الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 316تاريخ التسجيل : 10/05/2022
موضوع: الكود ٧٣ ... الخميس 17 أغسطس 2023 - 18:51
"الكود 73" وسؤال التاريخ
الصديقة الشاعرة خلات أحمد، العزيزة دائما كتبت بحب: "اكثر من مره سمعت ان ٧٣ مجزرة ارتكبت بحق ابنائنا من الديانة الايزيدية. وقرأت هذا مؤخرا في كتاب الصديق ادريس عمر" الكرد والارهاب".
مشكلتي الشخصية اني لا اعرف عن هذه المجازر سوى الرقم. أين باحثونا الكرد من التأريخ لهذه المجازر؟ وبشكل خاص الايزديون منهم؟ لماذا يبقى الصمت يلف هذه المجازر؟ انتهى الإقتباس.
صديقتي، دعيني أكون جزءا من الجل ل"مشكلتك الشحصية" كما وصفت.. مؤكد أن التاريخ موجود، لا بل أن التاريخ حاضر مستمرّ، ولكنه يحتاج إلى من يقرأه.
سؤال التاريخ قبل أن يكون سؤالاً عن "كيف نكتب التاريخ؟"، هو سؤال عن "كيف نقرأ التاريخ"؟
تاريخ "الباب العالي"، أو تاريخ الدم الأكيد، الذي بدأ بالدم ولا يزال يسير إلى الدم، من استانبول إلى داعش، مروراً ب"راوندوز الأمير الأعور" و"بوتان البدرخانيين"، كل هذا التاريخ كان ولا يزال شاهداً على ما سميته ب"الرقم 73".
"الكود 7"، ما قبل فرمان داعش الأخير (2104) والذي تمّ الإعتراف به، دولياً، من قبل أكثر من 18 دولة وهيئة ومنظمة أممية، بإعتباره "إبادة جماعية بحق الإيزيديين"، ليس ك"الكود 73" ما بعد داعش.
وربما هذا هو "الإنصاف" الوحيد من "داعش" في حق التاريخ.
هو، لم يعد مجرّد رقم "فضائي" في الذاكرة الجمعية، كما كان، وإنما صار بعد قيام داعش إلى تاريخ أكيد، بل تاريخ مستمرّ، من لحم ودم، يقوم ويقعد ويمشي ويعيش بيننا.
قبل داعش، كان أي حديث عن أي "فرمان أو أية حملة إبادة إيزيدية"، مجرّد كلام في الفراع. لكنّ الآن، صار "الكود 73" نفسه، ليس رقماً كبيراً فحسب، بل تاريخاً كبيراً وكثيراً في آن.
عوداً إلى سؤالك؛ السؤال المفتاح.. هناك أكثر من 70 حملة إبادة جماعية إيزيدية موثقة في أكثر من كتاب وأكثر من دراسة وبحث من قبل كناب وباحثين إيزيديين وعرب وأجانب (يُنظر مثلاً،:د. عدنان زيان وقادر سليم شمو: مأساة الإيزيديين، الفرمانات وحملات الإبادة ضد الكورد الإيزيديين عبر التاريخ ، 2009 & صديق الدملوجي: اليزيدية، مطبعة الإتحاد، 1949 & د. سامي سعيد أحمد: اليزيدية، أحولهم ومعتقداتهم، 1971 &
Naby, Eden: The Yazidis, Oxford Unversity , 2009 & Ateş Sabri: Ottoman-Iranian Borderlands, Cambridge, 2013 & Rezvani, Babak: Ethno-territorial conflict and coexistence in the caucasus, Amsterdam University 2014 & King, Diane: Kurdistan on the Global Stage, Rutgers University, 2013 & Travis, Hanibal: Genocide in the Middle Est, Carolina Academic Press, 2010)
وبحسب الباحث الإيزيدي الصديق داود الختاري، واستناداً إلى الأرشيف العثماني والمخطوطات الكلدانية والوثائق الفرنسية والروسية والفارسية والإنكليزية والعربية والسريانية والكردية، وصل عدد الفرمانات وحملات الإبادة ضد الإيزيديين، منذ القرن الثاني عشر حتى نهاية الحرب العالمية الأولى إلى 161، وعمليات التهجير القسري وقتل الأمراء والوجهاء الإيزيديين إلى 37، والفتاوى الرسمية بإسم الإسلام الرسمي، التي حرضت على هدر دماء الإيزيديين إلى 15 فتوى.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، بحسب باحثين كرد وعرب وأجانب، قام الأمير الأعور المعروف بميري كور، أمير إمارة سوران، ما بين عامي 1832 و1835، بفتوى مباشرة من مفتي الإمارة محمد بن سليمان الخطي، بإبادة ما بين ثمانين ألف إلى أكثر من 100 ألف إيزيدي.
بالرغم من هذا التاريخ الإرهابي المدوّن الأكيد، للأمير الإرهابي الأكيد، في كردستان الأكيدة، وعلى مرأى الجمهور الكردي الأكيد، نرى نصبه التذكاري، كبطل وقائد قومي كردي أكيد، منتصباً اليوم، في قلب رواندوز الأكيدة، وهنا يكمن بيت القصيد:
التاريخ أكيد، ولكن ليس هناك من يقرأه.
التاريخ أكيد، ولكن هناك دائماً من يشكك به، لغاية أكيدة في نفس يعقوب أكيد.
التاريخ حاضر أكيد، ولكن ليس هناك من يأخذ منه العبرة الأكيدة.