السورايى /السريان بين جنون جورج بوش و أطماع الصليبيين
كاتب الموضوع
رسالة
henri bedros kifa عضو جديد
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 5تاريخ التسجيل : 31/08/2010الابراج :
موضوع: السورايى /السريان بين جنون جورج بوش و أطماع الصليبيين الجمعة 10 سبتمبر 2010 - 10:54
السورايى /السريان بين جنون جورج بوش و أطماع الصليبيين
ينتابنا اليوم شعور بالحزن و الكآبة لإستشهاد أحد الكهنة الكلدان مع ثلاث من الإخوة الشمامسة الكلدان . الأمر بحد ذاته ليس بغريب لأن كنيسة المشرق قد قدمت المئات من الشهداء في تاريخها القديم خاصة القرن الرابع الميلادي . و كان أجدادنا المؤمنون يفضلون الشهادة رافضين الديانة الوثنية التي كان يؤمن بها الفرس في ذلك الوقت . المزعج في إستشهاد إخوتنا اليوم هو أنهم يقتلون غدرا على أيدي مجرمين سفاحين ليس لهم علاقة بالمسلمين في العراق . لقد عاش المسلمون و المسيحيون الشرقيون مئات السنين على وفاق خاصة مع أخوتنا المسلمين العرب ، و من يدقق في تواريخنا سيلاحظ أن أكثر الإجحاف و الظلم بحقوق المسيحيين كانت من المسلمين غير العرب !
ما هي علاقة جورج بوش و الصليبيين؟ إنني لا أريد أن يربط القارئ بين ما ذكره جورج بوش بعد 11 أيلول أي القيام بحملة صليبية ضد المسلمين الضالعين بعملية 11 أيلول و لكن أريد من القارئ أن يقارن بين أوضاع السورايى بعد الحملات الصليبية أي في القرون 12 و 13 و 14 عشر ميلادي و بين أوضاع السورايى و الأرمن في 19 و 20 و 21 ميلادي .
أولا - السورايى ضحايا الحملات الصليبية أ - السورايى أبناء الشرق من المؤسف أن الكثيرين يتجاهلون تاريخ و جغرافية السريان في الشرق . بعض العروبيين يرددون أن العرب المسلمين قد حرروا الشرق من الحكم البيزنطي . لا شك هنالك وجود لقبائل عربية متنقلة بين الجزيرة العربية و الشرق كذلك وجود الغساسنة كحكام من قبل البيزنطيين و المناذرة من قبل الفرس و لكن تلك القبائل العربية لم تشكل أكثرية بين سكان الشرق . للأسف الشديد أن برامج تعليم التاريخ في الشرق تهمل دور السريان الحضاري الذين نقلوا العلوم و الفلسفة من اللغات اليونانية و الفارسية و السريانية الى اللغة العربية . سوف أقدم مثالا واحدا و هو أن الأطباء السريان كانوا يطببون الخلفاء الأمويين وخاصة العباسيين في طيلة عهدهم أي تصوروا أن أطباء إيرلنديين قد طببوا روؤساء الولايات المتحدة منذ 220 سنة بدون إنقطاع !
ب - أثارات الحملات الصليبية على السورايى . لا يوجد أي شك أن السريان ظلوا يشكلون أكثرية حتى بعد دخول العرب الى سوريا و بيت أراماي ، فأطلق العرب تسمية بلاد الشام على سوريا و العراق على بلاد الأراميين . لا شك أن بعض الخلفاء كان قاسيا في معاملة المسيحيين ( الشروط العمرية ) و لا شك أن ضريبة الخراج على الفلاحين المزارعين ( و هم أكثرية السكان ) قد دفعت بأعداد كبيرة على دخول الإسلام . الحروب الصليبية أو بالأحرى أطماع الفرنج في خيرات الشرق سوف تكون من أهم العوامل التي ستحول السورايى الى أقلية ضعيفة في الشرق . لقد إستولى الفرنج على المناطق الساحلية في الشرق بينما صمد ت المناطق الداخلية من دمشق و حلب و الموصل . المؤرخ ميخائيل السرياني يخبرنا عن المضايقات التي عانى منها السريان على أيدي هؤلاء الفرنج من إحتلال بعض الأديرة السريانية و سرقة الأواني الذهبية من الكنائس و غيرها . من المؤسف أن بعض السريان - ربما لعدم إزعاج الغرب الذي فقد معاني المسيحية و تعلق بمصالحه الأنية - لا يريدون تسليط الأضواء على وجود الفرنج في الشرق و أثاراته السلبية على السريان في الشرق . إن الحروب العديدة بين السلاجقة و الفرنج ثم الزنكي و صلاح الدين الأيوبي سوف تدمر الكثير من المدن و القرى في الشرق . لم يكن الفرنج رحومين مع المسيحيين المشارقة لأنهم بأكثريتهم الساحقة ليسوا من المذهب الكاثوليكي . أخيرا قام المماليك في مصر ( و هم بأغلبيتهم من عنصر السلاف الأوربيين ) بطرد الفرنج من الشرق و مهاجمة المسيحيين المشارقة . الأغلبية الساحقة من السورايى لم " تتعامل " مع الفرنج ربما لأن الفرنج كانوا يعتبرونهم من الهراطقة . إن أطماع الفرنج قد أضرت السريان مباشرة و لكنها أضرت بهم بطريقة غير مباشرة أيضا لأن الظلم الذي عانى منه المسلمون ( خاصة المذبحة التي تعرض لها سكان القدس بعد سقوطها بأيدي الفرنج ) سوف يخلق عند المسلمين الحذر من كل مسيحي . و للأسف الشديد ، لا يزال بعض المسلمين لا يميزون بين مسيحي شرقي و مسيحي غربي و أغلب الأحيان المسيحي الشرقي " يدفع ثمن أخطاء المسيحي الغربي " !
ثانيا - سياسة أوروبا الإستعمارية و أثرها على السورايى.
أ - بعد معركة مرج دابق سنة 1516 م دخلت جيوش العثمانيين الى الشرق و أدخلوا الشرق بأكمله في ما عرف بعصور الإنحطاط بينما كانت أوروبا في عصر النهضة و سرعان ما تحولت بعض الدول الأوربية الى دول تتنافس فيما بينها على إستعمار الدول الضعيفة . قامت فرنسا بمساعدة بعض السريان على الإنفصال عن الكنيسة الأوردوكسية و تفرض نفسها كحامية لهم . لقد إستولت الدول الأوروبية على مناطق عديدة للسلطنة العثمانية : مصر ثم الجزائر و عدن و الكويت و تونس و جزيرة قبرص و المغرب ... و كان العثمانيون ينتقمون من المسيحيين التابعين للسلطنة . لقد فتك العثمانيون بالشعب الأرمني و السرياني سنة 1897 م و كان رد رئيس وزراء إنكلترا دزرائيلي " إن السفن الحربية الإنكليزية لا تستطيع الوصول الى جبال أرارات " . بعبارة ثانية أن سياسة أوروبا الإستعمارية لا تكترث بردود الفعل التي كانت غالبا مذابح منظمة ضد السورايى و الأرمن و اليونانيين . بعض هذه المذابح سوف تبقى وصمة عار على مرتكبيها العثمانيين و مسببيها أطماع بعض الدول في المشرق.
لقد دخلت تركيا الحرب الكونية كي تصفي الشعب الأرمني و تتخلص من أطماع الدول الأوروبية و هي تعتقد أنها إذا تخلصت من الشعب الأرمني سوف تتخلص من تدخلات الدول الأوروبية .
ب - الإستعمار المبطن بعد الحرب الكونية الأولى لقد ناضل العرب مع الشريف حسين ضد الأتراك على أمل إنشاء دولة عربية كبيرة ، و إذا بوعود الإنكليز و الفرنسيين تتحول الى أكاذيب و سياسة غادرة هدفها إستعمار الشرق تحت غطاء الإنتداب . لا شك لقد عانى السورايى من سياسة هؤلاء الغادرة، إذ أن الفرنسيين إستغلوا النازحين السريان و أدخلوهم في جيش الشرق كما فعل الإنكليز مع السريان النساطرة .
الحرب العالمية الثانية سوف تعجل في جلاء تلك الجيوش الأجنبية المستعمرة و لكن وجود دولة إسرائيل و أطماع الدول الكبرى بالنفط سوف تدفع المسلم العربي بالإبتعاد عن الحضارة الأوروبية معتبرا أنها حضارة مسيحية بينما هي في الواقع حضارة مادية بعيدة عن المفاهيم المسيحية .
ج - جورج بوش : إستعمار إقتصادي؟ لا أعرف إذا كان أحد يعرف ما هي الأسباب التي دفعت جورج بوش بمهاجمة و تدمير العراق بهذا الشكل . لقد إدعى جورج بوش بوجود أسلحة ذرية و كيماوية ، أثبت الخبراء عدم وجودها . ادعى جورج بوش أيضا أنه يريد نشر النظام الديموقرطي في العراق فرد عليه الرئيس السابق جاك شيراك " لا أحد يستطيع فرض الديموقراطية بواسطة القوة العسكرية " .
أخيرا هل سياسة / جنون جورج بوش تطمح على السيطرة على النفط في الشرق؟ قد تكون الأسباب الحقيقية غير معرفة ، و لكن نتائجها ظاهرة و واضحة للجميع العراق يتدمر من الداخل و أصبح ساحة واسعة للعراك و القتال . يدفع الشعب العراقي الثمن باهظا و للأسف الشديد بعض المجرمين يتهجمون على المسيحيين الأبرياء ، لا شك أن هؤلاء المجرمين لا يمثلون الشعب العراقي الذي ندد بمرتكبي الجريمة .
بعض الأسئلة التي تطرح نفسها:
الى متى يبقى المسيحيون في الشرق ضحايا سياسة الغرب الطامعة و المدفوعة من أجل مصلحتها الخاصة؟ هل سياسة جورج بوش المجنونة و المدمرة للعراق تقدم سببا مقنعا لهؤلاء المجرمين لقتل كاهن و شمامسة أبرياء؟ هل إستشهاد إخوتنا الأبرار سيدفع بممثلي السورايى للعمل من أجل كل السورايى أم يدافعون عن مصالحهم السياسية الخاصة؟ أخيرا كيف يستطيع المسلمون العراقيون أن يوقفوا عمليات الإجرام ضد إخوتهم المسيحيين و هم بأنفسهم يتعرضون الى نفس الأخطار؟
هنري بدروس كيفا
السورايى /السريان بين جنون جورج بوش و أطماع الصليبيين