ماهو مصير المقاتلات الأجنبيات بعد تحرير الموصل ؟
الأثنين 3 ـ 07 ـ 2017
بغداد/ سكاي پرس :
نشر كل من وكالة اسوشيتد برس وموقع جست سيكيورتي،
تقريرا يسلط الضوء على قضية
اثارت اهتمام الاوساط الصحفية والسياسية على نحو واسع، وهي قضية مقاتلات
داعش "الأجنبيات" والتي القت القوات العراقية القبض عليهن اثناء معركة استعادة الموصل
التي انتهت بسقوط مركز "دولة الخلافة".
ويستعرض التقرير نقاشا لطالما تمتع بأهمية قصوى، لكن ومع "سقوط" الموصل حضر
هذا النقاش على المحك بشكل أكثر حدة من ذي قبل حول السؤال الكبير "كيف يجب التعامل
مع المقاتلات الأجنبيات في صفوف داعش؟"، ما هي سيناريوهات المستقبل أمام نساء داعش؟
وهل يستطيع القضاء العراقي التعامل مع تلك الملفات بالطرق التي تتماشى مع الاسس القانونية
لمباديء حقوق الانسان العالمية؟
وجاء في التقرير أنه "في أعقاب الاعتداء الذي تم على مدينة الموصل، ظهر حجم ومضمون الوحشية
التي تعرض لها المدنيون خلال احتلال داعش وآثار الحصار المستمر والهجوم العسكري على سكان المدينة،
فقد لفَت عدد من التقارير الانتباه إلى معاملة مقاتلي داعش للمحتجزين ومصيرهم،
في حين أن الجيش العراقي وحلفاءه أمنوا المدينة وحاصروها، وظهرت صور النساء والأطفال الخارجين
من المدينة نموذجا للهاربين من اللاجئين والأسر المهجرة والأطفال المفقودين والنساء
ممن تعرضوا لمجموعة من الانتهاكات الوحشية لحقوق الإنسان".
وأضاف التقرير أن سيدات من الشيشان وروسيا وإيران وسوريا وفرنسا وبلجيكا وألمانيا
قد اعتقلن بالفعل، ويجلب وضعهن ومعاملتهن اهتماما جديدا بأدوار المرأة
في صورة المقاتلات والممكنات للصراعات العنيفة والتطرف، وتشكل النساءُ الغربيات
اللواتي انضممن إلى تنظيم داعش، ويجري الآن تحديدهن من بين صفوف المحتجزين،
تحدياتٍ قانونية خاصة لكل من البلد المضيف وبلدانهن الأصلية.
وهناك قصة أخرى لوكالة أنباء "أسوشيتد برس"، ظهرت الأسبوع الماضي، القت الضوء
على بعض هذه التعقيدات، ووفقا لما ورد في تلك القصة، أفادت التقارير
بأن امرأة فرنسية وأطفالها الأربعة قد أسروا، وأن الأم تواجه الآن محاكمات محتملة
في العراق للتعاون مع تنظيم داعش. أما موقع والد هؤلاء الأطفال، فلم يحدد بعد.
وتوضح قصة أسوشيتد برس ما يلي:
قال مسؤولان بالمخابرات العراقية يوم الأربعاء، إن المرأة تواجه تحقيقًا فى بغداد،
وقد تُوَجه لها اتهاماتٌ بالإرهاب لدخول العراق بصورة غير القانونية والانضمام إلى تنظيم داعش،
وقالا أيضًا إن الحكومة الفرنسية تريد تسليم الأطفال إلى فرنسا.
لم تنته التحديات التي يواجهها العراق، ومعه العالم، بانتهاء معركة الموصل، فالجانب الاجتماعي والنفسي
لا يقل أهمية عن الوجه العسكري والآمني للصراع ويطالب المسؤولون القنصليون الفرنسيون
بالسماح لهم بالتواصل مع الأسرة منذ اعتقالهم فى وقت سابق من هذا الشهر،
إلا أن الحكومة الفرنسية لم تعرب عن اهتمامها بإعادة المرأة إلى وطنها.
وبغض النظر عن تفاصيل هذه القضية، يصعب جدا إثبات التقارير المتعلقة بالتعاون المزعوم،
وكثيرا ما تظل الوقائع غامضة؛ فالتعاون المزعوم مع المجموعات الفاعلة غير الحكومية
في النزاعات الشديدة أو ما بعد انتهاء النزاع، يكون أمرا يصعب تأكيده. وأساس الأدلة
على الاعتقال والاحتجاز ليس دائما قويا؛ لأن ظروف جمع الأدلة تكون فوضوية،
ويمكن أن يكون الأساس الذي يتهم بموجبه الأفراد بتأييد تنظيم داعش (أو منظمات أخرى)
فرديا إلى حد كبير، ومجالا مفتوحا للتلاعب، أو غير شفاف للغاية؛
ما يترك مجالًا واسعا للانتقام أو إنفاذ الأحكام الطائفية أو التعسفية.
ويبقى أن نرى هل كانت الإجراءات القانونية التي تتبعها المحاكم العراقية تتوافق
مع المعايير المهنية لجمع الأدلة، فضلًا عن تطبيق المعايير القانونية التي تتفق
مع أحكام المحاكمة العادلة بموجب المعايير الدولية لحقوق الإنسان؟
إن تطبيق المعايير القانونية التي تحدد عضوية الفرد في المنظمات غير الحكومية والتعاون معها
والحدود المطبقة والمسؤولية القانونية عن الإجراءات المتخذة مع متعاون
أو عضو في منظمة غير مشروعة، قد ثبتت صعوبته بإنصاف في ولايات قضائية أخرى،
مثلما توجد الأبعاد الجندرية المحددة للتعاون مع المنظمات الإرهابية غير التابعة للدولة أو العضوية فيها.
وتشمل هذه الأبعاد مجموعة من التحديات التي تواجه النساءَ عندما يصبحن زوجاتٍ ينخرطن
في العنف أو ينضممن إلى صفوف داعش. وفي هذه السياقات، هناك قضايا افتراضية معقدة
(مثال ذلك: هل ينبغي لنا أن نفترض أن المرأة التي أبدت ولاءها قد اتخذت بنفسها قرارا "بالانضمام"
إلى منظمة ما أو أنها تتبع التزامات عائلية أو زوجية،
أو أن ثمة ضغوطًا تُمارس عليها للبقاء مع زوجها؟).
وتشمل المسائل الأخرى الموافقة والاضطلاع بمسؤولية مشتقة من كَونها زوجةً منسوبة
إلى عضو في منظمة غير مشروعة أو متطرفة. وعند التفكير في الموافقة، يجدر النظر
في المدى الذي يمكن فيه ممارسة خيار ترك العلاقة أو الموقع الجغرافي
أو كليهما بشكل مُجْدٍ، عندما يكون التهديد بالعنف أو الأعمال العدائية المستمرة من المستحيل عمليا تركه.
وعلاوة على ذلك، سيكون هناك بلا شك حالات موافقة لمرافقة أحد الزوجين أو الانضمام إلى شريك محتمل
في الخارج، غير أن تغير الظروف سينفي هذه الموافقة على مر الزمن.
ومع ذلك، سيكون من السذاجة الافتراض بأن جميع النساء في مثل هذه الظروف قد أُجبرنَ
أو تعرضن لتهديدات للبقاء أو المشاركة في المجموعة. لا ينبغي لنا أن نفترض أبدًا
أن المرأة بريئة من الانخراط في العنف أو دعم العنف لمجرد كونها أنثى أو أُمًّا أو كليهما.
وهاتان السِّمَتان لا تجعلان من المرأة (أو أي شخص) عاجزةً عن ممارسة
الاستقلال الذاتي في الانضمام إلى منظمة متطرفة أو تقديم الدعم لها بطرق عديدة.
وتشكل حالة المقاتلات الأجنبيات "الأمهات" مع داعش أعقد حالات التعاطي
مع من خرجوا عن التنظيم، فكيف يتم احتضان أطفال ترعرعوا في كنف "الدولة"!
وتتعرض عمليات الاعتقال هذه في العراق أيضًا للتحديات المتعددة التي تواجه بلد الجنسية عندما يتم التعرف
إلى مقاتلة وأطفالها. ففي حين كانت هناك تغطية واسعة النطاق في مجال السياسة العامة
والإعلام للمقاتلين الذكور العائدين، لم يكن يوجد سوى اهتمام ضئيل أو معدوم للمقاتلات العائدات
(وربما المتطرفات) من الأقاليم في الخارج. والنقطة الواضحة هي بالطبع
أن التزامات الدولة تجاه مواطنيها في الخارج (مثلا من ناحية الدعم القنصلي
وإمكانية الدخول) لا تختلف عما إذا كان المواطن ذكرا أم أنثى.
ومع ذلك، فإن الأطفال العائدين ينشئون دائما مجموعة من العلاقات المتداخلة مع الأم، استنادا
إلى الافتراضات القائلة بأن المرء يرغب في ضمان استمرار التواصل مع الأم، حتى لو
كانت الأم المعنية قد سجنت أو تواجه تهمة قانونية. والأهم من ذلك هو مسألة كيفية إعادة
إدماج النساء المتطرفات عندما يعدنَ إلى بلدانهن الأصلية. لم يعط سوى قدر ضئيل
من التفكير المتسق للديناميات والخصوصية الجندرية لبرامج مكافحة التطرف (مع بعض الاستثناءات الملحوظة).
وهناك ممارسات جيدة موازية تستمد من عمليات نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج
في أعقاب النزاعات، فقد تم تسريح النساء وإعادة إدماجهن في مجتمعات كانت فيها
النساء أعضاء في مجموعات من الجماعات شبه العسكرية وغير الحكومية
(انظر على سبيل المثال تسريح القوات المسلحة الثورية الكولومبية).
وحتى الآن، فإن قراءة هذه الممارسات المتخصصة محدودة، وتؤكد عمليات الاعتقال
في العراق أهمية منع التطرف العنيف بين النساء، والقيام بعمليات لإعادة إدماج هؤلاء النساء
عند عودتهن إلى بلدانهن الأصلية؛ لكن مخاطر الفشل هنا كبيرة
ولها آثار أمنية واضحة للدول التي تتعامل مع عودة كل من المقاتلين الذكور والإناث.