تجار الإمارات يغزون العراق ببضائع مغشوشة!!
بغداد - علي الحسيني:بدأت السلطات العراقية التحقيق في تورط تجار عراقيين مع شركات إماراتية بعملية استيراد مواد وأجهزة إلكترونية وكهربائية مستعملة أو صينية وبيعها على أنها حديثة ومن ماركات عالمية، ما كبّد الأسواق خسائر باهظة كما تعرض المستهلكون لأضرار بالغة، حسب مصادر عراقية لـ"العربي الجديد".
وعبر خدمة الشحن التابعة لشركة فلاي دبي، أو من خلال البواخر الواصلة إلى موانئ البصرة على مياه الخليج، يدخل يوميا للعراق ما قيمته نحو مليون دولار من الأجهزة الإلكترونية والكهربائية القادمة من الإمارات وتحمل ماركات عالمية مشهورة، تباع بأسعار يعتبرها المستهلك العراقي بأنها أفضل من نظيرتها في دول الجوار مثل الأردن وتركيا والكويت وإيران.
لكن تبدو الحقيقة غير ذلك تماما إذ أكدت مصادر عراقية بارزة في بغداد، لـ"العربي الجديد"، بدء التحقيق في تورط تجار عراقيين مع شركات إماراتية بعملية استيراد مواد وأجهزة إلكترونية وكهربائية مستعملة أو صينية والقيام بوضع بلد منشأ مختلف ورقم تسلسلي وهمي وماركة معروفة تحظى بثقة المستهلك العراقي، لتتم إعادة تصديرها لبغداد مجددا.
وقال مصدر في هيئة النزاهة العراقية إن خلافا جرى مؤخرا بين عدد من التجار كشف عن وجود تلاعب وغش بالبضائع القادمة من الإمارات للعراق.
وأوضح المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، في حديث لـ "العربي الجديد" أن البضائع يتم جلبها من دول أوروبية وتعرف بالمصطلح "بالة" بمعنى مستعملة، وقسم منها يأتي من مصانع صينية محترفة بالإلكترونيات وداخل مجمعات ومصانع في دبي يتم الغش والتلاعب بالأجهزة، حيث يتم تغيير بلد المنشأ ووضع علامات لماركات مشهورة ومهمة وتغيير الرقم التسلسلي.
ويتابع: "هناك أجهزة معطوبة أو بها عطل بسيط يتم أيضا إصلاحها داخل دبي وإعادة تأهيلها لتبدو جديدة وغير مستعملة ومن ثم إعادة تصديرها للعراق"، معتبرا ذلك عملية غش كبيرة استمرت لسنوات طويلة تورط بها تجار عراقيون وإماراتيون.
وأعرب عن أمله بتجاوب السلطات الإماراتية مع الجانب العراقي في الأسئلة التي تم توجيهها لها خاصة وأن عمليات النصب والاحتيال تلك وقعت داخل أراضيها ولسنوات.
ولفت المصدر إلى أن أحد التجار زود أكثر من ست وزارات ومؤسسات حكومية بتلك الأجهزة على أنها حديثة وقادمة من بلد المنشأ عبر موانئ دبي لكن في الحقيقة هي مغشوشة".
واعتبر أن عملية الاستيراد لتلك الأجهزة في حد ذاتها بها خطر على المؤسسات الحكومية لمخاوف كونها مخترقة"، مؤكدا أن تجارة الأجهزة الإلكترونية بالعراق باتت مربحة أكثر من تجارة النفط والسلاح.
"تجميع الإمارات" هذا هو المصطلح الدارج بالسوق العراقية، والذي يطلق على البضائع القادمة من الإمارات، تسيطر عليها مجموعة تجار كبار في شارع الصناعة ببغداد معقل تجارة الإلكترونيات فيها.
وتحدث متعاملون ووسطاء في تجارة الأجهزة الإلكترونية في العراق، لـ"العربي الجديد" عن إغراق السوق العراقية بأجهزة "التجميع الإماراتية"، التي يتم تصريفها على أنها بضائع من شركات دولية، وغالبية تلك الأجهزة تدخل عبر موانئ جنوب العراق من البصرة.
وقال التاجر العراقي المختص في استيراد الأجهزة الإلكترونية، علي أحمد، لـ "العربي الجديد"، إن" الإمارات باتت إحدى الدول التي تغرق أسواق المنطقة بالمنتجات الرديئة".
وأشار إلى أن أكثر المنتجات الإلكترونية المستعملة تورد من الإمارات إلى بلاده وتغرق أسواقها بسلع تقدر بملايين الدولارات، وتباع على أنها أجهزة مصنعة حديثة وبأسعار تفوق سعرها الحقيقي.
وأضاف أحمد: "كشفنا عن مواد بيعت لتجار عراقيين من الإمارات على أنها مواد جديدة، ولكنها حين وصلت إلى مخازن بغداد واطلعنا عليها وجدنا الكثير من حالات الغش الصناعي".
وتابع أن "هناك تجاراً عراقيين يتفقون مع تجار في الإمارات على استيراد هذه المنتجات وإغراق الأسواق بها، ومنها أجهزة الحاسب الآلي المحمولة وأجهزة إلكترونية وألعاب أطفال وتبدأ أسعارها من 50 دولاراً وصولا إلى 900 دولار".
من جهته، قال أحد باعة تلك الأجهزة ويدعى حسام جسام لـ"العربي الجديد"، إن" هذا الأمر يعتبر تلاعباً بالمشترين لأن ما يباع في الأسواق من أجهزة غالبيتها دون المواصفات، إذ يقوم التاجر بوضع مواصفات غير حقيقية ووهمية وبخمسة أضعاف السعر أحياناً.
وأضاف أن هذا يعتبر غشا وتلاعبا في المنتجات، التي تشهد إقبالا كبيرا من قبل العراقيين على أنها من شركات وماركات عالمية، وفي الحقيقة هي دون المواصفات وتستورد من الإمارات بعد تغيير المناشئ ولصق مواصفات غير حقيقية عليها".
المفتش في دائرة الجمارك العراقية في ميناء البصرة جنوب البلاد، خليل علي لفتة، أوضح في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "هذه المواد تدخل بصورة رسمية عبر تجار عراقيين يستوردونها على أنها مستعملة، ولكنها في الحقيقة تباع بأسعار تفوق الأجهزة الحديثة ذات المناشئ العالمية أحيانا ولا نملك سلطة لمنع دخول هذه المواد لأنها تستورد بصورة رسمية وتدخل عبر الموانئ".
وأوضح لفتة أن "هذه الأجهزة لا تخضع للقياس والسيطرة لأنها تدخل بصورة مواد جديدة لصالح تجار، وليس من صلاحياتنا التدقيق في أي جهاز مستورد، لهذا تتدفق هذه الأجهزة وتغرق الأسواق، وهناك سفن تصل من الإمارات بصورة شبه يومية وتنقل هذه المواد وغيرها".
وتشير مصادر، من داخل موانئ دبي، إلى أن المجمعات الصناعية الواقعة في المنطقة الصناعية شمالي دبي تتورط بجريمة الغش التجاري والتي يقع ضحيتها العراق ودول عربية أخرى مثل البحرين ومصر والسودان.
وقال عضو غرفة تجارة بغداد فراس محمود لـ"العربي الجديد" إن هذا الملف يحتوي على عمليات فساد وغش، لكن يجب ألا نلوم الإماراتيين بل اللوم على العراقيين المتورطين بالموضوع".
وأضاف محمود: "مع الأسف تبين أن هناك اتفاقات ومصانع أنشئت حديثا لهذا الغرض، يعمل بها آلاف الهنود والصينيين من العمالة الرخيصة بدبي لهذا الغرض بهدف تحقيق ربح كبير والضحية المستهلك العراقي".
وأوضح عضو غرفة تجارة بغداد أن "الحكومة العراقية والمؤسسات المعنية مطالبة بفتح تحقيق وإعلان نتائجه ووقف الغش".
ووصف الإمارات بأنها تحولت الى منطقة غش تجاري، أضرت بالأسواق المجاورة لها. ويشكو التجار والمستهلكون من ضعف الرقابة الحكومية على الأسواق، ما فاقم من عمليات الغش والتلاعب في المنتجات المحلية والمستوردة.