قرأت مقالة للأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف أستاذ التاريخ الحديث في جامعة الموصل وعنوانه (الشيخ بشير الصقـَّال 1907 – 1986 من رموز الموصل في الإصلاح) وأفاض في فضائل هذا العلامة الجليل وما قدمه من علمه لبلده ودينه الحنيف ومدينته العظيمة ، والعالم المؤمن الشيخ الصقـَّال كان علامة من علامات الموصل هذه المدينة التي أنجبت العلماء والأدباء وأعطت للعراق رموزا ما زال التاريخ يذكرها بفخر...اتوقفت طويلا عند مقال الأستاذ العلاف، وعادت بي الذاكرة إلى طفولتي،وأود هنا (وليسمح لي الفاضل الدكتور العلاف) أن أضيف فضيلة أخرى لفضائل هذا الشيخ العلامة، ففي بداية الستينات من القرن الماضي... تعرض عمي الأب (القس) ميخائيل عزيزة وهو يهم بالدخول إلى المحلة التي كنا نسكنها (محلة الساعة) في الموصل، تعرض لاعتداء من احد المغرضين، حيث رمى عليه قشر رقي (شمزي) فأصابته في كتفه، لكنه لم يحرك ساكنا، ولم ينبس ببنت شفه.. وسارع للدخول إلى بيتنا دون أن يتكلم بشيء. وصعد إلى غرفته وركع يصلي لله القادر على كل شيء...اويبدو أن احد أبناء المحلة شاهد العملية من شباك بيته فأوصلها إلى الشيخ بشير الصقـَّال.. وفي خطبةالجمعة ومن على المنبر وصوت الميكروفون يصل إلى جميع أنحاء الموصل صاح الشيخ الصقـَّال رحمه الله : بالأمس قام احد الذين لا يمتون للإسلام بصلة بفعلة شنيعة آلمتنا جميعا نحن أهل الموصل ، حيث فعل كذا وكذا بالأب الفاضل والكاهن الوقور القس ميخائيل عزيزة ، ونحن هنا ومن هذا المنبر نعتذر لأخينا وأبينا العالم الكبير ، ونقول للفاعل : انك قد رميتنا شخصيا بما رميت به الأب عزيزة .. وعليك أينما كنت الآن أن تأتي معنا لزيارة بيت الأب ميخائيل عزيزة للاعتذار منه . وبعد ساعة كان الشيخ الصقـَّال ومجموعة من المصلين يقفون في باب بيتنا الذي يسكنه معنا عمي الأبميخائيل ويعتذرون منه جميعا .. وعلى عادته (رحمه الله) اعتذر هو من الشيخ الصقـَّال على ما حصل وأزعجه ، ودخلوا بيتنا وجلسوا في غرفة (الخطـَّار) ودارت استكانات الشاي وصحون (الكليجة) وكان الشيخ الصقـَّال يجلس مع عمي القس ميخائيل في صدر الغرفة يتحادثان كإخوة وأهل...اوفي يوم الأحد الذي تلا الحادثة والزيارة كان القس ميخائيل عزيزة يقف على منبر الوعظ في كنيسة مار كوركيس الكلدانية في شارع نينوى مقابل محلة الخزرج وهو يقول : صلوا معي أيها المؤمنون ليعطي الله القدير الصحة والقوة لأخينا الشيخ بشير الصقـَّال لأنه منارة من منارات الموصل...ايا رب اعـد تلكالأيام السمحة والأخوية إلى ربوع عراقنا العـزيز وموصِلنا الغالية