كان لكل واحد في أيام يوسف قميص يستخدمه لتدفئة نفسه، ولحزم أمتعته عند السفر، وللف الأطفال أو ضمانا لقرض. وكانت غالبية القمصان بسيطة تصل إلى الركبتين، ولها أكمام قصيرة. ولكن الأرجح أن قميص يوسف كان من النوع الذي يلبسه الملوك، طويل الأكمام، يصل إلى الكعبين، وملونا. وكل هذا يبين مدى تفضيل يعقوب ليوسف. عرف باقي الأبناء أن يوسف هو الابن المفضل عند يعقوب، وبخاصة عندما استلم يوسف القميص الملون الجميل. وقد زادت هذه الهدية في توتر العلاقات بين يوسف وإخوته، والتي كانت متوترة أصلا. وقد لا يكون من الممكن تجنب التفضيل بين الأبناء، ولكن يمكن التقليل من الانقسامات التي يؤدي إليها. وقد لا يستطيع الوالدان تغيير مشاعرهما من نحو ابن مفضل لديهما، ولكنهما يستطيعان تغيير تصرفاتهما من نحو الآخرين.
كان إخوة يوسف قد اغتاظوا فعلا من احتمال سيادة أخيهم الصغير عليهم، ولكن يوسف زاد النار اشتعالا بموقفه غير الناضج وسلوكه المتعجرف. وليس من يطيق المتعجرف، فإذا أردت أن تحدث الآخرين عن أشياء فعلتها، فتحدث عن نجاحك بأسلوب يعطي المجد لله. وقد تعلم يوسف هذا الدرس بطريقة صعبة، فقد باعه إخوته الحاقدون عبدا ليتخلصوا منه. ولكننا نراه فيما بعد في (تك 41: 16) يعطي المجد في نجاحه لله.
هل يمكن أن تدفعك غيرتك من نحو أحد الأشخاص إلى الإحساس بأنك تريد أن تقتله؟ وقبل أن تقول : "كلا بالطبع!" تأمل في هذه القصة. أراد عشرة رجال فجأة أن يقتلوا أخاهم من أجل قميص ملون. لقد تطورت غيرتهم العميقة إلى ثورة عارمة، أعمتهم تماما عن رؤية الصواب. وقد يصعب علينا إدراك غيرتنا لأن أسبابها تبدو معقولة. وإذا لم نقمع الغيرة، فإنها تتضخم بسرعة وتؤدي إلى خطايا أشد خطورة. وكلما سمحت لمشاعر الغيرة أن تستمر يصبح قمعها أكثر صعوبة. فالوقت المناسب لمعالجة الغيرة هو عندما تلاحظ أنك تشعر بالحقد نحو الآخرين بسبب ما لديهم.
انزعج الإخوة من وقوع ذنب قتل يوسف عليهم، فاقترح عليهم يهوذا اقتراحا لم يكن صائبا، ولكنه يبرئهم من جريمة القتل. وكثيرا ما نسارع إلى حل لأنه "أهون الشرين"، رغم أنه لا يكون هو الحل الصائب. فعندما يقترح الناس حلا ويبدو ميسورا، اسأل نفسك أولا : "هل هو حل صائب؟"
مع أن إخوة يوسف لم يقتلوه فعلا، إلا أنهم اعتبروه هو والميت سواء (أو على الأقل قد خرج من حياتهم) عندما باعوه لتجار العبيد. لقد أرادوا أن يلقوا بالملامة على أولئك الناس القساة. وقد واجه يوسف رحلة ثلاثين يوما في الصحراء، وكان على الأرجح مقيدا بالسلاسل، سائرا على قدميه، إذ كان يعامل كعبد لا قيمة لحياته. وعندما وصل إلى مصر بيع كقطعة من الأمتعة.
رجع رأوبين إلى البئر ليرى يوسف، فلم يجده. وكان أول رد فعل له هو : "وأنا الآن إلى أين أتوجه؟" بدلا من "ماذا سيحدث ليوسف؟" عندما تقع في مأزق صعب، هل يكون همك الأول دائما هو نفسك؟ انظر إلى أكثر الأشخاص تأثرا بالمشكلة، فقد يحل هذا المشكلة لك أنت أيضا.
لكي يغطي أبناء يعقوب فعلتهم الشريرة، خدعوا أباهم حتى يظن أن يوسف قد مات. وكان يعقوب قد خدع كثيرين من قبل مرات كثيرة (حتى إنه خدع أباه، انظر تك 27: 35). وها هو الآن، رغم أن الرب قد باركه، عليه أن يواجه عواقب خطاياه. ربما لم يعاقب الله يعقوب فورا على خطاياه، ولكن لابد أن تأتي العواقب وتظل معه إلى نهاية حياته.
تخيل الصدمة الحضارية التي واجهها يوسف عندما وصل إلى مصر! فقد عاش يوسف حياة البدو، يرتحل بين المراعي مع عائلته، وفجأة وجد نفسه في أعظم مجتمعات العالم حضارة، مصر بأهرامها العظيمة وبيوتها الجميلة، وشعبها الرفيع الثقافة، ولغة جديدة. ومع أن يوسف رأى مهارة المصريين وذكاءهم على خير ما يكون، إلا أنه رأى أيضا عماهم الروحي، فقد كانوا يعبدون آلهة بلا عدد تنتمي إلى كل مظاهر الحياة.
حبيب حنا حبيب عضو فعال جداً
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 21916مزاجي : تاريخ التسجيل : 25/01/2010الابراج :
موضوع: رد: تكوين (37 / 01 – 36) قصة يوسف (1) الإثنين 15 نوفمبر 2010 - 20:47
تسلم الأيادي أختنا العزيزة * كريمة عم مرقس * على قصّــــة يوسف ! ربّ الأرباب يحفظكــم من كلّ شـرّ ومكــــــروه ! خالص آحترامنـــــــا ...
كريمة عم مرقس عضو فعال جداً
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 24429مزاجي : تاريخ التسجيل : 31/01/2010الابراج :
موضوع: رد: تكوين (37 / 01 – 36) قصة يوسف (1) السبت 20 نوفمبر 2010 - 21:51