تركت الرّصيف الذي كنتُ جالساً عليهِ .. مخلّفاً طبع أرجلي العاريـــة على طين الرّصيف .. تحول الشّارع الى مستنقع ؛ من كثرة الأمطار الغزيرة .. كنتُ مُرتدياً معطفاً قديمــــاً ؛ قـد أكل منــه الدّهر وشرب ! الوقت آيل نحو الغــــروب .. مشيتُ على غير هــدىً .. لأني لا أعرف أين أذهب !فقــد تآكل بيتي من جرّاء القصــف .. ولا يصلح لســكن ! لا تسألوا عن أبي وأمّي ! فقد غادرا هذه الحياة منذ وقت ليس ببعيــــد ! طرقت باب الأيتــــام ؛ فلم يُفتح لي ! قفلت راجعـاً الى حيث أتيت .. رأيتُ طفــلاً يتمرّغ في الطيــن .. وإمــرة تنظر الى لا شئ .. لا تُبالـي بصـراخ الطّفل ! ربّمـا تريـــد أن يموتَ ! وتتخلّــص منـــــهُ ..لأنّها لاتملك حليبـاً ترضـعـــهُ ! مررت بدكــان القصّاب .. نظر اليّ بعيــون كلّهـا ريبـــة .. قال لي : آغرب من وجهي .. فإنّـــــي قد اقفلتُ الدّكـــان ! مشيتُ ؛ ومشـــيتُ في الشّارع الموحـــــل .. آقترب منّي شــرطيّ .. وأخذ يتفحّصنــي ؛ من رأسي الى قدمـــيّ ! تمنيّــتُ أن يلقي القبض عليّ ..عسـى أن انام في المعتقل .. فالحياة باتــت ؛ لا تهمّنــي !فالسّجن أفضل لي من النّوم على الرّصيـف .. فقد مـلّت نفسـي من النّوم ؛ على أرصفــــة الشّوارع ! قال لي الشّـرطي : أغرب عـنْ وجهي ايّها الغراب المشـؤوم .. وإلاّ أشــبعتكَ ضربـاً ! فنحــنُ ؛ لا نربّي اليتامــى أمثالك !أسرعتُ في المشي الى حافــة النّهر .. جلست تحت شجيرة ؛ غرقتُ في نومٍ ثقيل ! عندما نهضتُ ؛ رأيتُ أنّ نهارا جديدا قد بدأ .. إنّــه بالنّسبة لي لا يختلف عن غيرهِ مـــن الأيّـــام ! إنّهـا حياة رتيبــــة مملّــة قاتلـــة ! وهكذا كتبَ عليّ ؛ وعلى غيرى .. أن نعيشَ ( مشـرّدين ) في وطننــــا ! اجسام بـلا أســــماء !!! ~ بقلمــــــي ~