الصحراوي.. رحلة تطرف مع البوليساريو تنتهي بمقتله في افريقيا
عدنان أبو وليد الصحراوي العضو السابق في جبهة البوليساريو يعرف عنه أكثر تأييدا لعولمة الجهاد من نظرائه في منطقة الساحل وقد انشق عن جماعة بلمختار المرتبطة بتنظيم القاعدة وأعلن ولاءه لاحقا لتنظيم الدولة الإسلامية.
الخميس 2021/09/16
الصحراوي واحد من أعتى الجهاديين في غرب افريقيا
أبو وليد الصحراوي يعتبر أحد أعتى القادة الجهاديين في منطقة الساحل
الصحراوي شارك مع بلمختار في تشكيل حركة التوحيد والجهاد
تاريخ الصحراوي يسلط الضوء على بيئة خصبة للإرهاب في معاقل البوليساريو
باماكو - من عضو في جبهة البوليساريو إلى صفوف الجماعات الإسلامية التي تشكلت انطلاقا من الجزائر ثم قياديا في حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا التي شارك في إنشاء نواتها الأولى مع الجزائري مختار بلمختار وصولا إلى معاقل القاعدة في غرب إفريقيا كانت سطر عدنان أبو وليد الصحراوي لذي أعلنت باريس اليوم مقتله في غارة فرنسية، مسيرة حافلة بالتطرف بلغت ذروتها في العام الماضي.
وكان الصحراوي يشكل منذ أكثر من سنة ونصف السنة الهدف الرئيسي لباريس وحلفائها في الساحل باعتباره أعتى قادة الجهاديين في المنطقة.
لكن اللافت أكثر أن هذا القيادي الخطير في تنظيم داعش في غرب افريقيا كان من أعضاء جبهة البوليساريو الانفصالية، ما يحيل صلة الجبهة بالإرهاب وهو أمر سبق أن عرضت له تقارير غربية كانت قد أشارت إلى خطر يتشكل في المنطقة بعيد عن الأنظار بينما ترفع الحركة شعارات تقرير المصير وتداري أنشطة مريبة تحت ستار المظلومية لاستقطاب التعاطف الدولي ولتشويه صورة المغرب وتقديمه على أنه بلد ينتهك حقوق الصحراويين.
وقد نجحت الدبلوماسية المغربية الهادئة التي أرساها العاهل المغربي الملك محمد السادس، في تفكيك ادعاءات الجبهة وعزلها إقليميا ودوليا باستثناء اعتراف ودعم جزائري أصبحت أهدافه معلومة.
ويأتي مقتل الصحراوي بينما قبلت الرباط بتعيين ستيفان دي ميستورا المبعوث الأممي السابق إلى سوريا، مبعوثا أمميا خاصا بالصحراء الغربية بعد حالة جمود في ملف النزاع بين الرباط والجبهة الانفصالية على اثر استقالة المبعوث السابق هورست كوهلر في 2019.
وليس ثمة إشارات في الإعلان الفرنسي إلى سجل هذا القيادي السابق في البوليساريو وارتباطاته داخل الجبهة الانفصالية أو معسكراتها التي يصفها خصومها بأنها حاضنة للتطرف أو بيئة خصبة لنشأة التطرف الديني وهي البيئة التي انتجت أمثال أبو وليد الصحراوي.
ويبدو الأمر مفهوما في سياقاته ففرنسا تركز على خلق هالة إعلامية حول مقتل زعيم داعش في الصحراء الكبرى كإنجاز ميداني يعوض باريس عن نكسات أمنية وعسكرية في المنطقة.
وقد سرت منذ اغسطس/اب معلومات حول مقتل زعيم "الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى" بين ميناكا في شمال شرق مالي والجانب الآخر من الحدود في النيجر وهو ميدان تحركه الرئيسي.
وولد الصحراوي الأربعيني الذي كان يضع عمامة سوداء على ما تظهر الصور القليلة له، في الصحراء المغربية وكان عضوا في جبهة بوليساريو التي تطالب باستقلال تلك المنطقة.
وأمضى جزء من شبابه في الجزائر حيث انضم إلى صفوف الجماعات الإسلامية المسلحة على ما يفيد عدة خبراء وشارك في العام 2011 بتشكيل حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا.
وبرزت هذه الحركة خصوصا من خلال خطف إسبانيين اثنين وإيطالية في أكتوبر/تشرين الأول 2011 في مخيم للاجئين الصحراويين قرب تندوف في جنوب غرب الجزائر.
وقد طالب عندنان أبو وليد الصحراوي شخصيا يومها بدفع "فدية كبيرة" قدرها 15 مليون يورو لحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا ليفرج عنهم في يوليو/تموز 2012.
وكانت حركة التوحيد والجهاد يومها ضمن ائتلاف مرتبط بتنظيم "الدولة الإسلامية في المغرب الإسلامي" الذي سيطر بين مارس/اذار وأبريل/نيسان 2012 على شمال مالي. وكان يومها الناطق باسمه ومقره في غاو المدينة الرئيسية في المنطقة حيث عرف بتمسكه بالتطبيق الصارم للشريعة ولا سيما العقاب الجسدي.
وقال أحد مسؤولي هذه المدينة طالبا عدم الكشف عن اسمه "قُطعت أيادي أشخاص متهمين بالسرقة في غاو أكثر من أي مكان آخر بسبب تعليمات أبو وليد".
وبعد انطلاق عملية سيرفال الفرنسية في 2013 وطردها الجهاديين من المدن والبلدات في شمال مالي اندمجت حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا المهزومة مع جماعة الجزائري مختار بلمختار لتشكيل جماعة المرابطون.
إلا أن عدنان أبو وليد الصحراوي المعروف عنه أنه أكثر تأييدا لعولمة الجهاد من نظرائه في منطقة الساحل، انشق عن جماعة بلمختار المرتبطة بتنظيم القاعدة وأعلن ولاءه لتنظيم الدولة الإسلامية.
وفي 2017 وفيما اندمجت الجماعات المنضوية تحت لواء تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ضمن ما عرف بـ"جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" بقيادة الزعيم المالي من الطوارق إياد اغ غالي، وجه ضربة قوية مع نصب كمين في تونغو تونغو في النيجر قتل فيه أربعة جنود أميركيين وأربعة عسكريين من النيجر.
وتعززت قوة هذه الجماعة في المنطقة المعروفة بـ"المثلث الحدودي" بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو. ونسبت الكثير من الهجمات القاتلة ضد الطوارق إلى تنظيم "الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى" الذي كان يجند الكثيرين في صفوف شعب الفولاني واتهم بالتدخل عمدا في توترات اتنية.
ويفيد خبراء ومصادر أمنية بأن عدنان أبو وليد الصحراوي كان لديه ميل كبير للتفرد بالقيادة كما كان يظهر لا مبالاة لمقتل مدنيين.
ووصفه مصدر أمني مالي بأنه "القائد المطلق" لتنظيم "الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى" و"لم يكن يتردد في شن هجمات شخصيا على القوات الأجنبية وقوات النيجر عند الحدود مع مالي".
وبين نهاية 2019 ويناير/كانون الثاني 2020 أسفرت سلسلة من الهجمات التي نسبت خصوصا إلى جماعته واستهدفت ثكنات لجنود من النيجر ومالي وبوركينا فاسو في المثلث الحدودي، عن مقتل مئات الأشخاص.
ودفع هذا التصعيد فرنسا ودول الساحل الخمس (موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد) إلى اعتبار تنظيم "الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى العدو الأول" الذي ينبغي تركيز الجهود عليه.
ورغم الخسائر التي تكبدها تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى، واصل عزمه على فرض تطبيق الشريعة بشكل صارم متهما أحيانا منافسيه بالميوعة في تطبيقها.
وفي مايو/أيار خلال السوق الأسبوعية في تين هاما قرب انسونغو (شمال) قطع عناصر من التنظيم في العلن يد وقدم ثلاثة أشخاص اتهموا بأنهم "قطاع طرق".
مقالات أخرى من اختيارات المحرر
الخميس 16/09/2021
فرنسا تعلن مقتل خمسة من كبار قادة داعش في الصحراء الكبرى بينهم الصحراوي المطلوب أميركيا
باريس - أعلنت فرنسا اليوم الخميس على لسان الرئيس إمانويل ماكرون ومسؤولين آخرين مقتل زعيم فرع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) عدنان أبووليد الصحراوي في غرب أفريقيا في ضربة جوية نفذتها القوات الفرنسية.
وكان الصحراوي زعيم داعش في الصحراء الكبرى، وهي جماعة انفصلت عن متشددين آخرين في مالي في 2015 عندما بايعت التنظيم المتشددة الذي أعلن "الخلافة" في كل من العراق وسوريا.
ومنذ ذلك الحين انتشر مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى في بوركينا فاسو والنيجر المجاورتين ونفذوا مئات الهجمات التي قتل فيها مدنيون وجنود.
وتفيد تقديرات الحكومة الفرنسية بأن التنظيم قتل ما بين ألفين وثلاثة آلاف شخص أغلبهم من المسلمين.
وقال مكتب ماكرون إن الصحراوي استهدف جنودا أميركيين في هجوم دموي في 2017، مضيفا أنه أمر شخصيا في أغسطس/آب 2020 بقتل ستة فرنسيين يعملون في أنشطة الإغاثة الخيرية وسائقهم النيجيري.
وقال في تغريدة على تويتر في وقت متأخر من مساء أمس الأربعاء دون أن يكشف عن مكان العملية "إنه نجاح كبير آخر في حربنا على الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل".
وقالت وزيرة القوات المسلحة الفرنسية فلورنس بارلي في إفادة صحفية اليوم الخميس إن الضربة نفذتها في أغسطس/آب قوة بارخان وهي قوة فرنسية يبلغ قوامها خمسة آلاف جندي شُكلت لمحاربة الجماعات المتشددة في مالي.
وأضافت أن العملية نُفذت بعد القبض على متشددين مقربين من الصحراوي وبعدما تمكنت القوات الفرنسية من تحديد مكانه المحتمل.
وقالت وزارة الدفاع الفرنسية إن العملية جاءت بعد أن تم إضعاف القيادة العليا للتنظيم بعمليات موجهة في الفترة الأخيرة قتلت خمسة من قادته السبعة الكبار.
غير أن التنظيم لا يزال يُشكل خطورة ونفذ سلسلة من الهجمات الدموية على المدنيين، خاصة في النيجر، حيث ارتفعت أعداد الضحايا بدرجة كبيرة هذا العام.
وقالت بارلي "ليس لدينا معلومات عن خليفة له في الوقت الحالي، لكن لن يكون من السهل على الأرجح أن يعثروا على زعيم له نفس وزن الذي قُتل".
ويأتي مقتل الصحراوي في وقت ربما يمثل نقطة تحول في دور فرنسا في منطقة الساحل، حيث تحارب متشددين إسلاميين منذ عشر سنوات.
وتشعر فرنسا بالإحباط، وقال ماكرون في يوليو/تموز إن بلاده ستعيد قريبا تشكيل قواتها في الساحل لتخفض إلى النصف وجودها العسكري بالمنطقة في نهاية الأمر.
الصحراوي يعتبر من اخطر العناصر القيادية في داعش بغرب افريقيا
وواجه الرئيس الفرنسي انتقادات شديدة في الداخل بسبب الخسائر البشرية في صفوف القوات الفرنسية في مالي وضغوط حتى في دول منطقة الساحل والصحراء حيث أصبحت فرنسا غير مرغوب فيها وتظاهر المئات في أكثر من مناسبة تنديدا بتدخلها.
كما لم تفض الحملة العسكرية التي أطلقتها منذ العام 2013 في عهد الرئيس السابق فرنسوا هولاند، إلى نتيجة تذكر رغم البيانات والخطابات الرسمية عن تحقيق انجازات على الأرض.
لكن ميدانيا وفي ظل التدخل العسكري الأجنبي خاصة الفرنسي وسعت الجماعات المتشددة نفوذها ونطاق تحركها جغرافيا وأصبحت أكثر تنظيما وقوة واتجه بعضها لتشكيل تحالفات قادرة على الضرب بقوة في أكثر من منطقة.
وقد يكون إعلان فرنسا عن مقتل زعيم فرع داعش في غرب إفريقيا في هذا التوقيت تحديدا محاولة لتلميع صورة لطختها الإخفاقات في كبح الإرهاب في المنطقة وأيضا الترويج لانجاز ميداني بينما تستعد القوة الفرنسية لإعادة انتشار والعودة للصفوف الخلفية مقابل تقدم وحدات من الجيوش الإفريقية لسد الفراغات.
وتريد فرنسا التقليل من خسائرها وأن تشاركها دول المنطقة وحلفاؤها الغربيون في تحمل أعباء مواجهة التنظيمات الإرهابية وهي مواجهة باتت استنزافا بكل المقاييس.
وبدأت عملية إعادة تنظيم الجيش الفرنسي في منطقة الساحل التي أعلن عنها ماكرون في يونيو/حزيران بهدف التركيز على عمليات مكافحة الإرهاب والدعم القتالي للجيوش المحلية بالشراكة مع حلفاء أوروبيين.
وتشدد باريس على أن هذه العملية لا تعني انسحاب فرنسا في وقت قاد خروج الولايات المتحدة من أفغانستان نهاية أغسطس/اب إلى عودة حركة طالبان إلى السلطة.
وقالت وزيرة الجيوش الفرنسية الخميس "لن نغادر مالي، نحن نعدّل حضورنا العسكري". ويتزامن ذلك مع ظهور مخاوف لدى بعض الشركاء الأوروبيين الحاضرين في منطقة الساحل.
ومن المقرر أن يخفّض عديد القوات الفرنسية المنتشرة في منطقة الساحل من أكثر من 5 آلاف عنصر حاليا إلى "2500 أو 3000" بحلول عام 2023، وفق هيئة الأركان العامة. وسيتم في البداية خفض عديد القوات بألف شخص بحلول مارس/اذار.
والعملية اللوجيستية الجارية معقدة، لأنها تهدف إلى خفض الحضور الفرنسي وتعديله مع الاستمرار في دعم القوات الموجودة في منطقة الساحل، سواء كانت فرنسية أو أوروبية أو محلية، وفق هيئة الأركان العامة.
ومن المقرر أن تغادر القوات الفرنسية قواعد بشمال مالي في تيساليت وكيدال وتمبكتو بحلول مطلع العام المقبل. وتلك القواعد التي كانت تستضيف عددا صغيرا من القوات الفرنسية، ستبقى بها القوات المسلحة المالية وبعثة الأمم المتحدة في مالي (مينوسما)، وفق المصدر نفسه.
وستلعب قاعدة غاو العسكرية حيث الحضور الفرنسي الأكبر في مالي، دور "محور" لوجستي ينتقل عبره العناصر والعتاد. وسيتم نقل المعدات المزمع إعادتها إلى فرنسا إلى موانئ أبيدجان في ساحل العاج وكوتونو في بنين ودوالا في الكاميرون.
أما قاعدة ميناكا قرب ما يسمى "المثلث الحدودي" بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وهي منطقة نشاط للجماعات الجهادية، فستلعب دورا مركزيا في التنظيم الجديد. وتستضيف القاعدة قسما من القوات الخاصة الفرنسية والأوروبية الموحدة داخل عملية "تاكوبا" الجديدة التي أطلقتها فرنسا وتضم حوالي 600 عسكري وتهدف إلى مساعدة القوات المالية على بناء قوتها وتحقيق استقلالية عملانية.
وسيتم تقليص مركز قيادة العمليات العسكرية الفرنسية في منطقة الساحل، الواقع في نجامينا بتشاد، لكن سيتم الإبقاء عليه مع "مكوّن جوي وآخر بري"، كما تؤكد هيئة الأركان العامة.
وغير بعيد عن الحدود المالية، من المقرر أن تحوز قاعدة نيامي الفرنسية في النيجر أهمية أكبر في التنظيم الجديد، شريطة موافقة السلطات النيجرية. وهذه القاعدة التي تضم طائرات مقاتلة وأخرى مسيرة مسلحة، قد خدمت لعدة أشهر كمركز قيادة متقدم للعمليات الرئيسية في منطقة المثلث الحدودي بالتعاون مع الأميركيين.
وأفاد مصدر قريب من الملف بأن هيئة الأركان العامة الفرنسية تدرس أيضا إمكانية تشكيل مركز قيادة كبير للإشراف على القوات المنتشرة في منطقة الساحل والقوات الفرنسية في المنطقة (السنغال والغابون وجيبوتي وغيرها) التي تقوم بعمليات تدريب للجيوش المحلية وتشكل قوات احتياط عند الحاجة.