في عام 1963 وبعد أحداث 8 شباط الدموية وتغيير نظام الحكم في العراق حصلت الكثير من القلاقل في عموم العراق ومنها ناحية الكوير وقراها انذاك وحسب معلوماتي كانت 120 قرية عربية وكردية وأخرى , وسيطر الحرس القومي على الناحية وتم توقيف 37 شخصا من الكوير وقراها وعلى رأسهم السيد علي النزال وبعضهم من عنكاوا بتهمة الانتماء للحزب الشيوعي العراقي في غرفة صغيرة بمركز شرطة الكوير وكان يتم التحقيق معهم في مركز شرطة الخيالة القديم المتروك القريب من المستوصف ودار سكني , وتشكلت قيادتان للفرسان في المنطقة ... فرسان صلاح الدين الايوبي ,, كرد ,, وفرسان خالد بن الوليد ,, عرب ,, وحدث قتال بين الفرسان ومجموعة من الاخوة الكرد في قريتي تل الخيم عليا وتل الخيم سفلى القريبتان من قرية الكشاف وكان فيها مستوصف صحي يديره السيد حسن قاسكي مضمد صحي أيزيدي وقتل عدد من الاشخاص من القريتين وكذلك قتل وجرح عدد من الفرسان العرب وجرح عدد اخر والذين نقلوا الى مستوصف الكوير الذي كنت اديره واصابات معظمهم كانت بالغة فقمت بواجبي وأجريت اللازم من خياطة للجروح والضماد القوي منعا للنزيف وزرق لكل واحد منهم أبرة ضد الكزاز وأخرى مضاد حيوي ,, بركائين بينسلين ,, وناولتهم حبوب مهدئة ومسكنة للالم وزودتهم بكتب تحويل الى مستشفى الموصل الجمهوري حيث تم نقلهم بواسطة الدوبة التي كان يديرها المرحوم العم الرجل الطيب شفيق أبو ذنون ,, وتم نقلهم بسيارة الى الموصل وكان المرحوم الشيخ حنش أمير قبيلة طي العربية جالسا في صالون المستوصف وقد طوق المبنى بالمسلحين العرب من عشيرته خشية من هجوم للاكراد المسلحين على المستوصف والقضاء على الجرحى انتقاما لمقتل عدد من الاخوة الكرد وكان الشيخ حنش مشهورا باستعماله غليونا طويلا للتدخين , وجدير بالذكر أن الممرضة والمضمد وبقية العاملين في المستوصف أنهزموا وتركوني لوحدي خوفا على أنفسهم وكان معي الرجل المؤمن الطيب ملا محمود الذي بقي معي طوال الوقت , وفي اليوم الثاني حضر الى الكوير السيد بدر الدين علي متصرف اربيل وكان ضابطا عسكريا برتبة كبيرة وكان معروفا بالقسوة حيث هبطت طائرة مروحية في ساحة مجاورة لبناية مديرية ناحية الكوير القديمة على طريق الكوير / اربيل القديم وكنا بمعية السيد مدير الناحية في أستقباله وكان يرافقه عدد من المسؤولين المدنيين والعسكريين وعقد أجتماع موسع في غرفة مدير الناحية وغادروا بنفس الطائرة عائدين الى اربيل , كانت الاجواء في الكوير وقراها يسودها جو من الحزن والخوف والتوتر وانعدام الحركة , وكنت أتعلل يوميا في الليل في بيت السيد مدير الناحية وكان ابن عمه السيد سلطان يخدمه في البيت وكان رجلا في غلية الطيبة والشجاعة رحمه الله ان كان طيبا او ميتا فالرحمة تجوز في الحالتين في جميع الاديان السماوية وأثناء التعليلة قال لي الاستاذ شعلان البدران حضر نفسك غدا سترافقني في جولة الى قريتي تل الخيم المنكوبتان ,وفي اليوم الثاني جائني الى البيت السيد مدير الناحية يرافقه الشرطي الرجل الكبير مام قادلر نادر من اهالي اربيل وبيده بندقية برنو رحمه الله وجلست الى جوار السائق واظنه كان احد شباب العقراويين وكانت سيارته على ما اعتقد شوفرليت موديل عام 1956 رصاصية اللون وأنطلفت بنا السيارة فوصلنا الى قرية تل الخيم العليا فوجدناها وكانها خالية من السكان فاتجهنا الى مطحنة القرية وبجانبها بيت فطرقنا بابه فخرج علينا رجلا يرتدي زيا كرديا وهو قصير القامة وخشن الجسم فرحب بنا وطلب منا الدخول الى بيته ولكن الاستاذ شعلان قال له اريد مختارا القريتين وبعض الوجهاء لاتحدث معهم بامر هام وفعلا حضروا فخاطبهم الاستاذ شعلان ان في نية المحافظ ان يبعث بقوة لتمشيط قرى الناحية من السلاح والقاء القبض على حائزيها فانصحكم بجمع ما لديكم من اسلحة حتى ولو كانت قديمة فاطلب منكم تسليم السلاح الذي لديكم مستفيدين من العفو الخاص لايام قليلة حدا وبعد ذلك غادرنا المنطقة وفي اليوم الثاني توجهنا الى القري من ناحية طريق اربيل وحصل لقاء مع الوجهاء فيها  وكرر الاستاذ شعلان نفس الامر معهم وغادرنا المنطقة وفعلا في اليوم الثالث حضروا بعض الاشخاص  من القرى الى مقر الناحية وسلموا بعض الاسلحة من البنادق القديمة واظن بان عددها كان 23 بندقية وبندقية صيد وارسلها السيد مدير الناحية الى اربيل مع برقية باسم اهالي الكوير وقراها وعشائرها تاييدا للحكومة وهكذا انقذت الكوير وقراها من حملة عسكرية الله أعلم ما كان يحصل فيها من ماسي والفضل يعود الى الاستاذ شعلان حمود البدران الذي كان رجلا عادلا وشجاعا ومن نبع صافى ذكره الله بخير لانني علمت من اهلنا الاعزاء في الكوير بانه حي يرزق ويعيش في البصرة الفيحاء ومتعه والخير وكان اداريا بارعا خدم اهل الكوير وقراها خير خدمة وكان نزيها عفيفا نظيف اليدين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .رحم الله الاموات ورعى وحفظ الاحياء الذين جاء ذكرهم في الموضوع اعلاه .

أبو فرات / ميونيخ / المانيا

والى قصة أخرى أن شاء الله .