ودَنا بَعضُ الصَّدُّوقيِّين، وهُمُ الَّذينَ يَقولونَ بِأَنَّه لا قِيامَة، فسأَلوه: «يا مُعَلِّم، إِن مُوسى كَتَبَ علَينا: إِذا ماتَ لامرِئٍ أَخٌ لَه امرَأَةٌ ولَيسَ له ولَد، فَلْيَأخُذْ أَخوهُ المَرْأةَ ويُقِمْ نَسْلاً لِأَخيه. وكانَ هُناكَ سَبعَةُ إِخوَة، فأَخَذَ الأوَّلُ امْرأَةً ثُمَّ ماتَ ولَيسَ له ولَد. فأَخذَها الثَّاني ثُمَّ الثَّالِث، وهكذا أَخذَها السَّبعَةُ ومَاتوا ولَم يُخَلِّفوا نَسْلاً. وآخِرَ الأَمْرِ ماتَتِ المَرأَةُ أَيضًا. فَهذِهِ المَرأَةُ في القِيامة لأَيِّهم تَكونُ زَوجَة، لِأَنَّ السَّبْعَةَ اتَّخَذوها امَرأَةً؟» فقالَ لَهم يسوع: «إِنَّ الرِّجالَ مِن أَبناءِ هذهِ الدُّنْيا يَتَزَوَّجون والنِّساءَ يُزَوَّجْنَ. أَمَّا الَّذينَ وُجِدوا أَهْلاً لأَن يَكونَ لَهم نَصيبٌ في الآخِرَةِ والقِيامةِ مِن بَينِ الأَموات، فَلا الرِّجالُ مِنهُم يَتَزوَّجون، ولا النِّساءُ يُزَوَّجنَ. فلا يُمكِنُ بَعدَ ذلك أَن يَموتوا، لِأَنَّهُم أَمثالُ المَلائِكَة، وهُم أبناءُ اللهِ لِكَونِهِم أَبناءَ القِيامة. وأَمَّا أَنَّ الأَمواتَ يَقومون، فقَد أشارَ موسى نَفْسُه إِلى ذلك في الكَلامِ على العُلَّيقَة، إِذ دعا الرَّبَّ إِلهَ إبراهيم وإِلهَ إِسحق وإِله يَعقوب. فما كانَ إلهَ أَموات، بل إِلهُ أَحياء، فهُم جَميعًا عِندَه أَحْياء». فأَجابَ بَعضُ الكَتَبَة: «أَحسَنتَ يا مُعَلِّم!» ولَم يَجتَرِئوا بَعدَ ذلك أَن يَسأَلوهُ عن شَيء.
الاية//27..40
السبت الثالث والثلاثون من زمن السنة : Lc 20,27-40 تعليق على الإنجيل المجمع الفاتيكاني الثاني فرح ورجاء "Gaudium et spes": دستور رعائي في الكنيسة في عالم اليوم، الفقرة 18
فما كانَ إلهَ أموات، بل إلهُ أحياء (لو20: 38)
إنَّ لغز الوضع البشري يبلغ الذروة أمام الموت. فما يُؤلمُ الإنسان ويقضي مضجعه، ليس الألم وحده ولا انحطاط جسده تدريجيًّا، ولكن بالأحرى الخوف من فناءٍ نهائي. وإنه ليرفضُ هذا الفناء الكلّي ولا يرضى به. كما أنّه يرفض أن ينحلَّ شخصيًّا ونهائيًّا. ورفضُهُ هذا مرتكزٌ على إلهامٍ صحيح يأتيه من أعماقِ قلبه. فزَرْعُ الأبديّة الذي يحملُهُ في نفسه، والذي لا ينحصر في المادّة فقط، يثور ضدّ الموت. وإنّ كلَّ محاولات التقنيّة، مهما كان نفعُها جليلاً، لَتعجَز عن تهدئةِ قلقِهِ لأنّ طولَ العُمر الذي يحقّقه علم الحياة لا يمكّنهُ أن يشبعَ رغبتَهُ في حياةٍ أخرى، تلك الرغبةُ المتأصّلة الراسية في قلبه. ولكن إذ يظهر هنا عجز المخيّلة، تؤكّد الكنيسة المسترشدة بالوحي الإلهي أنّ الله خلق الإنسانَ لآخرةٍ سعيدةٍ بعيدةٍ عن شقاوات العالم الحاضر. وعلاوةً على ذلك، يعلِّمنا الإيمان المسيحي أنّ هذا الموت الجسدي لم يكن الإنسانُ ليخضع له لولا الخطيئة، وأنّ هذا الموت سيُغلَب عندما يعيدُ المخلِّصُ الرحوم والكلّي القدرة إلى الإنسان الخلاص الذي خسره بخطيئته. فالله قد دعا ولا يزال يدعو الإنسان ليتَّحِدَ به بملءِ كيانِهِ، إتّحادًا أبديًّا قوامُهُ حياة إلهيّة لا تتبدّل. إنّ هذا الإنتصار قد حقّقه المسيحُ بقيامته مُحرّرًا الإنسان من الموت بموته هو. وإنَّ الإيمانَ خليقٌ بأن يجيب على تساؤل الإنسان المتلهّف حولَ مستقبله، إستنادًا إلى الوثائق الثابتة التي يعرضها على كلّ إنسان ليتفحّصها. كما أنه يُقدِّم لنا أيضًا، بواسطة المسيح، إمكانيّة الإتّحاد بإخوانٍ لنا أعزاءَ غادروا هذه الحياة فاتحًا لنا باب الأمل بأنّهم وجدوا بقرب الله الحياة الحقيقيّة.
حبيب حنا حبيب عضو فعال جداً
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 21916مزاجي : تاريخ التسجيل : 25/01/2010الابراج :