القصة الكاملة لمجزرة قصر الرحاب / ١٤ تموز ١٩٥٨
لفاجعة ١٤ تموز ١٩٥٨ (القصة الكاملة لمجزرة قصر الرحاب) بقلم العميد المتقاعد باسم محمد شيخ الطيف*
[size=32]
هناك تساؤلات كثيرة عن المعلومات التي قدمها المقدم محمد شيخ الطيف** ضابط استخبارات الحرس الملكي للأميرعبدالاله بخصوص تنظيم مايسمى الضباط الأحرار ، ماذا كان رد فعل الأمير وماذا فعل بهذه المعلومات وكيف تم تقييمها و مع من تم هذا التقييم ؟ [
[/size]
كانت ترد معلومات مفصلة الى المقدم محمد شيخ الطيف الذي كان يشغل رئيس شعبة استخبارات الحرس الملكي عن تنظيم الضباط الأحرار بالأسماء و أهداف هذا التنظيم وكان يقدمها للأمير عبدالإله اول باول ، و في شهر حزيران من عام 1957 قدم محمد شيخ الطيف اضبارة تحتوي كل أسماء المتآمرين وعلى رأسهم عبد الكريم قاسم، عبد السلام عارف و رفعت الحاج سري مبينا أن هدف هذا التنظيم هو تغيير النظام الملكي بعمل عسكري تم التخطيط له وبعد المداولة طلب الأمير عبدالإله أن يحضر مصدرالمعلومات لمقابلة الملك فيصل لخطورة المعلومات التي بحوزته
وفعلا تم حضور( الشيخ محمد النصرالله) امام جلالة الملك فيصل والأمير عبدالإله بحضور محمد شيخ الطيف وتم مناقشته في أدق تفاصيل المعلومات وكيفية حصوله عليها واقتنع جلاالة الملك والأمير بصحة هذه المعلومات وقدما الشكر إليه .. بعد المقابلة قام الأمير عبد الإله باستدعاء السفير البريطاني و رئيس أركان الجيش و مدير الأمن العام كل على انفراد لمناقشة هذه المعلومات واتخاذ الإجراءات اللازمة لها ، الغريب في الأمر أن السفير البريطاني نفى صحة هذه المعلومات مباشرة و بدون تدقيق لها ،علما أن هذه المعلومة تعتبر في غاية الأهمية و الخطورة وقام بأسلوب دبلوماسي باقناع الأمير عبد الإله ( بأن هذه إشاعات شيوعية الغرض منها النيل من الضباط القوميين وتصفيتهم لكي يصفى لهم الجو ومن ثم يقومون بالانقلاب العسكري والسيطرة على الحكم وان الذين يقدمون هذه المعلومات غرضهم التقرب للبلاط الملكي للحصول على امتيازات شخصية وأضاف أن السفارة البريطانية و حكومة صاحبة الجلالة ليس لهم أي معلومة عن مثل هذا التنظيم أو الحركة المزعومة و هذا دليل إثبات علي عدم صحة هذه المعلومات لأن بريطانيا العظمى لا تخفى عنها خافية..) !
رئيس أركان الجيش الفريق رفيق عارف نفى بشدة هذه المعلومات مؤكداً إن لا صحة لها وليس لديه ما يؤيدها بتاتا وان الاستخبارات العسكرية المرتبطة برئاسة أركان الجيش لم تتوفر لها اي معلومة تؤكد تقارير استخبارات الحرس الملكي !!!!
اما مدير الأمن العام فلم ينفي هذه المعلومات وطلب التحقق منها ضمن اختصاصه
هنا نسأل لماذا نفى السفير البريطاني صحة هذه المعلومات ، ولماذا لم يأخذها مأخذ الجد والطلب باجراء تدقيق و وضع الأسماء الواردة في تقرير استخبارات الحرس الملكي تحت المراقبة على أقل تقدير!! الاستخبارات البريطانية التي كانت الأقوى والاوسع انتشاراً في دول العالم يقول السفير البريطاني عنها أنها لا تمتلك مثل هذه معلومات وان تقارير استخبارات الحرس الملكي لا صحة لها !!
من جانب اخر هل كان للسفارة البريطانية والسفير يد في فاجعة قصر الرحاب ؟ ولماذا نفى الفريق رفيق عارف هذه المعلومات مؤكداً أن ضباط الجيش تحت سيطرته وأنه متأكد من اخلاصهم ؟! وهل كان هناك تنسيق بين السفارة البريطانية و رئيس أركان الجيش الفريق رفيق عارف بهذا الخصوص ؟!!! لقد كان جواب السفير البريطاني و رئيس أركان الجيش واحد و متشابه والقصد منه هو تضليل و خداع سمو الأمير عبدالإله و بالنتيجة تكذيب تقارير الاستخبارات المقدمة من المقدم محمد شيخ الطيف ضابط استخبارات الحرس الملكي !
لماذا لم تتحرك بريطانيا لإجهاض الانقلاب العسكري ولماذا لم ترسل اسالطيلها إلى العراق لإنقاذ الملك فيصل الثاني و الأمير عبدالإله أليس العراق الملكي عضوا في حلف بغداد وأعضائه مجتمعون في اسطنبول يوم الحادثة أليس من الصحيح والحكمة التحرك العسكري السريع لإنقاذ الحكم الملكي في العراق والذي يعتبر من أهم دول الحلف و فقدانه يؤدي إلى فقدان مصداقية الحلف بل سيؤدي إلى تفتيت الحلف و الأخطر من كل ذلك هو فقدان المصداقية بحكومة صاحبة الجلالة ،لماذا لم تتحرك دول الحلف منفردة لإنقاذ العراق الملكي مثل تركيا و إيران المجاورتين للعراق وهل سبب هذا الصمت هي حكومة صاحبة الجلالة التي في موقفها المتفرج و تفرج أعضاء الحلف يعطي الف سؤال عن هوية الانقلابيين و من يقف خلفهم و من خطط لهم و من أعطى الضوء الأخضر لقتل الملك فيصل الثاني والأمير عبدالإله و نوري السعيد تحديدا ؟! هل كان الانقلابيين يعملون بمنتهى السرية بحيث افقدوا الاستخبارات العالمية ومنها البريطانية من كشفها ، ولكن في نفس الوقت هذا التنظيم كان في متناول اليد في تقارير ضابط استخبارات الحرس الملكي التي حرص السفير البريطاني من تكذيبها و بشدة !!
كان للعراق اتفاق عسكري وامني مع تركيا موقع في 24 / 2 / 1955 وكان عضوا في الاتحاد الهاشمي مع المملكة الأردنية منذ أوائل عام 1958 ، والغريب أن حلف بغداد لم يساند باكستان العضوة في الحلف في حربها مع الهند في مسألة كشمير بل تم تقسيم باكستان إلى دولتين بعد حلف بغداد وكذلك لم يساند الحلف تركيا في حربها مع اليونان في مسألة جزيرة قبرص وامتنعت امريكا من تزويد تركيا بالسلاح لسنوات بعد هذه الحرب !
وهكذا الحال وقف الحلف موقف المتفرج في رحيل شاه إيران عام 1979 ليصبح حلف بغداد في طي النسيان بعد سقوط الشاه !
لقد نشأ حلف بغداد بأمر أمريكي بعد توقيع الاتفاق العسكري والأمني بين العراق وتركيا في شباط من عام 1955 وشمل العراق ، تركيا، باكستان و إيران و تعهدت امريكا بتزويد السلاح لأعضاء الحلف و تكون بريطانيا هي الراعية لهذا الحلف فكأن اول إنجاز لهذا الحلف هو مقتل ملك العراق فيصل الثاني والأمير عبدالإله و نوري السعيد !!
أما في العراق فأين هي القوات العراقية التي لم تشترك في الانقلاب العسكري والتي كانت بأمرة رئيس أركان الجيش رفيق عارف الذي نفى للملك فيصل الثاني والأمير عبدالإله وجود أي معلومات أو أي محاولة للانقلاب على النظام الملكي وأين خطط رئاسة أركان الجيش في معالجة مثل هذا الوضع ولماذا لم يتم تحريك أي من هذه القطعات لإجهاض الانقلاب والتصدي للانقلابيين وأين التنسيق العسكري والأمني بين رئاسة أركان الجيش والحكومة البريطانية ؟!
لقد ثبت للعالم أجمع وبعد أكثر من خمس عقود من الزمان جلالة الملك فيصل الثاني والأمير عبدالإله وكذلك رئيس الوزراء نوري السعيد كانوا مخلصين للعراق وامتهم العربية وقد بنوا دولة بكل معنى الكلمة ومن قتلهم خطط للعراق الحال الذي نعيشه الآن بلد مدمر ليس كما كان انه بلد محتل و الوصاية عليه من كل دول العالم
يوم الفاجعة : يقول محمد شيخ الطيف عن يوم الفاجعة و ماحدث في قصر الرحاب قبل المجزرة الشنيعة :كان المفروض ان اكون في توديع الملك وولي العهد اللذان سيغادران الى تركيا صباح يوم 14 تموز ولكن السياره التي كان موعدها ان تنقلني في الساعه الخامسه صباحا من داري في الكرخ في الست نفيسه تاخرت عن موعدها فاتصلت تلفونيا يضابط خفر البلاط فلم اتمكن من الاتصال تكررت محاولاتي مرات عديده بالبداله واخيرا حصلت على الجواب من بدالة قصر الزهور وكان مأمور البداله مرتبكا وقال لا اعلم ماذا يحدث ولكن هناك جنود يحاصرون قصر الرحاب وأن بعض الاطلاقات ترمى على القصر، فتركت البيت و طلبت من ابن عمي معاون الشرطة عبد المجيد صالح العمر أن يقلني بسيارته الخاصة وتم ذلك حيث وصلنا إلى نهر آخر فطلبت النزول وان يرجع الى داره،حينها قصدت مقر الفوج في قصر الزهور ووجدت مساعد الفوج النقيب هاشم كمال فسألته عما حدث فاجابني بأنه لايعلم شيئا سوى ان بعض الجنود من ل 20 فد حاصروا قصر الرحاب وانهم يرمون بعض الاطلاقات وأن امر الفوج العقيد طه البامرني ذهب الى قصر الرحاب ليطلع على الموقف ( الفوج الاول كان في قصر الزهور) وعندئذ ركبت دراجه بخاريه مع احد السعاة من مراتب فوج الحرس و دخلت الى قصر الرحاب لاطلع على مايجري هناك فشاهدت العقيد طه البامرني وكيل امر اللواء وامر الفوج في حديقة القصر فسالته عما حدث فاجاب بأنه لا يعلم شيئا ولا يدري من هم القائمون بالحركه ولا عن الموقف بالتفصيل ثم دخلت القصر وشاهدت الامير عبدالاله والمرافق النقيب ثابت يونس( كان المرافق الخفر في ليلة 14 تموز ) والملازم ثامر الحمدان وسالتهم عما يجري فكان جواب الامير عبدالاله انه لايعلم من هم القائمون بالحركه وكانت الساعة تشير الى مايقرب الى السادسه الا ربعا تقريبا وفي هذا الاثناء حدث بعض الرمي من قبل الجنود المحاصرين للقصر وطلبت من الأمير عبدالاله بمعالجة الموقف بالقضاء على القوة العسكرية المهاجمة للقصر فرفض هذا الخيار و طلبت منه إخراج الملك والنساء من الباب الخلفي للقصر فرفض هذا المقترح بل زاد في عدم مقاومة القوة المهاجمة بالقول إن أي اطلاقة تطلق من القصر يتحمل مسوليتها المقدم محمد شيخ الطيف وعندئذ قال الاميرعبدالاله لماذا هذا الرمي قولوا لهم لاحاجة للرمي اذا كان لايريدونا فنحن مستعدون لمغادرة العراق!
وبعد قليل اذيع البيان الاول من الاذاعه فخرج الملك فيصل من غرفته في القصر وكان يحمل بيده راديو ترانزستور ويستمع الى الاذاعه وقال :
خالو يظهر من الاذاعه انه حتى ناجي طالب معاهم اذ اذاعوا اسمه وزيرا!
فلم يجب عبدالاله بشيء وفي هذه الاثناء اطلقت طلقة مدفع على القصر فخرجت من القصر لابحث عن طه البامرني فوجدته لازال في الحديقه ثم اطلقت القذيفه الثانيه على القصر فحدث بعض الحريق فيه واستمر رمي الرشاشات والبنادق من الجنود على القصر وفي هذه الاذناء خرج النقيب ثابت يونس وبيده قطعة قماش بيضاء وناداني باسمي وقال لي ان الامير يطلب ايقاف النار والرمي وان أي اطلاقة تخرج من القصر تتحمل انت مسؤوليتها ولاحاجه للخسائر وهم مستعدون لمغادرة العراق وتسليم البلاد لهم فشاهدت العقيد طه وبلغته بما فال الامير وطلب تنفيذه وعندئذ اطاع الامر طه البامرني وطلب من الجنود التجمع مع اسلحتهم ونفذ الجنود الامر
وبعد ذلك دخل الى باحة القصر ( بعد الامر الذي اصدره الامير عبدالاله بايقاف النار ) كل من عبد الستار العبوسي وعبدالله مصطفى وحميد السراج ومحمد علي سعيد وغيرهم لا اذكر اسمائهم وصل هؤلاء الضباط الى الشذروان قرب الباب الداخلي لقصر الرحاب ولم يعترضهم احد من الحرس حسب امر الامير ثم دخل هؤلاء الى داخل القصر واخرجوا العائله المالكة وكان الثلاث الاول الذين اخرجوهم الملك والامير عبدالاله والملكه ام عبدالاله وتبعتهم اخت عبدالاله وزوجته وبعض حاشية القصر وكانت ام عبدالاله تحمل قرانا وقد فتحته وكان عن يمينها الملك وعن يسارها عبدالاله وخلفهم البقيه الى ان وصلوا الى محل الشذروان بعد الخروج من المدخل أي في الطارمه التي تطل على الساحه وعندئذ فتح النار النقيب عبدالله مصطفى وعبد الستار العبوسي وتبعه الباقون وسقط الجميع على الارض وعندئذ دخل بعض الاهالي واشتغل النهب واستمر الحريق وتركت القصر ولااعلم ماذا حدث بعد ذلك .
سؤال : هل صحيح مايقوله العقيد طه بامرني ان المدرعه كانت الباديه بفتح النار ؟
الجواب : لا صحه لهذا القول وان اول من فتح النار هم الذين ذكرتهم وسببوا الاباده .
وكان الملك ثابت الجنان اثناء الرمي والمحاورات ولم يتصرف تصرف غير اعتيادي كما ان الامير عبدالاله كان ضابط اعصابه و مرتديا السترة والبنطلون
بعد الفاجعة في صبيحة اليوم المشؤوم 14/7/1958 وصلت إلى قادة الانقلاب بمقتل الملك فيصل الثاني والأمير عبدالاله والمقدم محد شيخ الطيف المرافق العسكري لجلالة الملك وضابط استخبارات الحرس الملكي ، الأمر الذي تطلب أن يطلب من المقدم الركن إبراهيم جاسم التكريتي أن يترك موقعه ويرجع إلى بيته المجاور لبيت ابن عمه محمد شيخ الطيف ( المقدم الركن إبراهيم هو ابن عم محمد شيخ الطيف وتربيى معا وكان بمثابة أخ له ) ، في مساء ذلك اليوم رجع محمد شيخ الطيف إلى بيته في الست نفيسة ورأى عزاء النساء في بيته وبيت عمه صالح العمر( مختار الكرخ ) ورأى تجمهر الرجال أمام جامع الست نفيسة ومن بينهم المقدم الركن إبراهيم ، اتصل المقدم إبراهيم بقيادة الانقلاب ليبلغهم أن محمد شيخ الطيف لم يقتل وأنه رجع إلى البيت فقال له العقيد لطيف الدراجي : مستحيل معلوماتنا أن محمد شيخ الطيف قتل مع الملك والأمير .
فأجابه المقدم الركن إبراهيم أن محمد شيخ الطيف واقف أمامه فقال له العقيد لطيف قل للمقدم محمد أن لايترك بيته، خلال ساعة من التبليغ حضرت قوة عسكرية إلى بيت محمد شيخ الطيف وتم اعتقاله ونقله الى وزارة الدفاع ليجد عدد من القادة العسكريين والسياسيين
ومن بينهم رئيس أركان الجيش الفريق أول رفيق عارف وقائد الفرقة الأولى اللواء عمر علي وآخرين قد تم اعتقالهم ... يقول الطيف: ( طيلة فترة الاعتقال لم يرفع الفريق أول رفيق عارف بصره في عيني وكان يتحاشي النظر إلي ، والسبب هو نفيه المعلومات التي قدمتها لسمو الأمير عبدالإله عن تنظيم مايسمى بالضباط الأحرار،أما سبب هذا النفي هو الأمل الذي كان يأمل أن يصبح رئيس للجمهورية بعد إسقاط النظام الملكي ، وهذا ما وعده قادة التنظيم فنفى كل التقارير التي قدمتها للأميرعن المتآمرين و تحركاتهم .... أما اللواء عمر علي فكان شجاعاً ووفيا كما عرفته وقال لي تمنيتك يا مقدم محمد في صبيحة الفاجعة معي في الفرقة الأولى لقد أصدرت الأوامر بالتحرك إلى بغداد ولكن أمري الألوية تخاذلوا ورفضوا تنفيذ الأوامر و التحرك إلى بغداد ، لو كنت معي لما نجح الانقلاب )
استمر التحقيق مع محمد شيخ الطيف في المعتقل ولم يجدوا أي شيء يدينه وشاءت الصدف أن يكون رئيس اللجنة التحقيقية المقدم إبراهيم حمودي الغزالي زميله في المدرسة الحربية والكلية العسكرية ومن أقرب تلاميذ الحربية إلى نفسه...
بعد شهرين من التوقيف في وزارة الدفاع صدر قرار إطلاق سراحه مع الحجز الإجباري في داره لوقت مفتوح !!!!
استمر الحجز الإجباري للمقدم محمد شيخ الطيف في داره لغاية 14 تموز 1959 حيث طلب منه الحضور إلى مقر وزارة الدفاع لمقابلة عبد الكريم قاسم وفعلا تمت المقابلة بحضور عدد من القادة العسكريين والسياسيين من العهد الملكي فقال لهم عبد الكريم قاسم انه تابع قضايا جميع الحضور ولم يجد عليهم أي إدانة وعليه قرر رفع الحجز الإجباري عنهم، ثم طلب منهم العودة للعمل تحت المضلة الجمهورية وتحت زعامته فلم يستجب الحاضرون لطلبه فقط وزير الصحة حيث وافق على العودة للعمل مع النظام الجمهوري
بعد أيام من المقابلة حضر الى بيت والدي محمد شيخ الطيف ممدوح المهداوي ابن خالة الزعيم عبد الكريم قاسم وكان صديقا للوالد ومن الأوفياء له .طيلة حياتهما ، وقال له أن الزعيم يطلب حضورك إلى وزارة الدفاع في مقابلة خاصة ، وفعلا تمت المقابلة بحضور ممدوح المهداوي ، استهل الزعيم كلامه بالترحاب ومدح الوالد قائلا ( انا اعرف كل شيء عنك وعن والدك شيخ الطيف واعرف أنكم سكنتم لواء الديوانية فترة طويلة وانت خدمت في الفرقة الأولى التي مقرها الديوانية ،انا اعرف ان اهل الديوانية ووجهاءها يكنون لكم الاحترام والتقدير ولا تزال ذاكرة والدك شيخ الطيف وسخاءه في ذاكرتهم،لذا اطلب منك أن تكون متصرف للواء الديوانية ) ، ابتسم محمد شيخ الطيف وقال للزعيم ( اشكر هذا التقدير ولكن كما تعلم انا كنت مرافق الملك ومن أشد المدافعين عنه لآخر اللحظات، كيف اعمل معكم الآن وانا من أتباع النظام الملكي ومن مناصريه، أرجو الاعتذار عن الموافقة لهذه الأسباب ) ، يقول محمد شيخ الطيف ابتسم عبد الكريم قاسم وقام من كرسيه ووضع يديه على كتفي وقال ( [size=32]محمد هكذا يكون الرجال [/size]
وفي 6 /11 /1959 نشرت الوقائع العراقية مرسوم جمهوري بإحالة المقدم محمد شيخ الطيف على التقاعد بتوقيع الزعيم عبد الكريم قاسم
بعد 8 شباط 1963 تم اعتقال محمد شيخ الطيف بتهمة التآمر لقلب الحكم واستمر اعتقاله لما بعد 18. تشرين 1964 حيث استلم عبد السلام عارف السلطة واصبح رئيس الجمهورية و تم تقديم محمد شيخ الطيف للمحكمة العسكرية بتهمة التآمر لقلب نظام الحكم ،وتم إطلاق سراحه لعدم ثبوت الادلةفي 3 مايس 1969 تم اعتقاله بتهمة التآمر لقلب نظام الحكم وتم حجز أمواله المتقولة و غير النقولة ولعدم ثبوت تامره أطلق سراحه في كانون الثاني 1970في منتصف ثمانينات القرن الماضي كنت بصحبة والدي محمد شيخ الطيف في حفل عقد قران نجل العميد عبد الرحمن الناصري وأذا برجل متوسط الطول يقارب العقد السابع من عمره يرحب بوالدي مضيفا الى سلامه ( كيفك باشا , اعتقد انك لم تعرفني باشا ؟ ) فاجابه والدي مبتسما اهلا وسهلا ... فقال الرجل انا اللواء المتقاعد عبد الرحمن التكريتي , كنت رئيس المحكمة العسكرية التي حاكمتك في علم 1964 , وبعد الترحاب والسلام الحار بينهما اردف اللواء عبد الرحمن ( ابو زهير ) : (( باشا اريد ان تعرف شيئا انت لا تعرفه , انا كنت رئس المحكمة وقد كنت ياباشا متهما بالتامر لاسقاط نظام الحكم وبعد جلسات الحكم تم تبرئتك لعدم ثبوت الادلة وتم اطلاق سراحك , ولكن المفاجأة التي حدثت بعد هذا الحكم هو ان الرئيس عبد السلام عارف بعد يوم من اطلاق سراحك ارسل في طلبي الى مكتبه , وعندما دخلت عليه وجدته منزعجا وامامه اضبارة يقلب اوراقها وقال لي وهو منفعل : لماذا تم تبرئة محمد شيخ الطيف ؟! .. فاجابته لم يثبت عليه اي شيء وتمت التبرئة ... فاذا به يصرخ بصوت عالي : لا كان يجب الحكم عليه بالاعدام مو تبرئته ...
فاجابته اذا تريد اعدام محمد شيخ الطيف يمكن اصدار الحكم من قبل جنابكم .. فاجاب الرئيس عبد السلام : تريد تبليني اتريد تورطني !!!...
فقلت له الرجل بريء ومعناه اني اللي ابتلي , فقال الرئيس عبد السلام هذا الحكم مو صحيح محمد لازم يعدم , فقلت له سيدي اني مصمم بقرار الحكم واني مستقيل .. وفعلا قدمت استقالة من رئاسة المحكمة الى الرئس عبد السلام عارف في تلك المقابلة وقد صادق عليها على الفور
شاءت الصدف أن يقع بين يدي محمد شيخ الطيف كتاب اسمه أسرار ثورة 14 تموز 1958 من تأليف صبحي عبد الحميد ( ضابط من حركة مايسمى الضباط الأحرار ، أصبح وزير للخارجية عام 1964 ثم وزير للداخلية ) ، ومما تناوله هذا الكتاب أن الذي بدأ بإطلاق النار في صباح الفاجعة هم أفراد الحرس الملكي ، قرأ محمد شيخ الطيف هذه العبارة وتألم كثيرا واسرها في نفسه ، في حينها كان صحي عبد الحميد لاجيء سياسي في القاهرة ، و في ثمانينات القرن الماضي صدر عفوا عن صبحي عبد الحميد وعاد للعراق ، وفي إحدى المناسبات التقى محمد شيخ الطيف بصبحي عبد الحميد وبعد الترحاب بينهما سأله محمد شيخ الطيف : ذكرت في كتابك أن أفراد الحرس الملكي كانوا المبادرين في إطلاق النار وتسبب في الفاجعة ز فقال صبحي عبد الحميد نعم وهذا الذي حدث ز.
فقال له محمد شيخ الطيف : حسب معلوماتي انكم عملتم جرد لمخازن ومشاجب الأسلحة في البلاط الملكي بعد 14 تموز .
فأجاب صبحي عبد الحميد نعم عملنا الجرد ، فقال له محمد شيخ الطيف : كانت نتيجة الجرد مطابقة للسجلات وليس هناك أي نقص في الأسلحة والذخائر والاوليات لاتزال محفوظة في دوائر وزارة الدفاع
فأجاب صبحي عبد الحميد بالإيجاب] وصحة أقوال والدي واعدا اياه بتصحيح النشر في الطبعات اللاحقة...
*الگاردينيا:كاتب المقالة نجل احد ضباط القصر الملكي
**ولادته
ولد محمد شيخ الطيف في بغداد الكرخ في محلة الست نفيسة , في عام 1918 م وهو الابن البكر للشيخ الطيف العمر الحاج خالد بن علو بن خليفة بن عسكر بن سلطان بن الات بن محمد بن عرقوب التكريتي له من الاعمام ابراهيم ,خطاب ,عبد الله و صالح العمر وخاله داوود العجيل وله اخ واحد اسمه احمد واخت اسمها خديجة زوجة المرحوم كامل صالح العمر
دراسته
اكمل تعليمه في مدارس بغداد الكرخ و الديوانية ثم التحق بالمدرسة الحربية الملكية ثم في عام 1938 التحق الكلية العسكرية العراقية الاولى الدورة التاسعة عشر وتخرج منها في 1941/1/1 برتبة ملازم ثاني
رفاقه في الدورة 19
ومن رفاقه ضباط الدورة 19 جميل عبد الحميد السعودي , صبيح محمد رؤوف , علاء الدين محمود , خليل ابراهيم حسبن الزوبعي , نجيب كشمولة , سعيد حمو , ابراهيم حمودي الغزالي , طه محمد امين الالوسي , عبد الرضا عبيد الفتلاوي و محمد مرهون
حياته
بعد تخرجه برتبة ملازم ثاني نسب الى فرقة المشاة الاولى بمنصب امر فصيل وكان قائد الفرقة أنذاك قاسم محمود شكري وبعد ترفيعه الى رتبة ملازم اول رشح للعمل ضمن ضباط الحرس الملكي ثم اصبح امر حرس الشرف للبلاط الملكي عندما كان برتبة نقيب
اصبح محمد شيخ اللطيف مرافقا للوصي عبدالاله ثم مرافقا للملك فيصل الثاني وضابط استخبارات البلاط الملكي لغاية يوم الفاجعة في 14 تموز 1958