لئن کانت الاحتلال الامريکي المسٶول الاول عن ما قد آلت إليها الاوضاع المختلفة من سوء في العراق وماعانى ويعاني الشعب العراقي من جراء ذلك، فإن النظام الايراني المسٶول ليس عن إستمرار تلك تلك الاوضاع فقط وإنما عن إزدياد وخامتها ولاسيما من حيث إکتسابها أبعادا طائفية وعرقية ودينية خطيرة وحساسة، وإننا لو قمنا بمقارنة بين الاحتلال الامريکي والدور والنفوذ غير العادي للنظام الايراني لوجدنا الثاني أخطر بکثير من الاول، إذ أن الاحتلال الامريکي يمکن أن تزول آثاره وتداعياته المباشرة خلال فترة قصيرة نسبيا، غير إن الدور والنفوذ الايراني لايمکن أن يزول لفترات طويلة.
ماقد قام به الاحتلال الامريکي من تنصيب أو تجنيد عملاء له في العراق، فإن عملائه إضافة الى أنهم معروفون لکنهم يحاولون قدر الامکان إظهار أنفسهم کعراقيين وطنيين ولکن في الحالة الايرانية فإن المسألة مختلفة تماما، ذلك إن عملاء النظام الايراني وأتباعه من الذين تم إعدادهم وتجنيدهم عقائديا وسياسيافإنهم يتفاخرون بکونهم في خدمة هذا النظام وإنهم يعتبرون خامنئي مرجعا لهم، بل وحتى وصل الامر ببعض من الوجوه القيادية العميلة للنظام الايراني بأن يصرح في مقابلة تلفزيونية من إنه إدا وقعت الحرب بين العراق والنظام الايراني فإنه يقف الى صف الثاني ويحارب العراق!! الخطورة المفرطة للدور والنفوذ المشبوه للنظام الايراني تأتي من إنه قد قام بتشکيل جيش عقائدي من الاحزاب والميليشيات التي تعلن عن ولائها المباشر له وتعمل على تنفيذ أجندته ومخططاته في العراق بصورة مکشوفة ومن دون أي لف أو دوران، ومن هنا فإن الموقف المتشدد الحالي من هذه الاحزاب والميليشيات العميلة من تواجد القوات الامريکية في العراق، لاينبع من حرص وطني على العراق وشعبه کما قد يفهم البعض، خصوصا إذا ماعلمنا بأن دور ونفوذ النظام الايراني نفسه وعملائه قد دخلوا الى العراق بفضل الاحتلال الامريکي، بل إن هذا الموقف المتشدد يأتي إستجابة لمطالب وأوامر موجهة إليهم من طهران وليس أمامهم من خيار سوى تنفيذه.
بهذا السياق، فإنه وعندما توعدت الفصائل العميلة للنظام الايراني والمنضوية تحت ماتسميه"المقاومة العراقية" بالرد على الغارة الجوية الامريکية على فصائل شيعية مرابطة على حدود العراق وسوريا، وكذلك محاسبة من سمتهم بـ”المتواطئين” وعندما تتمادى وتذهب أبعد من ذلك حينما القوى السياسية العراقية الحالية قائلة أنها:" ستطيح بكل التفاهمات التي تم القبول بها مع بعض الأطراف السياسية، وتشطب بنحو نهائي وقاطع على كل قواعد الاشتباك التي فرضتها التفاهمات السياسية بعد أن أثبتت عقمها وعدم جدواها"، فإنها بذلك تسفر عن الوجه البشع الحقيقي لعمالتها المفرطة إذ لو کانت هذه الفصائل تمتلك ذرة واحدة من الوطنية لساوت على أقل تقدير بين الاحتلال الامريکي البغيض وبين الدور والنفوذ المشين للنظام الايراني.