الجزء الثامن نينوى والموصل المسيحية ( تغير وضع المسيحيين زمن الدولة الحمدانية
كاتب الموضوع
رسالة
الشماس يوسف حودي مشرف مميز
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 7044مزاجي : تاريخ التسجيل : 02/01/2010الابراج :
موضوع: الجزء الثامن نينوى والموصل المسيحية ( تغير وضع المسيحيين زمن الدولة الحمدانية الثلاثاء 19 نوفمبر 2024 - 10:00
الجزء الثامن نينوى والموصل المسيحية ( تغير وضع المسيحيين زمن الدولة الحمدانية )
لقد حصل تغيير كبير على وضع المسيحيين في عهد الدولة الحمدانية التي استطاعت ان تفرض النظام حيث استفاد منه المسيحيون مثل سائر الرعايا . ولكن الوضع رجع الى التدهور زمن عهد العقليين ، وفي عام 1096 وبعد حصار دام تسعة اشهر استولى على الموصل الامير التركي كربوقا نائب السلطان بركيارق السلجوقي ، فتعرض سكان المدينة ولاسيما المسيحيون لمحن جديدة حيث في ذلك العام كان أحد الوزراء قد فرض على مسيحيي بغداد لباسا خاصا حسب كتاب كسوف المسيحية في اسيا {كمبردج 1933} . وجرت محاولة تهدف الى فرض الامر نفسه في الموصل ايضا إلا ان ألمنية باغتت المسؤول المتحمس لتنفيذ هذا ألامر ، فلم ينفذ سوى ثمانية أيام ، ثم الغي هذا الاجراء عام 1105 في كل مكان , حسب كتاب ماري في المجدل صفحة {243 و 244 } ويرى ماري أن تحسن الوضع يعود الى تدخل الراهب أبي الفرج بن ابراهيم الواسطي ، طبيب الخليفة المستظهر بالله .
( ألعصر ألذهبي لمدينة الموصل )
ساتطرق في هذه الحلقة على العصر الذهبي التي مرت به مدينة الموصل والتي توسعت على حساب مدينة نينوى وهي احدى عواصم الدولة النسطورية الاربعة وهي بالاضافة الى نينوى ، كلاخو ، دور شاروكين ،واربائيلا {اربل} اي مدينة الاربع الهة ،بالاضافة الى مدينة اشور القديمة والمركز الاشوري القومي الاول . ولكن نينوى تعتبر مدينة المدن وسيدة العواصم ـ حيث بدأ الاستيطان فيها قبل العهود السومرية ويعتقد انها كانت قبل الالف السابع ق . م . ويعتبر عالم الاثار كلوديوس . ج . ريتش أول من مسح نينوى ورسم خارطتها في سنة 1820 واكمل هذا العمل هرمز رسام عام 1852 هذا وقد ذكرت نينوى واشور وملوكها عشرات المرات في الكتاب المقدس منها في سفر يونان عندما ارسله الرب الى نينوى وقال له {قم واذهب الى نينوى المدينة العظيمة وناد عليها لانه قد صعد شرهم امامي } . يونان اصحاح 1 : 2 . كما ذكرت نينوى واشور في سفر ألملوك والاخبار وميخا وصفنيا وانجيل متى فصل 12: 41 { رجال نينوى يقومون يوم الدينونة مع هذا الجيل ويحكمون عليه ، لانهم تابوا بإنذاريونان . وههنا أعظم من يونان حكمت الموصل سلالة واحدة كانت خاضعة للسلاجقة ، إنها سلالة الاتابكية ويعرف ذلك العصر بالعصر الاتابكي الذهبي ألذي بدأمن سنة {1127 ـ 1233 }وقد شهدت هذه الفترة صراعات دموية بين فرسان اوربا المسيحية وبين المسلمين . وجاء في تاريخ ميخائيل السرياني أن حاكم الموصل سنة 1162 كان جمال الدين ، فارسي الاصل وان هذا الامير { الرحيم جدا }أوفد المفريان أغناطيوس إلى ملك إيبرية {جورجيا} لافتداء الاسرى العرب . وقد افلح المفريان في مهمته هذه ، وعاد الى الموصل مع سفير ايبري ، وكانت الصلبان مثبتة فوق الرماح التي يحملها الجنود الايبريون . وسبب الامر فرحة عظيمة للمسيحيين وللعرب أيضا بسبب نجاة الاسرى ، واستفاد ألمفريان أغناطيوس من هذه ألفرصة فنال إذنأ بالبناء وشيد مصلى في قرية برطلي الواقعة بالقرب من الموصل . وترميم كنيسة دير مار بهنام ، وبعد هذه الفترة سنة 1182 عقد عز الدين مسعود الاول عهدا مع الفرنج ، لما حاصر صلاح الدين مدينة الموصل مرتين ولكنه إرتد عنها خائبا ،مما جنب مسيحيي المدينة خطر التعرض للاضطهاد ، وحل ألهدوء والرخاء مدينة الموصل . ففي سنة 1199 إستوزر ارسلان شاه الاول من كان قبلا عبدا ارمنيا . فاتخذ هذا له إسم {نور الدين لؤلؤ} . وبعد وفاة أرسلان لقب لؤلؤبسلطان الموصل وحكم من عام{1233ـ 1259 }وفي عهد لؤلؤ صدرت ألبراءات البابوية عام 1244. وفيها ورد ذكر ألموصليين ضمن الشعوب التي عهد بتبشيرها الى الرهبان الدومنيكيين والفرنسيسكانيين. ودفاع لؤلؤ عن المسيحيين كان فيه بعض الاحيان كسب مادي ، فنرى مثلا المفريان أغناطيوس صليبا الثالث في منازعاته وخصوماته مع رهبان مار متى المتمردين عليه ، يقوم سنة 1253 بجولة في قرى أبرشيته ويجمع الاموال لكي يسترضي بها حاكم الموصل لؤلؤ ويكسب عطفه ، ويستغل إبن العبري هذه الفرصة ليطري بسخاء سكان قره قوش . وكان لابد انه ينتظر الكثير منهم . وفي عهد لؤلؤ إستفادت حميع كنائس الموصل تقريبا القائمة في زمانه من فترة حكمه لاعادة بنائها او تجديدها ، وتزيينها بابواب وحنايا منحوتة تحمل طابع العصر الاتابكي الخاص ، ونشير هنا إلى ان المسيحيين أسهموا في النهضة الفنية في جميع المجالات ، ولاسيما في مجال صناعة النحاسيات المدهشة المطعمة بالذهب والفضة ، التي أغنت متحف أللوفر الفرنسي والمتحف البريطاني والمتحف العربي في القاهرة ، ومجموعات فنية اخرى . ومن المؤسف ألا يتواجد شيءمن هذا كله لا في متحف الموصل ولا في متحف بغداد ، ومن اقدم الفنانين المسيحيين المعروفين إبراهيم بن مواليا الذي وقع ابريق برونزي مطعم بالفضة والنحاس الخالص وهو ما زال محفوظا في متحف اللوفر ، وكذلك تلميذاه أحدهما مسيحي ويدعى اسماعيل بن ورد وقد صنع في الموصل علبة منممة من النحاس المطعم بالفضة ، وهي ما تزال في متحف بيناكي في اثنا ، والثاني مسلم يدعى قاسم بن علي صنع إبريقا من البرونز المطعم بالفضة يرجع تاريخه الى سنة 1232وهو في متحف {فرير}الفني في واشنطن وهناك فنانا اخر يدعى داؤد بن سلامة وقع على قطعتين أحدهما موضوع ديني مسيحي عبارة عن شمعدان نحاسي مطعم بالفضة وهو اليوم في متحف الفنون التزييتية في باريس والثانية اهداها لامير مسلم عبارة عن حوض محفوظ في المتحف نفسه ، وكان المسيحيون في منتصف القرن الثالث عشر في الطليعة بين الفنانين ، حيث أن النقاشين المسلمين كانوا يقتبسون من المسيحيين بعض مواضيعهم الدينية وكانوا يجردونها من طابع القدسية ثم يزينون بها أوانيهم النحاسية .
ان نينوى العاصمة الثالثة المقدسة للاشوريين ،يبدو انها أنشئت في مكان كالاه {كالح} التي حلت محل اشور القديمة ، وظلت نينوى العاصمة بالرغم من ان سرجون بنى دور شاروكين ، وبلغت أوج عظمتها في ظل حكم سنحاريب واشور بانيبال . وقد كشفت التنقيبات الاخيرة في الموصل عن اكثر معالمها ، ويعتبر ـ تل قوينجق ـ وتل النبي يونس {يونان} والسور الحجري من ابرز معالم هذه المدينة الاثرية ، وان الحفريات التي تمت خلال القرن الماضي من قبل الاوربيين ، قد ملاءت متاحف لندن واللوفر وشيكاغو بانفس الاثار القديمة واهمها ، ومن ضمن ذلك كانت مكتبة اشور بانيبال وقد كشفت مديرية الاثار في الاونة الاخيرة قصر سنحاريب وبدات بصيانة قاعدته .
لااستطيع ان افصل في مقالاتي هذه بين الموصل ونينوى وقد سميت الموصل ضمن إحدى المدن في محافظة نينوى في العقود الاربعة الاخيرة ، كما ان سهل نينوى الممتد من شرق الموصل او الساحل الايسر لمدينة الموصل والذي يمتد الى زاخو ودهوك وشمالها وجميع المدن والقصبات ضمن هذا السهل والتي معظمها الى الوقت الحاضر مدن وقصبات مسيحية يأمل المسيحيون في الوقت الحاضر ، وخاصة بعد التفجيرات الاخيرة لكنائسهم في بغداد وكركوك وقبلها بعام في بغداد والموصل . وهجرة مسيحيي الجنوب الى الشمال وخارج العراق بسبب المضايقات التي يعانون منها في عملهم ورزقهم وحياتهم الاجتماعية .
ساتكلم عن الموصل منذ سقوط بغداد عام 1258 على ايدي المغول حيث عاثوا بها فسادا ،وقتل المعتصم اخر خلفاء بني العباس ، لكن هذه الاحداث لم تثر ردود أفعال على اهالي الموصل آنذاك بسبب تحالف حاكم الموصل الداهية لؤلؤ مع الغزاة الجدد ويتبنى سياستهم الميالة الى المسيحيين .
لقد تبادل الفرنج والبابوات السفراء مع ملوك المغول،وكان سفراء الغرب يتكونون من الرهبان الفرنسيسكان او الدومنيكيين ،وسفراء الخانات من مسيحيي منطقة الموصل . ان هذه المراسلات الاولى المتبادلة عن طريق هولاء السفراء تظهر رغبة الفرنج في عقد معاهدة عدم الاعتداء مع المغول تحمي اوربا من هجوم شبيه بالهجوم الذي شن على هنكاريا سنة {1240ـ1241} . اما ألبابوات فانهم يحثون الخانات على الاهتداء الى الايمان المسيحي ، ولكن هل كانت دولة المغول جنة المسيحيين ، يجب ألا يستهان يالتاثير الذي يتلقاه الخانات المغول الاولون ومن وزرائهم المسيحيين ومن زوجاتهم المسيحيات ، فكان للملك كلجوك تلك الفترة وزيران مسيحيان وهما {قداق وجنيقاي} . اما النساء المسيحيات في ذلك العصر ، منهن الوصية توراكلتا زوجة كلجوك اغول قايميش ، التي احتفظت بالسلطة بعد وفاة زوجها وابنتها شيرين .وهناك ايضا زوجة تولومي ، وام موكا وكانت مسيحية وتدعى {سويور كاكتاني بيكي}، وكانت عقلية المغول ولو تاثروا بالديانة المسيحية تميل بطبيعتها الى الخرافات حسب اعتقاداتهم السابقة .