هولندا - اللاجئون العراقيون يرغمون على العودة إلى العراق

أوقفوا إعادة العراقيين إلى بلدهم.

العراق ما يزال بلدا خطيرا للغاية. هذه هي رسالة الأمم المتحدة. أما هولندا فما تزال تطرد العراقيين بمن فيهم أبو عمر: "تقول لي زوجتي إنها تفضل سماع صوتي عبر الهاتف بعيدا من هولندا على أن تتسلمني في بغداد جثة هامدة".

يبلغ أبو عمر 42 سنة ويقيم بشكل غير قانوني في هولندا. في حياته السابقة كان أحد حراس الرئيس صدام حسين، وهو سني وعضو في حزب البعث. في عام 2007 قتل مسلحون الشيخ البطاوي وأولاده، وهو شيخ العشيرة السنية التي ينتمي إليها أبو عمر. تلقى أبو عمر بدوره تهديدات بالقتل وعندها قرر الفرار والهجرة نحو هولندا. وبعد أن أمضى فيها ثلاث سنوات رفضت دائرة الهجرة طلبه للحصول على حق اللجوء، وأصبح عليه الاستعداد للترحيل نحو بلده العراق. احتمال ترحيل أبو عمر يثير لديه مشاعر مختلطة:

"بالطبع يتمنى كل إنسان متزوج لم الشمل مع أسرته. لقد عشت بعيدا عن أهلي ثلاث سنوات وحياتي هنا بالتأكيد لم تكن سهلة. أنا لست شابا مغامرا يترك أطفاله ليبحث عن حياة أفضل هنا أو عن المتعة. أنا تركت بلدي لأن حياتي كانت مهددة تهديدا حقيقيا، والخطر على حياتي لا يزال قائما".

بقيت زوجة أبو عمر مع أطفالها في بغداد في ظروف غير آمنه. أحد أبنائه البالغ من العمر 15 عاما اعتقلته قوات الأمن العراقي ولم يفرج عنه إلا بعد دفع فدية مالية كما يقول. أكد عمر لإذاعة هولندا العالمية أن اسمه موضوع على أعلى قائمة المطلوبين للمخابرات العراقية ويتوقع قتله في حالة ترحيله.

دانييل اندريس ممثل المفوضية العليا للاجئين في العراق يؤكد بدوره أن الوضع في العراق ليس آمنا البتة:

"يسجل في المعدل ألف حادثة عنف في الشهر بمعنى ثلاثين حادثة في اليوم الواحد. حوادث الهجوم تكون بالصواريخ والقنابل، وهذا ليس في بغداد فقط ولكن أيضا في وسط العراق. كل العراقيين تقريبا معرضين لخطر العنف لأنه يحدث في كل مكان تقريبا. لا أستطيع ضمان سلامة الناس الذين يعودون إلى العراق ".

ليس السنة فقط مثل أبو عمر من يتعرضون للخطر لدى العودة للعراق. أحمد عبد الباقي حميد وهو شاب شيعي كان يدير محلا ناجحا للحلاقة في البصرة جنوب العراق هو أحدهم. خلال الحرب كان يقصده العديد من الجنود البريطانيين للحلاقة في محله. وحالما يبدأ في تنظيف محله من بقايا شعر ’الغربيين‘ تزوره مجموعات دينية شيعية مهددة: "لماذا تقص شعر المحتلين"؟ "لماذا يحلق اللحى"؟ وبعد سلسلة من التهديدات تم إحراق محله. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تعرضت أسرته للمضايقات في الشارع بالقرب من المنزل، وكانت عائلته تخبره أنه سيتعرض للقتل، ولذلك قرر الفرار.

دفع اثنين وعشرين ألف دولار أمريكي للوصول إلى هولندا كلاجئ حيث منحت له بطاقة الإقامة لمدة خمس سنوات. ولكن الآن تعيد السلطات الهولندية مراجعة ملفه ومن المحتمل أن يكون من المرحلين. يعتقد أحمد أن حياته في العراق في خطر.

"إنه لأمر غريب، أنا مقيم في هولندا منذ فترة طويلة. كان علي أن أنتظم في برنامج التوطين وبدأت أتعلم اللغة الهولندية واشتغلت لأوفر مبلغا أبدأ به مشروعا للحلاقة. ليس لدي أي شيء الآن في العراق، وكنت أبني مستقبلي هنا في هولندا، وعلي الآن الرحيل".
ومن جانبها أعلنت الحكومة الهولندية الجديدة أنها لن توقف عملية ترحيل العراقيين. ووعدت وزارة الخارجية الهولندية أنها ستقدم في الأيام القليلة القادمة تقريرا جديدا عن الأوضاع الأمنية في العراق. وأكدت الحكومة الجديدة أنها ستعيد النظر في سياسة ترحيل اللاجئين العراقيين إذا ظهر من التقرير أن الأوضاع الأمنية في العراق خطيرة كما تشير إلى ذلك المفوضية العليا للاجئين، وما على أبو عمر وأحمد إلا الانتظار.

إعادة النظر
منذ بداية الحرب في العراق وصل إلى هولندا ما يقارب أربعين ألف عراقي. ومنذ عام 2008 رأت الحكومة الهولندية أن الأوضاع الأمنية في العراق تحسنت كثيرا بالنسبة للاجئين العائدين. ولذلك عملت على إعادة النظر في طلبات اللجوء لآلاف العراقيين المقيمين في هولندا. هذا العام تم ترحيل أكثر من مائة عراقي وما يزال هناك أكثر من ألف ينتظر الترحيل القسري.

تقرير المفوضية العليا للاجئين ليس ملزما بالنسبة لهولندا، ولكنه يعد كأساس يعتمد عليه في تقييم أوضاع اللاجئين فضلا عن تقارير منظمات حقوق الإنسان واللاجئين. وسوف ينظر في كل حالة على حدة وفقا لاتفاقية جنيف للاجئين والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وتوجيهات الاتحاد الأوروبي.