زعيم التيار الصدري يستمر في عناده مع بارزاني دون الاقتراب من الإطار.
بغداد- أربك زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر المشهد السياسي في العراق بعد ساعات من دعوته كتلته لعدم التصويت لمرشح مسعود بارزاني لمنصب الرئاسة، وبتوقيت ظهر فيه الثلاثي القيادي في العراق، رئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس الحكومة مصطفى الكاظمي ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي سوية في مناسبة أوحت أنهم المجموعة التي استقر عليها رأي الصدر لقيادة عراق ما بعد الانتخابات.
ودعا القادة الثلاثة السبت إلى تجاوز الخلافات السياسية والإسراع بتشكيل حكومة عراقية مقتدرة لا تخضع لضغوط خارجية وليست عليها وصاية من أحد.
برهم صالح: نحتاج إلى مراجعة جدية لمجمل وضعنا السياسي والتأسيس لعقد سياسي جديد
وأجمعوا، في كلمات خلال احتفالية لاستذكار مقتل محمد باقر الحكيم عام 2003، على ضرورة العمل لحماية مصالح الشعب ونبذ الخلافات السياسية وتحقيق الأمن والاستقرار.
وكان من الواضح أن الكلمات الثلاث تحمل نفس التوجه الذي يحمله الصدر وعبّر عنه في أكثر من مرة بشأن التركيز على المستقبل وتجاوز الصراعات، وتكوين حكومة عراقية لا تخضع لأيّ ضغوط خارجية.
وقال الكاظمي “علينا وضع مصالح شعبنا في الصدارة وتقديم كل ما يستحق في كل المستويات”.
وأضاف أن “الخلافات السياسية يجب ألاّ تصل إلى أسس بناء الدولة، هناك مراهنات دولية على فشل الديمقراطية في العراق التي ستبقى الطريق الأسلم للتعايش لأن الشعب العراقي وفيّ لكل من يخدمه”.
من جانبه، طالب برهم صالح بـ”العمل على بناء عراق يستحقه العراقيون من خدمات وأمان واستقرار وأننا نقف اليوم أمام تطلعات شعب عانى طويلاً من أزمات وكوارث الحروب والاستبداد والإرهاب وحان الوقت لتجاوزها عبر حكم رشيد”.
وقال صالح “نحتاج إلى مراجعة جدية لمجمل وضعنا السياسي والتأسيس لعقد سياسي جديد، وعلينا دعم الخيار الديمقراطي في اختيار رئيس الجمهورية”، مشددا على ضرورة “تشكيل حكومة تحقق الطموح الوطني وتطلعات الشعب، حكومة عراقية مقتدرة لا تخضع لضغوط خارجية وليست عليها وصاية من أحد”.
وبالتوازي أكد الحلبوسي على أن “التوافقية ليست في مصلحة العراق ولا عودة للإخفاقات السابقة ونسعى أن يكون هناك تداول للسلطة دون تهديد، وأن البرلمان العراقي اليوم أكثر قدرة على تحقيق المتطلبات الملحة”.
وتزامن الخطاب الداعي إلى تجاوز الحسابات الحزبية ما بعد الانتخابات، والذي يلقي بظلاله على مناخ تشكيل الحكومة واختيار الرئيس الجديد مع قرار الكتلة الصدرية مقاطعة جلسة البرلمان المخصصة لاختيار رئيس البلاد، وتجميد مفاوضات تشكيل الحكومة مع الكتل السياسية إلى حين إشعار آخر.
وجاء ذلك في مؤتمر صحافي عقده حسن العذاري، رئيس “الكتلة الصدرية” بالبرلمان، والتي تصدرت الانتخابات البرلمانية الأخيرة، بمقر مجلس النواب في العاصمة بغداد.
وقالت مصادر عراقية لـ”العرب” إن قرار الكتلة الصدرية مقاطعة جلسة الاثنين لانتخاب رئيس الجمهورية وكذلك تجميد المفاوضات مع جميع الكتل، يعود إلى أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لم يكن راضيا عن مسار المشاورات التي تجري بشأن التوصل إلى مرشح وفاقي لرئاسة الجمهورية، وخاصة موقف حلفائه الأكراد في الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني.
وأضافت المصادر أن الصدر أظهر في تغريدة له الجمعة أنه ضد موقف الحزب الديمقراطي الكردستاني بشأن ترشيح هوشيار زيباري، وفي ظل تمسك بارزاني بموقفه كان قرار الصدر السبت بوقف كل المشاورات ومقاطعة الجلسة الانتخابية، في خطوة يؤكد من خلالها أنه يتمسك بعناده في معارضة موقف زيباري بشكل قاطع ملوّحا بنقض كل التفاهمات التي تمت بشأن الحكومة.
وإذا كان تعليق الصدر الجمعة حاسما في موضوع عدم القبول بترشيح هوشيار زيباري، لكنه لا يريد أن يبدو من يؤيد ترشيحات الإطار التنسيقي أيضا، وأن غياب الكتلة الصدرية عن الجلسة سيجنّبها الإحراج بالتصويت على نفس المرشح أي الرئيس المنتهية ولايته برهم صالح الذي يرى الصدر أنه الشخصية الأقرب إلى خياراته في الحرب على الفساد فيما يدعمه الإطار التنسيقي نكاية في زيباري.
محمد الحلبوسي: نسعى أن يكون هناك تداول للسلطة دون تهديد
ويقول مراقبون عراقيون إن مشكلة الصدر مع الحزب الديمقراطي الكردستاني وزعيمه بارزاني ليست فقط مرتبطة بموضوع ترشيح زيباري، ولكنّ بارزاني فتح قنوات تواصل مع الإطار التنسيقي برعاية إيرانية، وأن محور المبادرة التي عرضها منذ أيام تقوم على جعل الإطار جزءا من التوافق الحكومي وهو ما يرفضه الصدر طالما كان نوري المالكي جزءا منه.
وأثار تورّط زيباري في أعمال فساد غضب جزء من الرأي العام في الأيام الأخيرة، ما يتسبب بحرج لمقتدى الصدر الذي يقدّم نفسه على أنه مناهض للفساد.
وكتب مقتدى الصدر على تويتر الجمعة “إذا لم يكن مرشح الحزب الديمقراطي الحليف لرئاسة الجمهورية مستوفيا للشروط، فأدعو نواب الاصلاح لعدم التصويت له”.
وقال نائب من الكتلة الصدرية فضّل ألّا تكشف هويته لوكالة الصحافة الفرنسية إن “قرار الانسحاب موجه إلى الأكراد، وبشكل خاص الحزب الديمقراطي، من أجل الاتفاق على مرشح كردي واحد لمنصب رئيس الجمهورية”.
وأضاف أن زيباري “لم يحظ بالتوافق الوطني والشعبي في ظل الاعتراضات السياسية والشعبية عليه”.
وأقال البرلمان زيباري في العام 2016 بعد الكشف عن فضائح فساد وشكوك باختلاسه أموالا عامة.
وأكّد زيباري في مقابلة الجمعة أنه “لم تصدر أيّ إدانة (بحقّه) في القضاء العراقي”، مشددا على أن “مسألة اتهامه بالفساد وسحب الثقة منه كوزير للمالية كانت مسيسة”.
وشملت التهم الموجّهة إليه إنفاقه 1.8 مليون دولار على تذاكر سفر لحرّاسه الشخصيين.