كيف تبنى النفوس ؟.

هكذا ينبغي ان تكون وتبنى النفوس عند النظر الى الآخر

وهكذا ينبغي ان يتعامل الكل مع بعض بل ومع النفس ، ليرتقي الجميع بانفسهم ومجتمعاتهم :

د. خالد خدر

ما اجمل الانسان ان يكون بسيطا مع جميع من يتعامل معهم في عمله او مجتمعه او حتى لقاءاته العابرة وتجري فيها على لسانه كلمات ملئها الود والتقدير بانسيابية بالغة مرددا فيها معاني الاحترام و الشكر (والاسف ان تطلب) ليمنحهم بتلقائية صادقة معاني الاعتزاز بوجودهم ومكانتهم و عملهم مهما بدا ذلك بسيطا عند غيره من الذين يبدون هؤلاء له وكأنهم غير مرئيين تماماً ليركز كل معاني ذلك الاحترام والود على من يراهم من اصحاب الذوات دون غيرهم وفق حساباته ، وان كان ذلك في قاعات افراحه او عزائه او حتى دعواته ودعوات غيره له.

يبقى الانسان الرائع ذلك الذي يتركَ أثراً في قلوب الجميع دون تفرقه على اساس مقام رفيع او جاه او ثروة ، وحسبه ان يتعاملَ مع الكل على أنهم بشر مثله يساهم بما يتمكن في خدمه المجموع

من اعلاه يمكن استخلاص القول ان

نظرتنا لأنفسنا لا نظرة الأخرين لنا هي التي تُحدد قيمتنا في الحياة.

وكما يقول (بتصرف) الكاتب ادهم شرقاوي في مقال له :

انه لفرق كبير بين من لا يرى من وظيفته او عمله او وظيفه وعمل غيره الا الأجر الذي يجنيه ( او الجاه الذي يجلبه ذلك العمل برؤية الآخرين) وبين من يرى الأثر الذي تتركه تلك الوظيفه او ذلك العمل في حياة غيره وواقع مجتمعه.

نعم فرق كبير ، ذلك ان

كل عمل مهما كان بسيطا يترك أثرًا في هذا العالم، ونحتاج فقط أن تنظر إلى هذا الأثر.

ولفهم ذلك نسوق هذه الامثله:

فهذا الرجل الذي يصادفنا مرارا ليس مجرد منظف للطرق والاحياء السكنية ، بل هو شخص يُجمّل وجه مدينة. انه لشخص يصح لنا ان نطلق عليه مهندس جمال ، كما مهندس نظافه مثلما اطلقها عليه الشعب الياباني الكبير ، ولعل من هنا وما اسوقه من امثله لاحقه بدات عظمه اليابان عندما هيء لهم مهندس الجمال والنظافه الطرق والساحات الاماكن الفارغه النظيفة المعدة ليبنوا عليها مهندسين اخرين مختصين ومنهمكين مثله بعمل وتطوير مصانعهم ومنشأتهم الكبرى التي غزت العالم بانتاجها وجماليتها.

وذلك الشخص المنهمك في ورشته ليس مجرد نجار ، بل هو إنسان يحمي البيوت من الشمس والريح والمطر.

وهذا ليس مجرد خياط، بل من يهب الناس لمسة أناقة.

اما ذلك المربيى الخارج للتو من مدرسته متعبا ، فهو ليس مجرد معلما كما يراه البعض ، بل هو صانع رجال ومستقبل افضل لبلده.

وهذا المنشغل مع العمال والفنيين وهو مثلهم ببدله العمل ليس مجرد مهندس جسور فحسب بل منشئ الوصل بين الناس ، كما هم كذلك.

و ذلك المنهمك في ردهته بالمستشفى ليس مجرد طبيب، بل منقذ حياة و مخفف آلام واوجاع يعاني منها البعض حد الموت.

و أما تلك السيدة الفاضلة التي تلمحها عفوا من نافذة مطبخها البعيدة ، فهي ليست مجرد ربة بيت ، بل هي أهم شخص في هذا العالم، نعم هي بأمر الله واهبة هذا الكوكب الارضي قاطنيه ، هي أول مُربٍّ وأهمُ مُربٍّ فليس هناك صناعة أعظم من صناعة الإنسان وهنا يكمن معنى لغه الأم ، اول لغه يتعلمها الانسان بمدرستها الصغيرة وتربيتها الكبيرة.

وبامكاننا جميعا ان نسترسل و نقول نفس الشيء عن كل عمل اخر قد لا يملأ عيون البعض ممن اشرت لهم.

هكذا فان الذي لا يرى من عمله ( او من عمل الأخرين حديث المقال ) إلا الأجر الذي يتقاضاه و الجاه الذي يترتب عليه بحساباته فقط، هو إنسان أعمى لا يرى.

هناك أثر يجب ألا يغيب عن بالنا جميعا ، وهو الذي يجعل العمل كل عمل رسالة يترك فيه صاحبها بصماته على الارض ، مثلما تهب صاحبها المعني قيمته ومكانته.

تبقى قيمة الإنسان الحقيقية هي بالطريقة التي ينظر بها إلى الاخرين وقبلها الى نفسه وفق ذلك بالنتيجة ، لا بالطريقة التي ينظر بها إليه الآخرون برؤية مريضة.

نعم لا أحد يستطيع تقليل قيمة الاخربن ، مثلما لا احد يستطيع رفع قيمة نفسه ، ما لم يكن هو يشعر بقيمة نفسه هذه.

هكذا تبنى النفوس وتضاء بالشعله التي ينيروها هؤلاء الطيبون وهم في طريقهم الى عملهم ( او التزاماتهم المجتمعية وغيرها ) في قلوب غيرهم لتتنور معها كل النفوس ولتتعافى وتبنى بالنتيجة كل المجتمعات..

د.خالد خدر