لماذا تخشى الأحزاب العراقية الموالية لطهران الإشراف الدولي على الانتخابات النيابية المقبلة؟
بغداد- إرم نيوز:تُجري أحزاب عراقية، بعضها مقرب من طهران، حراكاً سياسياً واسعاً، لمنع الإشراف الدولي على الانتخابات النيابية المبكرة.
ومن المقرر إجراء انتخابات مبكرة، لاختيار أعضاء مجلس النواب، في العاشر من شهر تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.
ومنح رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، الرقابة الأممية والإشراف الدولي، حيزاً كبيراً من اهتماماته بالطلب من الأمم المتحدة ومجلس الأمن بضرورة مراقبة تلك الانتخابات.
وقبل أيام، قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، إن بلاده أرسلت طلبا إلى مجلس الأمن الدولي بشأن الرقابة الانتخابية، مؤكدا أن بغداد بصدد إرسال رسالة ثانية.
وحول خشية بعض الأحزاب المحسوبة على إيران من الإشراف الأممي أكد القيادي في جبهة الإنقاذ والتنمية أثيل النجيفي، أن ”تلك الأحزاب، تعرف بأنها وصلت إلى البرلمان، والعملية السياسية عن طريق التلاعب بأصوات الناخبين، والتأثير عليهم بطرق غير مشروعة، فضلاً عن اعتماد التزوير وسيلة لحصد المزيد من المقاعد النيابية، وهو ما يمكن خسارته في حال الإشراف الدولي على الانتخابات“.
وأضاف النجيفي لـ“إرم نيوز“ أن ”تلك الأحزاب تدرك جيداً بأن خروج مسألة الإشراف على الانتخابات من يدها، سيسقطها بشكل كبير، لذلك رأينا خلال الفترة الماضية، مساعي لقطع الطريق، أمام التحركات الرامية إلى إشراك مجلس الأمن والأمم المتحدة في الإشراف على الانتخابات“.
وواجهت أحزاب مثل تحالف الفتح، الممثل السياسي لمليشيات الحشد الشعبي، تهماً بتزوير انتخابات عام 2018، والحصول على 48 مقعداً في البرلمان، بطرق غير شرعية، فضلاً عن استغلال مشاعر الناخبين في المناطق الجنوبية، وتحشيدهم لاختيار المرشحين من أنصار الحشد الشعبي، باعتبارهم مقاتلين ضحوا من أجل البلاد والمذهب.
لكن القيادي في تحالف الفتح نسيم عبدالله، نفى أن يكون تحالف الفتح والكتل الأخرى عازمة على إحداث تغيير في الانتخابات بطرق غير مشروعة.
وقال عبدالله في تصريح لـ ”إرم نيوز“: إن ”الأمم المتحدة طرف يمثل كل دول العالم، وهناك اتفاق مع جميع الكتل بشأن مراقبتها للانتخابات، لكن أن يكون الإشراف من طرف دولي معين، يخضع لهيمنة الولايات المتحدة، فهذا مرفوض“.
وأضاف أن ”تحالف الفتح لا يسعى إلى تزوير الانتخابات كما يشاع، بل هناك توجه لتثقيف الناخبين، والحفاظ على العملية الانتخابية، وبالتالي نحن لدينا جمهورنا، ومحبينا، ومنهاجنا السياسي بعيد كل البعد عن تلك الخطط، بل نسعى إلى إقناع الجماهير بمشروعنا، واعتماد الطرق السليمة في ذلك“.
تأييد السيستاني
وبالإضافة إلى المطالب المستمرة لناشطي الاحتجاجات العراقية، كانت المرجعية الشيعية العليا في النجف طالبت، في 13 سبتمبر /أيلول 2020، بتحقيق شرط الإشراف الأممي.
وقال المرجع الشيعي الأعلى في العراق، علي السيستاني، في بيان إثر لقائه ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة بالعراق، جينين هينيس بلاسخارت: ”لابد من مراعاة النزاهة والشفافية في مختلف مراحل إجراء الانتخابات، والإشراف والرقابة عليها بصورة جادة بالتنسيق مع الدائرة المختصة بذلك في بعثة الأمم المتحدة“.
ويبدو أن تأييد السيستاني للإشراف الأممي أثار حفيظة إيران، فقد نشر مستشار المرشد الأعلى علي خامنئي، شريعتمداري، مقالا هاجم فيه أعلى مرجع شيعي في العراق.
ومنذ أيام نشط تحالف مقرب من إيران، لمنع الإشراف الدولي على الانتخابات، خاصة تحالف الفتح، بقيادة هادي العامري، وائتلاف دولة القانون، الذي يتزعمه رئيس الحكومة الأسبق نوري المالكي، فضلاً عن قيادات الحشد الشعبي.
وتعتمد تلك الأحزاب، خطاباً يهدف إلى تصوير الإشراف الدولي على الانتخابات بأنه انتهاك لسيادة العراق، لتحفيز الجماهير، على الوقوف وراءها، وتكثيف تلك المطالب.
ويقول مختصون في الشأن الانتخابي، إن الطلب المقدم من العراق إلى مجلس الأمن، بشأن الإشراف على الانتخابات يعد أعلى مراتب الإشراف على العملية الانتخابية.
ويرى المحلل السياسي، عماد محمد، أن ”الأحزاب التي تدّعي احترامها للمرجعية الدينية، تخالفها بشكل واضح في مسألة الإشراف على الانتخابات، لأنها رأت في ذلك، ضربة لنفوذها، وقدرتها على التلاعب بأصوات الناخبين، كما حصلت في انتخابات عام 2018، وهو ما يضع مصداقية تلك الأحزاب وحقيقة ادعاءاتها على المحك“.
وأضاف في تصريح لـ“إرم نيوز“ أن ”الإشراف الدولي، لا يمكنه القضاء على التزوير، بشكل تام، لكنه سيحقق تقدما في هذه القضية، وهو ما يفسر رفض تلك الأحزاب التي تمتلك مجموعات مسلحة واحترفت تزوير الانتخابات والتلاعب بها“.
ولفت إلى أن ”الضغط الحاصل يؤشر إلى حجم التدخل في الانتخابات السابقة، وتأثير المال والسلاح في تحديد وجهة الناخبين“.
وتأمل الأوساط السياسية العراقية، وقادة التظاهرات الشعبية، بأن يخفض الإشراف الدولي على الانتخابات، من إمكانية التزوير، والتلاعب بأصوات الناخبين، ما يعني وصول برلمان ممثل عن الشعب، وقادم عبر انتخابات حرّة ونزيهة.
وقبل أيام، التقت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة بالعراق، جينين هينيس بلاسخارت، مستشار المرشد الإيراني، علي أكبر ولايتي في العاصمة طهران.
وحسب موقع ولايتي الرسمي على الإنترنت، فقد ”بحث الجانبان التطورات الأخيرة في العراق، إلى جانب الانتخابات التي سيشهدها العراق نهاية العام الجاري“.
ودعا ولايتي إلى ”ضرورة عدم تدخل أي دولة في شؤون العراق الداخلية“، وذكر أنّ ”الشعب والحكومة في العراق هم أصحاب القرار“.
وأثارت تلك التصريحات غضباً شعبياً واسعاً في العراق، بسبب تدخلها في مسألة الانتخابات، والشؤون الداخلية للبلاد، خاصة وأنها صدرت من مستشار خامنئي، الذي عبّر بشكل واضح عن رفض بلاده الإشراف الدولي على الانتخابات العراقية، وهو ما يخالف رغبة المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني.