Aug. 29, 2016
زعامات شيعية تخشى الإطاحة بها بعد أن يحسم الموقف لصالح الحشد الشعبي وقياداته
الميليشيات تقدم نفسها بديلا لحكم العراقبغداد: كشفت تحذيرات رجل الدين مقتدى الصدر من تحويل الحكومة العراقية القادمة إلى حكومة “ميليشيات” في حال مشاركة فصائل الحشد الشعبي في انتخابات مجالس المحافظات والبرلمان. خشية تياره من إزاحة الحشد المكون من فصائل شيعية مدعومة من إيران، لنوابه سواء في مجالس المحافظات أو البرلمان.
وسجلت مفوضية الانتخابات العراقية كيانات تتضمن أسماء تشير إلى الحشد الشعبي تمهيدا لدخولها في المنافسات الانتخابية المقبلة.
ومن المقرر إجراء انتخابات مجالس المحافظات بالعراق في أبريل العام المقبل، على أن تجرى انتخابات البرلمان في ذات الشهر من عام 2018.
وقال الصدر في بيان صادر عن مكتبه إن “مثل هذه التسميات ستؤدي إلى زج الجهاد في السياسة، ما يعني تشويه سمعة الجهاد والمجاهدين، وتحوّل الحكومة إلى حكومة عسكرية أو ميليشياوية، وكسب أصوات الشعب بغير وجه حق”.
واعتبر أن “ذلك يمثل أيضا تهديدا واضحا، لكون من لم ينتخب تلك الكيانات إما أن يكون معاديا للجهاد أو بعثيا أو داعشيا، وفيها نحو من الإجبار على الانتخابات تحت وطأة السلاح”، مؤكدا أن “وصول المجاهد إلى كراسي الحكومة يعني نسيانه للجهاد، كونه سيتعلم البذخ والسرقات وما إلى غير ذلك”.
وقال صفاء الموسوي عضو مفوضية الانتخابات، إن المفوضية ستتولى إجراء دراسة شاملة لأي حزب أو كيان سياسي ينوي المشاركة في الانتخابات.
وأضاف الموسوي إن “دائرة شؤون الأحزاب في المفوضية تتولى وفقا لقانون الأحزاب الجديد الذي شرّعه البرلمان العراقي دراسة أي طلب من أي كيان سياسي أو حزب ينوي المشاركة في الانتخابات، وفي حال انطباق الشروط عليه يسمح له بالمشاركة”.
مقتدى الصدر: وصول المجاهد إلى كراسي الحكومة سيعلمه البذخ والسرقات
إلا أن الصدر شدد بقوله إن “زج المجاهد الذي لا يمتلك خبرة سياسية سيكون انتحارا للعملية السياسية”، متهما الجهات التي تسعى للمشاركة في الانتخابات بكيانات تحمل أسماء تشير إلى الحشد الشعبي بـ”أن كل جهادهم لم يكن لأجل الطاعة والعقيدة والوطنية وإنما من أجل الكراسي”.
وكان رئيس الوزراء السابق نوري المالكي أول مَن تنبه إلى الدور السياسي الذي سيلعبه الحشد الشعبي في مستقبل العراق لذلك راهن عليه بل وسعى إلى أن يقدم نفسه زعيما له، ساعيا عن طريق ذلك الادعاء إلى أن يضمن حمايته في مواجهة تهم الفساد الموجهة إليه.
وتشعر إيران اليوم أن الوقت صار مناسبا لاستيلاء الحشد الشعبي على الدولة، وهو ما ترغب في أن يقع عن طريق تسلل رموز الحشد إلى الدورة المقبلة من الانتخابات التي قد تكون مناسبة لنزع شرعية وجود الكثير من سياسيي المرحلة الراهنة.
غير أن ما يقوله المالكي شيء وما تريده إيران شيء آخر، فالمالكي مثله في ذلك مثل مقتدى الصدر وسواهما من الزعامات الشيعية التي صارت تخشى أن تتم الإطاحة بها وإزاحتها عن الحكم بعد أن يحسم الموقف لصالح الحشد الشعبي وقياداته.
وتشير المعطيات إلى أن ما سيقع لن يكون بعيدا عن السيناريو الإيراني، فالمرحلة القادمة ستشهد صعود قيادات جديدة، تضع نصب أعينها مبدأ عسكرة المجتمع في ظل المطالبة الشعبية بإسقاط الفاسدين، وهي مناسبة لطي صفحة الماضي من خلال معادلة النجاة من المساءلة القانونية مقابل التخلي عن الحكم.
ويتوقع المراقبون أن يكون زعيم فيلق بدر هادي العامري، وهو ميليشياوي عتيد تربى في ثكنات الجيش الإيراني نجم المرحلة المقبلة، والذي سيقع عليه الاختيار لإدارة السلطة التنفيذية رئيسا للوزراء في دولة تحكمها الميليشيات التي لا تخفي ولاءها لإيران وبإشراف من قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني.
ووصف مراقب سياسي عراقي ما يقال عن الحشد الشعبي كونه ظهيرا أو رديفا للجيش العراقي الرسمي بـ”محض افتراء وتزوير لحقيقة الدور والمهمة لذلك الكيان العسكري الذي لم يتأسس استجابة لفتوى المرجع علي السيستاني في الجهاد كما يُشاع، بل قام على أساس تجميع الميليشيات الشيعية الخارجة على القانون أصلا ودمجها في كيان عسكري واحد، يكون بمثابة النموذج العراقي المصغر للحرس الثوري الإيراني”.
وأكد أنه تنظيم عقائدي مسلح مثله مثل حزب الله اللبناني تماما “أما ما يُقال عن إلحاقه بمكتب القائد العام للقوات المسلحة فهو مجرد تمويه يُراد من خلاله وضع صيغة قانونية لتمويل الميليشيات من الخزينة العراقية”.
ورأى المراقب في تصريحه أن الحرب على داعش كانت مجرد مناسبة ليس إلا للإعلان عن ولادة ذلك التنظيم المسلح الموجود سلفا. أما الهدف الأساس منه فهو تحويل العراق إلى دولة ميليشيات، تكون بمثابة ذراع إيرانية مشاغبة لإزعاج السعودية ودول الخليج الأخرى ومنع قيام دولة مدنية فيه، تمتلك جيشا متماسكا”.
ووصف إقالة وزير الدفاع خالد العبيدي بالإجراء الإيراني في طريق ذلك المسعى، لأنه سعى إلى إعادة الثقة بالجيش ورفع معنويات منتسبيه فتمت إقالته في مجلس النواب بالإجماع ومن غير أسباب موجبة. وهو ما لا يمكن أن يحدث لولا أن هناك تعليمات إيرانية صدرت في ذلك الخصوص.