الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 10384تاريخ التسجيل : 07/10/2009
موضوع: صناعة الجهل. : سلام مرقس الجمعة 1 سبتمبر 2023 - 3:50
صناعة الجهل.
سلام مرقس
صناعة الجهل.
صناعة الجهل اخطر تجارة رائجة ، واشهر صناع الجهل هم :
المؤسسات السياسية ( الحكومات) : من خلال التكتيم ، التعتيم ، وطمس واخفاء الحقائق وابعادها . المنظمات التجارية : من خلال ترويج الاكاذيب واستغلال العلوم باسلوب جهنمي اجرامي . وانضم اليهم في العقد الاخير بعض منافذ وسائل التواصل الاجتماعي التي تدفع بالشك، والتجاهل والمعلومة الناقصة ) . كما ان للبنوك والشركات التجارية مروجين ووكلاء اعلانات ، كذلك صناع الجهل لهم مروجين ووكلاء وسماسرة ايضًا ، لان صناعة الجهل لها مردود ربحي كبير لمنتجيها ، ولهذه التجارة قوة للسيطرة على الشعوب ومقدراته لذلك ضررها اقوى من الاسلحة الفتاكة العظيمة . ان التشكيك في العلم الراسخ، والزعم بأن بعض الحقائق ما زالت موضع شك وبحاجة إلى دراسة، يسميه العلماء اليوم “صناعة الجهل” Agnotology ( علم الجهل) ، وقد لقي هذا المصطلح سخرية واستهزاء في البداية، ولكن مع مرور الوقت أصبح الناس يشعرون أنهم بحاجة لمزيد من المعرفة عن هذا المصطلح واقصد ((الترويج لتكذيب العلوم وان المعرفة ناقصة والبحث غير مجدي ، وان الشك أفضل وسيلة لزعزعة الحقائق الراسخة في أذهان العامة”!!!!)) ومن خلال متابعتي وقرائتي عن هذا الموضوع انتبهت الى مقولة مهمة مفادها : ان صناعة الجهل صناعة مستمرة ومستدامة !!! اي نشر الجهل بواسطة كثرة المعلومات المشتّتة عن الهدف الرئيسي وزرع الارتباك في عقول الجماهير، يُبعِد التهمة عن المذنب الرئيسي. تجهيل المجتمع من خلال إبعاد المعرفة عن المجتمع هى فرص لادامة قيادة اي مجتمع نحو ما يخطط له صناع الجهل ، كون تجنب المعرفة عن شيء ما ، او ابعاد المعرفة الحقيقية عن مجتمع هى الصناعة الحقيقية له. بعض تلك الامور تحصل عن قصد وبعضها هى تحصيل حاصل … لذلك يجب ان تكون مستدامة للاستمرار في السيطرة على المجتمع . من التطور الخطير في صناعة الجهل هو ادخال الاعلام ضمن اليات صناعة الجهل ، والاخطر عندما يستلم الجاهل او الغير مؤهل او الغير اكاديمي زمام الاعلام ، مدعومًا من حزب او تاجر غشاش او شركة مشبوهة وهذا يسمى الاعلام المستهدف لتخريب المجتمع . المثال العراق … ودور الاعلام في صناعة الجهل في العراق !!!! وبالتحديد منذ عام 2003 وهو تاريخ بداية محاولة اسقاط العراق كدولة حضارية متطورة وغنية ، وكيف ساهمت الاحزاب الاسلامية ( الحاكمة) التي دخلت العراق تحت جنح الظلام وبحماية دبابات امريكية ، وكيف ان هذه الاحزاب وضعت خطط وبرامج لتجهيل الشعوب العراقية !!! مصطلح الشعوب العراقية جديد ظهرت ملامحه بعد سقوط الاخلاق بالعراق منذ عقدين من الزمن هذا المصطلح الذي حل محل الامة العراقية ، والمثال هو ان العراقي الوطني او الليبيرالي او العلماني او المؤمن بالمواطن وحق المواطنة تحاربه الدولة كانه اجنبي !!!!.
كيف استطاع صناع الجهل السيطرة على كل مراكز القوة داخل المجتمع العراقي ؟
في البداية استطاعت الاحزاب هذه وبالاخص الشيعية من استحضار شعيرة دينية وترويجها بشكل كبير جدًا مستغلين نقطة مهمة في العقل الجمعي لتلك الطائفة وهى مظلومية الحسين وحصرها في تلك المظلومية واختزالها وكيف ان النظام السابق منعهم منها اي ممارستها ، واضافوا اليها سيناريوهات غير عراقية ( ايرانية) مستغلين وكلاء وسماسرة خبراء في صناعة الجهل ، والامثلة كثيرة جدًا جدًا ، ابتداً من المبالغة بالمراسيم وتعطيل البلاد بكل مرافقة ولاسابيع واضفاء حالة من الحزن وايذاء النفس واحباط النفوس بين فئة الشباب ، وهنا صناع الجهل وضعوا الشباب العراقيين في دائرة المظلومية وان كل العالم الاخر ضده بحيث استطاع (صناع الجهل) وبواسطة الاعلام المباشر ان ينقلوا للمجتمع مثالًا شيطانيًا يصورون مجموعة من الشباب وهم يتمرغلون في الطين مكسورين تعساء يبكون وكانهم اجساد ميته مستسلمة لليأس ضعيفة !!!!، وحجبوا الصورة الاخرى المتناقضة عن الشباب الشيعة المتقاطعين مع الوسيلة وليس قضية الحسين كقضية مقدسة في المذهب . وكان الغرض من هذا التشويه لاحداث ( صناعة) جدل وخلاف وصراع داخل المجتمع الشيعي بين متردد ومشكك وبين مؤيد ومسرف في الايذاء . وبين هؤلاء الاثنين ظهر الناقد الشيعي المتفهم والمستوعب لهذه الحادثة و باسلوب حضاري ، فظهرت الانشقاقات وتبادل التهم بين الاسرة الواحدة او العشيرة الواحده ، واستمر الحال هذا الى اليوم ، وقد استفاد صناع الجهل ( الاحزاب ورجال الدين ) من هذه الظاهرة ليتفرغوا لتدمير البلاد وسرقة العباد وبناء مملكتهم المالية ،مدعومة بالسلاح والمليشيات واحتلال المناصب العسكرية والمدنية ، وهنا يحق القول ان صناعة الجهل امضى من الاسلحة التقليدية . ومن جانب اخر روج صناع الجهل الى مسالة حرية الاعلام والصحافة واعطت للاحزاب المتنفذة مساحة غير محدودة للعمل ، ولكن ضمن اطار تم تحديده بعدم التقاطع في النقاط التي تمس مصالحهم المشتركة ، فاصبح العراق الاول في المنطقة من حيث الشبكات الاعلامية والفضائيات وفي ليلة وضحاها اصبح للعراق الوف الاعلاميين والصحفيين ، الغالبية العظمى منهم غير مهنيين مسيرين ( ادوات لصناعة الجهل) .
خبراء صناعة الجهل في العراق صبوا جل اهتمامهم في صناعة تركيبة جديدة للدولة العراقية .
ففي خلال اشهر بعد سقوط العراق بيد الاحزاب الدينية عام 2003 انصب اهتمام صناع الجهل الى اعادة صناعة سلاح الطائفية وتقسيم العراق الى طوائف ، وان هذه الطوائف التي تحكم سوف تحكم باسلوب المحاصصة ، ( تجربة نقلت من لبنان الى العراق ) بسبب ان المنشأ واحد وهو ايران ، وفي وقتها رفع السياسي العراقي المعارض عبارة لبننة العراق ( اي صنع عراق جديد على الطريقة اللبنانية) وفعلا تم ذلك ولكن السيناريو الذي وضع لقتل وتدمير العراق كان سيناريو قاسي وطويل الامد ولعدة اسباب اهمها : صناع الجهل كانوا على دراية ومعرفة جدًا دقيقة بعلاقة ايران بالعراق منذ القادسية الاولى عام 636 للميلاد ، وكيف ان العرب المسلمين غزوا بلاد فارس وسبى جيشهم نساءهم والاميرات الفارسيات كغنائم حرب بعد مقتل رستم فرخزاد ، وهذا ولد حقد تاريخي بين الفرس والعرب الى اليوم!!!! وكذلك يعرف صناع الجهل الصراع الكبير الذي امتد من (1508- 1779) بين العثمانيين السنة والايرانيين الشيعة ( ايران كانت سنية وتحولت للتشيع في عهد الصفوييون عام 1501 ، وفي طيلة فترة هذا الصراع كان العراق ضحية سواء القادسية الاولى بين اهل نجد والحجاز والفرس في ايران , او الصفوييون في ايران والعثمانييون في تركيا وكانت غزواتهم ومعاركهم اغلبها في العراق وعلى حسابه ، ولهذا استحضر صناع الجهل نقاط الخلاف والصراع وادخلوها الى داخل المجتمع العراقي بحيث وصلت الامور اليوم ان بعض المكونات العراقية لا وجود لها بالعراق سياسيًا واجتماعيًا وحتى في دوائر الحكم ، الكل تحت سيطرة ولاية الفقيه والحرس الثوري ولهم وكلاء في كل مرفق من مرافق الدولة وفي السلطات الثلاثة . وبعد عقدين (2003-2023) من سيطرة صناع الجهل على العراق لم تقف في وجههم اي قوة تعترض او مقاومة تعمل ، واصبحوا اباطرة سلاح ومال يحكمون البلاد بالنار والحديد ، فتراهم تارة شركات استثمار ، او مستشارين او خبراء او اصحاب بنوك . بالاضافة الى سياسيين ( رجال دين، احزاب ،مليشيات ) الذين يسيطرون عليهم جميعهم . ويظهرون في الازمات او عند صناعة ازمة . سلام مرقس / باريس