رئيس الوزراء العراقي يغازل المحتجين بالإعلان عن تكليف لجنة تقصي حقائق في وجود سجون حكومية سرية تديرها جهات نافذة في منا يعرف بـ'الدولة العميقة'.
ميدل ايست/بغداد - أفاد المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في بيان اليوم الخميس بأن الأخير أمر بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق عن وجود سجون حكومية سرية يحتجز فيها متظاهرون، في أول قرار يغازل من خلاله الكاظمي الحراك الشعبي الذي سبق أن رفض تكليفه بتشكيل الحكومة.
والخطوة على أهميتها تنطوي على مخاطر سياسية بالنسبة للكاظمي الذي تبدو مهمته كمن يسير في حقل ألغام بالنظر إلى الملفات شديدة التعقيد من الفساد إلى سلاح الميليشيات إلى الاختراق الإيراني لمؤسسات الدولة.
لكن الرجل الذي سبق له أن تولى منصب رئاسة جهاز المخابرات قد يكون لديه هامشا مهما للتحرك وتحصين نفسه شعبيا بعد أن ضمن حزاما سياسيا لدعم حكومته، متسلحا أيضا بخبرة في التعامل مع ملفات شديدة الحساسية.
وجاء في أمر موقع باسم الكاظمي، أنه قرر "تشكيل لجنة عليا برئاسة الفريق الركن عثمان الغانمي وزير الداخلية لتقصي الحقائق عن وجود سجون حكومية سرية يحتجز فيها متظاهرون".
وبحسب البيان الذي يبدأ تنفيذه اعتبارا من تاريخ صدور الأمر الديواني، فإن الكاظمي منح اللجنة صلاحيات لانجاز مهمتها حيث قرر "تخويل اللجنة إرسال فرق تفتيشية يسمح لها بالدخول إلى أي مؤسسة أمنية أو مبنى يشتبه بوجود سجن سري داخله".
ويأتي الإعلان عن تشكيل وتكليف لجنة تقصي الحقائق بعد أنباء تفيد بتعرض العديد من نشطاء الحراك الشعبي للاختطاف والاحتجاز والتعذيب في سجون سرية من قبل مسلحين يعتقد أنهم ينتمون لفصائل شيعية موالية لإيران.
نص الأمر الديواني لتشكيل وتكليف لجنة تقصي الحقائق في السجون الحكومية السرية
ويتهم نشطاء عراقيون ميليشيات مقربة من إيران باختراق مؤسسات الدولة وإدارة مؤسسات أمنية سرية موازية، مستفيدة من نفوذها العسكري الواسع ومن تمتعها بغطاء سياسي تؤمنه بعض الأذرع في االمؤسسات الحكومية وفي الأحزاب السياسية لما بات يعرف بـ"الدولة العميقة".
وقتل في الاحتجاجات التي خفّ زخمها بسبب تفشي فيروس كورونا، المئات من المتظاهرين بنيران مجهولة أو بنيران قوات الأمن. وقد تعهد رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي بملاحقة المتورطين في قتل المتظاهرين، لكن وعوده ظلت حبرا على ورق ولم تغادر رفوف مكتبه.
ولم يتم خلال حكومة عبدالمهدي اعتقال أي شخص ممن يشتبه بتورطهم في اغتيال متظاهرين.
وشهد العراق احتجاجات عارمة تفجرت منذ أكتوبر/تشرين الأول 2019 ضد النخبة السياسية الحاكمة منذ 2003 والتي تبدلت معها الوجوه فيما ظلت السياسات على حالها لتغرق البلاد معها في أزمات اقتصادية واجتماعية تردت معها مرافق الخدمات من الصحة إلى التعليم إلى الماء الصالح للشراب إلى خدمات الكهرباء وغيرها من المرافق الحيوية في الدولة العضو بأوبك.
وقتل في الاحتجاجات الشعبية أكثر من 600 معظمهم من المتظاهرين في مواجهات مباشرة مع قوات الأمن أو برصاص مسلحين وقناصة يعتقد أنهم من فصائل شيعية موالية لايران التي حرصت على إخماد الحراك الشعبي خشية أن يتمدد إلى ساحتها ولأنه أيضا استهدف كبح نفوذها في العراق.
وفي تطور على علاقة باحتواء الغضب الشعبي، أعلن مكتب الكاظمي في بيان أن وفدا من مستشاريه أجرى أول لقاء مع ممثلين عن المتظاهرين في محافظة واسط.
وجاء في البيان "جرى اللقاء مع الوفد الحكومي في خيمة للمحتجين على الطريق المؤدي إلى حقل الأحدب النفطي وتم الاستماع لمطالب المحتجين"، مشيرا إلى أن "الوفد الحكومي تعهد بنقل المطالب إلى رئيس مجلس الوزراء".