سومريون يحلّق في جنوب الوطن ويعيد أمجاد السومريين القدامى
إعلام منظمة جسر إلى - العراق
عانقوا الزقوّرة ولفّوا أجسادهم حولها، روّجوا للحضارة واعتكفوا ليحملوا تراباً مليئاً بالروح، ينبض من جديد، يعيش معنا، يعاتبنا ونعاتبه، ينسج جسدنا بالأرض، يروّج لآخر ما تبقّى من بداية الكون، من أوّل حرف انطلق ليعيش ويتكاثر بألوانٍ مختلفة.
من جنوب العراق المليء بالطيبة والكرم، وهشاشة العواطف، انتصر الحب ليناهض الحرب بأفكارٍ كثيرة سواء كان من خلال التراث، أو الإرث أو التفاصيل الأخرى الدقيقة الروحية المرتبطة بكيان الإنسان ونشأته في بيئته الكريمة، انطلق سومريون ليكون أوّل إلتفاتة يحملها على ظهره ويروّج لها عالياً، أعلى من زقورة النبي ابراهيم، وأعلى من السماء السابعة ليرى العالم أهمية.
عملت منظمة (جسر إلى) في كافة المجالات التي تقود الحياة إلى السلام والطمأنينة، وروّجت للسلام والطمأنينة من خلال كافة مشاريعها التي تضمّنت "الثقافة، التراث، البيئة، التنوع، الفن، الدعم النفسي والإجتماعي الخ..." فأصرّت المنظمة على أن يكون هذا المشروع هو الأول من نوعه في العراق وخاصة في الأوضاع الصعبة الإقتصادية والسياسية والإجتماعية التي كان يمرّ بها العراق، لهذا إنطلق مشروع سومريون ليساهم بتعزيز السياحة البيئية في محافظة ذي قار حيث تم تصميم المشروع لتطوير مصادر بديلة للثروة والتوظيف للشباب في المحافظة ، والتي تعتمد على التراث الثقافي والطبيعي الغني.
يقول تون بينينز مدير المشروع سومريون " إن الأهوار وموقع أور من أهم مواقع التراث العالمي لليونسكو ، يمكن أن يكونا بمثابة محفز للتنمية الاجتماعية والاقتصادية لمحافظة ذي قار".
ويضيف بينينز " إن الشباب والنساء في ذي قار هم الفاعلون الرئيسيون القادرون على خلق مسار جديد لنمو المنطقة ، كما أثبت سومريون ، من خلال خلق فرص عمل من خلال مزيج من السياحة المستدامة والحفاظ على التراث الثقافي والطبيعي، حيث ركز البرنامج على ثلاثة نتائج:
1. بناء البنية التحتية في المواقع التراثية ، من أجل توفير وصول آمن ومستدام ، وزيادة عدد الزوار واهتمام المستثمرين في ذي قار.
أ. بناء جولة للزوار في موقع أور الأثري تتكون من لوحات تعليمية وحمامات وممر وأشياء أخرى.
ب- إنشاء ثلاثة مباني ورش في ذي قار لتعزيز الحرف التقليدية في المنطقة
ج- إنشاء مبنى نادي رياضي للقوارب التقليدية
وفرت أعمال البناء هذه أكثر من 50 فرصة عمل للسكان المحليين.
2. توفير التدريب المهني بهدف تحسين المهارات الوظيفية والوصول إلى فرص العمل في مجالات السياحة البيئية والمحافظة عليها في ذي قار.
أ. تدريب مهني للشباب في 4 حِرف تقليدية في ذي قار: إنتاج القوارب التقليدية ، إنتاج المضيف ، إنتاج الغذاء (حلويات التمر) ، والحرف اليدوية (الخوص والفخار والهدايا التذكارية). تم تدريب أكثر من 240 شابًا على الحرف التقليدية وتلقوا كتيبات إرشادية.
ب- التدريب على السياحة البيئية والمحافظة على التراث للسلطات المحلية في ذي قار (محافظة ذي قار ، وزارة الثقافة ، مديريات الشباب ، رؤساء البلديات)
3. خلق فرص عمل للشباب في قطاعي السياحة البيئية والحفاظ على التراث في ذي قار.
ج. توفير وظيفة لـ 180 متدربًا في برنامج تدريب داخلي لشركات السياحة البيئية في ذي قار
ب. تقديم منح لـ 20 شخصًا لإنشاء شركة ناشئة في مجال السياحة البيئية ، بدعم من الدورات التدريبية في مجال التسويق وريادة الأعمال ، وجلسات التدريب على الأعمال التجارية
بالإضافة إلى ذلك ، قام مشروع سومريون أيضًا بحملة عبر ذي قار لتعزيز حماية الأهوار من خلال إنفاذ القانون ، ضد التلوث والصيد الجائر ، بمشاركة المجتمعات والسلطات المحلية. كما قمنا بحملة عبر الإنترنت للترويج لذي قار كوجهة سياحية ، واختتمنا هذه الحملة بمهرجان في الناصرية. نفذت نفّذ مشروع سومريون نهجًا شاملاً يشمل السلطات المحلية والمجتمع المدني والقطاع الخاص والشباب والنساء.
من جهته منسّق المشروع الدكتور فاقد يؤكد على أن مشروع سومريون يعتبر من المشاريع الرائدة بل المشروع الاول الذي تم تنفيذه في جنوب العراق وتكمن اهمية مشروع سومريون انه اعاد للاذهان وادار البوصلة مرة اخرى الى ارض الحضارات والثقافة ومن هنا انطلق المشروع لاحياء الارث الحضاري لحضارة سومر ابتداء من تنفيذ مشروع طموح وكبير في مدينة اور الاثرية بإعادة تنفيذ ممرات خشبية بمواصفات تتلائم والظروف الجوية القاسية لكي تكون بخدمة الزوار بالاضافة الى تجهيز المدينة الاثرية ولاول مرة بنظام مراقبة بكاميرات حديثة ونظام سماعات حديث لمتابعة وارشاد الزائرين . احد اهم عناصر نجاح وريادة مشروع سومريون هو تركيزه على فئة الشباب ومن كلا الجنسين من خلال التعريف بالارث الحضاري لمحافظة ذ ي قار بالاضافة الى خلق فرص عمل لاكثر من ٤٨٠ شاب وشابة".
تضمّن مشروع سومريون العديد من الأنشطة والفعاليات على مدار ثلاثة أعوام منها تدريب النساء على صناعة الحلويات والمعجنات والمواد الغذائية وكذلك تدريبات لصناعة المصغرات التراثية وكذلك ورشة وكذلك ورش لتعليم صناعة المضيف من القصب وورش اخرى للتدريب المهني وأنشطة خاصة بالأهوار والفعاليات العديدة الخاصة.
مروة عبد الحسين، من محافظة ذي قار، متزوجة ولديها أولاد، وهي إحدى مستفيدات مشروع سومريون حيث تعمل من المنزل في مجال الخياطة.
مروة قدّمت عبر رابط الاستمارة الالكترونية الذي نشرناه عبر صفحاتنا على وسائل التواصل الإجتماعي وتم الاتصال بها ومقابلتها ومن ثمّ قبول مشروعها.
استطاعت مروة أن تحقق حلمها من خلال الاستمرار في العمل في مجالها الخاص، وبعد أن حصلت على منحة سومريون استطاعت تطوير عملها أكثر وبدأت تروّج لمشروعها وبدأ الزبائن بالتواصل معها.
تقول مروة "اليوم هي فرصة مهمة جداً كي نساهم في تحقيق أحلامنا ومشاريعنا البسيطة من أجل الترويج لأفكارنا ومشاريعنا وإظهار فكرة للمجتمع مفادها بأنّ المرأة تستطيع العمل في كافة المجالات".
تضيف مروة " أستطيع التنسيق بين واجباتي المنزلية وعملي في الخياطة لأنّني أحبّ عملي ومن أجل هذا أستطيع أن أكمل كافة أعمال البيت وأن أعتني بأطفالي وبعدها أبدأ بالعمل".
رسالة مروة "يجب أن يكون هناك اهتمام اكثر بالمرأة وخاصة في المحافظات الجنوبية لأنها تعيش في بيئة مليئة بالتحديات والعقبات ولهذا، ومن خلال دعم هذه المشاريع الصغيرة تستطيع المرأة أن تقدم كلّ شيء للمجتمع".
من جهته مدير منظمة "جسر إلى – UPP الإيطالية" في العراق يحرص على ديمومة وإستمرار هذه المشاريع واستدامتها كونها تساهم في خدمة المجتمعات العراقية وتروّج لحضارة العراق وتساهم في إعادة إحيائها إذ يؤكد في حديثه " كانت منظمتنا تعمل منذ التسعينيات في العراق وهي أول منظمة دولية ساهمت بتأسيس المجتمع المدني العراقي ووضعت اللمسات الخاصة بالعمل المجتمعي وكذلك عملت في مجالات الثقافة والفن والتراث والأقليات والدعم النفسي الإجتماعي وما زالت مستمرة حتى هذا اليوم".
ويكمل حديثه " يعتبر مشروع سومريون من المشاريع المهمة في جنوب العراق كونه أعاد هيكلية العمل الخاص بالإستدامة والإقتصاد من خلال التراث وأيضا المحافظة على الارث الحضاري والترويج له من أجل المساهمة في بناء الثقافات وتعزيزها وتبادلها بين مجتمعات العالم، وهذا ما قمنا به من خلال مشروع سومريون خلال السنوات الماضية ونطمح أن نعمل في هذا المجال الذي يساهم بتعزيز الاستقرار واستدامة السلام من خلال الإقتصاد والثقافة والتراث".
نور زيدان خلف من محافظة ذي قار، عمرها 25 سنة وهي خريجة كلية الآثار من جامعة ذي قار.
تقول نور "بصراحة لم أرى فرصة عمل بإختصاصي وخاصةً أن هوايتي هي تعلم الحرف اليدوية والقراءة". "لدي عدة مشاركات في مختلف الورش والندوات والمحاضرات الإلكترونية، اضافةً الى عدة اعمال في متحف الناصرية الحضاري والتي هي عبارة عن مصغراث أثرية".
تضيف نور "في هذا الوقت، بدأت أستثمر طاقتي وكنت ذاهبة في طريقي الى المتحف حينما علمت أنهً يوجد تسجيل على "ورشة إنكي" ضمن مشروع سومريون واطلعت على رابط الإستمارة الالكترونية المنشور على صفحة سومريون في الفيسبوك لغرض حضور تدريبات الورشة في صناعة المصغرات الأثرية ومنها الفخار حيثُ قمتُ بالتقديم على الورشة وتم قبولي والاتصال بي وابتدأت في التدريب في هذه الورشة".
تقول نور "بصراحة، أتمنى أن نساهم من خلال هذه التدريبات والأعمال التي نقدمها من خلال تلقينا لتلك التدريبات، أن نُبين للجميع بأن محافظة ذي قار هي وجهة سياحية مُميزة حيث سنتمكن من إطلاع الناس على المحافظة من جهة والتمكن من نشر مهاراتنا في نقل هذا التراث الى الناس من خلال وسائل التواصل الإجتماعي من جهة اخرى، كما اننا سنقوم بدعوة الجميع لزيارة المحافظة والاطلاع على اعمالنا على ارض الواقع".
رسالة نور "أتمنى من الشباب والنساء من العاطلين عن العمل ان يلتحقوا بهكذا ورش وتدريبات لغرض اكتساب الخبرة وبالتالي افتتاح مشاريعهم الخاصة بهم، بينما رسالتي الى الحكومة وأصحاب القرار أن يهتموا بالمواقع الأثرية ويحافظوا على ارثنا الثقافي والحضاري من الإندثار وأن يتم تشجيع الإستثمار وتوفير مرافق سياحية لجذب المزيد من السواح الى المحافظة من مختلف انحاء العالم".
لم يحلّق عالياً فقط، بل أعطى جناحاً لكلّ واحد منّا ليحمل ما تبقّى من جمال هذا الوطن كي نحمله معنا ونجعله علماً يرفرف فوق السماء لنجذب أنظار العالم بأن العراق هو بلد الحضارات وليس بلد الحروب، هو بلد الجمال وليس بلد الفساد، هو بلد الثقافة والعلم وليس بلد الجهل، بل هو من علّم البشرية كلّ شيء.
جعفر عودة شويل ، من مواليد 2000 ويسكن في محافظة ذي قار – قضاء الفهود.
يقول جعفر "اهتمامي كان سابقاً صناعة المضايف فشاركت في ورشة تراث التي تعتبر مهمه بالنسبة لي لانها تساعدني لتحقيق حلمي في صناعة المضيف، وتعلّمت من الورشة معلومات ساعدتني بالتخطيط لمشروعي".
ويضيف جعفر " هذه الورش تساهم بتعزيز الاستقرار عند الشباب وتوفير فرص عمل لهم وتطور من امكانياتهم وتعزز قدراتهم على الصمود".
رسالة جعفر " أن يتم الإهتمام بالشباب من أجل تعزيز الاستقرار في مجتمعاتهم وكذلك على الشباب أن ينتهزوا جميع الفرص التي تأتي من أجل استثمار مشاريعهم والتخطيط لمستقبلهم"
مشروع سومريون هو مشروع محلي يُمولهُ الاتحاد الأوروبي وتنفّذه منظمة "جسر إلى - UPP الإيطالية" بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عبر مشروع "دعم تعافي العراق واستقراره عبر التنمية المحلية" بالتعاون مع محافظة ذي قار.
جدير ذكره بأنّ منظمة UPP هي منظمة إيطالية تأسست في بغداد عام 1991، لدعم الشعب العراقي والوقوف معه بوجه الظلم والحروب، حيث تعمل المنظمة في مجالات عديدة منها في مجال الصحة والتربية وإعادة الإعمار وكذلك في برامج بناء السلام والتماسك المجتمعي وذلك من أجل تشجع الشباب على الانخراط في نشاطات رياضية وفنية ومجتمعية مفيدة