"نيران صديقة" من رفيق السلاح؟.. "العصائب" تذوب بـ"الفتح" وتكشف مرشحها لرئاسة الوزراء
شفق نيوز/ مسافة قصيرة زمنياً تلك التي قطعتها حركة عصائب أهل الحق، منذ ان كان لها مقعد واحد في برلمان العام 2014، وصولاً إلى 15 في البرلمان المنبثق عن انتخابات 2018، لكنها في انتخابات أكتوبر 2021، قد تقاس بطريقة مختلفة هذه المرة.
بطبيعة الحال، كتلة صادقون المنبثقة عن عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي تسعى الى تحقيق عدد اكبر من المقاعد النيابية في انتخابات أكتوبر، لكن يبدو أن التفاهمات المتفق عليها مع كتلة الفتح بزعامة هادي العامري، قد تجلب وقائع جديدة بالنسبة لها.
ويبدو أن كتلة صادقون ذابت في تحالف الفتح، برغم انها سمت 17 مرشحا، نصفهم من المرشحين السابقين، اذ ان الفتح سيخوض الانتخابات ككتلة موحدة تنضوي تحتها أربع قوى اساسية هي منظمة بدر، "صادقون"، "السند" و"نصحح".
هذا التفاهم او التسوية ان صح التعبير، يطرح تساؤلات عن أسباب مثل هذه "التضحية" السياسية اللافتة من جانب العصائب، وما اذا كان مؤقتة ام دائمة، والتي يبدو أن الهدف منها محاولة ضمان أن تتصدر الفتح قائمة اللوائح الفائزة، بعدما حلت بالمرتبة الثانية في انتخابات 2018 بعد كتلة سائرون التابعة لمقتدى الصدر، وهو ما سيضعها في مكانة اقوى برلمانيا لتحديد مسار تشكيل الحكومة الجديدة.
أو بتعبير آخر، محاولة من العصائب لوضع حاجز أمام أية أغلبية برلمانية قد يتحصل عليها الصدريون، فالخزعلي أحد الأشخاص البارزين بتشكيل "جيش المهدي" مع الصدر بعد 2003 قبل أن ينشق عنه ويكوّن "عصائب أهل الحق".
وتضفي عودة مقتدى الصدر عن قراره مقاطعة الانتخابات، تحديا إضافيا على استراتيجية الفتح الجديدة، واختبارا لمدى قدرة هذا التحالف الذي تمت حياكته، على احتلال موقع الصدارة في المعركة الانتخابية المقبلة، وهو التحالف المعروف بعلاقاته الوثيقة بإيران.
وكانت كتلة صادقون، وهي بمثابة جناح سياسي لحركة العصائب خاضت الدورات الانتخابية السابقة باسمها الصريح ككتلة مستقلة بنفسها رغم انضوائها ضمن تحالفات شيعية مثل التحالف الوطني، او دولة القانون، او الفتح. لكنها ستخوض الانتخابات المقبلة، ضمن لائحة الفتح الذي تقتضي استراتيجيته على ترك الدائرة الواحدة لمرشح واحد ومنع اي مرشحين اثنين ينتميان إلى التحالف، من التنافس على اي مقعد خشية تشتيت الأصوات، وبالتالي فوز مرشحين منافسين.
أمور كثيرة تبدلت ما بين انتخابات 2014 و2018 وصولا إلى انتخابات 2021. العصائب التي لم يكن لها سوى مقعد واحد قبل سبع سنوات، صار لها 15 في 2018، وهي زيادة يضعها المراقبون نتيجة لعاملين اساسيين، اولهما الدعم الإيراني لها ثم انضوائها ضمن قوات الحشد الشعبي التي تتلقى تمويلا حكوميا منتظما، ما أتاح لها تعزيز تغلغلها في الحواضن الشعبية وتقديم الخدمات الاجتماعية للمواطنين عبر تسلمها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وثانيا، دورها البارز في محاربة ارهابيي داعش فيما بعد العام 2014، وهو ما أكسبها تعاطفا انتخابيا اضافيا تمت ترجمته في صناديق الاقتراع العام 2018.
وليس من الواضح ما إذا كان هذا الزخم الشعبي سيظل حاضرا في انتخابات اكتوبر المقبل، وهو ربما ما يفسر انضواءها ضمن لائحة الفتح.
وتوترت علاقات العصائب ايضا مع رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، وتصاعد ايضا العداء الاميركي لها، ففي العام 2019، وضعت وزارة الخزانة الامريكية قيس الخزعلي على قائمة العقوبات، ثم صنفت وزارة الخارجية الامريكية العصائب كمنظمة ارهابية اجنبية في العام 2020، واصبح قيس الخزعلي، وشقيقه ليث، على لوائح "الارهابيين العالميين" الامريكية، باعتبار انهما، بالاضافة الى العصائب، "وكلاء عنيفيون لجمهورية الإيرانية.. ويتم تدريبهم وتمويلهم من قبل فيلق القدس" الايراني.
وبالاضافة الى ذلك، فان قيس الخزعلي اعلن في مقابلة تلفزيونية في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، انتهاء الهدنة مع القوات الأمريكية.
وتأمل العصائب في أن تساهم المواقف التي تقدمها العصائب عن نفسها بأنها معارضة للتدخل الغربي في الشأن العراقي واستعدادها لمقاومته، في تحسين صورتها كقوة "عراقية" وطنية حقيقية وبالتالي فإن ارتباطها بإيران الذي يستخدم ضدها احيانا، ليس سوى ارتباط عقائدي يحتم عليها مقاومة التدخلات الاجنبية في المنطقة، كما يقول أحد قيادييها لوكالة شفق نيوز.
تكمن الرهانات الحقيقية للعصائب التي يبدو زعيمها الخزعلي اكثر تشددا في حين يبدو العامري بالنسبة الى كثيرين أكثر براغماتية في اللعبة السياسية الداخلية، وهو ما قد يوسع هامش كسب اصوات انتخابية اضافية.
وقال عضو الهيئة السياسية للحركة والمتحدث باسمها محمود الربيعي في تصريحات لوكالة شفق نيوز ان "المتغير الأساسي لمشاركتنا في الانتخابات عن ما كانت عليه في العام 2018، تكمن في ان مرشحينا لايمثلون الصادقون وانما يمثلون تحالف الفتح فقط ووجهنا جمهورنا بانتخاب مرشحي الفتح سواء كان المرشح من حركتنا او من باقي الكتل المنضوية ضمن تحالف الفتح الذي نعده الجامع الانتخابي والتحالف الاستراتيجي ونعتقد سنبقى ضمن الفتح اكثر من توجهنا للتخندق بإطار حزبي".
واضاف ان "الفتح سيشارك في الانتخابات ككتلة موحدة، وتنضوي تحتها 4 قوى أساسية، وهي منظمة بدر، الصادقون، السند، نصحح والتي تضم ثلاث كتل سياسية بينها العمل الإسلامي والجهاد والبناء والمجلس الاعلى، وكل منهم له تاريخ عريق في مقاومة الارهاب لاسيما في معارك التحرير ضد تنظيم داعش الارهابي ويعد ذلك قاسما مشتركا بين الكتل المنضوية تحت راية التحالف ".
وتابع الربيعي المقرب من الخزعلي، في سرد اسس مشاركة مرشحيهم بالانتخابات بأن الفتح والكتل المنضوية به ممثلة ب61 مرشحاً مقسمين على 60 دائرة انتخابية تتوزع على 15 محافظة اي جميع المحافظات عدا اقليم كوردستان والانبار، مشيرا الى انه تم الزج بكفاءات شابة لاحداث تغيير يلبي طموح الناخب كما ان المرشحين هم ابناء المناطق الداخلة ضمن الدوائر الانتخابية للكتلة وبالتالي هم معرفون لناخبيهم كونهم لايتخذون من المنطقة الخضراء ملاذا لهم بل هم من الشعب واليهم".
كوتا النساء في صادقون
اكد الربيعي ان كتلته سمت خمس مرشحات للمشاركة بالانتخابات وفق معايير البرنامج الانتخابي والحكومي الذي اعتمده تحالف الفتح في حملته الاتخابية واهمها اعمار البلاد عبر تفعيل الاتفاقية الصينية، حفظ الحشد الشعبي وحقوقه كونه الداعم والساند للقوى الامنية المختلفة في حفظ امن العراق، تنفيذ اتفاقية بناء ميناء الفاو ايضا تتفيذ عقود شركة "سيمنز" فضلا عن خطط مستقبلية واضحة في مجال التربية والتعليم الى جانب معالجة المشاريع المتلكئة وغيرها من النقاط المهمة التي تحظى باهتمام قادة الفتح.
مرشح الفتح لرئاسة الحكومة
الربيعي، المخول بالتصريح عن الشأن الانتخابي الخاص بصادقون قال إن "حركته والقائمة المنبثقة منها ترى ان زعيم الفتح هادي العامري هو الأنسب لتسنم رئاسة الوزراء في الحكومة القادمة". واستدرك قائلا ان المسألة تبقى متعلقة بنتائج الانتخابات حتما، واذا ما حصل الفتح على ما بين 56 و60 مقعدا نيابيا، فانه حينها سيشكل اغلبية مريحة بالتحالف مع ائتلافات تتفق مع برنامجه الحكومي.
"لا تجديد لولاية للكاظمي"
واكد المتحدث باسم صادقون ان موقف الكتلة من الكاظمي لم يتغير باعتباره لم ينجح في كثير من الملفات المناطة به، "ولم يقدم للعراقيين ما يحتاجونه بل عمق الأزمات وبالتالي من الصعب علينا الذهاب باتجاه تمديد ولاية ثانية له.
نزاهة الانتخابات
واشار الربيعي خلال حديثه مع وكالة شفق نيوز الى ان "الأمور تتجه نحو الاحسن لاسيما ان اغلب اعضاء المفوضية هم من القضاة مما يعزز نزاهتها، كما نرى حرص غالبية القوى المشاركة بالانتخابات على تأمين مستلزمات انجاحها ونعتقد الوضع سيكون افضل".
يذكر ان تحالف الفتح دخل في الانتخابات السابقة بمشاركة عدد من الأحزاب الإسلامية وفصائل "المقاومة" التي قاتلت تنظيم داعش، بينها منظمة بدر، وحركة صادقون، والمجلس الأعلى الإسلامي العراقي، والتجمع الشعبي المستقل، وحركة الجهاد والبناء، وكتلة منتصرون، وحزب مهنيون للاعمار، وحزب الطليعة الاسلامي، وتجمع عراق المستقبل، وحركة الصدق والعطاء، وتجمع كفى صرخة للتغيير، وتجمع الشبك الديمقراطي، والحركة الاسلامية في العراق، ومنظمة العمل الاسلامي العراقية، وتجمع العدالة والوحدة، وكتلة الوفاء والتغيير، وحركة 15 شعبان الإسلامية.