“ الجامع الكبير ” في الموصل .. نجم “ الدولة الاسلامية ” يأفل من حيث سطع !
الجمعة 30 ـ 06 ـ 2017
رأي اليوم :
قبل 3 سنوات توجهت أنظار العالم نحو مسجد كبير في مدينة الموصل شمالي العراق ،
بداخله منبر يعتليه رجل ذو لحية ، مرتديًا لباسًا أسودًا ، وملقيًا خطبة الجمعة في المصلين ،
ليعلن فيها أنه “ أبو بكر البغدادي ” ، زعيم تنظيم “ الدولة الاسلامية ” ،
ومدعيًا أنه “ خليفة المسلمين ” ، من هنا أضحى لمسجد جامع النوري أو الجامع الكبير وسط الموصل ، مركز محافظة نينوى ،
شهرة فاقت ما كان عليه سابقَا ، وأصبح ذو دلالة كبيرة على استعادة المدينة من التنظيم ،
بمجرد تمكن القوات العراقية من تحريره من قبضة التنظيم الإرهابي .
ويقع الجامع في منطقة “ الموصل القديمة ” بالجانب الأيمن من الموصل ، حيث الضفة الغربية لنهر دجلة ،
الذي يقسم المدينة إلى قسمين ، وتسمى المنطقة المحيطة به “ محلة الجامع الكبير” .
** قبل 9 قرون هذا الجامع بُني بأمر من السلطان نور الدين زنكي ، في القرن السادس الهجري ( 1172 م) ،
أي قبل حوالي 9 قرون ، ويُعتبر ثاني مسجد يتم بناؤه في الموصل ، بعد الجامع الأموي ،
وأعيد إعماره مرات ، كانت آخرها عام 1363هـ ( 1944م ) ، ولم يبق من البناء الأصلي لهذا المعلم
سوى مئذنته ، المعروفة باسم “ منارة الحدباء ” ، والتي اتخذت منها الموصل صفة لها ،
فأصبحت تُعرف بـ ” الموصل الحدباء ” ، إلى جانب المحراب المحفوظ في متحفالقصر
العباسي بالعاصمة بغداد ، فضلًا عن بعض الزخارف الجبسية ، وتعتبر المنارة المائلة إلى الشرق
من المآذن المميزة بأساليب فنية غنية بالزخارف المختلفة ، وهي أعلى منارة في العراق ،
إذ يبلغ ارتفاعها نحو 50 مترًا ، وتلفها الزخارف من كل جانب ،
وقد طُبعت على الدينار العراقي
من فئة 10 آلاف .
** المنارة المائلة ويشبه الإنحناء في منارة الجامع ، المبنية على قاعدة مكعبة مزينة
بالزخارف ، برج “ بيزا ” المائل الشهير في إيطاليا ، وقد تم بناؤهما في أوقات متقاربة ،
حيث بدأ بناء البرج الإيطالي عام 1173م ، والراجح أن انحناء المنارة كان بفعل
الرياح الغربية السادئة في الموصل ، وتأثيرها على الآجر والجص ( مواد تستخدم في البناء ) ، بينما يذهب تفسير آخر إلى
أن القائمين على بناء هذا المعلم تعمدوا هذا الشكل للمنارة ، للحيلولة دون سقوط خسائر في حال سقطت ،
لاسيما مع وجود منازل في الجهة الغربية ، لأنه إذا سقطت نحو الشرق ، حيث تميل ،
فستقع على صحن الجامع ، وتقلل الخسائر، ورغم هذا الانحناء في “ الحدباء ” ، إلا أنها ظلت متماسكة
رغم شيخوختها في المدينة الموصل العتيقة .
** استعادة الجامع لكن للمرة الأولى منذ قرون ، استيقظ سكان الموصل ، يوم 21 يونو / حزيران الجاري ،
على مدينة بلا منارة تعلوها ، حيث أصبحت المنارة أحدث ضحايا التنظيم من الموروث التاريخي
في بلاد ما بين النهرين ، ولم تبق من المنارة سوى قاعدتها ، بينهما تهاوت معظم أجزاء
الجامع بعد أن دمرها مسلحو التنظيم الإرهابي بمتفجرات ، وهو ما أثار تنديدًا واسعًا
في أنحاء العالم ، ويحمل جامع النوري ، أو الجامع الكبير ، رمزية كبيرة لـ ” الدولة الاسلامية ” ،
فمن على منبره أعلن زعيم التنظيم ، أبو بكر البغدادي ، في صيف 2014 ، قيام ما أسماها
“ دولة الخلافة ” على أراض في العراق وسوريا ، وبعد قتال شرس في الموصل ، بدأ قبل
نحو 8 أشهر ، تمكنت القوات العراقية المدعومة من التحالف الدولي لمحاربة التنظيم ،
من انتزاع موقع جامع النوري ، اليوم الخميس ، لتوشك على استعادة كامل المدينة ،
التي كانت المعقل الرئيسي للتنظيم في العراق ،
وليسدل الستار عن الشطر الشرقي لما تسمى بدولة الخلافة .