الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 61353مزاجي : تاريخ التسجيل : 21/09/2009الابراج : العمل/الترفيه : الأنترنيت والرياضة والكتابة والمطالعة
موضوع: بيت نابليون : رائحة فرنسية في حارة مصرية الأحد 19 سبتمبر 2010 - 0:11
بيت نابليون الذي شهد فصولا تستحق التأريخ عن الحملة الفرنسية </TD>
بيت نابليون.. رائحة فرنسية في «حارة» مصرية
القاهرة- العرب أونلاين- أحمد رشدي: في حارة صغيرة أمام مسجد السيدة زينب في القاهرة يقع منزل جميل وسط كتل خرسانية، ويعرفه أهالي المنطقة جيداً باسم "بيت نابليون"، وللمفارقة أننا لم ندرك قيمته الأثرية والتاريخية، إذ شهد فصولاً تستحق التأريخ عن الحملة الفرنسية، تستدعي إعادة طرحه سياحياً وثقافياً.
للبيت قصة قديمة، إذ كان يُعرف بمنزل "إبراهيم كتخدا السناري" الذي بناه في عام 1794، واعتُمد كمبنى أثري برقم 283، وهو يطل على حارتَي "الناصرية" و"مونج" بالقرب من مسجد وميدان السيدة زينب، وكان صاحبه قد تركه في "تشطيباته" الأخيرة وفرّ مع مراد بك من هجوم الفرنسيين، فانتقل أعضاء البعثة العلمية للإقامة فيه.
شهد البيت أول خطوة فعلية لاحتلال الفرنسيين له من خلال عقدهم أول جلسة فيه انتُخب خلالها مونغ رئيساً للمجمع العلمي وبونابرت نائباً للرئيس وفورييه سكرتيراً، وكان المجمع صورة طبق الأصل عن المجمع الفرنسي في باريس، إذ تكوّن من أربعة أقسام هي: الرياضيات والطبيعة والاقتصاد السياسي والآداب والفنون الجميلة.
يرجع عبد الخالق مختار، مدير عام آثار جنوب القاهرة الإسلامية، ارتباط اسم بيت "السناري" بنابليون بونابرت إلى إقامة علماء الحملة فيه كدار لهم، وكذلك مصوّريها وعلى رأسهم ريغو، الرسام الأشهر في الحملة.
بعد رحيل الفرنسيين، قرّر المؤرخ الفرنسي جلياردو بين عامَي 1917 و1926، تحويل المنزل الى متحف باسم "بونابرت"، لكن هذا المتحف أُغلق بعد وفاة جلياردو فأخلي من السكن عام 1933.
خصّص الفرنسيون بعثة كبرى لترميم معظم الآثار الإسلامية وكانوا يطمحون الى تجديد المنزل والاحتفال به في ذكرى مئوية الحملة الفرنسية على مصر كرمز للعلاقة الدائمة بين مصر وفرنسا، ولكن لظروف معينة لم يكتمل العمل بالمشروع. وفي هذا الإطار يقول وجدي عباس، المشرف على بيت "السناري" سابقاً: "فوجئنا بمشكلة المياه الجوفية التي لم تكن موجودة سابقاً، وكان لا بد من عمل مشروع مستقلّ لها قبل البدء بترميم المنزل، الأثر الوحيد المتبقّي من مقار إقامة علماء الحملة وضباطها في القصور العثمانية والمملوكية".
للمنزل واجهة بسيطة خالية من الزخارف تتضمن مدخلاً تعلوه مشربية كبيرة وهو يوصل إلى الفناء الذي يحتوي على "تختبوش"، مقعد في الدور الأرضي لاستقبال صغار الزوار ذو واجهة بحرية، وثمة في الدور العلوي مكان لاستقبال كبار الضيوف.
ينفتح باب المنزل على "حارة مونغ" التي يعود اسمها إلى الفرنسي مونغ، والمشربية التي تعلو المدخل هي الوحيدة التي تطل على الشارع وهي تزين قاعة الاحتفالات الكبرى، أما المدخل فمستطيل متوّج بعقد "مونور" فيه زخارف بالحفر البارز ويكشف عن مدى ثراء صاحب الأثر.
المشربية محمولة على كوابيل ووجودها إحدى خصائص المنازل العثمانية المميزة، خصوصاً منازل القرن الثامن والتاسع عشر، إذ تميّزت برقة مصنوعيتها الخشبية التي تنتهي من أسفل بصف من النجوم الخماسية محفورة في الخشب، وبمدخلها القصير والضيّق ليحجب من في داخل الدار. أما فناء البيت الرئيسي فتتوسّطه نافورة مصنوعة من المرمر، وتوجد نفسها في القاعة الرئيسية بالطابق العلوي، على رغم قلة المياه في القاهرة العثمانية، وهذا يدل على الثراء الشديد الذي كان يعيش فيه السناري الذي لم يتمتع به فاستغلّه نابليون وباقي أعضاء الحملة.
وككلّ أبناء الطبقات العليا آنذاك، تضمن بيت نابليون حماماً خاصاً، وكان ذا مواصفات خاصة ومقسّماً إلى ثلاثة أجزاء: الغرفة الباردة، "المسلك"، مخصّصة لخلع الملابس، وغرفة دافئة حرصاً على صحة مستخدم الحمام، وغرفة أدفأ. كذلك، تضمّن شبابيك صغيرة لتناول العصائر والطعام.
أجمل ما في البيت القاعة الكبيرة في الطابق الثاني، وهي عبارة عن إيوانين بينهما قاعة، أرضيتها منخفضة مغطاة بسقف خشبي زُخرف على الطراز القديم يتوسّطها ما يشبه المنور للتهوئة والإضاءة، كذلك تتضمن دواليب حائطية عدة عليها ضلف خشبية ولها مشربية كبيرة تطل على مدخل المنزل كانت تتيح للجالس فيها التمتّع بالنظر إلى الحديقة التي كانت تحيط به قديماً، ولم يتبق منها سوى بقايا نخلتين فقط. حتى الآن، لم يكتمل المشروع النهائي لـ"بيت السناري"، على رغم الاهتمام الفرنسي به وحتى قطعة الأرض التي تم شراؤها خلف المبنى وتنظيفها يستغلها الأهالي لركن سيارتهم، كذلك يستغلّها أحد المحلات الشهيرة كصالة طعام لزبائنه.
ونابليون بونابرت الأول "بالفرنسية: Napoléon Bonaparte I؛ وبالإيطالية: Napoleone di Buonaparte" هو قائد عسكري وحاكم فرنسا وملك إيطاليا وإمبراطور الفرنسيين، عاش خلال أواخر القرن الثامن عشر وحتى أوائل عقد العشرينات من القرن التاسع عشر. حكم فرنسا في أواخر القرن الثامن عشر بصفته قنصلاً عامًا، ثم بصفته إمبراطورًا في العقد الأول من القرن التاسع عشر، حيث كان لأعماله وتنظيماته تأثير كبير على السياسة الأوروبية.
وُلد نابليون في جزيرة كورسيكا لأبوين ينتميان لطبقة أرستقراطية تعود بجذورها إلى إحدى عائلات إيطاليا القديمة النبيلة. ألحقه والده "كارلو بونابرت"، المعروف عند الفرنسيين باسم "شارل بونابرت" بمدرسة بريان العسكرية. ثم التحق بعد ذلك بمدرسة سان سير العسكرية الشهيرة، وفي المدرستين أظهر تفوقًا باهرًا على رفاقه، ليس فقط في العلوم العسكرية وإنما أيضًا في الآداب والتاريخ والجغرافيا. وخلال دراسته اطلع على روائع كتّاب القرن الثامن عشر في فرنسا، حيث كانوا من أصحاب ودعاة المبادئ الحرة. فقد عرف عن كثب مؤلفات فولتير ومونتسكيو وروسو، الذي كان أكثرهم أثرًا في تفكير الضابط الشاب.
أنهى دروسه الحربية وتخرّج في سنة 1785 وعُين برتبة ملازم أول في سلاح المدفعية التابع للجيش الفرنسي الملكي. وفي سنة 1795 أعطيت له فرصة الظهور، ليظهر براعته لأول مرة في باريس نفسها حين ساهم في تعضيد حكومة الإدارة وفي القضاء على المظاهرات التي قام بها الملكيون، تساعدهم العناصر المحافظة والرجعية. ثم عاد في سنة 1797 وأنقذ هذه الحكومة من الوقوع تحت سيطرة العناصر الملكية الدستورية فبات منذ هذا التاريخ السند الفعلي لها ولدستور سنة 1795.
بزغ نجم بونابرت خلال عهد الجمهورية الفرنسية الأولى، عندما عهدت إليه حكومة الإدارة بقيادة حملتين عسكريتين موجهتين ضد ائتلاف الدول المنقضة على فرنسا. وفي سنة 1799، قام بعزل حكومة الإدارة وأنشأ بدلاً منها حكومة مؤلفة من 3 قناصل، وتقلّد هو بنفسه منصب القنصل الأول؛ وبعد 5 سنوات أعلنه مجلس الشيوخ الفرنسي إمبراطورًا. خاضت الإمبراطورية الفرنسية نزاعات عدّة خلال العقد الأول من القرن التاسع عشر، عُرفت باسم الحروب النابليونية، ودخلت فيها جميع القوى العظمى في أوروبا. أحرزت فرنسا انتصارات باهرة في ذلك العهد، على جميع الدول التي قاتلتها، وجعلت لنفسها مركزًا رئيسيًا في أوروبا القارية، ومدّت أصابعها في شؤون جميع الدول الأوروبية تقريبًا، حيث قام بونابرت بتوسيع نطاق التدخل الفرنسي في المسائل السياسية الأوروبية عن طريق خلق تحالفات مع بعض الدول، وتنصيب بعض أقاربه وأصدقائه على عروش الدول الأخرى.
شكّل الغزو الفرنسي لروسيا سنة 1812 نقطة تحول في حظوظ بونابرت، حيث أصيب الجيش الفرنسي خلال الحملة بأضرار وخسائر بشرية ومادية جسيمة، لم تُمكن نابليون من النهوض به مرة أخرى بعد ذلك. وفي سنة 1813، هزمت قوّات الائتلاف السادس الجيش الفرنسي في معركة الأمم؛ وفي السنة اللاحقة اجتاحت هذه القوّات فرنسا ودخلت العاصمة باريس، وأجبرت نابليون على التنازل عن العرش، ونفوه إلى جزيرة ألبا.
هرب بونابرت من منفاه بعد أقل من سنة، وعاد ليتربع على عرش فرنسا، وحاول مقاومة الحلفاء واستعادة مجده السابق، لكنهم هزموه شر هزيمة في معركة واترلو خلال شهر يونيو من عام 1815. استسلم بونابرت بعد ذلك للبريطانيين، الذين نفوه إلى جزيرة القديسة هيلانة، المستعمرة البريطانية، حيث أمضى السنوات الست الأخيرة من حياته. أظهر تشريح جثة نابليون أن وفاته جاءت كنتيجة لإصابته بسرطان المعدة، على الرغم من أن كثيرًا من العلماء يقولون بأن الوفاة جاءت بسبب التسمم بالزرنيخ.
تُدرّس حملات نابليون العسكرية في العديد من المدارس الحربية حول العالم، وعلى الرغم من أن الآراء منقسمة حوله، حيث يراه معارضوه طاغية جبار، فإن كثيرًا من الناس يرونه رجل دولة وراعيًا للحضارة، إذ يُنسب إليه القانون المدني الفرنسي، المعروف باسم قانون نابليون، الذي وضع الأسس الإدارية والقضائية لمعظم دول أوروبا الغربية، والدول التي خضعت للاستعمار والانتداب الفرنسي في العصور اللاحقة.