هل شهود يهوه مسيحيون ؟
نوئيل عرب
إعتاد شهود يهوه على طرق الأبواب أو الوقوف على مفترق الطرق في الأماكن العامة ،
عارضين مطبوعاتهم عن الكتاب المقدس ، يقولون أنهم مسيحيون بيد أن ايمانهم يبدو متناقضا
مع الإيمان المسيحي .. فمن هم شهود يهوه ؟
هل هم مسيحيون مثل كل المسحيين ؟ يؤمن المسيحي بأن المسيح إله .
هذا الإيمان يجمع الكاثوليك والأرثدوكس والبروتستانت
تحت راية المسيحية ، غير أن شهود يهوه لا يؤمنون بأن المسيح إله .
لهم إذن صبغة مسيحية وهم في نفس الوقت على نقيض من المسيحية .
إنهم يرفضون صراحة قانون الإيمان المسيحي لأنهم لا يقبلون سر التجسد الذي بموجبه
صار الله إنسانا ، إنهم يأتون ببراهين مقنعة ظاهريا ليموهوا تناقضاتهم .
يقولون أنّ يهوه أي الله قد نقل حياة إبنه المدعو في السماء عمانوئيل أو رئيس الملائكة ميخائيل
إلى رحم عذراء يهودية إسمها مريم كي يولد كإنسان سمي يسوع المسيح .
ربما هناك من يعتبر بأنهم محقون حيث أن الإنجيل لا يحتوي على آية يقول فيها يسوع صراحة أنه الله .
أجل ، بيد يسوع أكد بوضوح في الإنجيل أن شخصه وبشارته من الله .
يقول إنه الإبن ويذكر الآب " خرافي تسمع صوتي ، أعطيها الحياة الأبدية .
لا تهلك أبدا ولا يخطفها أحد مني .
وما من أحد يقدر أن يخطف من يد الآب شيئا ، أنا والآب واحد "
( يوحنا : 10 ( 27 ـ 30 ) .
فهم اليهود جيدا معنى كلام يسوع فاتهموه بالتجديف "لا نرجمك لأي عمل صالح فعلت ،
بل لتجديفك ، فما أنت إلا إنسان ، لكنك جعلت نفسك إلها "
( يوحنا : 10 ( 33 ) .
طبعا يقر شهود يهوه أن يسوع إبن الله لكنهم لا يؤمنون بأنه إله مساو للآب والروح القدس .
إنهم ينكرون الثالوث الأقدس الإله الواحد بثلاثة أقانيم .
يقولونأن المسيح إنسان إسثنائي كان موجودا قبل الخليقة في أعلى مرتبة بين الملائكة .
بيد أنهم يحتفون بذكرى موته ويبجلون قيامته ، كأن عقيدتهم وليدة إجهاد فكري .
يبدون كمنتحلين لصفتهم المسيحية .
يقول شهود يهوه أن الكتاب المقدس يسمي الله يهوه لأن مؤسس هذه الطائفة " شارل تاز راسل " إدعى
سنة 1870 أن يهوه سيرسل عما قريب إبنه يسوع المسيح كي يهلك الكفار ويقيم الجنة على الأرض .
أطلق " جوزيف رثرفرد " خليفة " راسل " سنة 1931على الطائفة إسم شهود يهوه ،
حيث أن العهد القديم من الكتاب المقدس يسمي الله بهذا الإسم .
بيد أن إستخدام تسمية الله بيهوه في العهد الجديد هو تحريف بما أن هذه اتسمية لا ترد
في أية مخطوطة يونانية كتابية .
عقيدة " الحقيقة " التي يؤمن بها شهود يهوه مذكورة في نصوص " الأكاديمية المركزية "
التي هي مرجعهم الأعلىفي تفسير الكتاب المقدس تفسيرا حرفيا تقريبا من خلال تأويلات تركز
خصوصا على سفري دانيال والرؤيا .
في هذا السياق تزعم الطائفة بأنه من المستحيل فهم الكتاب المقدس بدون الرجوع إلى تعليمات
" الأكاديمية المركزية " .
فلا أحد منهم بحيد أبدا عن عن التفسير الرسمي المعتمد لدى الطائفة قاطبة تحت طائلة إتهامه
بالكفروحرمانه من الإنتماء إلى الطائفة ، غالبا ما يتطرق شهود يهوه أثناء نشر تعا إلى مفردات مختارة
من عقائد الإيمان المسيحي مثل ألوهية المسيح وموته وقيامته والروح القدس
والثالوث الأقدس ومصير الإنسان بعد الموت ومفهوم الخطيئة والعقاب .
متوخين من ذلك تمرير تعاليمهم لدى زياراتهم إلى المنازل والتقائهم بالأسر ذات الثقافة المسيحية السطحية .
إنهم ينطلقون دائما في هذا الإطار من نصوص معينة من الكتاب المقدس ليدسوا بحذاقة كنه
تعاليمهم بدون أن ينتبه المتلقي الإعتيادي إلى فحوى رسالتهم المشبوهة مقارنة
بجوهر العقائد المسيحية المشتركة بين الكاثوليك والأرثدوكس والبروتستانت .
من جانب آخر تشوب حياتحهم الجماعية والأسرية ممارسات غريبة الأطوار وغير متبعة
من قبل المسيحيين. إنهم يسعون إلى النئي بأنفسهم عن الأمور الدنيوية لأنهم يعتبرون أن العالم
سيئ وآيل إلى الزوال ، يعيشون كطائفة متماسكة ومغلقة بموجب معتقداتهم وهاجس الحرمان
من الطائفة يتحكم بسائر سلوكهم في حالة الحياد البائن عن تعاليم الطائفة ومعتقداتها .
فالمحكوم بالحرمان يقاطعه كافة المنتمين إلى الطائفة
وقد تطال هذه المقطاعة التماسك الأسري بين أفراد العائلة الواحدة .
العلاقات الإجتماعية العائلية الشخصية تدور جميعها في أجواء مغلقة لا تضم سوى المنتمين إلى الطائفة .
في هذا السياق لا يحتفلون بالأعياد المسيحية كالميلاد
والقيامة ورأس السنة ولا يحتفلون أيضا بالمناسبات والأعياد الوطنية المتبعة في البلدان اتي يعيشون فيها .
الجانب الترفيهي أيضا محدود جدا في حياتهم اليومية وكذلك مشاهدة التلفزيون ومتابعة المواضيع
على الأنترنيت وممارسة الألعاب الألكترونية مثل " بلاي ستيشن " وغيره .
تجدر الإشارة هنا إلى ما قد ينجم
عن هذه الممارسات من مآسي شخصية ومشاكل إجتماعية للشخص الذي يجرؤ
على التخلي عن الطائفة وتعاليمها لسبب ما .
من الممكن إعتبار شهود يهوه جماعة دينية قريبة نوعا من المسيحية دون أن تكون مسيحية .
فقد إعترف بهم الإتحاد الأوروپي كديانة أسوة بالمسيحية واليهودية والإسلام ، وذلك من منطلق العدالة
وحقوق الإنسان وحرية المعتقد ، إنهم طائفة ذات صفة دينية. فالإنتماء إليهم قرار شخصي والسعي
نحوالفضيلة هاجس يسير بمقتضاه المنتمون ، ليس لديهم رجال دين ، فجميعهم علمانيون ملتزمون
بمبادئعقيدتهم المتسمة ببعض التعاليم المسيحية ، يسمون إلههم يهوه وليس الله .
بعبارة أخرى يمكن إعتبارهم حركة دينية أقلية " مسيحية " بتحفظ ،
ولك أنْ يحكمها في معظم أرجاء العالم ، يركز شهود يهوه في تعاليمهم على نهاية العالم ،
مستشهدين خص على هواهم ، متجاهلين طوعاأسفارالعهد الجديد الأخرى ،
إنهم مهووسون بفكرة نهاية العالمإلى درجة أنهم حددوها زورا سنة 1914 ثم 1975 وأخيرا سنة 2000 .
وقد أوجدوا في كل مرة عذرا واهيا لتبرير زعمهم .
لكننا نحن المسيحيون نؤمن بكلام المسيح " السماء والأرض تزولا .
وقد أوجدوا في كل مرة عذرا واهيا لتبرير زعمهم .
لكننا نحن المسيحيون نؤمن بكلام المسيح " السماء والأرض تزولان " كما نؤمن بمجيئه الثاني المجيد إلى الأرض .
ذلك من صلب إيماننا المسيحي ، لكن المسيح قال أيضا بأن لا أحد يعرف " لا اليوم ولا الساعة "
وأن مجيئه له المجد سيكوة " فجأة " " كالبرق " الذي يخترق السماء ويراه الجميع .
مجيئ المسيح ليس إذن مسألة قلق وهوس للمسيحيين بل موضوع رجاء .