دراسة تاريخية حول مقدمة " اللمعة الشهية" القسم الأول
القسم الأول = مقدمة عامة
إطلعت على كتاب " اللمعة الشهية في نحو اللغة السريانية "منذ اكثر من ٤٠ سنة و هو للمطران أقليمس يوسف داود. لقد إكتشفت من خلال دراساتي المتواضعة ان الرعيل الاول من القوميين السريان في بداية القرن العشرين قد اخذوا معلوماتهم التاريخية من "الكتب" التي إنتشرت في نهاية القرن التاسع عشر و ليس من المصادر السريانية. لقد وضعت الكتب بين هلالين كي أشير الى عموم الكتب من تاريخية و كنسية و خاصة حول اللغة السريانية .
إن موضوع التسمية السريانية و الهوية السريانية التاريخية التي تتحجج بعض الفئات المتطرفة بأنها غير واضحة او انها تدل على إنتماء السريان الى الأشوريين تعتمد بالدرجة الأولى الكتابات التاريخية التي انتشرت بين السريان المشارقة و المغاربة في نهاية القرن التاسع عشر .
اللمعة الشهية هو كتاب حول اللغة السريانية و قواعدها و فيه مقدمة طويلة حول تاريخ الشعب السرياني و اللغة السريانية الآرامية. صدرت الطبعة الأولى في الموصل سنة 1879 اي ان معلومات المطران دواد مبنية على ما كان يعرفه في اواسط القرن التاسع عشر.
اولا - أسباب اختياري لهذا الموضوع
أ - لقد نشرت منذ حوالي ٢٠ سنة دراسة نقدية في مجلة آرام حول مقدمة المطران اوجين منا ، من اللممكن الإطلاع عليها الرابط
http://www.kaldaya.net/2006News/Dec06.asp من الممكن معاينة المقالات الثلاثة في موقع كلدايا نت . لقد وجدت ان المطران اوجين منا قد تأثر بمفاهيم المطران داود و عرفت من خلال ابحاث الاب المؤرخ البير ابونا ان المطران اوجين منا كان طالبا عندما كان المطران داود مدرسا .
ب - اهداني صديقي الدكتور أسعد صوما أسعد كتاب " اللمعة الشهية" منذ عدة سنوات و قال لي باسما " ليتك تقوم بدراسة نقدية لتفيد القراء السريان..." هدية صديقي د. أسعد هي دعوة غير مباشرة لدراسة علمية لمقدمة تاريخية عمرها اكثر من ١٣٠ سنة !
ج - لقد اعاد موقع السرياني الحر نشر اللمعة الشهية على الشبكة العنكبوتية . و في خلال عدة اشهر بلغ عدد القراء الى عدة مئات. و قد بلغ عدد القراء اليوم الى حوالي ١٢ ألف مشاهد و كتاب اللمعة الشهية هو الأكثر قراءة في هذا الموقع ربما لأن السريان الذين يرغبون في التعمق في نحو اللغة السريانية يعتمدون هذا الكتاب الذائع الصيت !
من يريد الإطلاع او تحميل كتاب اللمعة الشهية عليه النقر على هذا الرابط
http://freesuryoyo.org/index.php?option ... 8&Itemid=2
ه - لقد انتشر كتاب اللمعة الشهية بين كل مدرسي اللغة السريانية و قد عمد البطريرك إغناطيوس أفرام الثاني رحماني سنة ١٨٩٦ الى ترجمة اللمعة الشهية الى اللغة اللاتينية ، لغة الدراسات التاريخية في الغرب في القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين . كما اعيد طبعه للمرة الثانية في الموصل سنة١٨٩٦ انتشار الكتاب و شهرة الكاتب يجب ألا تكون حاجزا لأي باحث في النقد او دراسة نقدية منهجية بعد تطور الدراسات حول التسمية السريانية و تاريخ الشعب السرياني الآرامي و تاريخ و هوية اللغة الآرامية السريانية .
و - نجد في مقدمة اللمعة الشهية معلومات كثيرة صحيحة و كان المطران داود اول من نفض الغبار عنها:
*الصفحة ٢٥ الطبعة الثانية : يؤكد لنا ان سيدنا يسوع المسيح قد تكلم اللغة الآرامية و ليس اليونانية.
*صفحة ٦٤ : يؤكد ان السريان الغربيين كانوا قديما يلفظون السريانية مثل السريان الشرقيين اي بالفتح.
ولكن يوجد في مقدمة اللمعة الشهية اخطاء تاريخية و جغرافية واضحة و من المؤسف ان بعض اصحاب الطروحات التاريخية و القومية المتطرفة يستغلون شهرة اللمعة الشهية و مكانة المطران داود العلمية و يستشهدون ببعض تعابيره او مفاهيمه الخاطئة مما يخلق الضياع بين السريان .
ثانيا - من هو المطران إقليمس يوسف داود ؟
يخصص الأب الباحث ألبير أبونا أربع صفحات في كتبه الشهير أدب اللغة الآرامية. ولد يوسف بن داود سنة ١٨٢٩ و توفي سنة١٨٩٠ الطريف ان الأب أبونا يخبرنا - صفحة ٥٣٦ - ان الطفل يوسف قد عمده كاهن نسطوري (سرياني شرقي) و في نفس الصفحة يخبرنا ايضا انه سافر الى روما لمواصلة دروسه " و قد اختار آنذاك ان يكون على الطقس السرياني ". هذه إشارة الى ان كل مسيحي العراق كانوا و لا يزالون ينتمون الى شعب واحد له لغة واحدة و حضارة و هوية واحدة هي السريانية الآرامية .
بعد رسامته الكهنوتية سنة ١٨٥٥ في روما عاد الكاهن الشاب الى الموصل و انصرف الى التدريس خاصة اللغة السريانية وفي سنة ١٨٧٩ رسم مطرانا و عين على دمشق.
الجدير بذكره ما كتبه الأب أبونا عنه " هو أول من زود البلاد الشرقية بكتب منقحة على الطريقة المدرسية في الصرف و النحو و العروض و الخطابة و التاريخ و الجغرافية و الحساب ...". و إذا تمعنا قليلا في الصفحة ٥٣٨ في الكتب التي ألفها المطران داود لوجدناها تتعلق بالكتب الكنسية مثل الصلوات و الخدمة و دليل الشماس و الفرض اليومي...
المطران داود هو رجل دين قدم الكثير للحفاظ على اللغة السريانية لقد إطلع بحكم منصبه و تنقلاته على معلومات عديدة حول اللهجات السريانية المحكية و لكن تحليلاته حول علاقة التسمية السريانية بالتسمية الأثورية سوف تؤدي الى نتائج تتعارض مع مصادرنا السريانية.
سوف اعالج في القسم الثاني بعض الأخطاء التاريخية و الجغرافية في مقدمة اللمعة الشهية .
يتبع
هنري بدروس كيفا