الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 61353مزاجي : تاريخ التسجيل : 21/09/2009الابراج : العمل/الترفيه : الأنترنيت والرياضة والكتابة والمطالعة
موضوع: لماذا نصلي من أجل أمواتنا؟ الثلاثاء 23 أغسطس 2016 - 21:35
لماذا نصلي من أجل أمواتنا؟ طريق الموت هو في الحقيقة طريقُ الرجاء، وزيارة مقابرنا وقراءة الكتابات على القبور هي رحلةٌ تتسمُ بالرجاء في الأبدية 23.08.2016 لأنّنا أمام هذا السرّ، وإن بصورةٍ غير واعية أحيانًا، نبحث عن شيءٍ ما يدعونا إلى الرجاء، عن علامة تجلب لنا التعزية، فتفتح أفقًا أمامنا وتقدّم لنا المستقبل" رغم أنّ مجتمع اليوم يتجنّب مسألة الموت، فمن الواضح أنّه واقعٌ يلاحقنا جميعًا. ورغم أنّ الموت أمرٌ مخيف، فإنّ الزيارات التقليدية إلى المقابر في ذكرى الموتى المؤمنين تشكّلُ تعبيرًا حقيقيًا للرجاء. قال البابا بندكتس السادس عشر إنّ قلق الإنسان لموت أحد أحبّائه يسمُ جميعَ الأزمنة. فالإنسان يحاولُ إعطاءَ الميت "نوعًا من الحياة الثانية" من خلال "الاهتمام والرعاية والحنان". "فنحنُ نريدُ بطريقةٍ ما الإبقاءَ على خبرة أمواتنا في الحياة، فنكتشف كيف عاشوا، ماذا أحبّوا في حياتهم، ماذا كانوا يخشون، ماذا كانوا يرجون، وماذا كرهوا، وهذا بالتحديد عند قبورهم التي نزورها محمّلين بذكرياتنا عنهم". القبور، يقول قداسة البابا، مثل مرآة لعالم الانسان الميت. لماذا؟ تساءل البابا! "لأنّنا أمام هذا السرّ، وإن بصورةٍ غير واعية أحيانًا، نبحث عن شيءٍ ما يدعونا إلى الرجاء، عن علامة تجلب لنا التعزية، فتفتح أفقًا أمامنا وتقدّم لنا المستقبل. طريقُ الموت هو في الحقيقة طريقُ الرجاء، وزيارة مقابرنا وقراءة الكتابات على القبور هي رحلةٌ تتسمُ بالرجاء في الأبدية". وقال البابا إنّ الموت خبرة مخيفة، وتساءل لماذا لا تستسلم الإنسانية لفكرة عدم وجود شيء وراء الموت. "أقولُ إنّ هناك أسباب متعددة: نحنُ نخاف الموت لأنّنا نخافُ الفراغ، ولأنّ الموت أمرٌ مجهول بالنسبة لنا. كما أنه يوجدُ فينا حسّ الرفض للموت، وبموجبه لا نقبل أن يجفّ فجأةً كلُّ الجمال والعظمة التي حققناها في حياتنا، أو أن يقعا في هوة العدم. ونشعرُ قبل كلّ شيء بأنّ الحبّ يتطلب ويطلب الأبدية، ومن المستحيل القبول بأنّ يدمّر الموتُ الحب في لحظة واحدة. "نعم، نحنُ نخاف الموت لأنّنا ندرك، عندما نجدُ أنفسنا مقتربين من نهاية حياتنا، أنّ هناك دينونة لأفعالنا وللطريقة التي عشنا بها حياتنا، وخصوصًا النقاط الغامضة التي نمسحها غالبًا، أو نحاول مسحها بمهارة، من ضمائرنا. إنّ مسألة الدينونة تؤكدُ على اهتمام البشر في كلّ الأزمنة بموتهم، وبالرعاية التي يعطيها الإنسان للأشخاص المهمّين بالنسبة له والذين لم يعودوا بجانبه في رحلة الحياة الأرضية. وهذا يعني أنّ أفعال التعاطف والحبّ التي تحيط بالميت هي طريقة لحماية مَن يقوم بها، اعتقادًا منه بأنّ لهذه الأفعال مفعولها في الدينونة. نستطيعُ ملاحظة ذلك في أغلب الثقافات التي وسمت التاريخ البشري". وقال البابا إنّ مجتمع اليوم المتّسم بالتجربة العلمية، يحاولُ أيضًا التعامل مع الموت من منظور المعرفة التجريبية بدلاً من منظور الإيمان. وحذّر من أن تقود هذه المنهجية إلى خطر الارواحية، فتحاول الاتصال مع عالم ما وراء الموت، "وتتخيّل وكأنّ هناك حقيقة في نهاية المطاف كنسخةٍ من الحقيقة الحاضرة". يواجهُ المسيحيون الموت برجاء، فإذا كانت الأبدية غير موجودة، فلن يكون للحياة على الأرض من معنى وقال البابا بندكتس السادس عشر إنّ دمجَ الموت بالرجاء يعني أيضًا عيشَ الحياة برجاء. "يحتاجُ الإنسان إلى الأبدية، وكلّ رجاءٍ آخر بالنسبة له قصيرٌ للغاية ومحدودٌ جدًا"، قال البابا، وأضاف: "يُفهم الإنسان فقط عندما يوجدُ حبٌّ يتغلّب على عزلته بالكامل، وحتّى على عزلة الموت، بحيث يهيمن حتّى على المكان والزمان. أي يُفهم الإنسان ويجد معناه العميق فقط في الله. ونحن نعلم أنّ الله ذهب إلى أبعد من المكان وجعل نفسه قريبًا من الإنسان، فدخل إلى حياتنا وقال لنا: "أنا القيامة والحياة، من يؤمن بي وإن مات فسيحيا، وكلّ من يحيا ويؤمن بي لن يموت أبدًا" (يوحنّا 11: 25-26). زيارتنا للقبور لنتذكر أحبّاءنا ونصلّي من أجلهم هي تعبير عميق لإحدى مكونات الإيمان: شِركة القديسين هناك رباطٌ وثيق بين مَن يعيشون على الأرض ومَن وصلوا إلى الأبدية، يقولُ بندكتس السادس عشر. وأضاف: انتصرَ المسيحُ على الموت فاتحاً لنا "أبواب الأبدية أيضًا". "المسيحُ يسندنا خلال ليل الموت الذي مرّ به هو أيضًا، فهو الراعي الصالح ونحنُ نثق بقيادته لنا بلا أيّ خوف، لأنّه يعرف الطريق جيدًا حتّى وسط الظلمة". فزيارة المقابر في ذكرى الموتى المؤمنين دعوة "لتجديد إيماننا بالحياة الأبدية بشجاعة وقوّة. وفي الحقيقة، نحنُ مدعوون لعيش هذا الرجاء الكبير والشهادة له في العالم، فلا وجود للعدم وراء هذه اللحظة الحاضرة. والإيمان في الحياة الأبدية بالتحديد يعطي المسيحي الشجاعة ليحبّ عالمنا أكثر، ويعمل لبناء مستقبله، ويعطيه رجاءً حقيقيًا ودائماً". Aleteia ARCHIVE