الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 61370مزاجي : تاريخ التسجيل : 21/09/2009الابراج : العمل/الترفيه : الأنترنيت والرياضة والكتابة والمطالعة
موضوع: عراقيون يطورون شغلا عقوبة الخطأ فيه الموت الأحد 25 سبتمبر 2016 - 1:10
عراقيون يطورون شغلا عقوبة الخطأ فيه الموت
تفكيك العبوات الناسفة مصدر رزق جديد لمغامرين أنباريين، يمتهنون عملية إزالتها بإمكانيات تقليدية وخبرات بسيطة.
ميدل ايست أونلاين
الأجور المرتفعة حافز قوي للمنافسة
الانبار (العراق) ـ لم يعد بالمشهد الغريب رؤية عدد من المدنيين، وهم يفككون عبوة ناسفة أو لغما ارضيا غير منفجر، في مدينة الرمادي (110 كم غرب العاصمة بغداد)، بعدما أصبح انتشار تلك العبوات في المنازل والطرقات يعد الهاجس الأكبر الذي يواجه السكان المحليين . كان على فالح المرسومي الذي يقطن حي البكر وسط الرمادي، ان ينتظر إجراءات طويلة ومعقدة للجهد الهندسي التابع الى جهاز مكافحة المتفجرات، من أجل إزالة العبوات التي زرعت في منزله، إلا انه اتخذ الطريق الأسهل وتوجه الى أشخاص امتهنوا تفكيك تلك المتفجرات. ويؤكد فالح المرسومي لموقع "نقاش" أن عملية العثور على هؤلاء الأشخاص والاتفاق معهم ليست بالمهمة السهلة، قائلا "توجهت إلى مدخل المدينة بعدما علمت انه المكان الرئيسي الذي يتواجد فيه المتخصصون بتفكيك العبوات على شكل مجموعات تشبه الى حد كبير تجمعات عمال البناء، إلا أنني فشلت في العثور على احد منهم، على الرغم من أنهم يتجولون بين سيارات الأجرة، ويجلسون قرب محال بيع المواد الغذائية، ويتحدثون بأسعار عمليات التفكيك، و كانوا يصرون على عدم معرفتهم بهؤلاء، لأنه عمل مخالف للقانون ومن يقوم به، يعرض نفسه للمساءلة القانونية". ويضيف المرسومي أن "الإمكانيات المتواضعة للقوات الأمنية في إزالة العبوات الناسفة والأجور المرتفعة التي يطلبها المتخصصون بتفكيك المتفجرات، كانت حافزا كبيرا لتجعل مني عنصرا جديدا ينافس في ميدان مهنة تفكيك العبوات الناسفة، بعد ان اطلعت على عدد من المقاطع الفيديوية التي نشرها متخصصون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تشرح كيفية تفكيك تلك العبوات". وبعدما تمكن فالح من إزالة المتفجرات من منزله ومنازل بعض الأقرباء والأصدقاء، وأصبح محترفا وبارعا في تفكيك العبوات ومصائد المغفلين التي تستهدف المواطنين، استغنى عن عمله القديم في ورشة صيانة المولدات الكهربائية وسط الرمادي، وبدأ عمله الجديد الذي يصفه "بالمهنة النبيلة التي تسهم في إنقاذ عائلات عديدة من الموت أو الإعاقة". ويقول أيضا "مجموعتنا تتكون من ثلاثة أشخاص، ونحن أصحاب الأجر الأقل بين الآخرين، الذي يصل الى ضعف ما نتقاضاه نحن، حيث نقوم بمعالجة المنزل مقابل 300 الى 700 دولار أميركي والسيارة مقابل 200 دولار وفق آلية عمل تكون مقسمة إلى ثلاث مراحل. المرحلة الأولى كشف الموقع ومن ثم المعالجة وإبطال مفعول المتفجرات، اما المرحلة الأخيرة فهي مسؤولية صاحب المنزل، الذي يتولى إبلاغ الأجهزة الأمنية برفع العبوات الى مقبرة المتفجرات وقد قمنا منذ دخولنا المدينة برفع أكثر من ألف و500 عبوة متنوعة بأدواتنا التقليدية وإمكانياتنا البسيطة". جذبت مهنة تفكيك الألغام والعبوات أشخاصا عديدين، ومنهم عامر السويداوي (52 عاما) الذي كان يعمل ضمن تشكيلات الجيش المنحل عام 2003 وامتهن تفكيك العبوات الناسفة، بعد ان كان يقدم المساعدة للفرق الهندسية ويرشدهم الى اماكن وجود العبوات، ادرك وقتها ان خبرته تسعفه في إيجاد عمل يوفر له المال الكثير. وقال عامر السويداوي "بعدما شاهدت الفرق الهندسية وهم يفككون العبوات والمتفجرات وغالبيتهم ممن كانوا معي في الجيش السابق، أدركت أنني لا ينقصني سوى العدة التي لا تتعدى بعض المفكات، والكماشات وبعض الاسلاك الكهربائية، اما الخبرة والجرأة فهي أهم ما يميزني، ومعرفتي الواسعة بفنون صناعة المتفجرات وطرق التعامل معها عوامل جعلت مني كساحر صالح، يبطل ما يفعله الساحر الشرير". ويضيف السويداوي "فقدنا عددا من الأصدقاء في هذه المهنة بسبب قلة الخبرة والتهور، عملنا يشبه الى حد كبير عملية التجارة في الأسلحة فهو أمر محظور، ويتم عبر شبكة علاقات موثوقة مع المواطنين وبعض منتسبي القوات الأمنية". ويعد ضمان عدم الملاحقة العشائرية، في حالة الإخفاق والفشل في تفكيك المتفجرات، وتحمل المسؤولية من قبل بعض العاملين في هذه المهنة، أهم ما يغري المواطنين الذين يسعون الى التخلص من خطر المفخخات، دون الوقوع تحت طائلة المسؤولية في مجتمع تسيطر عليه الأعراف العشائرية بشكل كبير. ويؤكد فالح المرسومي ان "عددا ليس بالقليل ممن امتهنوا هذه المهنة، وطمع البعض في الحصول على المال دون خبرة ودون معرفة في كيفية التعامل مع هذه المتفجرات، يسوقهم الى نهايتهم، وقد خسرنا الكثير من إخواننا الذين كانوا يحرصون على احتكار خبراتهم، وعدم الاستفادة من تجارب الآخرين، التي قد تسهم في إنقاذ أرواحهم، وتجنبهم مشكلات كثيرة من أهمها، النزاعات العشائرية". ولم يقتصر العمل بهذه المهنة على الاشخاص ممن هم خارج المؤسسة العسكرية فقط، بل هناك منتسبون أمنيون يقومون بالعمل ذاته أثناء الإجازات الدورية. ويقول احد منتسبي الشرطة المحلية في مدينة الرمادي، الذي يلقب نفسه "ابو الحفار" ان "العمل خارج اطار الدولة في ازالة العبوات والمتفجرات، يختلف كثيرا فانا لا اخضع لأوامر عسكرية، او توجيهات روتينية، انا اليوم أقوم بعملي الخاص وهو عمل جيد يدر علي أموالا كثيرة، لم اكن احلم بها، لاسيما واني اعرف كثيرا عن حجم العبوات ومخاطرها، من خلال قاعدة بيانات متوفرة لدينا افهم من خلالها آلية العمل والتعامل معها". ويشير ايضا الى أن "بعض العاملين في هذه المهنة، يتناولون عقاقير طبية تسهم في تخفيف حدة التوتر والاندفاع نحو تفكيك المتفجرات، لأننا نعتبرها مغامرة خطرة، ولولا هذه العقاقير لما اقدم الكثيرون على تفكيك عبوة واحدة". وأسهمت قلة الإمكانيات الحكومية، وعدم جدية التعامل مع ملف العبوات والمتفجرات المنتشرة بشكل كبير في عموم مدن محافظة الأنبار، في انتشار هذه المهنة بشكل كبير. ويعتبر المستقبل المستقبل الواعد لهذه المهنة الدافع الرئيسي الذي جعل البعض منهم يفكر في تأسيس شركته الخاصة، بمعالجة المتفجرات. ويشير فالح المرسومي إلى ان "هذه المهنة وان كانت مهنة جديدة وخطرة، الا أنني ارى انها ستكون مهمة جدا في المستقبل القريب، وستكتسب الطابع الرسمي، سيما وان الحكومتين المركزية والمحلية تسعيان دائما إلى عقد اتفاقيات مع شركات عالمية متخصصة في معالجة المتفجرات في عموم مدن العراق".