أمـانـة العـاصمـة.. نبذة تاريخية ١٩٢١- ١٩٥٨
[size=32]أمانة العاصمة.. نبذة تاريخية ١٩٢١- ١٩٥٨[/size]
تعد البلدية جزءاً حيوياً ومهماً ومتصلاً بحياة الناس، لما تقدمه هذه المؤسسة من خدمات لها مساس بحياتهم ومعيشتهم، من خلال تقديم أفضل الخدمات الصحية والخدمات الأخرى من توفير الماء والكهرباء، وخدمات الصرف الصحي، وتطوير الشوارع والمحلات والأحياء السكنية وتنظيم الحدائق وأماكن ترفيهية للناس.
1. تأسيس البلدية:-
يرجع تأسيس البلدية إلى العهد العثماني عام 1868، وكان أول رئيس لها إبراهيم أفندي. وهو الجد الأكبر للأستاذ محمود صبحي الدفتري أول رئيس لها وهو من أبناء مدينة بغداد،
وعند تولي مدحت باشا ولاية بغداد عام 1869-1872 اهتم بالشؤون البلدية وشرع بإنشاء دوائر بلدية في أهم مدنها، وشيد بناية خاصة لدوائر بلدية بغداد، وخلال عام 1878 أنشئت بلدية أخرى في جانب الرصافة (باب الشيخ)، وبلدية ثالثة في جانب الكرخ، وجرت انتخابات لعضوية مجالس الدوائر الثلاث عام 1879م، وعين رئيس لكل واحدة منهما.
وقد استمر إبراهيم الدفتري في منصبه حتى توفي سنة 1876، وقد عُين بعده ثابت باشا وكان منصبه بالوكالة لرئاسة بلدية بغداد، وخلال عام 1877 تم تعيين شخص يدعى محمد نوري أفندي لمنصب الرئاسة ومن أهم الأحداث في تاريخ بلدية بغداد آنذاك هو صدور قانون البلديات، إذ عينت الحكومة العثمانية فيه واجبات البلديات وتشكيلاتها وصدر هذا القانون في 15/تشرين الأول/ 1877، ونص على تقسيم البلديات في المدن الكبرى إلى بضعة أقسام لا يقل كل قسم عن (40) ألف نسمة، وأن لا تزيد مدة العضوية على أربع سنوات ويتراوح عدد الأعضاء بين 9-12. وتم تعيين إسماعيل الدفتري رئيساً للقسم الأول، والشيخ عبد الرزاق أفندي رئيساً للقسم الثاني، وعبد الله جلبي رئيساً للقسم الثالث.
ومن الجدير بالذكر أنه في عام 1907 تم توحيد الأقسام الثلاثة تحت اسم بلدية بغداد وعين عبد الرحمن الحيدري رئيساً لبلدية بغداد بالوكالة.
وبعد الاحتلال البريطاني لبغداد عام 1917 انتقلت الإدارة المدنية إلى القوات البريطانية بقيادة الجنرال ستانلي مود، وانتقل مر كز الإدارة المدنية من البصرة إلى بغداد بقيادة برسي كوكس، وعملت القوات البريطانية في 4/نيسان/ 1917 على تأسيس بلدية بغداد، ووضع الجنرال مود الحاكم العسكري العام العميد هوكر(C.J.Hawker)، يساعده نائب الحاكم العسكري شرق بغداد (الرصافة) الميجر كوردن ((J.Cordan، ونائب الحاكم العسكري غرب بغداد (الكرخ) الميجر أولفيرD. Joliver))، أما بلدية الكاظمية فقد تولاها النقيب المارشال نفسه. وتجدر الإشارة إلى أن مشروع تشكيل مجلس بلدي لبغداد، كان موضوع بحث في تشرين الثاني عام 1918، وقد عرض على (اللجنة البلدية الاستشارية)، وأهم نقطة كانت يجب أن تقرر في كيفية انتخاب المجلس البلدي، إذ كان هناك فريق يفضل الانتخاب المباشر بحسب القانون العثماني القديم، وفريق آخر يفضل أن يكون الانتخاب على درجتين، حيث ينحصر الانتخاب في هيئة تتألف من (500) إلى (600) نائب يعينهم مختاري المحلات كل من محلته على أن يكون خاضعاً لمصادقة لجنة تدقيقية مركزية تعين لهذا الغرض، وحسم الأمر في أوائل الصيف عن طريق الحكم الذاتي في المدينة بتعيين نائب الحاكم العسكري،
وفي هذا الوقت وصل بغداد من حلب ناجي أفندي السويدي الذي عرض عليه المنصب، فباشر عمله في الثالث من تموز عام 1918. وبناء على طلب الحاكم العسكري تم تعيين لجنة تتألف من ممثلين أثنين بريطانيين وتسعة وجهاء من المدينة من المسلمين واليهود والمسيحيين للمصادقة على خطة انتخاب (مجلس بلدي) من قبل هيئات انتخابية متعددة، وقد اشترط أن يكون الناخبون من الملاكين الذي يدفعون ضريبة لا تقل عن (40) روبية سنوياً ولا يقل عمرهم عن واحد وعشرين سنة وقد حددت نسبة المصوتين إلى سكان بغداد بـ(762) مصوتاً ينتخبون عضواً واحداً لمجلس أمانة العاصمة نسبة لعددهم وهو (200.000).
وخلال عام 1919 تم تعيين عبد المجيد بك الشاوي متصرفاً ورئيساً لمجلسها البلدي، ثم تلاه في هذا المنصب توفيق الخالدي وفؤاد الدفتري حفيد إبراهيم الدفتري ووالد محمود صبحي الدفتري.
بعد سقوط الدولة العثمانية وتأسيس الحكم الوطني عام 1921، وعودة الضباط والموظفين إلى العراق استعانت بهم سلطات الاحتلال البريطاني، لإدارة البلدية فضلاً عن التوسع في الحاجة للخدمات بعد الاحتلال، فكان لابد من الاهتمام بالعاصمة (بغداد)، تلك المدينة العريقة بتاريخها وحضارتها.وبعد تشكيل الحكومة الوطنية عام 1921، أصبحت واجبات البلدية تجمع بين الأعمال الإدارية وبين الواجبات التي نص عليها في قانون بلديات الولايات العثمانية، ولذا فقد ترتب تغيير العنوان فسميت (محافظة بغداد) وكان المحافظ يقوم بأعمال المتصرف وأعمال رئيس البلدية وكان أول محافظ هو توفيق الخالدي بتاريخ 9/كانون الثاني/1922.
ويبدو أن وجود ثلاث بلديات لبغداد مع ارتباطها بمتصرفية بغداد وهي الكرخ والرصافة والكاظمية، قد أدى إلى حدوث ارباك في عمل هذه البلديات الثلاث، فضلاً عن خضوع نشاط هذه البلديات الثلاث إلى متصرفية لواء بغداد، تلك المديرية ذات المسؤوليات والخدمات الكثيرة مما أعاق أعمالها وتطويرها وعدم وجود ميزانية كافية لها. وإزاء هذه الأوضاع ارتأت وزارة الداخلية أن تجمع هذه الدوائر الثلاث في مؤسسة واحدة تدعى أمانة العاصمة، حتى يتم الإشراف والتنسيق بين هذه الدوائر الثلاث تحت أشراف هذه المؤسسة،
وفي 5 شباط عام 1923 عرض الأمر على الملك فيصل الأول لأجل التصديق على هذا القرار فصدرت الإرادة الملكية بتعيين أول أمين للعاصمة في 13 شباط 1923 وهو صبيح نشأت.بناء على ترشيح وزير الداخلية. وقد تم استحداث منصب معاون أمين العاصمة في جانب الرصافة شغله السيد علي البزركان ومعاون ثانٍ في الكرخ شغله خليل أفندي. وفي عام 1923 استبدل منصب رئيس البلدية بأمين العاصمة، وأصبح رئيس البلدية ملغى ثم حدد قانون البلديات رقم 82 لسنة 1931، الذي ألغى قانون الولايات العثماني الصادر في 27 رمضان 1294-1877م مع جميع الأنظمة والتعليمات والبيانات بأمور البلدية الصادرة في عهد الحكومة العثمانية، أو خلال المدة التي سبقت تأسيس الحكومة العراقية.
ومن الجدير بالذكر أنه تولى منصب أمين العاصمة في الفترة التي تقع ضمن حقبة البحث ثمانية أمناء ويعد صبيح نشأت من مؤسسي الأمانة رغم المدة القصيرة التي بقي فيها، فيعد أول من ألبس موظفي الأمانة زياً موحداً، حتى أنه وضع شعار الأمانة، ثم تولى المنصب رشيد الخوجة الذي استمر في منصبه لتسعة أشهر.
وخلال عام 1925 أصبح نشأت السنوي أميناً للعاصمة، وبقي فيها خمس سنوات حتى 8 نيسان 1930، وحدث في مدة وجوده تغيرات كثيرة، ومن هذه التغيرات في جهاز الأمانة، وتحسين خدماتها، واستحدث منصب معاون أمين العاصمة، بالإضافة إلى إنشاء بناية الأمانة، وكانت تضم دوائر الأمانة كافة الصحة وفرق الإطفاء والهندسة.
وتولى منصب أمين العاصمة السيد محمود صبحي الدفتري. في 9 نيسان 1930، وأبرز حدث حصل في مدة شغله منصب أمين العاصمة هو الإضراب العام الذي حدث بعد صدور مرسوم قانون البلديات عام 1931، وتم الاستغناء عن الدفتري وتعيين فائق شاكر بدله في 24/تشرين الأول/1931.
أما بعد انقلاب بكر صدقي أعاد حكمت سليمان أرشد العمري إلى الأمانة فعين في 10 تشرين الثاني 1936 أميناً للعاصمة.
أمناء العاصمة:
شغل منصب أمين العاصمة خلال مدة الدراسة ثمانية أمناء تمايزت فترات شغل منصب البعض منهم فترات كبيرة والبعض الآخر لم يبق إلا مدة قصيرة، وشغل أرشد العمري منصب أمين العاصمة خلال فترة 12/تشرين الثاني/1936 – 4/حزيران/1944، ولابد من الإشارة إلى أن أرشد العمري كان قد تسلم مدة أمين للعاصمة قبل هذه المدة في 25/تشرين الثاني/1931 – 23/تشرين الأول/1933، وتم تعيينه بناء على اقتراح من وزير الداخلية، بعد أن أطلع مجلس الوزراء على كتاب وزارة الداخلية. وأقر تعيينه على وفق أحكام الفقرة (أ) من المادة(3) من قانون تعديل إدارة البلديات رقم 84 لسنة 1931.
وأبرز حدث تزامن مع رئاسة أرشد العمري لأمانة العاصمة هو اندلاع انتفاضة العراق عام 1941 وبعد اندلاع الحرب العراقية البريطانية في مايس عام 1941، انسحب أعضاء حكومة الدفاع الوطني إلى إيران، ومنهم رشيد عالي الكيلاني. والعقداء الأربعة. فأدى ذلك إلى احتلال القوات البريطانية مدينة بغداد وسقوط حكومة الدفاع الوطني، ثم تشكلت لجنة الأمن الداخلي وتم اختيار أرشد العمري أمين العاصمة رئيساً لها، وتشكلت (لجنة الأمن الداخلي) بموجب كتاب مجلس الوزراء المرقم 2205 والمؤرخ في 28/5/1941، وقررت ما يأتي:
1. تأمين سلامة الأهليين وممتلكاتهم، وتنظيم حياتهم خلال الطوارئ وفي حالة الانسحاب من بغداد.
2. القوة المتيسرة –أ- قوة شرطة بغداد. ب. الانضباط العسكري.
3. الخطة – أ – عند حدوث أسباب قاهرة بانسحاب الجيش من العاصمة، يصدر متصرف لواء بغداد أمراً بمنع التجوال داخل العاصمة مدة الانسحاب، ويتوجب على السكان الإقامة في بيوتهم، واتخذت اللجنة الكثير من القرارات منها استمرار الحراسات على السفارة البريطانية، تقسيم العاصمة إلى أقسام لغرض الإشراف على الأمن في العاصمة، وتأسيس نقاط ثابتة في الميادين الرئيسية. وبعد لجوء رشيد عالي الكيلاني إلى إيران، وعين يونس السبعاوي نفسه حاكماً على العراق لكنه لم يصمد وانسحب أيضاً مع القادة والعقداء الأربعة والقادة الذين قاموا بالحركة، حيث بقي أرشد العمري أمين العاصمة وحده في بغداد للحفاظ على الأمن، بعد أن أصبحت بغداد في يد البريطانيين وانقطعت المواصلات في كل مكان وأصبحت ثلاث أرباع بغداد معزولة، أدى هذا الوضع إلى تشتت الجيش العراقي من جبهات القتال لعدم وجود قيادة له.
وفي هذه الأثناء تولت (لجنة الأمن الداخلي) التي يترأسها أمين العاصمة أرشد العمري مسؤولية مفاوضة السفارة البريطانية وأخذت موقع الوسيط لعقد هدنة مع الجيش البريطاني وأسفرت المفاوضات عن عقد الهدنة. بعد أن حضر أرشد العمري إلى السفارة البريطانية، فقام السفير البريطاني كورنواليس (K.Karnawils) بتوجيه رسالة باللاسلكي إلى قائد القوات البريطانية في الحبانية لإيقاف القتال. وقد تولى صياغة شروط الهدنة الجنرال كلارك
(S.Calrk) ومارشال الجو داليبك(W. Dalibiek) والسر كورنواليس السفير البريطاني، وصادقت عليها هيئة الأركان العامة في لندن، ونصت الهدنة على:
1. تتوقف الحركات العسكرية ما بين الجيشين على الفور.
2. يسمح للجيش العراقي الاحتفاظ بأسلحته.
3. يطلق جميع أسرى الحرب.
4. تعطى جميع التسهيلات إلى السلطات البريطانية.
ولابد من الإشارة إلى ما ذكره العميد الركن طه الهاشمي في يومياته بتاريخ 31 مايس 1941م، إذ قال: "طلبني أمين العاصمة فذهبت إليه وكان نور الدين محمود، وأمين العمري، وحميد نصرت، وحميد رأفت، ومصطفى راغب، والرئيس رفيق عارف، وحسام الدين جمعة، وخالد الزهاوي وغيرهم حاضرين، وأطلعني على شروط الهدنة فكانت فيها بعض المواد التي تلفت النظر ودار البحث حول المواد الصعبة، كتسليم الألمان، والطليان، وانسحاب البريطانيين لمعسكراتهم، وكان رفيق عارف أكثر تحمساً لصيانة شرف الجيش والاستمرار بالمقاومة، وكان أمين العمري أكثرهم تحمساً لقبول الشروط، أما أمين العاصمة فقال أنه يتحمل المسؤولية وحده بقبول شروط الهدنة، وقد وقعها كل من اللواء إسماعيل نامق والعميد الركن حميد نصرت والعقيد نور الدين محمود نيابة عن الجيش".
ومما يؤخذ على أرشد العمري عدم اهتمامه بالآثار العراقية، فقام بهدم باب بغداد القديمة وجعله متنزهاً (حديقة الأمة) في منطقة الباب الشرقي، وهدم بعض الدور التراثية في الكاظمية وشارع الرشيد، وهدم جزء من ساحة جدار جامع مرجان فوجهت الانتقادات إليه وخرجت المظاهرات تهتف ضده.
وخلال مدة توليه أمانة العاصمة للمدة الثانية أظهر نشاطاً إدارياً ملحوظاً في توسيع وتطوير مدينة بغداد، ومن جملة أعماله هذه تنظيم منطقة الجادرية، وفتح شارع في وسطها عرضه 60 متراً وفي 25 كانون الأول 1936 جرى انجاز وفتح شارع غازي، كما قام بدفن الخندق المحيط ببغداد حيث حوله إلى متنزهات ومناطق عامة سياحية، واستطاع شق شارع حديث وهو شارع الملكة عالية (شارع الجمهورية عام 1952).
ومن جانب آخر قام بتشييد المباني منها قاعة الملك فيصل الأول، كما أشرف على تشييد القصر الأبيض كدار للضيافة، كذلك تشييد وبناء قاعة أمانة العاصمة ودار الأوبرا، ومن أهم أعماله هو إنشاء بارك السعدون الذي نفذ بين عامي 1939-1941، وكان يتابع الأعمال بنفسه ويتجول بسيارته ليلاً ونهاراً ليراقب الأعمال.
ومن الجدير بالذكر أن أرشد العمري كان من مؤسسي جمعية الهلال الأحمر العراقية.
وبعد أرشد العمري تولى منصب أمانة العاصمة حسام الدين جمعة. وجاء تعيين حسام الدين جمعة بناء على اقتراح وزارة الداخلية، إذ وافق مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة بتاريخ 11/تشرين الثاني/1944 على تعيينه أميناً للعاصمة وذلك وفقاً للمادة (23) من قانون الخدمة المدنية رقم (64) لسنة 1939 والمادة (8/أ) من قانون إدارة البلديات رقم (84) لسنة 1931.
وشغل حسام الدين جمعة منصب أمين العاصمة في 11/تشرين الثاني/ 1944 – 31/مايس/1946، وخلال عهده وتحديداً عام 1945 تم بناء مدينة (بغداد الجديدة) بجانب الرصافة وهي مدينة عصرية تحتوي على الشوارع والمتنزهات والبيوت الجميلة. أقام السيد حسام الدين جمعة حفلاً تكريماً للسفير البريطاني السيد كيهان كورنواليس،بمناسبة نهاية مهمته في بغداد وقدم له خلال الحفلة شارة بغداد كتكريم للسفير البريطاني، وقدم له مصوغات فضية بغدادية تمثل تراث العراق، وتبادل الطرفان الكلمات التي تعبر عن أعجاب بعضهم بالبعض. وفي عهده تم فتح خط جديد للباصات يبدأ من تمثال الملك فيصل في جانب الكرخ وينتهي عند كرادة مريم وابتهج سكان هذه المنطقة بهذا الخط لأنهم كانوا بحاجة ماسة له.
وبعد حسام الدين جمعة تولى منصب أمين العاصمة الدكتور فائق شاكر عام 1946. وباشر بوظيفة أمانة العاصمة اعتباراً من 29/أيلول/1946. ومن المعروف عنه أنه كان يتصف بالمرح، ولم تكن له كفاءة إدارية إذ كان محبوبا وليس إدارياً حازماً. واستمر في منصب أمانة العاصمة سنتين من المدة 29/أيلول/1946-17/آذار/1948. وفي عهده تم بناء مسبح الأمانة وهو مسبح عصري حسن الهندسة وجميل البناء في جهة الكرادة الشرقية على شاطئ النهر، وقد شيدت على مقربة منه (كازينو) عصرية وأحاطها بحدائق جميلة تمتد على ضفاف دجلة، وأطلق عليها اسم (أمباسي). فضلاً عن ذلك اهتم الدكتور فائق شاكر بالأعمال العمرانية خلال مدة شغله المنصب في سنتين، ومن أهم الأعمال هي تبليط الشوارع وأهمها شارع المهدي في الكرادة وقد خصص له 1100 دينار، وشارع بني سعيد وخصص له 1500 دينار وشارع زيد بن ثابت وخصص له 1350 ديناراً عراقياً، وشبكة من الشوارع في باب الشيخ وخصص له 150 ديناراً عراقياً وشارع عمودي متصل بشارع أبي نؤاس خصص له ثلاث ألف دينار، وقامت الأمانة في عهده أيضاً بتسوير 34 عرصة وردم المستنقعات.
وفي عهد الدكتور فائق شاكر تم تبليط الشوارع في بغداد على طراز عصري حيث مدت المجاري تحت الأرض وتم انسياب مياه الأمطار والغسل إلى بالوعات تصب في المجاري.
وبعد الدكتور فائق شاكر تولى الدكتور عبد الهادي الباجه جي. منصب أمين العاصمة، حيث حددت الإدارة الملكية بنقل الدكتور فائق شاكر إلى وزارة الشؤون الاجتماعية وصدرت بإسناد منصب أمانة العاصمة إلى الدكتور عبد الهادي الباجه جي. ومن الجدير بالذكر أن الدكتور عبد الهادي الباجة جي تسلم منصب أمانة العاصمة للمدة من 18/آذار/1948 إلى 9/أيلول/1949.
وقد عرف عنه أنه رجل إداري ومحمود السيرة، ولكنه لم يبقِ مدة طويلة في منصبه إلا سنة واحدة ونصف تقريباً، وقد سار على نهج الأمناء الذين قبله من خلال تبليط الشوارع وتقديم الخدمات إلى المواطنين والعناية بالعاصمة بغداد. ومن الجدير بالإشارة أنه خلال مدة عام 1948-1949 أنجزت أمانة العاصمة 48 مشروعاً وكان من ضمنها 34 شارعاً بلطته، كذلك في نهاية سنة 1949 أنشأت مجرى تصريف المياه القذرة في شارع أبي العتاهية، وشيدت أعمدة الكهرباء في شارع الملك غازي. وبعد الدكتور عبد الهادي الباجه جي تسلم منصب أمين العاصمة مظفر أحمد للمدة من 10/أيلول/1949 إلى 30/أيلول/1951. وقد سبق للسيد مظفر أحمد أن شغل منصب متصرف بغداد سنة 1949.
ومن المشاريع التي أنجزت خلال مدة شغله المنصب هي تبليط عدة شوارع منها في محلة المهدية وشارع عمر بن عبد العزيز في منطقة الأعظمية، وتفرعات الطرق المؤدية إلى سوق الشورجة، وكذلك شوارع الكرادة، ومن الأعمال الأخرى أيضاً إنشاء مجرى للمياه القذرة تبدأ من محلة باب السفينة في منطقة الأعظمية حتى نهر دجلة. وقام أيضاً بفتح شارع الهادي البالغة مساحته 1600م2 والذي يوصل شارع الملك غازي (الكفاح حالياً) بشارع الشيخ عمر، وقام بإنشاء مجرى للمياه القذرة والأمطار في جانبي شارع الملك غازي ابتداء من ساحة زبيدة حتى ساحة الفضل.
ومن المفيد بمكان أن نذكر أن عهد السيد مظفر أحمد شهد صدور قانونين مهمين هما (قانون تعديل قانون صندوق الاحتياط للجنة إسالة الماء لمنطقة بغداد رقم 61 لسنة 1943. كذلك (قانون التعديل الثالث لقانون مصلحة نقل الركاب في العاصمة رقم (38) لسنة 1938).
ثم تبوأ منصب أمين العاصمة بعد مظفر أحمد السيد عبد الله القصاب من 1/تشرين الأول/1951 ولغاية 1/شباط/1953. وأبرز ما يلفت الأنظار خلال مدة شغله المنصب هو حضوره مؤتمر لتنظيم المدن في لندن، حيث وجه المعهد الثقافي البريطاني الدعوة إلى عدد من الشخصيات ورجال الصحافة للاستماع إلى المحاضرة التي سيلقيها المستر التوني مينو يدير (Altone Mendeoer) وقد ترأس هذا الاجتماع السيد عبد الله القصاب أمين العاصمة. وأهم وأبرز قانون صدر في عهده هو (قانون رفع المواد القذرة) وتأسيس مصلحة تعرف باسم (مصلحة رفع المواد القذرة) وذلك عام 1952.وتابع السيد عبد الله القصاب أمين العاصمة تبليط طرق فرعية عديدة بناء حدائق جديدة في عام 1951.
وبعد السيد عبد الله القصاب تسلم منصب أمين العاصمة فخري الطبقجلي للمدة من 1/نيسان/1953 إلى 29/ نيسان/1954. ولعل من أبرز أعماله هو وضع الحجر الأساس لمدينة فيصل سنة 1953 في مدينة الشماعية. ولم يدم السيد فخري الطبقجلي سوى سنة واحدة وهي مدة قليلة، كما وأنه شغل منصب وزير الداخلية لمدة أربعة أيام عام 1954. وشغل منصب أمين العاصمة في 10/أيار/1954 إلى 16/تموز/1958 فخري الفخري.
ومن أهم أعماله هو انجاز شارع الملكة عالية (شارع الجمهورية حالياً) والذي قرر أن يكون عرضه (40) متراً ومدخله من الباب الشرقي (50) متراً. ومن أبرز القوانين التي شرعت في عهده هو (قانون مصلحة المجاري لسنة 1955)، و(قانون مصلحة إسالة الماء لمنطقة بغداد). وبموجب هذين القانونين جعل من كل مصلحة من هذه المصلحات مصلحة ذات شخصية حكمية لها مدير هو أمين العاصمة وأربعة أعضاء آخرون. ومن الجدير بالذكر أنه خلال مدة شغله للمنصب تم تشكيل مصلحة كهرباء بغداد. وكما يذكر السيد فخري الفخري أنه بذل جهوداً كبيرة لوضع تخطيط لمدينة بغداد عام 1956، ذلك بعد تقديمه طلباً إلى الجهات المختصة لاستقدام المستشارين البريطانيين (مينوبويو وشبلي وماكفارلين) للقيام بأعداد الدراسة الشاملة من أجل وضع التصاميم.
وهيب حسن نشمي العبودي
عن رسالة (أمانة العاصمة 1932-1958)