من التاريخ العم (بيو) بين عنكاوا و بخديدا وضيافة الشيخ باهي دديزا وخدمة مزار مريمانا ٦٠ عام ............... اسمه مروكي ع

من التاريخ
العم (بيو) بين عنكاوا و بخديدا وضيافة الشيخ باهي دديزا
وخدمة مزار مريمانا ٦٠ عام
...............
اسمه مروكي عيسى أوغنا, الذي خدم مريمانى أكثر من 60 سنة, وهو من مواليد 1864عاش 112 سنة، وتوفي في سنة 1976، ودفن في مقبرة عنكاوا.
عند قيام الحرب العالمية الأولى سنة 1914, كان العراق تحت الإنتداب العثماني، وكانت خيالة الجيش التركي تتجوّل في كل مكان للقبض على الشباب وتجنيدهم للحرب، وقبض على العم (بيو) وتم سوقه للخدمة، لكنه تمكّن من الهروب, وألقي القبض عليه وسُجن في قشلة أربيل, وحكم عليه بالإعدام لهروبه عدة مرات، وقبل تنفيذ الحكم صدر أمراً (فرمان) من السلطان العثماني في أسطنبول بالعفو عن جميع السجناء وإرسالهم للحرب, وتم سوقه للخدمة مرة، وفي الطريق إلى ديار بكر، هرب مرةً أخرى، وتوجّه مشيًا على الأقدام إلى الموصل ومنها إلى بلدة بغديدا (قره قوش)، حيث كان أحد أولاد عمومته يسكن هناك وهو الشيخ (باهي دديزا). وبقي عنده عدة أيام للاستراحة، ثم توجّه إلى عنكاوا مع عدد من رجاله، وعند وصولهم إلى نهر الزاب طلب منهم العودة، وبعد وصوله إلى أطراف عنكاوا توجّه إلى قبة مريم العذراء (مريمانا) شرع بالصلاة والدعاء، ونذر نفسه لخدمتها، منذ ذلك اليوم، وكان يذهب إليها كل يوم سبت مساءً مشيًا على الأقدام ليوقد الشموع فيها صيفًا وشتاءً. وكان قبله المرحوم يلدا سبي كاكونا يقوم بخدمتها.
كتب لي حنا صليوا ججي (حنا سلو) رسالة, عن حادثة كان فيها حاضراً عندما كان يعمل مضمداً في مستشفى أربيل يقول فيها: وفي أحد الأيام من أواخر الخمسينيات راجع المستشفى المرحوم صليوا مروكي أوغنا معه والده مروكي ( العم بيو), وبعد إجراء الفحوصات, من قبل الدكتورعبد الرزاق أخصائي الجراحة تم إدخال العم بيو إلى المستشفى لإجراء عملية له. وفي صباح اليوم الثاني, لم يكن موجوداً في مكانه, حيثُ أسيقض مبكراً وتسلل إلى خارج المستشفى وتوجه إلى مريمانى كعادته للصلاة والتعبد وخدمتها.
غيابه أقلقنا لأنه على موعد لإجراء العملية, فطلب صليوا مساعدتي للتوجه إلى مريمانى, المكان المفضل والوحيد لوالده, وأستأجرنا سيارة وتوجهنا إليها, عند وصولنا شاهدناه راكعاً يصلي, و ناديناه قال لنا: مابكم إنّ العذراء أبلغتني بأنني معافي والحمدالله, ولا أشكو من أي شيء. إلا أننا اجبرناه بالذهاب معنا إلى الطبيب, وبعد فحصه ثانية استغرب الطبيب وقال أنه ليس الشخص الذي فحصتة يوم أمس, أنه معافي لايشكو من شيء, لا يحتاج إلى أي علاج ورجع إلى البيت مشياً وليس بالسيارة مع أبنه صليوا.
وكان العم بيو لا يغيب عن (مريمانى), مهما كانت الأسباب, وفي حادثة معروفة يتداولها أهل عنكاوا, عن إحدى زياراته لإشعال الشموع فيها. في أحد ايام الشتاء الباردة المصحوبة بزخات مطر كثيفة, وعند إقترابه من المزار, سمع أصوات وأحاديث أناس مجتمعين داخله, وفي طرف من القبة, فصلّى وطلب من العذراء مساعدته من الدخول ليوقد الشموع في الطرف الثاني من المزار,(كان المزار ولايزال عبارة عن قبتين مفتوحتين على بعضهما), فدخل وأوقد شموعه وخرج دون أن يشعر به أحداً منهم, وسلك طريقه إلى عنكاوا وهو يصلي ويطلب من العذراء.
وهو مزار قديم يقع على بعد ثلاثة كيلو مترات غرب عنكاوا. نقلاً عن الآباء والأجداد, يقال: بأنّه أثر لكنيسة قديمة في قرية زراعية كانت تحيط بها. يتكوّن المزار من ردهة عليها قبتان صغيرتان، يدخل إليهما من بابين صغيرين. جدد سنة 1965 مع الإحتفاظ بقِدَمه وطرازه. وفي سنة 1975 تم إزالته وتشيده بالطابوق وتغليفه بالاسمنت مع تغيير تصميمه والإبقاء على قبتين وبابين صغيرين.
يقول المرحوم شمعون هرمز كليانا عن مريمانى في كتاب له غير منشور عن عنكاوا, سمعاً من والده الذي عاش 106 عامأ, وآخرين من كبار السن: كانت أراضي عنكاوا كثيرة وفسيحة وبعيدة عن مركز القرية, فكر أبنائها في بناء كنيسة صغيرة على إسم السيدة العذراء, في هذا الموقع قديماً, وكانوا الفلاحين يبقون هناك أوقات الزرع والحصاد و يقيمون مراسيم الصلات فيها, ويتركونها وقت المخاطر. ومن كثرة حب أهل عنكاوا الكبير للعذراء, نجدهم ويلتجأون إليها في أوقات المخاطر والاضطرابات, وانحباس الأمطار, ولتقبل الشفاء المرضى. ويتوافدون إليها بشكل جماعي, لإقامة الصلوات والقداديس, وتلاوة التسابيح الوردية. ومن العادات الموروثة لدى أهل عنكاوا, زيارتها في عيد البشارة 25/آذار, وعيد حافظة الزروع 15/أيار, وعيد أنتقال العذراء إلى السماء في 15/آب. من كل سنة.
مروكي عيسى أوغنا المعروف بالعم (بيو) الذي خدم مريمانى أكثر من 60 سنة من حياته, وهو معروف بين كبار ومتوسطي العمر من بين أهلنا, والكثير من شباب لايعرفونه, فكيف الأجيال القادمة, سوف يتناسى ولايذكره الـتاريخ إن لم يوثق تاريخه, وتكتب حياته, فمن الضروري ذكره في عمل فني ما لسببين.
اولاً: لأنه خدم مريمانى أكثر من 60 سنة من عمره.
ثانياً: كونه أحد أكبر المعمرين الذين عرفناهم في عنكاوا.
أوعلى الأقل أن توضع صورته مع نبذة من حياته في لوحة جميلة على مدخل أو في حدائق مريمانى. إن لم يكن في عنكاوا.
فاروق حنا عتو هبى