تراجع سعر العملة الخضراء يفيد الولايات المتحدة على جميع الاصعدة: يدعم النمو ويحفز تضخما مطلوبا في ظل اقتصاد يخشى انهيارا في الاسعار. ميدل ايست اونلاين واشنطن - من مارك جوردييه
يعتبر تراجع سعر الدولار مفيدا للولايات المتحدة على جميع الاصعدة اذ يسمح بدعم النمو ويحفز في الوقت نفسه تضخما مطلوبا في ظل اقتصاد يخشى انهيارا في الاسعار.
وحين تكون عملة بلد ما ضعيفة، فهذا يعتبر بصورة عامة مكسبا للمصدرين الوطنيين اذ يمنح منتجاتهم في الخارج افضلية على منتجات الدول الاخرى على صعيد مقارنة الاسعار.
وفي وقت يسجل ضعف في الطلب الداخلي الاميركي يتوقع ان يستمر لفترة من الوقت، فان التراجع المسجل مؤخرا في سعر الدولار يمكن ان يحرك انتعاشا اقتصاديا ما زال ضعيفا من خلال تشجيع الصادرات.
غير ان تنافسية سعر صرف العملة الوطنية لديها انعكاس سلبي اذ تتسبب عادة بتضخم في البلد الذي يشهد تراجعا في سعر عملته اذ تزيد من كلفة المواد المستوردة.
لكن في ظل الظروف الاقتصادية الخاصة بالولايات المتحدة، فان حتى ذلك يتحول الى مكسب اذ يعتبر مسؤولو الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي) ان التضخم الحالي ضعيف الى حد يدعو الى القلق وهم يسعون بكل الوسائل لتجنب انكماش معمم في الاسعار والرواتب، ما سيشكل في حال حصل كارثة يكون الخروج منها في غاية الصعوبة.
وكتب محللو شركة الاستثمارات اوريل اي تي سي بولاك الخميس في دراسة بعنوان "دولار ضعيف بدون عواقب؟" ان التضخم الناتج عن انخفاض سعر الدولار "يخفف الضغوط الانكماشية على المنتجين المحليين. ومن الواضح ان هدف الاحتياطي الفدرالي تحريك التوقعات التضخمية".
والتراجع الحالي في سعر صرف الدولار مرتبط الى حد بعيد بالسياسة النقدية التي يعتمدها الاحتياطي الفدرالي اذ يعلن بشكل واضح تصميمه على ابقاء معدلات فوائده القريبة الاجل بادنى مستوياتها لفترة طويلة، ويتحدث حتى عن اتخاذ تدابير اضافية لخفض المعدلات البعيدة الاجل اكثر مما هي عليه.
واذا اضيف الى كل ما سبق ضعف الانتعاش الاقتصادي، فان الولايات المتحدة تفقد من جاذبها بنظر المستثمرين الذين سيتوجهون الى بلدان اخرى بحثا عن مردود اكبر، ما يساهم ايضا في تراجع الدولار.
والاجراءات التي يدرسها الاحتياطي الفدرالي تقضي بزيادة السيولة وتيسير القروض وفق ما يعرف بـ"التدابير غير التقليدية".
وازداد احتمال لجوء الاحتياطي الفدرالي الى هذه الوسيلة الجمعة حين اعتبر رئيسه بن برنانكي ان مستوى النمو الاقتصادي والتضخم منخفض الى حد خطير.
وبلغ سعر صرف الدولار منذ مطلع الشهر ادنى مستوياته منذ كانون الثاني/يناير بالنسبة الى سلة من العملات الاجنبية الكبرى، وقد ساهمت تصريحات برنانكي في تراجعه.
ويرى محللو مورغان ستانلي ان "النتيجة غير المقصودة او الضمنية ولو انها مفيدة، لضخ المزيد من السيولة ستكون الابقاء على الضغوط التي بدأت تظهر في اتجاه تراجع سعر الدولار لفترة طويلة من الزمن".
وهذا ما اقر به احد مسؤولي البنك المركزي اريك روزنغرن الخميس.
وقال ردا على صحافي في شبكة سي ان بي سي سأله ان لم يكن يخشى ان يؤدي تدخل جديد لمؤسسته في الاسواق الى اضعاف الدولار لفترة طويلة، ان "احدى معطيات المشكلة الواجب علينا حلها هو ان نسبة التضخم ضعيفة اكثر مما ينبغي".
وهذا يعني ان كل الوسائل ممكنة لتحريك التضخم.
وفي وقت تتصاعد مخاوف من حرب عملات تشنها القوى الاقتصادية الكبرى من خلال تخفيض سعر عملاتها لدعم صادراتها، رأى ينس نوردفيغ الخبير الاقصادي في شركة السمسرة اليابانية نومورا انه من غير المتوقع ان تواجه سياسة الاحتياطي الفدرالي اعتراضات في العالم.
وتساءل "من الذي يمكن ان يبدي مأخذا على الولايات المتحدة؟" مضيفا ان "كل من يحرص على صحة الاقتصاد العالمي يود ان تتجنب اميركا انكماشا ماليا".