رووداو ديجيتال:يشعر ممثلو مكونات، يطلق عليهم صفة أقليات، دينية عراقية اصيلة، بمظلومية تمثيلهم في البرلمان العراقي، ورأوا خلال احاديثهم لشبكة رووداو الاعلامية، ان تخصيص عدد من المقاعد في مجلس النواب لهم وفق الكوتا "غير منصف"، وان الجميع تقريبا غير راضين عن مقاعد (الكوتا) المخصصة لمكوناتهم، بل والاكثر من هذا هو ان بعضهم يحتج على عدم اعتراف الحكومة والبرلمان باديانهم وأجبروا على تنسيبهم للديانة الاسلامية دون ارادتهم.
البرلمان العراقي خصص ضمن الكوتا، 5 مقاعد للمسيحيين، ومقعد واحد لكل من: الإزيديين والصابئة المندائيين والكورد الفيليين والشبك، وحرم الزرادشتيين والكاكائيين والبهائيين، لعدم اعتراف الحكومة بتلك الاديان.
مقعد واحد لا يكفي
يقول خيري بوزاني، وهو ازيدي، ان "عدد الايزيديين في العراق 550 الف نسمة، واذا اخذنا بنظر الاعتبار ان لكل 100 الف مواطن مقعد برلماني فهذا يعني ان من حقنا ان نحصل على خمسة مقاعد في مجلس النواب، لكن البرلمان العراقي حدد لنا ووفق (الكوتا) مقعداً واحداً، وبذلك ظلم مكوننا الديني"، مشيرا الى ان "الازيديين حاولوا من خلال المحكمة الاتحادية زيادة عدد مقاعدهم بالبرلمان وفق هذا المبدأ لكن قرار المحكمة قال ان مقعدا واحدا يكفي للازيديين".
وعبر بوزاني عن "عدم القناعة بهذه الكوتا، ونشعر بالمظلومية لهذا الغبن الذي لحق بنا"، منوها الى انه "كان هناك 3 اعضاء من الازيديين في البرلمان العراقي، وذلك عن طريق ترشيح آخرين ضمن الاحزاب الكوردية، واليوم هناك خالدة خضر، وهي ازيدية، عضوة في مجلس النواب عن الحزب الديمقراطي الكوردستاني، اضافة الى مقعد الكوتا المخصص لنا".
للصابئة المندائيين، حسب الكوتا، مقعد برلماني واحد، وحسب خالد امين رومي، وهو أول صابئي عضو في تاريخ البرلمانات العراقية، في دورة 2005، فان "تخصيص مقاعد الكوتا للمكونات الدينية غير منطقي، ولا نعرف حتى اليوم لماذا للمسيحيين 5 مقاعد بينما للازيديين مقعد واحد وعددهم يقرب من 300 الف مواطن، بينما حرمت مكونات دينية عراقية اصيلة من اي مقعد"، مشيرا الى ان "هذا ما اقر منذ البداية وبدون معايير وسارت عليه بقية البرلمانات".
ويعترف رومي بقوله ان "عدد الصابئة يقدر بـ 15 الف نسمة في العراق، او هذا ما تبقى منهم، لكن ممثل واحد عنهم، وحسب تجربتي كبرلماني سابق، وممثل عن كتلة المندائيين، لا يستطيع الايفاء بالتزاماته واجتماعاته مع بقية اللجان البرلمانية المتعددة، لهذا اقترح ان يرشح عدد من الصابئة ضمن قوائم وكتل اخرى ليصلون الى مجلس النواب بعيدا عن الكوتا، لكن اي مرشح يجد انه من الصعوبة ان يتنافس مع الاف المرشحين، غير انه من السهولة ان ينافس 7 مرشحين على مقعد الكوتا خاصة وانه يخوض الانتخابات ضمن دائرة واحدة".
تفكيك القومية الكوردية
ما هو غير مفهوم في تخصيص مقعد واحد ضمن الـ(كوتا) للشبك، هو ان الشبك كديانه من المسلمين، شيعة وسنة، وكقومية هم من الكورد، اي انهم لا ينتمون الى مكون او اقلية دينية او قومية، وبامكانهم الترشيح مع كتل او قوائم اخرى حالهم كحال اي عراقي، وهذا ما يقره حسين علي محمد، رئيس تيار أحرار الشبك، الذي قال: "تشير تقديراتنا الى ان عدد الشبك في سهل نينوى ومركز مدينة الموصل اقل من 400 الف نسمة، وكلنا من الكورد المسلمين، بواقع 60% شيعة، و40% سنة، وهذه تقديرات وليست احصائيات رسمية، وانا أقر بان تخصيص مقعد للشبك ضمن الكوتا البرلمانية هدفه سياسي ولتفتيت وحدة الكورد، اذ بامكان اي شبكي الترشيح ضمن قوائم الاحزاب الكوردية، وابرزها الديمقراطي الكوردستاني او الاتحاد الوطني الكردستاني".
ونوه الى ان "الدستور العراقي اقر بوجود ثلاث قوميات اساسية هي العربية والكوردية والتركمانية، واعترف بالدين الاسلامي والمسيحي والازيدي والصابئي، وديانات اخرى حسب منطوق الدستور، وبذلك فالشبك ليست ديانة ولا قومية بل هي منطقة في سهل نينوى تسكنها عشائر كوردية الى جانب المسيحيين والازيديين والعرب".
ويضع محمد اللوم على "السياسيين الكورد الذين ساهموا بصياغة الدستور دون ان يعترضوا على خطة تفكيك القومية الكوردية الى شبك وكورد فيليين، لهذا اجد ان حصرنا في مقعد واحد اهدار لحقوقنا في الحصول على أكثر من مقعد الا عن طريق الترشيح ضمن بقية الاحزاب الكوردية او الشيعية او السنية، مع اني لا احب استخدام التوصيفات الطائفية".
ديانات غير معترف بها
الموقف اكثر صعوبة مع مكون الديانة الزرادشتية، وهي من اقدم الديانات في منطقة كوردستان الكبرى، وتعتبر الديانة الاصلية للسكان قبل وصول بقية الديانات عن طريق الغزوات والحروب التي اودت بحياة الالاف من الزرادشتيين، وصعوبة الموضوع تتجسد، وحسب ما أكدت آوات حسام الدين، بأن "ديانتنا الزرادشتية غير معترف بها من قبل البرلمان او الحكومة العراقية وليس لها ذكر في الدستور العراقي، حيث تقر الحكومة بان الاسلام والمسيحية والصابئية والازيدية فقط اديان معترف بها"، مشيرة الى "المحاولة مع الحكومة العراقية ومن خلال مندوبنا ببغداد حيدر عصفور الحصول على اعتراف بالزرادشتية كدين لكننا لم نوفق بذلك للاسف، ولذلك وبكل بساطة غير مسموح لنا بالترشيح للبرلمان العراقي ولا بتخصيص مقعد ضمن الكوتا للزرادشتيين".
توضح آوات، وهي متطوعة (بلا راتب) لتمثيل الديانة الزرادشتية في وزارة الاوقاف والشؤون الدينية في حكومة اقليم كوردستان، أن "هناك 15 الف زرادشتي معلن عن نفسه اما الآخرين فيمارسون نشاطاتهم وطقوسهم الدينية بسرية خاصة في المحافظات الاخرى خارج اقليم كوردستان خشية على حياتهم"، مشيرة الى "العمل ضمن منظمة (يزنا) والتي تعني (أعياد)، ومقرها في السليمانية، وكان لنا مقر في اربيل لكنه أغلق بسبب عدم وجود اي دعم مادي لتسديد ايجار المقر، وفي دهوك تم التضييق على صاحب الملك الذي استأجرناه ليكون مقرا لنا، وفي مقر المنظمة خصصنا غرفة لتكون معبدا نمارس فيه طقوسنا الدينية".
ولفتت الى "رفع دعوى ضدي من قبل احد السلفيين وهناك ثلاثة تبليغات لحضوري الى المحكمة بتهم غريبة وشاذة باعتبارنا نعبد النار، وهناك سلفيين في دهوك وزاخو اتهموا اتباعنا بممارسة الجنس مع المحارم، مع ان ديننا يحرض على المحبة والسلام والاهتمام بالبيئة".
وتضيف: "حتى اليوم يكتب في خانة الديانة بهوية الاحوال المدنية (مسلم) بدلا من زرادشتي، وكان يُكتب في هويات الزرادشتيين في العهدين الملكي والجمهوري الاول (عبد الكريم قاسم) عبارة (مجوسي)، فبالرغم من ان الزرادشتية هي ديانة اصيلة وقديمة الا اننا اجبرنا على اعتبارنا مسلمين في السجلات الرسمية"، منوهة الى ان "هناك عودة للكثير من المسلمين خاصة والمسيحيين الى اعتناق الديانة الزرادشتية"، وتتساءل: "لماذا لا يسمحون لنا باقامة معبد خاص بنا اسوة ببقية الاديان، فهناك 6 الاف مسجد ومئات الكنائس ومعابد ايزيدية وصابئية بينما نحن محرومون من ممارسة طقوسنا في معبد واحد".
وتؤكد أوات أن "هذه الاسباب وغيرها حرمتنا من التمثيل في مجلس النواب العراقي، ونحن نشعر بالمظلومية جراء هذا التصرف".
يذكر ان هناك معابد اثرية للزرادشتيين في عموم اقليم كوردستان، ابرزها معبد (آتشكة) وتعني النار الازلية، في محافظة دهوك، التي عثر فيها على منحوتة أثرية من الحضارة الزرادشتية، وتعود للألف الأول قبل الميلاد، في غرب المحافظة، وهي لقيا فريدة ونادرة من نوعها في العالم، حسب تصريح لمدير آثار دهوك حسن قاسم.
كما أن هناك معبدا اثريا يقع داخل كهف في شمال عقرة و بمسافة 220 متر عند سفح قلعة معبد الزرادشتيين، ويُطلق على هذا الكهف تسمية (آكري)، وهناك معبد في دربندخان الا ان هذه المعابد، وحسب ايضاح آوات "وهي كثيرة ومنتشرة في اقليم كوردستان، تعتبر مناطق أثرية ويسمح لنا، مثلما غيرنا، بزيارتها كسائحين وليس كزرادشتيين وغير مسموح لنا بممارسة طقوسنا فيها".
"اجبار على الصلاة وارتداء الحجاب"
مشكلة الكاكائيين، من حيث الاعتراف بديانتهم من قبل الحكومة العراقية، لا تختلف عن الزرادشتيين، يقول الناشط المدني رجب كاكائي إن "الحكومة والبرلمان العراقي يصران على اننا مسلمين، ولا نعرف هل نحن من السنة ام الشيعة، لكن ما نعرفه نحن وبيقين تام هو اننا لسنا بمسلمين، وهذا ليس انتقاصا من الدين الاسلامي الحنيف، بل هذه هي الحقيقة"، مشيرا الى ان "هناك بعض الكاكائيين وبهدف الاستفادة من المكتسبات المادية والدعم المعنوي يدعون انهم من المذهب الشيعي، لكنهم لا يمارسون اية طقوس اسلامية، لا شيعية ولا سنية، بل يؤدون طقوس الديانة الكاكائية سرا".
يضيف كاكائي أن "الحكومة ثبتت وما تزال ديانتنا في هويات الاحوال المدنية باعتبارنا مسلمين، ونحن نحاول منذ عام 2007، وعبر جهود محلية ودولية اصدار تشريع برلماني يعتبرنا ديناً مستقلاً، ونأمل ان يتحقق هذا قريبا".
ويوضح كاكائي ان "عدد الكاكائيين، وجميعهم من الكورد، في العراق يبلغ 120 الف شخص، غالبيتهم في اقليم كوردستان وكركوك ونينوى وديالى، ومع ذلك لا يتم تمثيلنا ضمن الكوتا في مجلس النواب العراقي، وهذا ما يشعرنا بالمظلومية كوننا مكون عراقي اصيل ومحروم من حقوقه السياسية"، مضيفا ان "اكثر ما يشعرنا بالظلم هو قيام بعض مدرسي مادة الدين الاسلامي باجبار ابنائنا وبناتنا على الصلاة، وفق المذهب السني والشيعي وحسب مذهب المدرس، وفرض الحجاب على بناتنا".
ويؤكد الناشط المدني رجب كاكائي ان "حكومة اقليم كوردستان، وحسب القانون رقم 5 لسنة 2015، اعترفت بالكاكائية كدين، ولنا ممثل في وزارة اوقاف اقليم كوردستان، وممثل في مجلس محافظة حلبجة".
"البهائية غير معترف بها"
معتنقو الديانة البهائية يعانون من ذات المشكلة التي يعاني منها الزرادشتيين والكاكائيين، وحسب سرمد مقبل خسرو، فانه "لا يوجد عندنا اي ممثل في البرلمان العراقي، فالبهائية اصلا غير معترف بها رسميا في العراق كديانة حسب قانون 105 الصادر عن مجلس قيادة الثورة عام 1970 الذي حرم نشاط البهائيين"، مشيرا الى ان "الاعتراف بنا كديانة لا يتطلب سوى كتاب صادر عن الحكومة العراقية يعترف بوجودنا ولا نحتاج الى قانون بذلك، فنحن في اقليم كوردستان معترف بنا ومنذ عام 2012 تم الاعتراف بالمجلس البهائي رسميا وبتمثيلنا في وزارة الاوقاف".
ويوضح أنه "ومع ذلك فان وضع البهائيين مقبول جدا بالنسبة لنا في العراق، على العكس مما حدث ويحدث مع البهائيين في ايران، التي تعد مهد ديانتنا ومعقلها".
وحول موضوع تمثيلهم في البرلمان، يؤكد خسرو ان "البهائية لا تعتقد بممارسة السياسة والبرلمان مؤسسة سياسية، ولهذا لا يترشح اي عضو للبرلمان وليس للبهائية في جميع انحاء العالم اي برلماني، وهذا ليس انتقاصا من السياسة والسياسيين الذين من واجبهم تسهيل حياة الشعوب والامم، لكن هذا جزء من معتقداتنا الدينية التي تحرم ان نتقبل اي دعم سياسي او مادي من الآخرين".
يضيف خسرو، وهو ممثل الديانة البهائية، كمتطوع بدون راتب، في وزارة الاوقاف والشؤون الدينية في حكومة اقليم كوردستان: "نحن نؤمن بان الاديان واحدة وان الله واحد ولا يمكن ان تحدد عقائدك ووجودك حسب قانون معين او بقرار رسمي، فاذا كانت الحكومات، في كل العالم، غير مجبرة على الايمان بمعتقدك او الاعتراف به فان عليها ان تحترم كرامة من يعتنق هذه الاديان باعتباره انسان".
يوضح خسرو ان "منشور الاحوال المدنية 358 لسنة 1975 شطب كل قيود البهائيين في العراق ونسبهم للدين الاسلامي، ومع ان هذا المنشور الغي سنة 2007 الا ان القيود لم يتم اعادتها، ونسجل في هويات الاحوال المدنية كمسلمين"، معترفاً: "نحن فرقة مستقلة عن الاسلام ولنا دين مستقل وله نبي ورسول هو بهاء الدين، وعندنا كتابات مقدسة مجموعة في كتاب (الاقدس) ونقبل انضمام معتنقين آخرين لديانتنا، ويبلغ عدد البهائيين في العالم اكثر من خمسة ملايين شخص".
واردف: "اما موضوع المعابد، فنحن نتعبد في اي مكان وليس مهما ان يكون لنا معبد او لا بل نؤمن ان كل دور العبادة لله، والتابعة لكل الاديان التي تعترف بوجودنا، مقدسة ويمكننا ممارسة عبادتنا فيها".
"الكنيسة لا تتدخل"
البرلمان خصص 5 مقاعد للمسيحيين ضمن الكوتا، وحسب خالد جمال البير، مدير عام شؤون المسيحيين في وزارة الاوقاف والشؤون الدينية بحكومة اقليم كوردستان، فان "المقاعد الخمسة التي تم تخصيصها ضمن الكوتا للمسيحيين لا علاقة لها بالكنيسة التي لا تتدخل في السياسة ولا ترشح او تدعم هذا المرشح او ذاك، بالرغم من وجود برلمانيين مقربين من هذه الكنيسة او تلك، وان من يقول ان البطرياك ساكو يرشح هذا او ذاك فهو واهم".
واشار الى ان "هذه المقاعد الخمسة كانت تحتكر من قبل جماعتين سياسيتين، جماعة يونادم كنا، رئيس الحركة الديمقراطية الآشورية، وجماعة سركيس آغا خان، رئيس المجلس الشعبي الكلداني الآشوري، حيث تكون 3 مقاعد للاول، تارة، وتارة اخرى يحصل الثاني على هذه المقاعد الثلاثة، وبقي الحال هكذا حتى عام 2014 عندما تشكلت حركة (بابليون) وانضمت للحشد الشعبي وتم دعمها من قبل احزاب شيعية متنفذة وحصلت على 3 مقاعد".
ونفى البير ان "تكون هذه المقاعد الخمسة ممثلة للطوائف المسيحية بالواقع، وهناك من يرشح نفسه ويجد دعما من الاحزاب المسيحية ليفوز ضمن الكوتا او ضمن الكتل السياسية الاخرى"، مشيرا الى ان هناك 14 طائفة مسيحية في العراق، وليست هناك اية عدالة في توزيع المقاعد الخمس، وان هذا الاسلوب سرى منذ اول برلمان عراقي بعد 2003".
أديان لا تعترف بها الحكومة العراقية.. ممثلوها: نشعر بمظلومية تمثيلنا في البرلمان