مر زمن كان الدينار العراقي من اقوى العملات في الشرق الأوسط. وبلغت قيمة العملة الوطنية العراقية ذروة مع الفورة النفطية خلال النصف الثاني من عقد السبعينات حين بلغ سعر صرف الدينار العراقي اكثر من ثلاثة دولارات للدينار. اليوم يبدو هذا الرقم وكأنه ينتمي الى قرن آخر وليس قبل جيل واحد فقط. فان العقوبات الدولية التي فُرضت على العراق بعد غزو الكويت عام 1990 والحروب التي مرت على العراق أطلقت تضخما جامحا أتى على قيمة الدينار العراقي حتى بات المواطنون يعبئون سلالهم بالدنانير لشراء رغيف خبز.
ورغم تحسن الوضع نسبيا فان سعر صرف الدينار العراقي الآن ما زال يربو على الف دينار للدولار الواحد. ويسبب هذا الرقم مصاعب شتى في المبادلات التجارية دفعت المصرف المركزي العراقي الى التفكير في اسقاط الاصفار من العملة. ولكن التطورات السياسية والأمنية ابعدت الفكرة الى الظل فانزوت بانتظار الوقت المناسب.
اليوم بعد اتفاق الكتل السياسية على صيغة لتقاسم السلطة ومباشرة مجلس النواب مهام عمله أخرج البنك المركزي فكرة حذف الاصفار من أدراجه ونفض عنها الغبار للبدء بترجمتها الى واقع بعد تشكيل الحكومة الجديدة وعرض المشروع على مجلس النواب.
مستشار البنك المركزي ومدير دائرة التخطيط والاحصاء والدراسات في البنك مظهر محمد صالح اوضح في حديث لاذاعة العراق الحر ان العملة الوطنية فقدت قيمتها بالارتباط مع مرحلة من التدهور الاقتصادي وآن الأوان لتصحيح هذا الوضع بما ينسجم مع مرحلة الاستثمار والنهوض الاقتصادي المتوقع.
وشدد المستشار محمد صالح على ان حذف الاصفار من الدينار العراقي يأتي في اطار اصلاح نظام ادارة العملة استعدادا للمرحلة المقبلة مشيرا الى المصاعب الناجمة عن حجم الكتلة النقدية حاليا.
واكد محمد صالح انجاز التحضيرات لتنفيذ مشروع حذف الاصفار من العملة العراقية لكنه اضاف ان هذا مشروع وطني يهم البلد والشعب وبالتالي فهو يحتاج الى دعم السلطتين التشريعية والتنفيذية ويقتضي اجراءات متأنية.
ولفت المستشار الى ان اتخاذ القرار بحذف الاصفار ستعقبه فترة توعية لتبديد المخاوف وتسليط الضوء على حقيقة ان الاجراء اصلاح يهدف الى تسهيل عمليات التبادل ولن يؤثر على دخول المواطنين وثرواتهم. واقر مستشار البنك المركزي بتخلف القطاع المصرفي العراقي عموما وحاجته الى التطوير في عملية مديدة داعيا الى الحد من هيمنة المصارف الحكومية.
ولاحظ المستشار محمد صالح ان المصارف الأهلية رغم وجود 37 أو 38 مصرفا منها فان مساهمتها في اجمالي الناتج المحلي مساهمة لا يُعتد به.
إزاء هذا الوضع أوضح مستشار البنك المركزي مظهر محمد صالح ان هدف السياسة المالية في المرحلة المقبلة هو بناء نظام مالي ومصرفي تنافسي داعيا الى دمج المصارف الأهلية فيما بينها ورفع رأس مالها لإنشاء مؤسسات مصرفية قوية تقدم خدمات أفضل وأوسع.
تشير تقديرات البنك المركزي العراقي الى ان كمية الدنانير العراقية المتداولة ارتفعت من زهاء 25 مليارا في عام 1980 الى نحو 27 ترليونا في الوقت الحاضر أي انها زادت الفا وثمانين ضعفا