقافة لكل ظاهرة إله تخالف ثقافة الديانة الإيزيدية، التي تؤمن بالأرباب (خودان ـ پير )، وتفسيرها أن للكون رب (خودان ـ پير) وهو: خودا ـ الله، ولكل ظاهرة طبيعية رب (خودان ـ پير) وللمطر والقمر والشمس رب (خودان ـ پير )، وهكذا للشعب وللقبيلة وللأسرة وللفرد، وملخص الكلام بأن الإيزيديون يؤمنون بأرباب الأنواع، وهذا يعني بأنهم لا يؤمنون بوجود إله للمطر و إله للشمس..إلخ، وإنما يؤمنون بوجود رب المطر ورب الشمس أي ( پيرێ باراني، پيرێ روژێ) أو ( خودانێ بارانێ، خودانێ روژێ ).
ويواصل الكاتب قوله: وعلى مر التاريخ وفي عصوره المختلفة فكان كثيراً ما كان يقترب إلى أذهانهم أي (الكورد) أن هذه الظاهرة أو تلك أقوى من الأخرى مع ارتفاع إله تلك الظاهرة ويقل مكان الإله المقابل لها فلهذا السبب نجد انه في كوردستان قد أصبح الشمس والنور من ابرز المقدسات بل ومن أقوى المظاهر الطبيعية قاطبة ومثلوها بـ (ميثرا) و صار من أقوى الآلهة في كوردستان وما بين الشعوب الآرية.
الباحث أبو أزاد: قبل أن أجيب على هذه الجزئية من المقالة، أريد أن أعرف كلمة الكورد، وحسب أشتهادي كلمة كورد مشتقة من كلمة (كور) ومعناها بالسومرية جبل، وكلمة كورد هي بالأصل مشتقة من كلمة كوردا، وحسب ثقافة الإيزيدية قديما وحديثا أنهم يضيفون حرفي دال والألف حينما يرادوا التعبير عن معنى (عطا أو الخلق أوالصنع)، فكلمة كوردا مشتقة من كلمة كور.. دان، بمعنى الجبل الخالق أو الجبل المعطي أو الجبل الوهاب ، وبعبارة أوضح الكورد هم أبناء الجبل أو مخلوقات الجبل، والذين تنطبق عليهم عبارة كورد، فهم الجيل الأول الذي نشأ في الجبل وعاش في الكهوف الجبلية وتغذى من خيراتها، وترعرع هذا الجيل في أحضان أمهاتهم ولم يعرفوا أبائهم إلا في بداية اكتشاف الزراعة حينما أنتزع الرجل السيادة من المرأة خاصة سيادة الأسرة.
وفي هذه الفترة كان الكورد أسلاف الإيزيدية (كدوت) يعبدون الأم ( داي) ويعبدون الأمومة الكونية ( كأزدا) خالقة الكون والظواهر بما فيها الشمس والمخلوقات بما فيها الإنسان. وهذا يعني بأن الإنسان الكوردي كان يبث عن خالقه (ئه زدا) بين أرباب الأنواع الأرضية والسماوية، أي انه كان يبحث عن إله واحد فقط بشرط أن يكون (الأزدا) الخالق، فهذا العبادة من بدايتها هي التوحيد المطلق بإله واحد من دون أن يشاركوا به إله أخر.
وبعد دخول الرجل ساحة الزراعة وانتزاعه السيادة من المرأة الأم، ومع هذا التغير راح الكورد أسلاف الإيزيدية يغيرون ثقافتهم الدينية واعتقادهم من عبادة الأم (داي) إلى عبادة الابن (دود)( كأزدا) وحلت الأبوة الكونية محل الأمومة الكونية والخالق العظيم ( خودانێ ، قنياتێ ـ پيري كار)، وله من الأسماء (1001) وشيمش (شمس) هو أحد هذه الأسماء والاسم الأقدس هو خودا.
وكما يعلم المنصفون من الكورد بأن الداسنية الإيزيدية كانت ديانة كل الكورد الأصلاء، وهذا يعني بأن لهجاتهم كانت تختلف كما هي الحال لدى الشعب الكوردي المستسلم، وبناء على ذلك أنا لا أستطيع أنكار أسم ميتر بين الداسنيين في كوردستان الشرقية خاصة المناطق التي هيمنت عليها الفرس الزرادشتيون.
ولكن لا وجود لاسم (ميترا) في الثقافة الدينية الإيزيدية منذ ظهور الإسلام في كوردستان الغربية، ولو كان اسم ميترا موجدا في كوردستان الغربية، لكان اليوم موجودا في الثقافة الدينية الإيزيدية لأنهم قاوموا الإسلام وحافظوا على معتقداتهم القديمة.
وحينما نقول بأن الإيزيدية شمسانيون، فهذا لا يعني أنهم يعبدون قرص الشمس، وإنما يعبدون الشمس كأحد أسماء الله الذي خلق الشمس وسيرها وجعلها تنير بأشعتها الأرض والسماء، نعم يقدس الإيزيديون قرص الشمس من أجل نوراها وحرارتها، فإذا كان ميترا هو الشمس الإله وله صفات الله، فليكن الإيزيديون ميترائيون.
قدس الكورد إسلاف الإيزيدية نور الشمس منذ بداية نشأتهم الدينية لأنها أكثر الظواهر تحسسا وتلمسا وأكثرها ضرورة لهم ولمحاصيلهم، وفي مرحلة الأبوة الكونية عبد الكورد أسلاف الإيزيدية شمسا ونورا لا ترى ولا تلمس، إنهما وراء المنظور (ما وراء الميتافيزيقية) والنورهي نور الله (نور الأنوار)، وحسب معلوماتي عن الديانة المترائية التي انتشرت في الشرق والغرب، فأن ميترا يقابل تارة " شيمش " اسم الله إلهنا وإله الشمس، وتارة أخرى يقابل اسم الشمس .
ويواصل الكاتب قوله: أنه قد ظهر مابين الشعوب (الهندو أوربية) إله (زيوس) كم ظهر في كوردستان الإله (ميترا) والذي كان يعد من أكبر الآلهة. أما فكرة التوحيد فقد ظهرت بشكل تدريجي وكان هنالك فكرة التوحيد في كوردستان خاصة ما بين الشعوب (الميتانية) والذين كانوا يقطنون في غرب كوردستان.
الباحث أبو أزاد: حسب معلوماتي بأن الإله زيوس عبد في بلاد الإغريق وليس بين الآريين الهندو أوربية. ذكرت بأن الإيزيديين في كوردستان الغربية لا يعرفون اسم ميترا سوى أسماء الشمس مثل: ( شمش ، روژ، خور، هتاف)، و يعترف الكاتب بوجود فكرة التوحيد بين الكورد أسلاف الإيزيديين على الأقل في كوردستان الغربية بين الشعوب الميتانية، وأبناء هذه الشعوب هم أجداد الإيزيديين الكمرمانج الساكنين في كوردستان الغربية منذ القدم، والتاريخ يذكر وجود الميتانيين والهوريين في كوردستان الغربية منذ ما يزيد عن ثلاثة ألاف سنة قبل الميلاد، أي أكثر من ألفي سنة من وصول الأقوام الهندو أوربية إلى إيران والهند وأوربا الجنوبية.