مؤتمر دول الجوار في بغداد خطوة مهمة بأهداف صعبة التحقق
خبراء يرون في إعلان العراق عن استضافة مؤتمرا إقليميا نهاية أغسطس خطوة مهمة لكن ينبغي عدم المبالغة في تقييم نتائجها خاصة وأن العراق مازال محكوما بالنفوذ الإيراني ولن يكون من السهل عليه التقريب بين متناقضات تعتبر من أساس أزمته.
الاثنين 2021/08/09
خطوة شكلية تصب في صالح الكاظمي عشية الانتخابات
بغداد – تستضيف بغداد نهاية الشهر الحالي مؤتمرا إقليميا يعتبر سابقة في عراق ما بعد 2003، من حيث المشاركين كما على مستوى التنظيم والفكرة في حد ذاتها. مؤتمر لم يشهد مثله العراق منذ حوالي عقدين من الزمن يتطلع من خلاله إلى استعادة مكانته عربيا وإقليميا وكسر الصورة التي ترسخت عن العراق ما بعد الاحتلال الأميركي.
وجهت الحكومة العراقية دعوات لقادة دول الجوار مثل السعودية وتركيا والكويت ودول أخرى صديقة وفاعلة في المشهد العراقي على غرار فرنسا التي أعرب رئيسها ايمانويل عقب اتصال بينه وبين رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي عن "دعمه الكامل للعراق" وأشاد بـ"الدبلوماسية العراقية المتوازنة".
وكانت وزارة الخارجية العراقية قد وجهت دعوات للمشاركة في المؤتمر لكل من الرئيس التركي رجب طيب إردوغان والملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، لكن أي تفاصيل عن الموعد الدقيق للقمة وكافة المشاركين لم تتضح بعد.
ولم يتبين خصوصا ما إذا كانت إيران ستنضم أيضا إلى المؤتمر الذي يأتي بعد أسابيع قليلة من أداء المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي اليمين الدستورية وتولي مهامه كرئيس للبلاد.
ويرى الباحث ومدير مركز التفكير السياسي إحسان الشمري في المؤتمر "دليلا على أن هناك ثقة من دول جوار بالعراق" ومؤشرا إلى "استعادته لدوره إقليمي ولأن يكون عاملا في استقرار المنطقة"، لاسيما أن بغداد استضافت خلال الأشهر الماضية مفاوضات بين وفدين إيراني وسعودي لمناقشة تحسين العلاقات المتوترة بين البلدين.
فالعراق الذي يجد نفسه في وضع معقد بين جارته الشيعية الشرقية وجارته السنية إلى الجنوب، يسعى إلى أداء دور الوسيط على مستوى الشرق الأوسط منذ أنزل الهزيمة بتنظيم الدولة الإسلامية المتطرف نهاية 2017، فيما تعدّ بغداد واحدة من العواصم الإقليمية القليلة التي تربطها علاقات جيدة مع الدول المجاورة.
لكن رغم الصورة التي الإيجابية التي تحيط فكرة استضافة العراق لمؤتمر إقليمي موسع إلا أن الأمر يبقى مجرد خطوة شكلية تصب في صالح مصطفى الكاظمي، مع الاستعداد للانتخابات المشكوك في إجرائها بعد اتساع رقعة الانسحابات. وعن ذلك يقول الباحث في جامعة شيكاغو رمزي مارديني إن المؤتمر لن يشكّل أكثر من "انتصار رمزي" قبل نحو شهرين من الانتخابات النيابية المبكرة التي تريد حكومة مصطفى الكاظمي إجراءها بعد أكثر من عام على توليه المنصب إثر احتجاجات شعبية غير مسبوقة.
ويضيف الباحث أن "الربح السياسي الحقيقي سيكون من نصيب الكاظمي، فذلك سيدعم بالتأكيد صورته ومكانته"، فيما يعيش العراق صعوبات وأزمات، بدءا من الكهرباء، الذي يعتمد العراق بشكل كبير لتوفيرها على الجارة إيران، فضلا عن التوتر الأمني، وصولا إلى التدني في مستوى البنى التحتية والخدمات، والأزمة الاقتصادية مع تراجع أسعار النفط وتفشي وباء كوفيد-19.
تأتي هذه القمة بعد زيارة للكاظمي إلى واشنطن أواخر يوليو اتفق فيها مع الرئيس الأميركي جو بايدن على إنهاء "المهمة القتالية" للولايات المتحدة في العراق، وسط رفض شديد للفصائل الموالية لإيران لأي وجود أميركي في البلاد، وهجمات متكررة ضد المصالح الأميركية تنسب إلى تلك الفصائل.
ويدرك المسؤولون العراقيون أن الطريق طويل، ولكن إن لم يتمكن العراق من أن يمارس ضغوطا كبيرة فإنه على الأقل وفر ساحة للحوار. كذلك، فإن من شأن أي تهدئة إقليمية، لاسيما بين طهران والرياض اللتين قطعتا علاقاتهما في العام 2016 متبادلتين الاتهامات بزعزعة استقرار المنطقة، أن تعود بالفائدة على العراق.
فلا يزال العراق عالقا بين العداوة الأميركية والإيرانية، ويشهد هجمات بالصواريخ أو بعبوات ناسفة تنفذها بوتيرة أسبوعية فصائل تعد ورقة بيد إيران تستخدمها في كل مفاوضات مع بغداد، بحسب مسؤولين عراقيين.
في المقابل، تنشر الولايات المتحدة 2500 عسكري في العراق من بين 3500 عنصر من قوات التحالف الدولي لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية، بينهم مئات الفرنسيين.
في الأثناء، لم تجر محادثات بين العراق والسعودية منذ وقت طويل. وعام 1990، حين اجتاح صدام حسين الكويت، قطعت الرياض علاقاتها الدبلوماسية مع العراق، ولم تستأنف العلاقات بينهما إلا في عام 2017، أي بعد 15 عاما على سقوط صدام حسين.
كذلك، فإن رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي، وهو شيعي كما يقتضي العرف، قريب من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وفيما تسعى بغداد إلى تحقيق تقارب بين حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، أي السعودية والأردن ومصر، لاسيما مع استضافتها نهاية يونيو قمة ثلاثية جمعت بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والملك الأردني عبدالله والكاظمي، فإنها تدعم أيضا عودة سوريا إلى الجامعة العربية.
بالمحصلة يرى مارديني أن المؤتمر يبقى "خطوة مهمة" لكن "ينبغي عدم المبالغة في تقييم نتائجه... لا أعتقد أن العراق سيتمكن من تحقيق أي شيء ملموس منه".
مقالات أخرى من اختيارات المحرر
الأحد 08/08/2021
الكاظمي يحشد لقمة عربية موسعة تحتضنها العراق
الرياض - وجه العراق الأحد دعوة رسمية لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لحضور قمة إقليمة لدول الجوار العراقي، فيما يأتي ذلك بينما تسعى بغداد للعب دور وساطة في أزمات بالمنطقة واستعادة دورها الريادي كوسيط واستعادة مكانتها ضمن المحيط العربي والإقليمي.
ويحشد العراق لعقد قمة إقليمية موسعة تضم إلى جانب دول الجوار أكبر عدد من الدول العربية في قمة من المتوقع أن تتناول قضايا هامة وخلافات بين دول المنطقة، حيث تسعى بغداد مؤخرا بدبلوماسية نشطة للعب دور الوسيط الناجح في دفع جهود التهدئة بين إيران والسعودية وخفض التوتر بين البلدين الخصمين.
وفي سياق التحركات العراقية وصل إلى الرياض مساء اليوم الأحد وزير الخارجية العراقي فؤاد محمد حسين في زيارة إلى المملكة تدوم حتى صبيحة غد الاثنين يقوم خلالها بتسليم ولي العهد دعوة من رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي لحضور قمة قادة دول الجوار في بغداد نهاية الشهر الحالي.
واكتفت وكالة الأنباء السعودية الرسمية 'واس' بالقول أن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله "استقبل بمكتبه في مقر الوزارة بالرياض اليوم نظيره العراقي وجرى خلال الاستقبال استعراض أوجه العلاقات السعودية العراقية وسبل دعمها وتعزيزها بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين كما تطرق الجانبان إلى تعزيز التنسيق الثنائي المشترك وكل ما من شأنه أن يُسهم في استقرار المنطقة وحفظ الأمن والسلم الدوليين، بالإضافة إلى تبادل وجهات النظر حيال العديد من القضايا الإقليمية والدولية".
والعراق عالق منذ الغزو الأميركي في العام 2003 في مشاحنات وخصومات إقليمية ودولية خاصة بين طهران وواشنطن وتُشكل ساحته ساحة حرب بالوكالة بينما تعبث ميليشيات إيران بأمنه واستقراره وتعبث طهران بمقدراته وثرواته وتتحكم في المشهد السياسي بأكثر من ذراع ميليشاوية وسياسية.
وتتوقع مصادر دبلوماسية في الرياض تحدثت إلى وكالة الأنباء الألمانية، أن تستضيف العاصمة العراقية القمة في الثامن والعشرين أو التاسع والعشرين من شهر أغسطس/آب الحالي.
ويسعى العراق لاحتضان قمة تضم 10 دول من دول الجوار بالإضافة إلى مشاركة دول أوروبية والولايات المتحدة الأميركية إلى جانب قطر والإمارات ومصر. وصرح اليوم عضو اللجنة الخارجية النيابية العراقية عامر الفايز إن "القمة ستناقش ضبط الحدود بين الدول وتعزيز الجانب الأمني والسياسي والاقتصادي وحل أزمة المياه والمساهمة بحل الخلافات بين بعض دول المنطقة" دون الإشارة إلى موضوع القمة.
كما ترغب بغداد في تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع دول الجوار وفتح أبوابها أمام الاستثمارات، وخاصة لإقامة مشاريع في المناطق المتضررة من الحرب ضد تنظيم "داعش" . وتعمل حكومة الكاظمي منذ توليها السلطة قبل عام لإعادة علاقات العراق مع محيطه العربي والإقليمي، بعد توتر شهدته الحكومات السابقة.
ويعمل رئيس الوزراء العراقي على أكثر من جبهة داخلية وخارجية لاستعادة دوره القيادي في منطقة مضطربة وفي ظل تطورات جيوسياسية متسارعة ووسط ضغوط شديدة على أكثر من صعيد.
ويبقى عقد القمة الإقليمية الموسعة في العراق رهين بقبول دول الجوار العراقي والدول الأخرى التي يعتزم دعوتها بينما تخيم التوترات بين عدد منها على أي جهد من هذا النوع.
وفي المقابل فإن الوضع الأمني غير المستقر في ظل وجود ميليشيات مسلحة نافذة موالية لإيران قد يعكر الزخم الدبلوماسي العراقي.
على صعيد آخر رحبت السلطات العراقية الأحد بانسحاب القوات الأميركية التابعة للتحالف الدولي من البلاد إلى قاعدتها الرئيسية في الكويت.
جاء ذلك في بيان صادر عن مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، غداة إعلان التحالف الدولي انتهاء مهمة إحدى قواته في العراق.
والسبت أعلن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية في بيان، أن "فرقة العمل المشتركة والعملية المتأصلة (OTH) أنجزت مهمة حماية قوة الانتشار السريع في العراق وعادت إلى قاعدتها الرئيسية في مخيم بويهرينج بالكويت".
وقال الأعرجي "نرحب بخطوة مغادرة قوات OTH التابعة لقوات التحالف في العراق، وعودتها إلى قواعدها في الكويت"، مضيفا "الخطوة جاءت استجابة لمخرجات الحوار الاستراتيجي بين العراق وأميركا، وهي تأكيد لما تم الاتفاق عليه والتزام ومصداقية للطرفين"، وفق البيان.
وهذه هي المرة الأولى التي يعلن فيها عن انسحاب قوات قتالية أميركية من العراق، عقب الاتفاق الذي توصلت إليه بغداد وواشنطن الشهر الماضي.
وفي 26 يوليو/تموز الماضي، اتفق العراق مع الولايات المتحدة، على انسحاب جميع القوات الأميركية المقاتلة من العراق بحلول نهاية العام الجاري 2021.
وتقود واشنطن منذ 2014، تحالفا دوليا لمكافحة "داعش"، الذي استحوذ على ثلث مساحة العراق آنذاك، حيث ينتشر بالعراق نحو 3000 جندي للتحالف، بينهم 2500 أمريكي.
وتضغط قوى سياسية مقربة من طهران باتجاه مغادرة القوات الأميركية للبلاد، كما تتعرض المصالح الأميركية لهجمات متكررة في العراق، تقف وراءها فصائل شيعية مرتبطة بطهران.