قاله الثعالبي "يحكى أن رجلا يتهم بالدعوة قال لأبي عبيدة لما أتهم بكتاب المثالب: أتسب العرب جميعا؟ قال: ما يضرك أنت من ذلك؟ ـ يعني أنه ليس منهم ـ فإذا إدعى النسب في هاشم وهو دعي قالوا: هو إبن عم النبي من الدلدل وهي بغلته، قرابة ما بينهما كقرابة ما بين النبي وبين البغلة، وفي ذلك يقول أبو سعد دوست:
فديتك ما أنت من هاشم *** وما أنت من أحمد المرسل
فإن قلت إني إبن عم النبي *** فأنت إبن عم من الدلدل (النهاية في الكناية/115).
تُستمد المثالب غالبا من فن الهجاء في الشعر والنثر والخطب وبعض النوادر الواردة في التأريخ العربي والإسلامي، وهي رغم استهجانها من قبل العلماء المسلمين، لكنها تعد فن قائم بحد ذاته ولا يمكن إنكار هذا الجزء من تأريخ الأمة بغض النظر عن ماهيته وسلبياته، وقد أسهب الكثير من الرواة في ذكر مثالب العرب المسلمين، والكثير منها تجاوز الحقيقة، وكان الغرض منه التجريح بالمقابل بعض النظر عن شخصية القالب والمثلوب. قال الجاحظ" أن ثمة مخبرين كذا بين يصنعون الأخبار أو يولدونها أو يحرفونها لأسباب مذهبية أو دينية أو سياسية أو عنصرية من هؤلاء أبو مخنف والشرقي بن القطامي، والكلبي، وابن الكلبي، ولقيط المحاربي، وشوكر وعطاء الملط، وابن دأب، وأبو الحسن المدائني، وحماد الذي قال عنه يونس بن حبيب: يا عجبا للناس كيف يكتبون عن حماد وهو يصحف ويكذب ويلحن ويكسر". (البغال/11).
غالبا ما لا تعبر المثالب عن جوهر الذي تعرض اليها، قال الجاحظ" بكى عبد الله بن جدعان من بيت لخداش بن زهير. وما زال يهجوه من غير أن يكون رآه، ولو كان رآه ورأى جماله وبهاءه ونبله والذي يقع في النفوس من تفضيله ومحبته ومن إجلاله والرقة عليه أمسك". (كتاب الحيوان1/243). قال ابو حيان التوحيدي" بكت العرب من وقع الهِجاء كما تبكي الثَّكْلى من النساء، وذلك لشرف نفوسها ونزاهتها عن كل ما يتخوَّن جمالها ويعيب فعالها". (أخلاق الوزيرين/90). وأضاف" قيل لعقيل بن عُلَّفة: لم تهجِ قومك؟ فقال: إن الشاة إذا وردت الماء فلم يُصفر لها لم تشرب، أي إذا لم يُحرِّضوا على المكارم لم يفعلوها". (أخلاق الوزيرين/265).
كما قال الجاحظ "أسباب عداوات النّاس ضروب: منها المشاكلة في الصناعة، ومنها التقارب في الجوار، ومنها التقارب في النّسب، والكثرة من أسباب التّقاطع في العشيرة والقبيلة، والسّاكن عدو للمسكن، والفقير عدوّ للغني وكذلك الماشي والراكب، وكذلك الفحل والخصيّ، و بغضاء السّوق موصولة بالملوك، وكذلك والموصي له بالمال الرغيب، وكذلك الوارث والموروث، ولجميع هذا تفسير". (كتاب الحيوان7/59). لذا هناك عدة دوافع تقف وراء المثالب منها سنفصلها بدقة:
بكل أسف في الوقت الذي قام الفردوسي وغيره من المؤرخين والشعراء الفرس بتجاوز سلبيات ملوكهم ورجالهم وإغفالها وأتجاهلها أو طمسها، حيث إنهم ركزوا على إيجابياتهم وبالغوا بها بشكل أقرب منه للأساطير والمعاجز، على سبيل المثال، قال الحميري" تزعم الفرس أن فيلاً من فيلة كسرى اغتلم فأقبل نحو الناس، فلم يقم له شيء حتى دنا من مجلس كسرى، فأقشع عنه جنوده وأسلمه صنائعه، وقصد إلى كسرى ولم يبق معه إلا رجل واحد من فرسانه، كان أخصهم به حالاً، فلما رأى قربه من الملك شد عليه بطبرزين كان في يده فضرب جبهته به ضربة غاب جميع حديده بها في جبهته، فصدف عنه وارتدع، وأبى كسرى أن يزول من مكانه، فلما أيقن بالسلامة قال لذلك الرجل: ما أنا بما وهب الله تعالى لي من الحياة على يديك بأشد سروراً مني بما رأيت من هذا الجلد والوفاء والظفر (3) في رجل من صنائعي وحين لم تخطئ فراستي، فهل رأيت أحداً قط أشد منك؟
قال: نعم! قال: فحدثني عنه! قال: على أن تؤمنني، فأمنه، فحدثه عن بهرام جوبين بحديث شق على الملك إذ كان عدوه بتلك الصفة". (الروض المعطار/550).
وقال ابن حوقل "اجتزت بعبّادان سنة ثمان وثلاثين وخمس مائة وهى جزيرة فى وسط الدجلة وماء الفرات عند مصبّهما فى البحر واختلاط ماء البحر بهما وفيها رباط يسكنه جماعة الصوفيّة والزهّاد وليس بينهم المرأة البتّة وفى هذه الجزيرة مسجد من جانب الشرق وفيه ودائع وأمانات غير مسلّمة الى أحد من الناس وقد قرّر الجماعة بتلك البقعة أنّ كلّ من أخذ من عبّادان شيئا على سبيل الجناية والسرقة فإنّ السفينة تغرق لا محالة بزعمهم حتّى أنّهم قد رسخوا فى قلوب الناس أنّ تراب عبّادان إن حمله أحد بغير أمر أولئك الجماعة فإنّ تلك السفينة التي فيها من ذلك التراب تغرق وليس كما زعموا". (صورة الأرض/48).
وذكر ياقوت الحموي عن تعظم الفرس للنار" قرأت في كتاب الابستاق، وهو كتاب ملّة المجوس: أن سعدى بنت تبّع زوجة كيكاووس، عشقت ابنه كيخسرو وراودته عن نفسه، فامتنع عليها، فأخبرت أباه أنه راودها عن نفسها، كذبا عليه، فأجّج كيخسرو لنفسه نارا عظيمة بأبرقوه، وقال: إن كنت بريئا فإن النار لا تعمل في شيئا، وإن كنت خنت كما زعمت، فإن النار تأكلني. ثم أولج نفسه في تلك النار وخرج منها سالما ولم تؤثر فيه شيئا، فانتفى عنه ما اتّهم به. قال: ورماد تلك النار بأبرقوه شبه تلّ عظيم، ويسمّى ذلك التلّ اليوم، جبل إبراهيم، ولم يشاهد إبراهيم، عليه السلام، أرض فارس ولا دخلها، وإنما كان ذلك بكوثاربّا من أرض بابل". (معجم البلدان1/70).
وذكر فريد الدهر شمس الدين الأصفهاني "أن بمازندران، وهي المسماة طبرستان عين ماء، من حمل من مائها، تبعته دودة طول أنملة الإنسان، فلو مل الماء تسعة، وكان معهم عاشر لم يحمل الماء، تبع كل واحد ممن حمل دودة، ولم يتبع العاشر الذي لم يحمل شيئا، فإن قتل واحد منهم تلك الدودة استحال الماء مرا لوقته، واستحال ماء كل من هو وراءه مرا، وأما من هو على جانبه فلا يستحيل ماؤه" (مسالك الابصار3/213).
على العكس من ذلك نجد ان المؤرخين العرب أسهبوا في الحديث عن مثالب العرب المعارضين لهم، مؤرخو الدولة العباسية مثلا بالغوا في ذكر مثالب بني أمية، واختلقوا الكثير من القصص والأكاذيب للطعن بهم، وهكذا بالنسبة لبقية الحقب التأريخية اللاحقة، وقد شكلت هذه المثالب العربية العربيه، والإسلامية مادة دسمة للفرس أولا، ومن بعدهم للمستشرقين، استثمروها في الطعن بالعرب والإسلام. على سبيل المثال هذه النصوص. قال المقدسي عن سكان الجزيرة العربية" يكثرون اكل لحم اليربوع والحيّات ويقطعون الطريق ويؤون الغريب ويهدون الضالّ ويخفرون القوافل وعلى الجملة لا يمكن ان يعبر أحد هذا الطريق الّا بخفير أو قوّة وترى الحاجّ مع قوّتهم يهتكون وتؤخذ اباعرهم وخزائنهم". (أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم/252).
قال الكاتب المجهول وهو فارسي كما يظن اكثر من كتب وحقق له "باورد تقع بين الجبل والمفازة. ذات مزارع وحقول كثيرة. هواؤها حسن، وأهلها سفلة". (حدود العالم/115). و ايضا" ساروان: بلدة في الجبال، أهلها ذوو جرأة ومقاتلون يمتهنون اللصوصية، عنيدون عديمو الوفاء مصاصو دماء. والعصبيات بينهم دائمة". (حدود العالم/119). وعن الغور "وهي بلاد بين الصخور والجبال، لها ملك يسمونه غورشاه، يستمد سلطته من أمير الجوزجان. وكانت الغور هذه قديما دار كفر بأسرها، أهلها سيئو الطباع وغلاظ وجهلة". (حدود العالم/123).
ذكر ابن بطوطة عن الهند "كان للسلطان صهر يسمى بمغيث بن ملك الملوك وكانت أخت السلطان تشكوه لأخيها إلى أن ماتت فذكر جواريها أنها ماتت بسبب قهره لها وكان في نسبه مغمز فكتب السلطان بخطه يجلى اللقيط يعينه ثم كتب ويجلى موش خوار معنا آكل الفئران، يعني بذلك الأمير غدا لأن عرب البادية يأكلون اليربوع وهو شبه الفأر". (رحلة ابن بطوطة2/364). قال ياقوت الحموي عن دور الراسبي" بين الطيب وجنديسابور من أرض خوزستان. كأنه منسوب إلى بني راسب ابن ميدعان بن ماك بن نصر بن الأزد بن الغوث. يُنسب إلى دور الراسبي أبو الحسين علي بن أحمد الراسبي. وهو من عظماء العمال وأفذاذ الرجال. مات ليلة الأربعاء لليلة بقيت من ربيع الآخر سنة إحدى وثلاثين ثلاثمائة، في أيام المقتدر بالله، ووزارة وزيره علي بن عيسى. ودُفن الراسبي بداره. وخلف بنتاً وأخاً، وكان يتقلد من واسط إلى شهرزور، وكورتين من كور الأهواز. ومبلغ ضمانه ألف ألف وأربعمائة ألف دينار في كل عام ولم يكن للسلطان معه غير صاحب البريد، لأن الحراج والضياع والحرث والشجر وما سواه داخل في ضمانه. وقد استطاع ضبط جميع أعماله، وحمى ما تحت يديه من الأعراب واللصوص والكرد، ومات عن أموالٍ عظيمةٍ".(الخزل والدأل/10). وهناك الآلاف من النصوص التي تتضمن مثالب للعرب والمسلمين رواها المؤرخون العرب يمكن الرجوع اليها في كتابنا (اغتيال العقل الشيعي).
معنى المثالب
لا بد من أخذ فكرة مبسطة عن مثالب العرب ومصادرها وكيفية استفادة الشعوبيين منها.
المثالب جمع مثلب ومثلة ومثلبة، وتعني العيوب، ويقال بانت مثالبه أي ظهرت عيوبه أو نواقصه، وعكسها منقبة أي محاسن المرء. ويقال أمر ثلب بمعنى أمر معيب، والفاعل منه ثالب، والمفعول به مثلوب. وثلب عرضه بمعنى طعن في عرضه. ذكر الفيروز آبادي "ثلبه يثلبه ثلبا من باب لامه وعابه وصرح بالعيب، قال الراجز(لا يحسبن التعريض إلا ثلبا)، وقيل الثلب شدة اللوم والأخذ باللسان". (تاج العروس). أما إبن منظور فقد ذكر" ثلبه يثلبه ثلبا بمعنى لامه وعابه وصرح بالعيب، وقال فيه وتنقصه". (لسان العرب). وذكر الجوهري" ثلبه ثلبا إذ صرح بالعيب وتنقصه، وذكر نفس ما جاء في تاج العروس ولسان العرب. (الصحاح في اللغة). وهناك معاني أخرى للكلمة لا يعنينا أمرها بقدر تعلق الأمر بموضوع البحث.
يفسر(أمجد حسن سيد أحمد) وهو أول من حقق كتاب المثالب في رسالة دكتوراة " المثالب هي عملية تنفيس ضد الحكم القائم على حد التعبير، وقد اشتد أمر المثالب حين أمر معاوية (رض) بسب العلويين على منابر المساجد، مما أثار غضب المسلمين عامة والعرب خاصة، وحثهم في مثالب الأمويين وأعوانهم من العرب". (أطروحة المثالب/21). الحقيقة أن هذا الكلام غير علمي مطلقا، فالهجاء كأحد أهم واجهات المثالب هو أحد أغراض الشعر في العصر الجاهلي شأنه شأن بقية الأغراض، والمثالب معروفة منذ نشأة الإنسان وحتى الوقت الحاضر، ولكنها تطورت واتسعت في العصر الجاهلي، وليس الإسلامي كما زعم سيد أحمد، لأن الشعر كما هو معروف قد خفت بريقه مع فجر الإسلام، ولكنه عاد الى نشاطه مع العهد الأموي، ولكن وصل أوجه في العهد العباسي الأول وليس العصر الأموي كما ذكر الكاتب، حيث اشتدت النزعات الشعوبية المعادية للعرب والإسلام على حد سواء. ويمكن القول بأنه اشتد امر المثالب في عهد الدولة العباسية أي حكم آل البيت الذين بالغوا في التأليب على ذكر مثالب بني أمية، واشتروا ذمم الكتاب والشعراء، ويمكن إجراء مقارنة ما بين توجهات الشعراء خلال العهدين الأموي والعباسي لمعرفة الفارق.
قال الشاعر:
لا تهتكن من مساوي النّاس ما ستروا *** فيهتك الله سترا من مساويكا
واذكر محاسن ما فيهم إذا ذكروا *** ولا تعب أحدا منهم بما فيكا
من جهة ثانية لم يثبت ان معاوية أمر بسب العلويين على منابر المساجد كما إدعى محقق المثالب، فهذه الروايات كان مصدرها الشيعة أو أخذت عن مراجعهم على علتها، وقد شاعت في العصر العباسي كما بينا، ومن المعروف أن هناك حالات تزاوج بين العلويين وبني أمية، فكيف يُسب العلويون عموما! كما كان أئمة الشيعة يستلمون المنح والجوائز من خلفاء بني أمية سيما الحسن والحسين، فكيف يتسلموا عطايا ممن يشتمهم! في هذه التهمة طعن بالأئمة وليس ببني أمية فحسب. قال ابن عبد ربه "اجتمع الناس على معاوية سنة إحدى وأربعين، وهو عام الجماعة؛ فبايعه أهل الأمصار كلها، وكتب بينه وبين الحسن كتابا وشروطا، ووصله بأربعين ألفا. وفي رواية أبي بكر بن أبي شيبة، أنه قال له: والله لأجزينك بجائزة ما أجزت بها أحدا قبلك، ولا أجيز بها أحدا بعدك! فأمر له بأربعمائة ألف". (العقد الفريد5/111)
المثالب تُستمد غالبا من فن الهجاء في الشعر والنثر والخطب وبعض النوادر الواردة في التأريخ العربي والإسلامي، وهي رغم استهجانها من قبل العلماء المسلمين لكنها تعد فنا قائما بحد ذاته ولا يمكن إنكار هذا الجزء من تأريخ الأمة بغض النظر عن ماهيته وسلبياته، وقد أسهب الكثير من الرواة في ذكر مثال العرب المسلمين، والكثير منها تجاوزت الحقيقة، وكان الغرض منه التجريح بالمقابل بعض النظر عن شخصية الثالب والمثلوب، وهناك عدة أسباب تقف وراء المثالب منها.
عقيل بن أبي طالب أكثرهم ذكرا لمثالب الناس!
قال الأفطسي "أربعة من قريش كانوا رواة الناس للأشعار، وعلماءهم بالأنساب والأخبار؛ مخرمة بن نوفل بن وهيب بن مناف بن زهرة، وأبو الجهم بن حذيفة بن غانم بن عامر بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب. وحويطب بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسن بن عامر بن لؤي. وعقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، وكان عقيل أكثرهم ذكرا لمثالب الناس، فعادوه لذلك، وقالوا فيه وحمّقوه، وسمعت ذلك العامة منهم". (المجموع اللفيف/425). علما أن عليّ وعقيل أمهما فاطمة بنت أسد بن هاشم. ذكر التوحيدي" قال المدائنيّ: مرّ عقيل بن أبي طالب على أخيه عليّ بن أبي طالب (ع) ومعه تيس، فقال له عليّ: إنّ أحد ثلاثتنا أحمق. فقال عقيل: أمّا أنا وتيسي فلا". (الامتاع والمؤانسه 1/390).
حالة السب واللعن بين علي ومعاوية
قال الشاعر:
إذا مَا ذكرت الناس فاترك عيوبهم *** فلا عيب إلا دون ما منك يذكر
فإن عبت قوما بالذي ليس فيهم *** فذلك عند اللَّه والناس أكبر
وإن عبت قوما بالذي فيك مثله *** فكيف يعيب العور من هو أعور
وكيف يعيب الناس من عيب نفسه *** أشد إذا عد العيوب وأنكر
متى تلتمس للناس عيبا تجد لهم *** عيوبا ولكن الذي فيك أكثر (روضة العقلاء/125)
من المعروف أن هناك حالات تزاوج بين العلويين وبني أمية، فكيف يُسب العلويين عموما! وكان أئمة الشيعة يستلمون المنح والجوائز من خلفاء بني أمية سيما الحسن والحسين، فكيف يتسلموا عطايا ممن يشتمهم! في هذه التهمة طعن بالأئمة وليس ببني أمية فحسب. قال ابن عبد ربه" اجتمع الناس على معاوية سنة إحدى وأربعين، وهو عام الجماعة؛ فبايعه أهل الأمصار كلها، وكتب بينه وبين الحسن كتابا وشروطا، ووصله بأربعين ألفا. وفي رواية أبي بكر بن أبي شيبة، أنه قال له: والله لأجزينك بجائزة ما أجزت بها أحدا قبلك، ولا أجيز بها أحدا بعدك! فأمر له بأربعمائة ألف". (العقد الفريد5/111).
1. أسباب عنصرية
يتمثل التعصب العنصري بالمنافسة بين الشعراء والخطباء ومحاولة كل فريق أن يُعلي من شأن قومه ويسيء للفريق الذي يعاديه عن حق أو باطل. وهذا ما تجده في المفاخرة بين العرب والفرس والروم وغيرهم. حيث يحاول كل قوم ان يظهر محاسنه من جهة وعيوب غيره من جهة أخرى.
قال الثعالبي" يحكى ان رجلاً يتهم بالدعوة قال لابي عبيدة لما اتهم بكتاب المثالب أتسب العرب جميعاً؟ قال: وما يضرك أنت من ذلك يعني انه ليس منهم " فاذا " ادعى النسب في هاشم وهو دعى قالوا هو ابن عم النبي من الدلدل وهي بغلته اي قرابة ما بينهما كقرابة ما بين النبي وبين البغل وفي ذلك يقول ابو سعد دوست:
فديتك ما أنت من هاشم *** وما أنت من احمد المرسل
فان قلت أني ابن عم النبي *** فانت ابن عم من الدلدل (رسائل الثعالبي/74).
قال الحصري "قبيلة منسوبة إلى الضعف، وقد ضربت العرب بها المثل. قال الفرزدق لجرير:
وما استعهد الأقوام من زوج حرة *** من الناس إلا منك أو من محارب
أي يأخذون العهد عليه أنه ليس من كليب ولا من محارب". (زهر الآداب3/709).
قال أبو نواس في قصيدته التي فخر فيها باليمانية وهجا قبائل معدّ:
وقيس عيلان لا أريد لها *** من المخازى سوى محاربها (زهر الآداب3/709).
قال الفرزدق يهجو بني كليب:
ولو يرمى بلؤم بنى كليب *** نجوم الليل ما وضحت لساري
ولو لبس النهار بنو كليب *** لدنّس لؤمهم وضح النهار (زهر الآداب4/913).
قال أبو صاعد: كان الشنآن بن مالك رجلاً من بنى معاوية بن حزن بن عبادة بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، يتغنى بأبيات له، وقد كان يزور نساء من بنى المنتفق ابن عم له يقال له المضرحى، فقال بنو المنتفق: لئن لقينا المضرحى لنعقرن به! فتغنى الشنآن بن مالك - وكان صارماً، وكان إنساناً تطلعه العين صورة فقال:
لقد غضب العرام في أن أزورها *** ولم أر كالعرام حراً ولا عبداً
ولا مثل مكحول ولا مثل مالك *** ولا مثل غيلان إذا ما ارتدى البردا
أتوعد نضو المضرحى وقد ترى *** بعينك رب النضو يغشاكم فردا
فما ذنبنا إذ علقتنا نساؤكم *** ولم تر فيكم ذا جمال ولا جلدا (مجالس ثعلب1/56).
قال يحيي بن مبارك اليزيدي يهجو الأصمعي في شعرٍ له:
ومن أنت هلْ أنتَ إلا امرؤٌ *** إذا صحَّ أصلكَ من باهلهْ
وحسبكَ لؤمُ قبيلٍ بها *** لمنْ هيَ في كفه حاصلهْ
فكيفَ لمن كان ذا دعوةٍ *** وكفه نسبته شائلهْ (الورقة/7)
أنشد دعبل لرزين بن زند ورد العروضي يهجو خُزاعة:
أخُزاعَ إن ذُكرِ الفخارُ فأمسكوا *** وضَعوا أكُفكمُ على الأفواهِ