سيناريو "اللادولة".. مخطط الميليشيات الموالية لإيران بالعراق
تظاهرة لعناصر من أحزاب موالية لإيران ضد الانتخابات.. أرشيفية
بغداد- سكاي نيوز عربية:يرى مراقبون أن موجة العنف الأخيرة التي ضربت العراق، تعد مؤشرا لعودة الاضرابات للبلاد، الأمر الذي قد يعرقل خارطة الطريق السياسية بعد انتخاب رئيس البرلمان، وعقبة أمام تشكيل الحكومة المقبلة.
ومثلت الهجمات المتعددة التي ضرب مدنا عراقية، الأسبوع الماضي، تحولا في المشهد حيث وجهت لأهداف مدنية، في أعقاب إصرار مقتدى الصدر، على تشكيل حكومة أغلبية، قد تستبعد الموالين لإيران، حسبما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.
وتقاتل المليشيات الموالية لإيران من أجل تأكيد نفوذها بعد الضربة التي تلقتها في الانتخابات البرلمانية، حيث تعرضت لخسارة مدوية بحصولها على 17 مقعدا فقط.
وربطت الصحيفة الأميركية، في تقريرها، هذا العنف، بدخول إيران والولايات المتحدة إلى مرحلة حساسة من المفاوضات حول الاتفاق النووي في فيينا.
وكان العراقيون قد استيقظوا يوم 9 يناير الجاري، على فاجعة اغتيال القيادي البارز في التيار الصدري مسلم عيدان، حيث عثر على جثته وبها آثار 11 طلقة نارية بمنطقة الشيشان وسط محافظة بيسان العراقية.
واستهدفت 4 هجمات منفصلة أحزابا سياسية معارضة لنفوذ الميليشيات، الخميس والجمعة الماضيين على التوالي، بينها هجومان استهدفا مقر حزب "تقدم" السني الذي يتزعمه رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.
كما ضربت 3 صواريخ، مبنى السفارة الأميركية ببغداد، الخميس، وفي اليوم نفسه ألقى رجال كانوا يركبون دراجات نارية قنابل على مكتب الحزب الديمقراطي الكردستاني في بغداد.
وبعد منتصف الليل، ألقى مسلحون قنابل يدوية على مكتب كتلة التقدم شمال بغداد، كما تعرض مكتب البرلماني عبد الكريم عبطان، عضو "تحالف تقدم" لهجوم بقنبلة يدوية.
وفجر السبت، أحبطت السلطات العراقية، محاولة 3 طائرات مسيرة استهداف قاعدة بلد الجوية في محافظة صلاح الدين التي تضم قوات أميركية.
وعن توقيت هذه الهجمات، قال المحلل السياسي العراقي إحسان الشمري، إن استهداف المقرات الحزبية يتم عن طريق جماعات يبدو أنه تم استبعادها من تشكيل الحكومة، لذا باتت تستخدم التفجيرات كأوراق ضغط ما يؤشر على تصاعد عمليات الاغتيال والتفجيرات بالمحافظات السنية.
وأضاف الشمري، رئيس مركز "التفكير السياسي" في العراق في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية": "نحن أمام سيناريوهات مفتوحة بعد تعهد فصائل سياسية بأيام صعبة للعراقيين"، مؤكدا أن هدف الضربات "الضغط على القوى السياسية للعودة عن تحالفها مع التيار الصدري".
وكان المسؤول الأمني لـ"كتائب حزب الله العراقي" الموالية لإيران، أبو علي العسكري، قد حذر الاثنين الماضي، مما أسماه بـ"الأيام العصيبة التي ستمر على العراق، حال خروج الفصائل الشيعية من التشكيل الحكومي".
وحول مثل هذه التهديدات أوضح الشمري: "المواجهة المسلحة هي شعار حلفاء إيران، لتخوفهم من تقويض نفوذهم، فضلا عن ملاحقتهم أمنيا".
إدانات حزبية ورئاسية وأممية
وقوبلت هذه الهجمات بإدانات أممية وحزبية واسعة، اتهمت منفذيها بالإرهاب والعمل لصالح أجندات خارجية مشبوهة.
وأدان تحالف "تقدم -عزم"، الاستهداف السياسي لقياداته ومكاتبه، مطالبا بملاحقة الارهابيين وتقديمهم للعدالة.
وأكد التحالف أكد في بيان يوم الأحد، أن "هذه الأساليب لن تثنينا عن بناء دولة ذات سيادة بعيدا عن الأجندات المشبوهة وخالية من الإرهاب والسلاح المنفلت".
من جانبها دعت بعثة الأمم المتحدة بالعراق "يونامي"، في بيان الأحد، السلطات العراقية إلى "مواجهة تلك المحاولات السافرة لزعزعة الاستقرار وتكثيف الحوار".
أما الرئيس العراقي برهم صالح، فعلّق بأنها "أعمال إرهابية إجرامية مُدانة".
وكتب صالح في تدوينة على "تويتر": "التفجيرات تأتي في توقيت مُريب يستهدف السلم الأهلي والاستحقاق الدستوري بتشكيل حكومة مُقتدرة حامية للعراقيين وضامنة للقرار الوطني المستقل، سننجح بتأزر الخيرين في مواجهة الإرهاب واجتثاث جذوره".
مقتدى الصدر بدوره كرر عبارته عن تشكيل الحكومة بأنها: "لا شرقية ولا غربية.. حكومة أغلبية وطنية"، مشددا على "ماضون لحكومة أغلبية ولن نسمح بتهديد شركائنا أو السلم الأهلي".
سيناريو اللادولة
تهديد حزب الله العراقي بـ"الأيام العصيبة"، تزامن مع تقديم أطراف بالفصائل المسلحة المنضوية تحت ما يسمى بـ"الإطار التنسيقي" دعوى قضائية بعدم دستورية مخرجات جلسة البرلمان العراقي، وانتخاب محمد الحلبوسي، رئيسا له، حيث حددت المحكمة الاتحادية العليا، يوم الأربعاء المقبل للنظر في الدعوى.
وحول أهداف هذا التصعيد، قال المحلل السياسي العراقي، علي الصاحب، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية" إن "المشهد السياسي يعيش حالة من الإرباك جراء التقاطعات بين الكتل السياسية التي لا تصغي للغة الحوار وتتمسك بمطالبها الفئوية".
وتابع قائلا: "للأسف القوى السياسية بعيدة عن روح الديمقراطية وهو ما قد يكون وراء مهاجمة مقرات الأحزاب والسفارة الأميركية في بغداد".
وأردف: "التعارضات تسببت بخلط الأوراق وتذهب من الدولة إلى اللادولة، لأن هناك جهات مدفوعة داخليا وخارجيا تحاول اللعب على وتر الطائفية المقيتة التي نبذها العراقيين".
وفيما يتعلق بالعرف السائد في العراق بعد عام 2003 على أن منصب رئيس العراق يذهب إلى الأكراد، ورئاسة الوزراء إلى الشيعة، ورئاسة البرلمان إلى السنة، أوضح أستاذ العلوم السياسية العراقي عصام الفيلي أنه "هناك تحركات مشروطة داخل القوى السياسية (التيار الصدري وتحالف تقدم والعزم) لإشراك باقي الأطراف في المرحلة المقبلة، لكن مازال هناك رفض لحكومة الأغلبية".
وبيّن في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية، أن "الموضوع أصبح وكأن فئات ضمن الأحزاب السياسية تقود الحراك السياسي، وربما يكون هذا المتغير الأنسب خلال المرحلة لبناء دولة حقيقية".
وعن تورط المليشيات الموالية لإيران في تلك الهجمات، أوضح أن "تلك الفصائل وجهت تهديدات لكن فور وقوع الهجمات، نفت ذلك خوفا من الملاحقات. تعرض إيران لضغوط دولية في الوقت الراهن يدفعها لترك مساحة من التفاهم مع الأحزاب الحاكمة للعراق خلال المستقبل".
ويسعى مقتدى الصدر لتشكيل حكومة أغلبية وطنية من خلال التحالف مع الكتل السنية والكردية، وهو ما ترفضه قوى "الإطار التنسيقي الشيعي".
وقدم الرئيس العراقي رسميا أوراق ترشحه لولاية رئاسية ثانية، عقب تقديم عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، هوشيار زيباري، أوراق ترشحه للمنصب ذاته.
وينذر هذا الخلاف بين الحزبين الكرديين الرئيسيين، وصراعهما على رئاسة العراق، بعودة سيناريو 2018، حين دخل الطرفان بمرشحين اثنين المعركة الانتخابية.