جوع وعطش ورعب على طريق الناجين من الموصل ! الأثنين 15 ـ 05 ـ 2017 آلاف الفارين من جحيم الجهاديين إلى مخيم حمام العليل يروون تجاربهم القاسية حيث استعمل التنظيم المتشدد كل وسيلة ترهيب لمنعهم من الخروج . معاناة في كل مكان ! يصل اللاجئون الفارون من الخوف والجوع بالآلاف كل يوم الى مخيم حمام العليل يلاحقهم هاجس جحيم الموصل حيث تحتدم المعارك ويسود الرعب الذي يزرعه تنظيم الدولة الاسلامية . بعضهم يصل سيرا إلى المخيم الذي يعد الاكبر لنازحي الموصل ، فيما يتوافد آخرون على متن شاحنات وباصات مكتظة . نزح حوالي نصف مليون شخص منذ بداية الهجوم الواسع الذي انطلق منذ نحو سبعة اشهر
لاستعادة الموصل ثاني مدن وآخر أكبر معاقل الجهاديين في العراق . وقال المجلس النروجي للاجئين ان " التقدم الأخير لقوات الأمن العراقية داخل الموصل تسبب على الأرجح بأكبر موجة نزوح منذ مطلع السنة " . وأضافت المنظمة ان " أكثر من 20 الف شخص وصلوا الى مخيم حمام العليل " فارين من غربي الموصل ، وقالت شمس حسن وهي في الاربعينيات وصلت برفقة 16 فردا
من عائلتها الجمعة الى المخيم : " أشعر هنا بالامان، لم اتوقع ان أخرج على قيد الحياة من هناك " . واشارت شمس التي تسكن حي الفاروق في مدينة الموصل القديمة ، الى انها لا تتذكر عدد المنازل والاحياء التي انتقلت اليها خلال الاشهر الاخيرة ، واضافت : " كانوا يريدون ان نكون دائما أمامهم لاستخدامنا كدروع بشرية ، ويأتون دائما لاخبارنا بان نغير منزلنا". وتابعت "نجد أنفسنا وسط القصف والسيارات المفخخة أحد المنازل الذي عشنا فيه استهدفته قذيفة هاون وانهار علينا واصبتُ بشظية ، كان علي ان اتحمل " كل ذلك . ومازال عدد كبير من السكان في المدينة القديمة حيث لدى الجهاديين الكثير من الموارد وتشير بعض التقديرات الى ما لا يقل عن 250 الف مدني في الجانب الغربي من الموصل . جثث على الاعمدة ! أصبح استخدام المدنيين دروعا بشرية سمة اساسية في دفاعات الجهاديين ،
ولم يترك التنظيم وسيلة الا واستخدمها لمنع الناس من الفرار من المدينة . وقالت شمس حسن : ان بعض " من حاولوا الفرار أعدموا في الشوارع وعلقت جثثهم على الأعمدة " ، وقالت والدة شمس التي وصلت الى حمام العليل قبل عدة اسابيع ، وهي تجلس قرب ابنتها :
ان " داعش اخذ طعامنا ، جاؤوا مسلحين واستولوا حتى على ملابسنا " . وحذر السكان من ان الجوع بدأ يقتل اعدادا من الناس في المناطق التي لا تزال يسيطر
عليها تنظيم الدولة الاسلامية ، ومن أنه أصبح أكثر خطورة من المعارك . ولم تبق مياه نظيفة للشرب ، وحتى المياه غير النظيفة من الصعب ان تصل الى السكان ،
وبدأ بعض الناس يغلون الورق والورق المقوى ( الكارتون ) لملء بطونهم ومقاومة الجوع . وذكرت شمس بان " سعر قنينة الزيت للطبخ خمسون الف دينار، حوالي 40 دولارا
وعلبة معجون الطماطم خمسون الف دينار كذلك ، ووصل سعر كيلوغرام الطحين الى خمسة الاف دينار،
لكن لونه يميل إلى الأزرق رغم ذلك أكلنا بعضه وأصبنا بالمرض " . أكل العشب : وقالت شمس : ان " اطفالنا لم يستحموا خلال الشهرين الماضيين ، غزا رؤوسهم القمل " . وروت شمس أنها وعائلتها تنقلوا عددا لا يحصى من المرات ، ليتمكنوا في نهاية المطاف من الهروب عندما وصلت القوات العراقية الى الحي الذين كانوا يقطنون فيه ،
وأمنت لهم حماية واخرجتهم عبر ثغرات الجدران التي حفرت بين المنازل . وقالت : " مشينا على الزجاج المهشم وعبرنا بين الانقاض. اضطر ابني لأن يحملني " . وجازف أحمد يونس داود البالغ من العمر 72 عاما ، بحياته عدة مرات من أجل مغادرة الجانب الغربي لمدينة الموصل ، حتى تمكن من العثور على وسيلة تمثلت بالتسلل عبر انابيب المياه تحت الارض . واستذكر داود قائلا : " لمدة خمسة ايام ، كنت أخرج في الليل لمراقبة الشوارع " . وصل داود إلى المخيم في حمام العليل فجر الاحد ، ووجد الامان ، لكنه اشتكى قلة الخدمات . واوضح داود ان " الناس الذي يصلون الى هنا ، لا يجدون خياما ، ولا فراشا للنوم ولا غذاء ولا ماء " . وتقدم منظمات الاغاثة المساعدات الى الاف المدنيين داخل المخيمات يوميا ، لكن نقص التمويل
خلال فترة ذروة النزوح وارتفاع درجات الحرارة جعل الكثير منهم خارج شبكة الاغاثة . وجلس رجل يبكي بيأس شديد عند بوابة المخيم التي يجتاحها الغبار حيث وصل عدد جديد من النازحين وخضعوا الى اجراءات الفحص الامني ويرجح ارسالهم الى مواقع اخرى . وقال هذا الرجل بحسرة : " هربنا من الموت حتى نواجه الموت هنا أعيدونا الى منازلنا ، هناك أفضل ستأتينا ضربة جوية وسنموت معا ، كنا نأكل الاعشاب مثل الابقار ، لكن على الاقل كنا في بيتنا " .