الكاتب الأردني جهاد علاونة في جواب أكثر من رائع على سؤال صحفي سألوه هل تنوي أن تصبح مسيحياً؟ فردّ بطريقة مذهلة وقال: سألتني اليوم إحدى الصحف هل تنوي أن تصبح مسيحياً؟ فقلت: كان يسوع معلماً ولم يكن محارباً، ونحن مثقفون نبحثُ عن المُعلم، لم تكن رسالة المعلم معنية بالاتفاقيات الدولية لعقد صفقة تجارية تكون فيها المسيحية أو دفع الجزية. لقد كانت رسالة المعلم إنسانية محضة، ولم يمت المسيح وهو يحمل سيفه دفاعاً عن نشر دينه وتبليغ رسالته بالقوة. لقد كانت رسالة المعلم ذات أهداف إنسانية نبيلة، ولم يكن بارعاً في حمل السلاح ولا حتى العصا، ولم يره أحد وهو يحمل بيده سيفاً أو رمحاً طويلاً ولم يكن مهتماً بالحرب والقتال، ولم يكن تلاميذه من المحاربين الأشداء، بل كانوا أبرياء مثل الأطفال أمام معلمهم، ولم يبعثوا برسائل تهديد إلى ملوك العالم. وآمنت روما برسالة المعلم من غير أن يدخلها سيفٌ من سيوف المعلم أو رمحٌ أو فارسٌ على ظهر جواده، آمنوا بتضحية المعلم التي كانت رسالته رسالة تضحية. ولم يكن صاحب دعوة سياسية أو عنصرية أو إقليمية، ولم يكن قاطع طريق، ولم يكن صاحب كتاب بل صاحب رسالة، لقد كانت رسالة المعلم ذات معانٍ كثيرة وسامية، ولم يدّعِ شيئاً ليس به، ولم يتاجر بأحلام الغلابة والمساكين، ولم يأمر تلاميذه بشن حرب شعواء على أهل المدن المجاورة، ولم يقاسم التجار تجارتهم، ولم يعط فرصة للتجار بأن يخلفوه من بعده، ولم يكن يقيم وزناً للشكليات. كانت رسالة المعلم هي . عميقة في جوهرها، شريفة في حبه، سخية في عطائه. ولم يكتب في رسالته أنه سيفتح جنة عرضها السماوات والأرض للذين يقتلون الأبرياء والمساكين، كان محباً للناس ويباركهم في الطرقات، وكان يرى الله أباً وهو ابنٌ له ولم يكن يراه منتقماً وهو لم يكن ليحب أن يرَ نفسه عبداً لله بل ابناً يرعاه أبوه الذي في السماوات. فلم يُجرِب الله في الوادي ولم يبيع دنياه بوادٍ من الذهب، ولم ينظر للقذى في عين أخيه وكان لا يحبُ أن ينظر الناس للقذى بعيون إخوانهم وعيونهم ممتلئة بالأخشاب، ولم يكن بهلوانياً في اللغة فلم يهتم بصنعة الإنجيل البلاغية ولم يدع أن إنجيله معجزة لغوية ولم يكن وجهه عبوساً، ولم يقل للناس أنتم كفار، ولم يكن ملكاً ولا جباراً في الأرض، ولم يكن متخذا من اليهوديات ولا السريانيات ولا الكنعانيات أزواجاً متعددات، ولم يكن لديه عبيد ولا جواري ولا مقتنيات. ولم يشاهده أحد وهو ينفذ جرائم حرب بحق أقربائه، ولم يسمح لأي زانٍ بأن يرجم امرأة زانية، ولم يحمل على ظهره إلا النير، ولم يُكفّر أحداً، ولم يأمر المرأة بأن تركع لزوجها، ولم يأمر زوجها بأن يركع لها، بل صلى من أجلنا جميعاً، وهكذا أمرنا بالصلاة. ولم يدّعِ أنه سيفتح مشروع باب الجنة بالجملة بيديه، ولم يقل أن مفتاح القفل معه، ولم تسجد أوراق الشجر للمعلم وهو يمشي في الأسواق، ولم يأمر الناس أن يذكروه بعدد أوراق الشجر وزبد البحر، ولم يكن له صولجان مثل صولجان الأباطرة، ولكن كل الأباطرة والقياصرة من بعده حكموا العالم لأنهم حملوا رســـالته وليس ســـيفه +++
الكاتب الأردني جهاد علاونة في جواب أكثر من رائع على سؤال صحفي سألوه هل تنوي أن تصبح مسيحياً؟