حينما يمتلك الانسان الارادة يفعل المستحيل ,, قصة عراقية من الواقع ,, .

حينما يمتلك الانسان الارادة يفعل المستحيل ,, قصة عراقية من الواقع

د.حناني ميا

حينما يمتلك الانسان الارادة يفعل المستحيل ,, قصة عراقية من الواقع ,,

كانت الافاعي والعقارب منتشرة في اربيل بشكل مخيف وخاصة في الارياف وللاسف لم يكن المصل المضاد لسمومها موجود في المؤسسات الصحية انذاك بسبب عدم وجود الكهرباء لانها يجب ان تحفظ في الثلاجة وكانت موجودة في مذاخر الادوية في رئاسة صحة اربيل فقط ولكن المريض الذي كان يتعرض الى لدغات الافاعي وعضات العقارب على الاغلب كان لا يعيش بسبب التاخير في الوصول الى المركز لوعورة الطرق اولا ولقلة العجلات انذاك كما هي عليه اليوم وفي عام 1966 كنت مسؤولا عن صحة الناحية حيث فيها مستوصف وبجوارها بيت للموظف المسؤول ولاحظت وجود حالات كثيرة للدغات الحية وعضات العقارب فراجعت رئاسة الصحة في عهد الدكتور محمد زيور شريف رحمه الله وطلبت منه ابر ضد اللدغات والعضات فقال لي تحتاج الى ثلاجة وفي حرير لا يوجد كهرباء ولكن راجع المذخر ربما يكون عندهم ثلاجات تعمل بالنفط الابيض فراجعت المذخر وكانوا يديرونه باقسامه المختلفة عددا من خيرة الموظفين من زملائي الاحباء رحمهم الله ان كانوا احياء او توفاهم الله فوجدت واحدة ولكنها كانت عاطلة ولا يوجد تقني يعرف ان يصلحها ولكنني كنت مصرا على عدم العودة الى حرير دون اللقاحات المضادة للدغات الافاعي وعضات العقارب فاشتريت ترمسا كبيرا على شكل ثلاجة خشبية وداخلها مبطنة بمادة عازلة للحرارة وضعت فيه تلك اللقاحات ووضعت الثلج عليها واوصلتها الى حرير وكان عددها 60 ابرة 30 للافعى وكان حجمها كبيرا 10 سي سي و 30 للعقرب وكان حجمها 2 سي سي ,, Anti Snake Syrum10 cc ; Anti Scorpine Syrum 2 cc ; وكلفت الفراش رحمه الله ان يشتري الثلج يوميا من السوق ويضعه في الثلاجة الترمس وكلفت عاملا ان يحفر حفرة واسعة تحت ظل شجرة في حديقة الدار وعمل فوقها كبرة من اغصان الاشجار وثقوبا واسعة حول فوهتها الدائرية لدخول الهواء اليها من كل جانب ووضعنا الثلاجة الترمس بداخلها مع اللقاحات والثلج وكنا نرش الكبرة بالماء خلال 24 ساعة وهكذا استطعنا معالجة المشكلة في فصل الصيف والفصول الدافئة عدى الشتاء والربيع طبعا وجزءا من الخريف وقد انقذنا حياة ستون شخصا من الموت وبضمنهم ابن اخي وكان صبيا حينما عضته العقرب في بيتي وهو يتناول طعام الفطور , علما بان البيت الذي كان مخصصا لسكن الموظف الصحي المسؤول وفيما بعد الطبيب المسؤول كانت مهجورة وهو بناء غربي وفيه بانيو في الحمام ونافورة في حديقته الواسعة وكان جزئا منها مزروعا باشجار بعضها كان مثمرا وكانت عبارة عن غابة وكانت الافاعي والعقارب تلعب لعبا في البيت والحديقة فقررت السكن في الدار لانه ملاصق للمستوصف والبلدة بعيدة عنه فكلفت الفراش بان يكلف عددا من العمال لتنظيف البيت والحديقة وجمعنا القمامة على شكل اكوام صغيرة منتشرة هنا وهناك ووضعنا قشور البيض والصوف والبطنج فوقها واشعلناها فحدثت حرائق ودخان وبعد ذلك نظفناها تنظفنا جيدا كما نظفنا سياجات البيت من الخارج ورصفناها بالحصى كعازل وكانت المستوصفات تجهز بعدد من المعقمات والمبيدات ومنها - الدي دي تي مسحوق - الاسيد فينيك سائل لزج - الديتول سائل فاحضرنا براميل كبيرة وخلطنا كميات متساوية من المعقمات والمبيدات وعملناها على شكل مبيد سائل وقمنا برش البناية من الداخل والخارج بشكل جيد فكانت مجزرة رهيبة لكل الافاعي والعقارب وغيرها من الزواحف وحيوانات مضرة وحشرات واتذكر جيدا باننا قتلنا 17 عقربا كانت في سقف الغرف في البيت وفي الممرات وحية واحدة في البانيو بالحمام وبعد ذلك نظفنا البيت وصبغناه فاصبح وكانه قد بني حديثا وانعشنا حديقته وملئنا حوض النافورة بالماء وسكنت فيه مع زميل لي كان معلما لانني كنت اعزبا انذاك والى ان انتقلت الى اربيل ولم نشاهد اية حية او عقرب او غيرهما من الزواحف والحشرات - مع المحبة والتقدير والاعتزاز ااااااا