المسيحيون العراقيون : وقفة تاريخية عند أدوارهم الوطنية والحضارية
كاتب الموضوع
رسالة
البيت الارامي العراقي الادارة
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 10384تاريخ التسجيل : 07/10/2009
موضوع: المسيحيون العراقيون : وقفة تاريخية عند أدوارهم الوطنية والحضارية السبت 4 سبتمبر 2010 - 15:16
المسيحيون العراقيون : وقفة تاريخية عند أدوارهم الوطنية والحضارية
ســـيـّار الجميل
ثمة ملاحظات مهمة أود ذكرها وأنا مؤرخ عراقي مسلم قبل أن أعالج هذا "الموضوع" الحيوي الذي لابد أن يأتي في مثل هذه الظروف الصعبة التي يمر بها العراق، ويكتوي بنارها العراقيون وهم يفتتحون تاريخا جديدا لهم عند بدايات القرن الواحد والعشرين، ذلك إن مثل هذا "الموضوع" لابد أن يدرك إدراكا حقيقيا ليس من قبل المهتمين والمختصين حسب، بل من قبل كل العراقيين، وليس لأن المسيحيين العراقيين أقلية في مجتمع مسلم، بل لأن هذه التي يسمونها ' أقلية ' كانت لها أدوارها الحضارية عبر التاريخ وليس في العراق فحسب، بل في كل أرجاء الشرق، فضلا عن الأدوار النهضوية والوطنية على امتداد مائتي سنة وحتى اليوم ناهيكم عن ثقلهم ووجودهم ومؤسساتهم بأديرتهم وكنائسهم ومطرانياتهم وخصوصا في الموصل وأطرافها منذ قرابة ألفي سنة..
وما كنت ارغب في يوم ما أن اكتب عن أقلية وأكثرية في مجتمع مثل العراق الذي تجانس فيه الناس وتناغمت فيه خصالهم وعاداتهم وتقاليدهم، بل وانسجمت فيه حياتهم وشراكة عيشهم.. لولا هذه الموجات العاتية التي تهدد حياة العراق وخصوصا في المناطق التي يتنوع فيها السكان وتتعدد فيها الألوان..
نعم، لقد كنت قد كتبت قبل قرابة شهرين في الدفاع عن المسيحيين العراقيين وعن وجودهم التاريخي ولمن تقرع الأجراس حول مصيرهم، نظرا لما يلاقونه وكنائسهم من اعتداءات ظالمة لم يألفوا مثلها أبدا مذ وجدوا في بلاد وادي الرافدين منذ آلاف السنين..
وبالرغم من كل ما وصلني من كلمات شكر وتقدير كتبها عراقيون نجباء، فان البعض من الإخوة الاثوريين العراقيين قد وقف من توصيفي لهم موقف المتعجب والسائل، وإنني اقـَّدِر وأثمن عواطفهم، ولكن المسألة ليست بجوهرية إلى هذا الحد ولكن ثمة مراجع وأصول لابد من الاحتكام لها بدل أي اختلاف في وجهات النظر، فالمعلومات هي التي تبقى أساسا حقيقيا في المعادلة، ولكنني أقول بأننا اليوم لسنا في حال يمكننا فيه أن نتناظر حول تسميات ومواصفات، إذ لابد من التعريف بأولوياتنا الأمنية والوطنية المشتركة قبل كل شيء آخر، فنحن عراقيون قبل أي مرجعية أخرى. ومع كل هذا وذاك، فسوف أبقى أدافع عن حقوق كل العراقيين بمختلف تراكيبهم وأطيافهم وأعراقهم وأديانهم وألوانهم من اجل استعادة ازدهار العراق من خلال الشراكة والتعايش بين كل أبنائه...ا
نهضويون عراقيون: غبن حقهم وعتم عليهم عشرات السنين
دعوني اليوم أعالج باختزال موضوع الأدوار النهضوية والوطنية الحديثة للمسيحيين العراقيين وخصوصا في تكويننا الثقافي والاجتماعي.. وسأعول على بعض المصادر التاريخية المهمة فضلا عن ذاك الذي قد نشرته عن تاريخ المسيحيين العراقيين وأدوارهم النهضوية في المجتمع العراقي والمنطقة كلها، وخصوصا ذاك الذي عالجته في كتابي الموسوم: (زعماء وأفندية: الباشاوات العثمانيون والنهضويون العرب) وكتابي الآخر: (انتلجينسيا العراق: النخب العراقية في القرن العشرين) من اجل أن نقف على جملة من الحقائق المهمة التي تكاد تكون مخفية ليست عن القراء العرب، بل حتى عن العراقيين أنفسهم. إنني إذ انشر مثل هذا المقال، أعيد واكرر ما كنت قد قلته سابقا بأن من سأذكره من المؤسسين النهضويين العراقيين جميعا كانوا قد نالوا من الغبن والجفاء والتعتيم عندما كان يشار إلى غيرهم من مصر وبلاد الشام من دون أي ذكر لمثل هؤلاء العلماء والرحالة والرجال الإعلام النهضويين العراقيين الذين قدموا خدمات كبرى كان ولم يزل لها تأثيرها البالغ في الحياة العربية الحديثة.. ومن المؤسف جدا أن يقـَّدر ويثمـَّن هؤلاء في بلدان أوربية ولا يعرفهم العرب أبدا وهم عرب أقحاح قدماء في بلاد وادي الرافدين !!
المؤسسون من الرواد الأوائل
كان لعدد من الشخصيات المسيحية العراقية دور كبير في حركة النهضة العربية الحديثة التي نشأت في القرن التاسع عشر وخصوصا في العراق الذي شهد بدايات نهضة شاركت بها نخبة من المصلحين والعلماء والأفندية، ويكاد يكون تاريخ النهضويين العراقيين المسيحيين في الثقافة العربية مستتر وخفي عن الأعين بفعل التعتيم الذي مورس ليس ضد ادوار المسيحيين العراقيين حسب، بل ضد كل المثقفين العراقيين في تاريخ ثقافة العصر الحديث... دعوني أتوقف تاريخيا وباختصار عند الرواد المسيحيين الأوائل من العراقيين: 1. الموصلي: اول شرقي يصل أمريكا
ولكن إذا رجعنا إلى الوراء لوجدنا إن اول مستكشف للعالم الجديد (أمريكا) هو الياس بن حنا الموصلي الذي انطلق من بغداد، ومن ثم روما نحو أمريكا وعاد برحلته الشهيرة كأول رحالة من الشرق كله يصل العالم الجديد. وكان هذا ' الموصلي ' من أبرز شخصيات العراق في نهاية القرن السابع عشر، وهو المثقف المسيحي العراقي الكلداني (كان حياً سنة 1692م) وكان قد رسم كاهناً في بيعة الكلدان بالموصل، ثم تنقل أهله بين بغداد والموصل وحلب، وقام برحلة سياحية طويلة إلى قارتي أوربا وأمريكا، إذ غادر بغداد سنة 1668م، ومر بحلب فالإسكندرية فالبندقية فروما، ثم فرنسا وإسبانيا ومنها رحل إلى قارة أمريكا الجنوبية، فمر بأجزاء من باناما وكولومبيا وبيرو وبوليفيا وشيلي ثم المكسيك، وعاد إلى روما سنة 1683م، ليقضي فيها ما تبقى من حياته، ولم نقف على تاريخ وفاته، لكنه طبع في روما كتاباً سنة 1692م ويعد هذا الرجل العراقي أول سائح شرقي/ أسيوي زار العالم الجديد بعد استكشافه من قبل الأوربيين. (وكانت رحلته قد نشرت منذ عهد بعيد ولكنني قمت بتصوير أصولها ومنحتها للأخ الدكتور عبد الله الخطيب لتحقيقها، وقد أعيد نشر ما كان قد نشر عنها في مجلة المقتطف). وبالرغم من ذلك، فان ما نشر في المقتطف قبل قرابة قرن من الزمن، بحاجة ماسة إلى التحليل والدراسة والمقارنة والخروج باستنتاجات مهمة، خصوصا إذا ما علمنا بأن هذه ' الرحلة ' تمّثل باكورة الانطلاق الشرقي نحو المجهول في العالم الجديد. وتتضمن رحلته على معلومات جديدة استفاد العالم منها في ما بعد خصوصا وإنها تسجيلات يومية عن مشاهدات حية لصاحبها.
2. المستشرق عتيشه: أستاذ اللغات القديمة
ثمة شخصية عراقية مسيحية موصلية أخرى تمثلها العلامة يوسف عتيشه الموصلي المولود بالموصل عام 1599 وتوفي في ألمانيا عام 1680. ودرس الكلدانية والآشورية في العراق، ثم سافر إلى فلسطين واستقر فيها ردحا من الزمن ومارس التدريس هناك ودرس اللغات السامية وتاريخها وتتلمذ على يديه العديد من الطلبة، ثم سافر إلى ألمانيا ملتحقا بمعهد الاستشراق التابع لجامعة فيتننبيرغ، وبعد مضيه أربع سنوات فيه حمل يوسف عتيشه لقب الأستاذية (البروفيسور) وغدا زميلا في ذلك المعهد وساهم في تطوير علوم الاستشراق وأضاف إلى دراسات المعهد لغات مهمة أخرى هي العبرية والسنسكريتية... وتقديرا لجهوده العلمية الكبرى، حفرت الجامعة صورته على قطعة خشبية ووضعت في مستودع الجامعة اعتزازا به وتكريما له على جهوده العلمية وثقافته العليا في أوروبا منذ ذلك الوقت المبكر من عمر النهضة الحديثة (ولقد وقفت على معلومات تاريخية غاية في الأهمية على هذا الرجل عراقي الأصل عندما كنت أستاذا زائرا في جامعة كيل بألمانيا الغربية في العام 1987).
3. الرحالة الكاثوليكي الموصلي
أما في النصف الأول من القرن الثامن عشر، فبرز رحالة عراقي آخر هو خضر بن إلياس هرمز الموصلي الكلداني (1679-1755م) الذي كتب أعمالاً أدبية وتسابيح دينية واعتنق مذهب الكثلكة، وسافر إلى روما والفاتيكان التي وصلها سنة 1725م وعاش فيها حتى وفاته وكتب رسالته' رحلة من الموصل إلى روما سنة 1719م ' وصف فيها رحلته البرية والبحرية، وتعرض إلى ذكر اضطهاده بعد اعتناقه مذهب الكثلكة. لقد غدا العراق في القرن الثامن عشر أكثر استقراراً وتطوراً وحركة اقتصادية وازديادا للنفوذ الأوربي التجاري والتبشيري، وارتفعت مكانة العراق كثيراً لدى البلاط العثماني، كما شهد العراق نشر المذهب الكاثوليكي من خلال الإرساليات المتعددة وبروز بعض الحركات والأفكار الإصلاحية، كما ونضجت بعض التقاليد العلمية والثقافية وارتقت المدونات ولغة الكتابة الأدبية والشعرية وبخاصة في الموصل، ولقد أنجب العراق العديد من الأدباء والعلماء خلال القرن الثامن عشر.
4. الآباء الدومنيكان وأدوارهم:
ومن ناحية أخرى، شهدت الموصل في القرن الثامن عشر فعاليات نشيطة للبعثات التبشيرية الفرنسية في نشر الكثلكة في الشرق، كان لها أثراً كبيراً على الحياة الاجتماعية والثقافية بتحول الكثير من مسيحيي العراق إلى مذهب الكاثوليكية وإعلان اتحادهم بكنيسة روما المركزية رسمياً... علماً بأن كلاً من الثقافتين الإسلامية والمسيحية قد تعايشتا في العراق على مدى قرون طويلة، وكان لكل منهما خصوصيتها وأدواتها في العمل والإنتاج... واشتهر العديد من الرهبان والقسس والمطارنة كعلماء ورحالة وشعراء ومدرسين في اللغة العربية إلى جانب السريانية الآرامية. وقد كان من أهم تلك البعثات: إرسالية الآباء الدومنيكان الذين وصلوا مدينة الموصل سنة 1750م وقدموا خدماتهم الطبية والتعليمية ومنها تأسيس مدرسة فرنسية عرفت بمدرسة الآباء الدومنيكان التي خرجت طبقة من المثقفين والعلماء المحدثين استمر تأثيرهم حتى القرن العشرين.. إذ كان لهم تأثيرهم في نشوء المسرح بالموصل لأول مرة في تاريخ المنطقة، وكان لهم تأثيرهم في تأسيس المطابع ونشر العدد الكبير من الصحف.. فضلا عن الطباعة وخدمات أخرى.
5. العلامة اقليمس: رائد نهوضي حقيقي
إن عددا متميزا من مثقفي العراق النهضويين كانوا من إخواننا المسيحيين الذين تلقوا علومهم ومعارفهم الدينية والمدنية في أديرة الموصل وكنائسها فضلا عن دور روما، في حين كان المثقفون العراقيين من المسلمين أساتذة وعلماء من العراق يدرسّون في استانبول. لقد استطعت أن اكشف عن مساجلات مهمة من خلال اتصالات أدبية كانت بين أدباء عراقيين وأدباء لبنانيين أبان القرن التاسع عشر، وان العراق عرف المطابع منذ عهد طويل وعلى أيدي المسيحيين العراقيين، وثمة إرساليات قد نجحت في تأسيس مدارس درس فيها مسلمون ومسيحيون، ويكفي بروز العلامة اقليمس يوسف داود (1829- 1890م) في الموصل بالعراق متقنا عدة لغات، وكان بحرا في اللغة العربية، وخرج من حياته بحصيلة من الكتب بلغت (85) مؤلفا في مختلف المعارف، وقد انتخب عضوا عاملا في الجمعية الآسيوية الملكية البريطانية سنة 1890، وعد من رواد النهضة الفكرية العربية الحديثة بسبب غزارة إنتاجه وعمق أفكاره وتضلعه بلغات ومعارف موسوعية، وكان واحدا من رجالات النهضة العربية الذين لهم علاقاتهم بأدباء ونهوضي لبنان وبلاد الشام عموما.
6. ريادة الاركيولوجيا العراقية
أصبح العراق في القرن التاسع عشر بلدا مثيرا جدا وقبلة للعالم كله كونه منجم للكشف من خلال آثاره عن أولى حضارات الإنسان التي عاشت في وادي الرافدين.. وغدت الاركيولوجيا العراقية (علم الآثار والنفائس) من أهم علوم ذلك العصر التي كشفت بآثارها المادية عن خفايا لم يكن الإنسان يعلم عنها شيئا إلا ما هو مثبت في الكتب الدينية. وبرز من المختصين العراقيين في ريادة الاركيولوجيا العراقية الدكتور هرمز رسام (1826- 1901) أبان القرن التاسع عشر والذي كشف عن كنوز آشورية في كل من نينوى وخرسباد والنمرود وكان ضمن فريق بعثة لايارد الشهيرة.. وقد سبق هذا الرجل زمانه وهاجر إلى بريطانيا واستقر بها، ولم تزل صورته الزيتية معلقة في واحدة أهم قاعات المتحف البريطاني اعترافا بجهوده الكبرى، وهو من عائلة مسيحية موصلية معروفة.
7. مثقفون آخرون: لغويون ومسرحيون
وبرع في تأليف الكتب المدرسية جرجس عبد يشوع خياط (1828- 1899م) الذي درس في روما وكان يتقن عدة لغات أوربية وشرقية وله معرفته في التاريخ والفلسفة، وقد طبع بعض آثاره في روما. وهناك أيضا اغناطيوس بهنام بن بني (1830 – 1897م) الذي درس في روما واضطلع باللغات الشرقية والغربية ونتاجه غزير في التاريخ الكنسي واللاهوت. أما العلامة أدي شير (1867- 1915م) فكان يتقن عدة لغات شرقية وغربية وكان مؤرخا قديرا نشر اغلب أعماله بالفرنسية بباريس وبعض مقالاته في المجلة الآسيوية. وبرز في الموصل نعوم فتح الله سحار (1859- 1900) مثقفا باللغة الفرنسية وهو اول من ادخل إلى مدينته الفن المسرحي كلون أدبي جديد في تاريخ الثقافة العراقية منذ أواخر القرن التاسع عشر، متأثرا بالآداب الأوربية، إذ نشر مسرحية ترجمها عن الفرنسية وطبعها في مطبعة الآباء الدومنيكان، ولقد مثلت العديد من المسرحيات الاجتماعية والأخلاقية على مسرح مدرسة الآباء الدومنيكان، فنالت إعجاب الناس وتقديرهم.
8. التجمع ألبطريكي ومركز لاهوت الشرق
لا أبالغ أن قلت بأن العراق هو الموطن الحقيقي للمسيحية الشرقية وان مدينة الموصل هي مركز لاهوت الشرق على وجه الإطلاق نظرا لما اجتمع بها من مطرانيات وكنائس لملل عدة من المسيحيين الشرقيين سواء كانوا من اليعاقبة والسريان الأرثوذكس أو الكلدان الاثوريين (والكاثوليك منذ القرن الثامن عشر)، وكانت الموصل بكل أديرتها وكنائسها مركزا يجتذب الرهبان والدارسين من كل مكان.. ولقد برز في العلوم الكنسية واللاهوتية التي لا نفقه منها شيئا العديد من المطارنة العراقيين الذين عرفوا على مستوى العالم، وكانوا على درجة كبيرة من الثقافة والآداب، اذكر منهم المطارنة: اندرواس حنا وطيمثاوس افرام عبودي ويوليوس جرجس قندلا وناصر اسطيفان دوي وتوما ريس وسليمان الصايغ ورفائيل يوسف بيداويد والبطريرك زكا عيواز والبطريرك اغناطيوس افرام الأول وكان الكاردينال اغناطيوس جبرائيل قد عد مرجعا أساسيا لمسيحيي الشرق..
القسم الثاني: النهضويون الأواخـر مقـدمة:
لقد لاحظت كمؤرخ عراقي متواضع بأن مكانة المسيحيين العراقيين في مجتمعهم كانت ذات اعتبارات اجتماعية متميزة في نهايات العهد العثماني عندما كانت لهم امتيازاتهم الثقافية وحقوقهم كمواطنين متمتعين بكل ذلك بناء على ما تعهدت به الدولة أمام العالم وخصوصا في خطي شريف همايون، وعزز كل ذلك الدستور العثماني في صدوره لأول مرة في العام 1876 خلال عهد المشروطية الأول ى، أو في صدوره الثاني في العام 1909 خلال عهد المشروطية الثانية. ولما تأسس الحكم الوطني في العراق وأعلنت الملكية، كان المسيحيون العراقيون يحظون بحقوقهم ومشاركتهم الدولة، فكان منهم عدد من النواب والوزراء والمدراء وضباط الجيش والمحامين وحتى القضاة.. وحتى العام 1963 عندما جاء الرئيس الراحل عبد السلام عارف والبعثيون إلى حكم البلاد، بدأت تحولات من نوع آخر وخصوصا بعد أن ترسخت سلطاتهم ومفاهيمهم وهيمنوا على مقاليد حياة العراقيين على امتداد أربعين سنة 1963- 2003، وخصوصا عندما بدأ العزف شديدا على كل من اسطوانتي القومية الشوفينية بأساليب مرعبة وعلى التعصب الديني بأشكال مثيرة وبدائية، فانكمشت كثيرا تلك المشاركة الفعلية للمسيحيين العراقيين، وبدأت عمليات الهجرة نحو العالم الجديد وأوروبا تأخذ لها مديات واسعة كبرى، بحيث وصل الأمر عند نهايات القرن العشرين أن أفرغت أحياء كاملة وقرى كاملة في شمال العراق من سكانها العراقيين الأصليين.
الأدوار السياسية المتباينة
كان للبعض من العراقيين المسيحيين ادوار سياسية في حياة العراق المعاصر، إذ كان للشخصية المسيحية المعروفة داود يوسفاني دورها أيام الاتحاديين وبدايات العهد الملكي، وخصوصا أثناء نيابته في مجلس المبعوثان العثماني وكانت له صولاته وجولاته من اجل فرض الأمن والاستقرار. وكان نيقولا عبد النور (الذي أعلن إسلامه وأشهر اسمه بـ ثابت عبد النور) له دوره المؤثر في الحركة العربية والإيمان بالقومية العربية. وغدا منهم نوابا مثل رؤوف اللوس واشترك بعضا منهم في عدد من الوزارات العراقية كما وقام البعض بادوار معينة في تأسيس أو الانخراط في أحزاب عراقية متنوعة الاتجاهات وخصوصا الحزب الشيوعي العراقي، إذ يقال بأن يوسف سلمان (فهد) مؤسس الحزب الشيوعي العراقي كان مسيحيا كلدانيا (وهناك من يقول بأنه كان مندائيا) ومن ابرز الشيوعيين المسيحيين العراقيين: جميل توما ونوري روفائيل وكريكور اكوب بدروسيان وثلاثتهم من خريجي الجامعة الأمريكية ببيروت وهناك يوسف الصايغ وداود الصايغ وآرا خاجا دور وكامل قزانجي وإبراهيم قسطو (ضابط).. وغيرهم. وبرز طارق عزيز عضوا في القيادة العراقية لحزب البعث العربي الاشتراكي مع بعثيين قياديين آخرين مثل ممتاز قصيرة الذي قتل في عهد عبد السلام عارف وغيرهما. إنني ألاحظ بأن مسيحيي العراق استجابوا لكل قوانين البلاد على مختلف العهود، وساهموا في كل مؤسسات الدولة ولم يتوان أبناؤهم من أداء الخدمة العسكرية الإلزامية.. ولم أجدهم وقد دعموا أبدا انتفاضة الاثوريين التي اشتعلت في الثلاثينيات من القرن العشرين، كما وان دورهم السياسي قد انكمش على نفسه في الأربعين سنة الأخيرة وغدوا أكثر خوفا ورعبا على حالهم من أية سلطات سياسية وأمنية وحتى اجتماعية في بعض الأحيان، وكثيرا ما وجدتهم يتخذون مواقف حيادية أو يؤيدون أي سلطة من اجل اتقاء شرورها وخصوصا بعد التحولات السياسية الساخنة التي حدثت اثر العام 1958 وبعد سقوط العهد الملكي علما بأن هناك المئات منهم قد انخرطوا في كل من الحزب الشيوعي العراقي على عهد الزعيم عبد الكريم قاسم وأصبحوا مقاومة شعبية وكان لهم دورهم المؤثر على الساحة العراقية.. في حين انخرط المئات من المسيحيين العراقيين في حزب البعث العربي الاشتراكي على عهدي البكر وصدام ولأسباب واضحة. لقد كنت اسأل نفسي وأتعجّب عندما اسمع طارق عزيز في مؤتمراته وتصريحاته كيف يمكنه قبول سياسات سيدّه التي لا تتفق مع ابسط قواعد المنطق وهو الذي كان يتكلم بجرأة وقوة وكأنه لا يدرك موقعه الحقيقي في العراق كما كان يدرك ذلك كل المسيحيين العراقيين الذين فروا بجلدهم نحو الشتات !؟؟ ويمكنني القول أن من انضوى في الحزب الشيوعي العراقي كان مقتنعا إلى حد بعيد بعقيدته السياسية وإيديولوجيته الفكرية على عكس كل المسيحيين الذين أصبحوا بعثيين وهم من ابعد الناس عن أفكار البعث وأساليبه !! ومن الغريب أن نجد بين قافلة الضباط المتمردين الذين ثاروا ضد الزعيم عبد الكريم قاسم في العام 1959 ضابطا مسيحيا اسمه إسماعيل هرمز، وقد أعدم مع جماعته من القوميين!
ميادين المسيحيين العراقيين في القرن العشرين أولا: اللغة العربية وانستاس ماري الكرملي
لعل من ابرز علماء اللغة العربية المحدثين الذين ساهموا مساهمة حقيقية في إثراء العربية ومصطلحاتها ومرادفاتها هو العلامة اللغوي انستاس ماري الكرملي الذي اصدر مجلته الشهيرة (لغة العرب) على مرحلتين اثنتين، وكانت علامة بارزة في تاريخ النهضة الحديثة، بل وتعد واحدة من أهم المراجع في اللغة العربية.. لقد أسس انستاس مدرسة لغوية اشتهرت في العراق وكان ممن تخرج من تحت مظلتها العلامة مصطفى وجواد وعلماء لغة وأدب. وكان للعلامة وانستاس منتجاته اللغوية والتاريخية الأخرى التي تعد من أهم ما ظهر من إبداعات في العراق، اذ لم يقتصر الرجل على اللغة، بل ساهم في كتابة تاريخ العراق. ولقد اشتهر بمجلسه العلمي والاجتماعي الذي كان يقصده عدد متميز من المثقفين العراقيين بمختلف مشاربهم وان المسلمين منهم أكثر من المسيحيين..
ثانيا: الصحافة العراقية وروادها الأوائل
أسهم المثقفون المسيحيون العراقيون المتميزون إسهاما حقيقيا في تقدم الصحافة العراقية وتطورها بعد نشأتها الأول ى في القرن التاسع عشر، ولقد كان اغلب رواد الصحافة العراقية من الموصل إذ اثروا هذا المجال بأدبياتهم وجهودهم وكانت لهم ميادينهم الصحفية المتنوعة وخصوصا في أواخر العهد العثماني وعلى العهد الملكي في العراق بإصدارهم صحف أساسية في الحياة السياسية العربية.. ولابد أن نذكر تميز كل من: روفائيل مازجي وداود صليوا وعيسى محفوظ وتوفيق السمعاني وفتح الله سرسم وسليم حسون (صاحب جريدة العالم العربي) ويونان عبو اليونان وروفائيل بطي وبولينا حسون (أول امرأة عراقية تصدر صحيفة نسوية ببغداد) وميخائيل تيسي (صاحب اول نقد هزلي صحفي) وصولا إلى مجيب حسون وفائق بطي ولطفي ألخوري وغيرهم. ولقد تطورت الصحافة العراقية على أيدي هؤلاء المثقفين تطورا كبيرا، وكانوا كلهم من اصطحاب القلم ولهم باع في الأدب العربي خصوصا. ثالثا: التربية والتعليم: المعارف العراقية
اشتهر المعلمون المسيحيون بقوة معارفهم وثقل أدائهم ومصداقية زمنهم وعشقهم لمهنتهم.. ولقد تربّت أجيال عراقية كاملة على أيدي مربين ومعلمين ومربيات ومعلمات مسيحيين ومسيحيات.. عدوا مركز ثقل واضح في أجهزة التربية والتعليم في العراق أو عندما كانت تسمّى بـ ' المعارف العراقية '.. ولا يمكن أن نسجل في هذا المقال أسماء كل كوادر التعليم من أولئك المسيحيين الذين انخرطوا في المدارس العراقية على امتداد سبعين سنة وبرزت على أيديهم أجيال من المبدعين والعراقيين الأكفاء اللامعين.. اذكر من بين مئات المعلمين أستاذنا في الفيزياء - طيب الذكر - رمو فتوحي الذي علمنا الفيزياء وغرس فينا حب العلم وكان واحدا من ابرز رجالات التعليم في العراق على أيام كلية بغداد الثانوية. ولا يسعني المجال أن اذكر هنا مئات الأسماء من رجالات المعارف العراقيين الذين تكونت الأجيال الجديدة على أيديهم، وقد اتصفوا بالحزم والتربية العالية. ولم أزل اذكر الدور الذي اضطلعت به رياض الأطفال المسيحية في بعض المدن العراقية تلك التي كانت الراهبات العراقيات يشرفن عليها، ومنها روضة أم المعونة بمنطقة الدواسة الشهيرة في الموصل التي قضيت سنتين فيها 1955-1957 من طفولتي ولم انس النظام التربوي الرائع الذي كان فيها والدوام الطويل وتعليم اللغات والموسيقى وأدب المعاملات واحترام القيم الاجتماعية.
رابعا: الأكاديميون والعلماء المتخصصون
لمع عدد كبير من المسيحيين العراقيين في تخصصات مهمة سواء داخل العراق أم في الخارج، وليست لدي إحصائية كاملة بأسمائهم ولكن تشكل أعدادهم ثقلا واضحا في أرجاء العالم وفي تخصصات وحقول متعددة لا تعد ولا تحصى وقد حصل العديد منهم على جوائز دولية بحكم ما قدموه من إبداعات ونتاجات.. ولعل من أكثر المسيحيين العراقيين استقرارا في الغرب منذ أكثر من خمسين سنة هم المختصون والعلماء.. ولا يمكنني أيضا من ذكر أسمائهم جميعا، ولكن لا يمكننا نسيان العلامة متي عقراوي والمؤرخ مجيد خدوري والمؤرخة البرتين جويده والدكتور منير بني والدكتور ريمون شكوري والأستاذ فؤاد سفر والبروفيسور وديع جويده والدكتورة البرتين حبوش والدكتور يوسف قصير والسيدة نهاد اللوس – خياط والدكتور افرام يوسف والدكتور فاروق رسام والدكتور غازي رحو والدكتور أمير حراق والدكتور وليد خدوري والدكتور بهنام أبو الصوف والدكتور يوئيل عزيز والدكتور دوني جورج والدكتور زهير يعقوب والدكتور عصام جبرائيل والدكتورة فريال جبوري غزول والأستاذ حنا رزوقي.. وغيرهم من الزملاء الذين أتمنى عليهم أن يعذروني إن لم اذكر أسماءهم كلهم... الخ
خامسا: الأطباء والجراحون والصيادلة
اشتهر العراق بأطبائه وجراحيه وصيادلته الذين تنوعت تخصصاتهم وطارت شهرتهم، وان المسيحيين والأرمن منهم كثر ويعتمد عليهم كثيرا.. ومن المعروف أن يذكر خدمات أولئك الرجال وتلكن النسوة وقد كانت خدمات رائعة لا يمكن أن ينساها العراقيون ومن أشهر الأسماء الدكاترة والصيادلة: حنا خياط واستراجيان وجميل دلالي وعبد الكريم قليان ومارسيل بيو وروفائيل تبوني ومتي فرنكول وغانم عقراوي وعبد الله سرسم ويوسف سرسم وناجي سرسم وحنا جاقمجيان وفائز تبوني وجميل جمعه ومنير رسام والبير رسام وسيرانوش الريحاني (وهي قريبة جدا من الفنان المصري الشهير نجيب الريحاني الذي كان يعتز بأصله المسيحي الموصلي) وجلبرت توما وهاله سرسم وكليمانتين ثابت وفكتور شماس وموريس رمو وزكر عبد النور ووليد غزاله وشوقي غزالة والاخوين جبرائيل وأديب كلو وغيرهم كثير. وهنا لا يمكنني نسيان ما قدمه المسيحيون من خدمات طبية وخصوصا في تأسيس المستوصفات والمراكز الصحية منذ قرنين على أيدي الآباء الدومنيكان.. كما ولا يمكن تجاهل دور مستشفى الراهبات بمنطقة الكرادة في بغداد وتميزها في القرن العشرين على غيرها من المستشفيات.
سادسا: المحامون والكتاب
برز من بين المسيحيين العراقيين رجال قانون أذكياء وأدباء مبدعين وكان اغلبهم من امهر المثقفين المشهورين وقد قدموا خدماتهم الثقافية في الحياة العراقية أبان القرن العشرين، إذ لا يمكن للعراقيين أن ينسوا أسماء مثل: روفائيل بابو اسحق ويعقوب سركيس وعبد المسيح وزير وأنيس سهلا وفيليب متي وبشير فرنسيس وميخائيل يعقوب وعبد الله فائق المحامي ومتي بيثون وجرجيس سرسم وجرجيس فتح الله (المشهور بترجماته وكتاباته) وعبد الجليل برتو و أوانيس اسطيفان ونوري روفائيل ونوئيل رسام ويوسف مسكوني ومتي فرنكول وسركيس عواد وكوركيس عواد وميخائيل عواد وادمون صبري ويوسف عبد المسيح ثروت وجميل توما وبهنام فضيل عفاص وسهيل قاشا وجانيت حبيب توما وجورج عيسى محفوظ وبهنام حبابه واسحق ساكو وعبد الأحد جرجي والدكتور يوسف حبي والسيدة أميرة بيت شموئيل وماجد عزيزة وغيرهم..
سابعا: الإعلاميون والفنانون والشعراء
ومن المع الوجوه العراقية المسيحية لا يمكن أن تنسى ادوار وإبداعات كتاب القصص والمسرحيات الأول ى من الأدباء: حنا حبش وهرمز نورسو ونعوم فتح الله سحار وحنا رسام ويوسف هرمز ويوسف حناني اسحق وجوري عيسى قلاب وفؤاد بطي ويوسف متي ويوسف مكمل وغيرهم.. وهناك الموسيقار جميل بشير وأخوه منير بشير ووالدهما وهناك الفنان حنا بطرس وأيضا المحامي ناظم بطرس (المذيع الأول في العهد الملكي) والفنانات: سلطانه يوسف وزكية جورج وعفيفة اسكندر وسيتا هاكوبيان وبياتريس اوهانسيان والموسيقار آرام ارميناك بابوخيان والموسيقار فريد الله ويردي والمذيعة كلاديس يوسف والمذيعة شميم رسام والمخرج عوني كرومي والمخرج عمانوئيل رسام والشاعر جان دمو والشاعر سركون بولص والشاعرة دنيا ميخائيل والممثلة آزاودهي صموئيل والفنان المصور أرشاك (في بغداد) والفنان المصور كوفاديس (في الموصل) وغيرهم من الذين قدموا للعراق وللعراقيين خدمات لا تنسى في القرن العشرين، ولقد هاجر قسم كبير من الإعلاميين والفنانين والأدباء المسيحيين العراقيين إلى خارج البلاد في أوقات مختلفة..
ثامنا: اللاعبون الرياضيون
ولابد أن نذكر مواقف وادوار نخبة من اللاعبين والمدربين الرياضيين العراقيين المشهورين، أمثال: ناصر جكو وعمو بابا ويورا ايشيا وأكرم عمانوئيل وعمو يوسف وشدراك يوسف وكوركيس إسماعيل وغيرهم.
استنتاجات تاريخية: الدروس من اجل مستقبل زاهر
يتوضح لنا جليا بأن للمسيحيين العراقيين شأو بليغ في بناء العراق على امتداد القرن العشرين، كما أن لبعض رجالاتهم وعلمائهم ورحالهم ولغوييهم فضل بارز على النهضة العربية الحديثة في القرن التاسع عشر.. ومن الأهمية بمكان إدراك ذلك من اجل إتاحة فرص تاريخية جديدة ليس للتعايش الاجتماعي والشراكة السياسية في العراق حسب، بل من اجل أن يرفد الجيل الجديد منهم حياة العراق في المستقبل.. وان تتهيأ الفرص في المستقبل كي تعود جاليات عراقية كبرى من المهجر بكل خبراتها وكفاءاتها إلى ارض الوطن بعد أن هجرتها.. وان تزول أسباب حرمان كل عراقي من ترابه وأرضه ووطنه.. إن الدرس الذي يمنحنا إياه مثل هذا البحث عن المسيحيين العراقيين وأدوارهم النهضوية والوطنية له أهميته البالغة إذ انه سيغدو مستودعا للتفكير في شأن هذه التي يسمونها ' أقلية ' وما قدمته من خدمات وإبداعات ومشاركات للعراق اجمع.. كما أن هذا ' الدرس ' سيمنح هذه التي يسمونها ' أقلية ' من أن تجد من يقف مع الأمانة والموضوعية ليقول كلمة سواء بحقها.. ولابد لي من القول بأن تدرك تلك التي يسمونها بـ ' الأكثرية ' بأن للمسيحيين العراقيين بكل مللهم ونحلهم تاريخ حافل من التقاليد والمنتجات والخدمات في العراق المعاصر وأنهم أبناء حقيقيون للعراق إذ يعتبرون من أقدم سكانه مذ كانوا جرامقة وسريان وكلدان آراميين وآشوريين ويعاقبه وأرمن، وسواء كانوا اليوم أرثوذكس أم كاثوليك أم غير ذلك.. فان تلك التقسيمات من شأنهم هم وحدهم إنني اطمح إلى أن أرى كل العراقيين سواء كانوا من المسلمين أم المسيحيين يحترمون بعضهم بعضا ومتضامنين بوحدتهم الحضارية ومتعايشين على الخير والتعاون والصلاح وان يكونوا فوق كل الجراحات فقد كانوا وسيبقون أبناء وادي الرافدين حتى ابد الآبدين.. وان يطووا صفحة الانشقاقات والانشطار وإثارة النعرات وان يقفوا بوجه كل الأحقاد والضغائن والكراهية وان تكون المواطنة والمحبة والحريات (بأن لكم دينكم ولي دين) سلاحا عراقيا قويا فوق التفرقة بين أغلبية وأقلية أو بين طوائف وشيع أو بين أديان وعقائد أو بين أقوام وعناصر.. إن المسيحيين العراقيين لابد أن يدركوا بأن لهم تاريخا رائعا من التعايش مع كل العراقيين بمختلف أديانهم وأطيافهم وألوانهم وعروقهم.. وعلى المسلمين في العراق أن يعتزوا بكل المسيحيين في كل شبر من ارض العراق، إن المطرانيات والكنائس والبيع والأديرة والصوامع المسيحية العراقية تعد من ثروات البلاد القديمة التي لابد من الحفاظ عليها، ولابد من اعتبارها دور عبادة في كل مكان. إنني إذ اختتم هذا ' الموضوع ' الذي يثير جملة من التساؤلات وخصوصا وان يضم معلومات ربما تكون جديدة، أدعو مخلصا غيري من الإخوة العلماء والباحثين أن يقفوا وقفات مطولة عند كل جزئية منه ليشبعوها درسا وتنقيبا كي يعيدوا الاعتبار إلى نسوة ورجال نذروا أنفسهم من اجل العراقيين على امتداد السنين...ا
المسيحيون العراقيون : وقفة تاريخية عند أدوارهم الوطنية والحضارية