أغادير ـ القدس العربي ـ الطاهر الطويل ـ أغادير (المغربية) فسيفساء من الألوان ومن التضاريس. ثراء في المكونات الطبيعية الساحرة: نسمات خفيفة وندية؛ ألفة بحر وديع؛ صفاء شاطئ رملي ممتد على نحو عشرة كيلومترات؛ ذراع جبلي يحضن المنطقة بحنو ويغري بالاكتشاف؛ مساحات خضراء مزدانة بالأشجار والنباتات، أفق صحراوي يفتح مدى نحو الجنوب. الشاطئ يغري مرتاديه بحمام شمس دافئة، وبمداعبة الأمواج الهادئة، إما سباحة أو امتطاء صهوة الزوارق الشراعية حينا، والدراجات المائية حينا آخر. وقد يطمح البعض إلى الظفر برحلة استثنائية في الأعالي، من خلال المظلات، أو بجولة قصيرة على متن جمل، والتقاط صور تذكارية تؤرخ لمتعة اللحظة.
تحيط بالشاطئ سلسلة فنادق مصنفة، تتنافس في إرضاء السائح. بالابتسامة وعبارات الترحاب العفوية المتأصلة في نفوس المغاربة يتم استقباله، وفي الغرف والأجنحة المريحة يتم إيواؤه، حيث الراحة والهدوء ومستلزمات قضاء عطلة وأيام استجمام رائعة في أغادير.
خدمة متعددة، وعناصر ترفيه متنوعة: مسابح، ملاعب تنس، تنشيط وموسيقى وحفلات غنائية، ألعاب وتسالٍ.
ومن أجمل ما يظل عالقا بذاكرة السائح الأجنبي، جودة الطبخ المغربي ولذته وتفرده، نكهة ومذاقا وتنوعا في الأطباق.
وفي الليل يحلو السمر، ويحلو التجوال عبر شوارع أغادير وسط بهجة الألوان وسحر الأضواء وحميمية التواصل الإنساني. كما لا ينسى السائح أن يقتني تذكار أغادير لأهله وأصدقائه من محلات بيع منتجات الصناعة التقليدية.
أغادير والجهة
يطلق عليها "عروس سوس". وهي جزء مهم من النفوذ الجغرافي لجهة سوس ماسة درعة، الذي يشمل عمالتين: أغادير إداوتنان وإنزكان آيت ملول، وخمسة أقاليم: اشتوكة آيت باها، تزنيت، تارودانت، وارزازات، زاكورة. وتقدر ساكنة الجهة بما يفوق ثلاثة ملايين نسمة، أي ما يناهز 10% من مجموعة سكان المغرب. وتُعرف الجهة بروح المبادرة التي يتميز بها ساكنتها والتي تعتبر ثروة ثمينة، وتشكل هذه الساكنة منجما حقيقيا للمقاولين (حسب تعبير نشرة الجهة). هذه الحيوية الاقتصادية تنعكس على نسبة البطالة التي تقل عن المعدل الوطني، إذ لا تتعدى تلك النسبة في الجهة 8.6 % مقابل حوالي 10% على المستوى الوطني. اقتصاد الجهة، الذي يوفر ناتجا داخليا خاما يصل إلى 34 مليار درهم (دولار أمريكي واحد يساوي حوالي ثمانية دراهم مغربية)، يرتكز أساسا على ثلاثة قطاعات:
ـ السياحة: سبعة ملايير درهم من الناتج الداخلي الخام، و150 ألف منصب شغل. ـ الفلاحة: 4.5 مليار درهم من الناتج الداخلي الخام، و150 ألف منصب شغل. ـ الصيد البحري: ثلاثة ملايير درهم من الناتج الداخلي الخام، و30 ألف منصب شغل.
قبلة السياح
تعد أغادير أول محطة سياحية تتجه إليها أفواج السياح الأجانب القادمين إلى المغرب، إذ أصبحت الطاقة الإيوائية بهذه المدينة تمثل 25 % من مجموع الوافدين على المغرب.
وكمثال على تطور السياحة بهذه المدينة تشير الأرقام الرسمية إلى أن عدد السياح الذين توافدوا على مختلف الفنادق والإقامات والقرى السياحية المصنفة بمدينة أغادير سجل خلال أيلول (سبتمبر) الماضي ارتفاعا ملموسا مقارنة مع الفترة ذاتها من العام 2009. وتشير أرقام "المجلس الجهوي للسياحة" إلى أن أعداد الوافدين وليالي المبيت ارتفعت بنسبة 42 في المئة و33 في المئة، على التوالي، في الفنادق المصنفة، مقارنة مع الفترة ذاتها من السنة المنصرمة.
وذكر بلاغ للمجلس أن توزيع أعداد الوافدين وليالي المبيت، حسب الأسواق الرئيسية، أظهر ارتفاعا على مستوى الأسواق الروسية بنسبة 217 في المئة، و145 في المئة، والسوق المحلية بنسبة 95 في المئة، و108 في المئة، والسوق البريطانية بنسبة 91 في المئة، و73 في المئة، والسوق الفرنسية بنسبة 28 في المئة، و19 في المئة. وسجلت السوق البولونية ارتفاعا بنسبة 3 في المئة في أعداد الوافدين، و19 في المئة في ليالي المبيت.
وسجل متوسط معدل الملء في الفنادق المصنفة بالمدينة، أيضا، ارتفاعا قويا بلغ 32 في المئة، أي 63 في المئة، خلال 2010، مقارنة مع 48 في المئة، خلال 2009 .
عرض متنوع
تقدم مؤهلات المنطقة الطبيعية والسياحية عرضا متنوعا للسياح: السياحة الشاطئية، السياحة الجبلية، السياحة الثقافية، السياحة الصحية، السياحة الرياضية، السياحة الصحراوية.
ولكن إحدى المجلات المحلية رأت أن الجانب الثقافي ما زال لم ينل الحجم الذي يستحق من الاهتمام، على الرغم من أهميته البالغة في التنشيط السياحي.
وبهذا الخصوص، تقترح المجلة الإكثار من التظاهرات الثقافية والمهرجانات الفنية بأغادير، لدورها في إبراز العراقة والثراء اللذين يسمان الثقافة المغربية ككل، بعيدا عن الأنشطة الفلكلورية البسيطة التي تقام في بعض المؤسسات الفندقية، والتي تقدم الإنسان المغربي كما لو أنه ذو ثقافة بدائية.
كما تقترح المجلة إقامة متحف يعكس غنى تراث المنطقة، وكذا بناية مسرحية في حجم الإشعاع الفني والإبداعي لأغادير.
القلعة
"أغادير" تعني في اللغة الأمازيغية المخزن الجماعي الذي يدخر فيه السكان ممتلكاتهم من حبوب وعسل وسمن وأشياء أخرى ثمينة. وتضاف إليها كلمة "إكودار" المنتشرة في مناطق متعددة في سوس، وخاصة في الأطلس الصغير، لأن الجبل الذي بنيت به قلعة أغادير يشبه المنكب في امتداده إلى البحر. بنى محمد الشيخ السعدي قلعة "أغادير يغير" فوق الجبل المطل على المحيط الأطلسي، من أجل حماية الشواطئ من الأطماع الأجنبية سنة 947 هـ الموافق 1541م. وأحاطها ببروج (صقالات) محصنة في ظرف وجيز، ونصب من حولها زهاء خمسين مدفعا. وأعيد الاهتمام بهذا الحصن المنيع لحيويته ودوره الفاعل، بعد وفاة مشيده، ابنه مولاي عبد الله بن محمد الشيخ السعدي، سنة 979 هـ الموافق 1572.
بعد إعمار أغادير على إثر زلزال 1960، أُهملت القلعة لتتحول إلى فضاء أثري مهجور يستقبل عددا لا يستهان به من زائري أغادير، الذين يستهويهم وجود القصبة المطلة على المنظر العام للمدينة وخاصة الميناء.
تواريخ
ـ 1505 م: سعى البرتغاليون إلى جعل أغادير ـ التي كانت حينذاك مجرد قرية ـ مركزا تجاريا. وخاض السكان المحليون، لسنوات عديدة، ثورة من أجل تحرير أغادير من النفوذ الأجنبي.
ـ 1541: تمكن السلطان محمد الشيخ السعدي من إخضاع المدينة لمناطق حكمه، وقام بتأسيس القصبة. وبفضل جهوده، شهد الاقتصاد المحلي تطورا سريعا. بهذا الصدد، يمكن الإشارة إلى ما كان يعرفه ميناء المدينة من نشاط تجاري تمثل في تصدير قصب السكر والتمر والزيت والجلد وغيرها من المواد إلى الخارج.
ـ 1911: سنة تؤرخ لأبرز تحالف ألماني فرنسي في أوائل القرن العشرين، حاول غيوم الثاني إمبراطور ألمانيا وملك بروسيا إثبات حضور بلاده في هذه المنطقة من جنوب المغرب، فبعث بارجة حربية بمحاذاة شاطئ أغادير، وحصلت المقايضة بين إحدى أكبر الإمبراطوريات الاستعمارية حينذاك: تنازلت فرنسا عن جزء من الكونغو لفائدة ألمانيا، مقابل ابتعاد هذه الأخيرة عن أغادير.
ـ 1956م: زوال عهد الحماية الفرنسية عن المغرب.
ـ 29 فبراير 1960: حدثت الفاجعة: زلزال قوي دمر المدينة، وخلف 15000 ضحية، وهو عدد يمثل ثلث سكان المدينة آنئذ. هب المغاربة لمؤازرة إخوانهم ضحايا تلك الفاجعة ومواساتهم، بروح تضامنية عالية، وأطلق المغفور له الملك محمد الخامس قولته التاريخية المشهورة: "لئن حكمت الأقدار بخراب أغادير، فإن بناءها موكول إلى إرادتنا وإيماننا". وتولى المغفور له الملك الحسن الثاني عملية إعادة بناء هذه المدينة، وأعطى بذلك لهذه المقولة مدلولها العملي، إخلاصا للعهد ووفاء لوعد والده، تغمدهما الله برحمته الواسعة.
فضاءات ثقافية
تتوفر أغادير على عدد من الفضاءات الثقافية، من أبرزها:
ـ مسرح الهواء الطلق الذي يقع بشارع محمد الخامس، وقد شيد على الطراز اليوناني في ما يخص المدرجات، وتقدر طاقته الاستيعابية بحوالي 2000 شخص، وهو مجهز بجل لوازم الإنارة والصوت المستعملة لإنجاح الأنشطة التي تقام فيه.
ـ قاعة الحفلات: قاعة خاصة بالأنشطة الفنية وتنظيم الندوات واللقاءات، وهي مجهزة أحسن تجهيز، وتقع بقصر البلدية.
ـ المتحف البلدي: يتوفر المجلس البلدي لأغادير على متحف من نوع ممتاز، يتكون من طابقين إلى جانب طابق أرضي مجهز بدوره.
ـ الخزانة البلدية: توجد أربع خزانات بلدية تابعة للمدار الحضري لأغادير: خزانة حي الخيام، خزانة حي أمسرنات، خزانة حي ولي العهد، الخزانة المركزية بحي المسيرة.
قطاعات منتجة
إضافة إلى السياح، تتوفر أغادير على قطاعات أخرى منتجة، من بينها الفلاحة، حيث تشكل المساحة المسقية بعمالة أغادير إداوتنان ـ على سبيل المثال ـ ما يناهز 5000 هكتار، أي ثلث المساحة القابلة للاستغلال، وتؤمّن منتجات متنوعة أغلبها متجه نحو التصدير. علما أنه توجد بالعمالة مجموعة مهمة من معامل التلفيف، وتشغل نسبة كبيرة من اليد العاملة.
وفي مجال الصيد البحري، تتوفر العمالة على شاطئ بحري مهم ذي صبغة متنوعة، ويعتبر دعامة أساسية في تنشيط الحركة الاقتصادية بصفة عامة، وعملية التشغيل بصفة خاصة.
المساحات الخضراء.. وسحر "الأرغان"
المساحات الخضراء رئة المدن ومتنفسها الطبيعي. إنها ضامنة للتوازن المطلوب بين البنايات الإسمنتية، وحاجة الإنسان إلى فضاءات لإمتاع العين، واستنشاق الهواء العبق.
وفي مدينة أغادير المغربية أكثر من مساحة خضراء، تبسط أكفها للناس بدفء وحميمية. ولا شك في أن الخطوات تقود السائح إلى أبرزها: حديقة الطيور التي تتبوأ قلب المدينة النابض؛ سمفونية متناغمة من الخضرة وبهاء الألوان وعطر الأزهار، ومن تغريد الطيور بشتى أنواعها وأصنافها، وكذا ألفة بعض الحيوانات الوديعة التي تحيي الزوار بطريقتها الخاصة وتبادلهم حبا بحب.
وحين يشرع الزائر في طي المسافات خارج المدينة، يجد نفسه في قلب الطبيعة، في فطرتها الأولى، حيث تصادفه الحديقة الوطنية لسوس ماسة التي أقرتها اليونسكو ضمن المحميات البيئية، علما أنها أنشئت في بداية الثمانينيات.
المحمية عبارة عن شريط شبه جاف، يشغل 78 ألف هكتار، ويمتد على 75 كيلومترا من برزخ وادي سوس. وتأتي إليها أنواع عديدة من الطيور المهاجرة، حيث تختبئ بأحراشها للاستراحة، وهي مسكن مشتهر بأسراب النحام الوردي، وملاذ للطيور مثل دجاج الأرض وآكل المحار، تعيش بالحديقة مجموعات مختلفة من الكائنات، تنم عن تنوع كبير في الحياة البرية. وتجتمع بها الذئاب وابن آوى والنمس وأعداد من الحشرات والزواحف التي تقتات منها الطيور الجوارح، كما يأوي إليها الحمام والحجل والغزلان.
طائر أبو منجل الأقرع هو رمز المحمية، خاصة أن هذا النوع من الطيور غير المهاجرة اختفى من مناطق كثيرة من العالم.
الأرغان: فوائد متعددة
الزائر الذي تأسره الطبيعة، لا يجد مناصا من محاولة اكتشاف أحد الأسرار العجيبة في جهة سوس ماسة وبعض ضواحيها: شجرة الأرغان التي توجد بهذه المنطقة دون غيرها من بلدان العالم، وتغطي 800 ألف هكتار.
وتمتد غابات الأرغان على طول السفوح الجنوبية للأطلس الكبير بما فيها أوديتها الداخلية وعلى السفوح الشمالية للأطلس الصغير الغربي والأحواض الواسعة التي تصب منها أودية سوس وماسة. مما جعلها تحظى بأول محمية غابوية بالمغرب، حسب تصنيف منظمة اليونسكو.
زيت الأرغان طعم ومذاق وثراء في الفوائد الصحية والتجميلية. وتعتبر المنتجات المستخرجة منه مواد بيولوجية مغذية في الأسواق الدولية والوطنية، حيث تلقى إقبالا كبيرا. فزيت أركان غني بالفيتامينات، كما أنه ذو خصائص تجميلية، إذ يساعد على تطعيم البشرة وإعطاء الوجه لونا معينا، ويستعمل كذلك كوسيلة لعلاج التوعكات العضلية. وشجرة الأرغان تصمد أمام انجراف التربة، وذلك لقوة جذورها وامتدادها في الأرض. وقد حاولت بعض الأقطار الغربية استنبات هذه الشجرة في أراضيها، ولكن المحاولة لم تنجح، لطبيعة التربة والمناخ المغربيين. ويحرص المنتجون على استخراج زيت الأرغان على الطريقة التقليدية، إذ يتم جمع حبات الأرغان خلال الفترة ما بين حزيران (يونيو) وأيلول (سبتمبر)، وتبسط لتجفف تحت الشمس، ويستعمل لُبُّها علفا للماعز والماشية.
وتعمل النساء في إطار مجموعات صغيرة، فيقمن بتكسير النواة باستعمال حجرتين، مع الحرص على عدم تكسير اللوزة. ثم تجفف اللوزات، وتُحمص، ثم تطحن بالرحى حتى تصبح عجينا. وبعد دلكٍ طويل للعجينة، يبدأ الزيت في الصدور. ويستخرج لتر واحد من الزيت باستعمال ثلاثين كيلوغراما من حبات الأرغان، ويتطلب ساعات من العمل اليدوي الدؤوب والشاق.
ويشرف على مراقبة معايير الجودة مختبر مختص. وتعتبر المنتجات المستخلصة من زيت أركان مواد بيولوجية مغذية، نعني بذلك العسل وأمْلو (وهو سائل لزج لذيذ يمزج فيه زيت الأرغان باللوز والعسل).
ونظرا للأهمية الحيوية والبيئية لشجرة الأرغان، فقد شرعت إدارة المياه والغابات ـ المديرية الجهوية للجنوب الغربي ـ بتعاون مع وكالة ألمانية للتعاون وباقي المصالح الجهوية في تنفيذ مخطط للمحافظة وتنمية غابة الأرغان، أو ما يسمى بمحمية المجال الحيوي لغابة الأرغان. ومن بين أهداف هذا المخطط: المحافظة على التنوع البيئي وتحقيق التوازن الطبيعي من حيث موارد التربة والماء والغطاء النباتي، وتشجيع أنماط زراعية تساهم في الحفاظ على الخصوبة الطبيعية للتربة بشكل دائم، والحفاظ على الثروة الحيوانية باعتبارها جزءا من النظام الاقتصادي لغابات الأرغان، وخلق مصادر أخرى للدخل، وتحسين الطرق الزراعية، وخلق أنشطة سياحية غير متمركزة، وتحقيق تنمية متوازنة ومنسجمة بين عدد السكان القاطنين بمجال غابات الأرغان، والإمكانات المتوفرة والعمل على ضمان استقرار عدد كاف من السكان القادرين على العمل بالمنطقة لتنفيذ الإجراءات الخاصة بالعناية بالطبيعة وتنميتها.
شهدت ثورات محلية ضد الاستعمار البرتغالي ... و مقصد لربع سياح المغرب
من هنا 
من هنا 
من هنا 
العمل/الترفيه
الخميس 18 نوفمبر 2010 - 23:09
