مليارات الدولارات يجري تسديدها دوريا ًإلى جارة العراق الشرقية ( ايران )على وفق اتفاقية تجارية لتجهيز العراق بالغاز لأغراض تشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية في المنظومة الوطنية وكذلك سداداً لما تصدره من كمية محدودة لوحدات التيار الكهربائي الى الشبكة العراقية بمواصفات رديئة وعلى نحو غير مستقر…إلا إن ما حصل مؤخراً من استهداف مباشر للأراضي العراقية في المنطقة الشمالية ( محافظة أربيل )والذي أدى إلى قصف وتدمير للأهداف المدنية فيها وذلك بإطلاق مكثف لوابل من الصواريخ عليها والتي لم يراع الجانب الإيراني فيها المفاهيم الدولية لحسن الجوار بالإضافة إلى عدم تقديره لهذه العلاقة التجارية والتي تعتبر إحدى حبال الإنقاذ الفاعلة للتخفيف عنه من وطئة تبعات العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه من قبل الولايات المتحدة الإمريكية . إن رد هذا الجميل من قبل ايران بإطلاق الصواريخ باتجاه العراق لهو حدث مثير للدهشة ، فمن المحتمل وليس ببعيد ان يكون جزءا كبيرا من الاموال و التي تم تحويلها من موارد العراق النفطية الى خزانة المال الإيرانية قد جرى تسخيرها في تصنيع هذه الصواريخ …. من الجانب الفني يدرك المعنيون من ذوي الاختصاص ما سوف يحدث جراء مقاطعة شراء الطاقة ووقودها ( الغاز )من ايران وعلى وجه الخصوص التحديدات المباشرة والمؤثرة في السعات المتاحة لمحطات انتاج الكهرباء العاملة في المنظومة الوطنية والذي يمكن ان يسبب ذلك توقفاً تاما للعديد من الوحدات التوليدية في هذه المحطات ،وبالتالي سوف تزداد عديد ساعات القطع الكهربائي المبرمج عن المستهلكين وعلى وجه التحديد في أوقات أحمال الذروة الشتوية أو الصيفية ، وإن حصل هذا تلبية لمناداة نخبوية وانصياعاً لضغط جماهيري عارم فستكون الارادة الوطنية العراقية أمام تحد كبير تفرضه المواقف الصعبة في حتمية المجابهة الشجاعة ، فما هي خطوط المواجهة المتاحة في هذا الشأن ؟ قبل أيام قلصت ايران من جانبها كميات تجهيز الغاز الى ما نسبته ٢٠ بالمئة تقريبا ً من الكمية المتفق عليها مع الجانب العراقي بحجة اجراء صيانة موسمية على منظومات التصدير ، جراء ذلك فقدت المنظومة الكهربائية في العراق ما قيمته ٤٠٠٠ ميكاواط إلا أن هذا الفقدان بالامكان تعويض نسبة كبيرة منه بوساطة استخدام الوقود البديل المتوافر وطنياً وان كان ذلك على حساب التشغيل المثالي على الغاز المستورد و المعتمد حاليا حيث تأثيراته السلبية على حالة المكائن العاملة في المنظومة الكهربائية والى حين اتمام المشاريع المعلن عنها والتي تخص استغلال الموارد الوطنية للغاز المطلوب في تشغيل العديد من محطات انتاج الكهرباء . من جانب آخر وعلى وفق الاحصاءات الخاصة بنسبة الاستهلاك المنزلي في العراق والبالغة ماقيمته ثمانون بالمئة من مجموع الاستهلاك الكلي … هذآ الاستخدام بنسبته العالية حاليا والذي يذهب قسما كبيرا منه لأغراض التدفئة والتسخين شتاء ًوالى التبريد والتهوية صيفا فمن الممكن تقليصه بوساطة دعوة وطنية عامة تهدف إلى الترشيد في الاستهلاك الكهربائي وذلك بالتوجه إلى بدائل الوقود الأخرى على أنّ يوازي ذلك دعماً حكومياً كبيراً يشمل تأمين المتطلبات اللازمة للمواطن لتمكينه من المساهمة الكبيرة و المؤثرة في هذا الاتجاه ، ومن وسائل الدعم هذا تصنيع أو إستيراد أجهزة التدفئة غير الكهربائية وعرضها بأسعار مدعومةللمواطنين . أرى في هذا محاولة جادة وعملية للخروج والتحرر من قيود الاحتكار المفروض على توريد الغاز والكهرباء من المورد الايراني الوحيد والذي فرضته ظروف استثنائية لمواجهةالطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية ومهدت لتجسيده غايات سياسية واقتصادية معروفة مكنته ليكون قابضا بلا منافس على سوق الطاقة في العراق فعلى الرغم من وجود الجهد الوطني الضامن لكسر هذا الاحتكار وارتفاع نداءات المطالبة للتحرر من مظاهر التبعية المشينة ،فهل هناك من سيصغي لهذا ؟ … لا أعتقد ذلك في أجواء سبات أو غياب الارادة الوطنية المستقلة .