[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]أصعب السرد عندما نتحدث عن أنفسنا نحن العراقيون كي نصل الى تحليل حالة ما وتشخيصها وبسط الأوراق أمام القاريء كي يستفيد أو يثني على المادة المطروحة للتفكير أو للتأمل ولنصل معا إلى نتائج ايجابية كي نبدأ أما بالتفكير بشكل مختلف أو للتغيير البسيط كي نتطور ونحسن التعامل مع الحالة العراقية بكل أوجهها. أن غربة العراقيين ليست غربة الوطن فقط بل غربة الانتماء وغربة الروح وفقدان القدرة على التلاقي في منتصف الطرق لنبني يدا بيد . العراقيون غرباء في وطنهم كما هم خارج الوطن وعندما نتعامل مع كلمة الغربة فعلينا ان نتفق في البدء على أن نحلل حالة ما وليس كل الحالات ، ومن الممكن تعميم حالة ما إذا كانت تتطابق مع شريحة عراقية أخرى في مكان وزمان وظروف أخرى.
عندما نحب أن نضع انفسنا مع العرب أو أي من المجتمعات التي تشاركنا الغربة نجد إنا مختلفين فكل المجتمعات غير العراقية توصل الوطن بالمهجر وتسعى لان تندمج في المجتمع الغريب مع مواكبة الوطن الأم ، على صعيد المثال مع اللغة ، الدين ، أصول المجتمع الأم ، الثقافة المتنوعة ، التواصل مع الأهل والأقارب والأصدقاء حيث أنهم يكوّنون المجتمع والبنية الأساسية لتكوين الشخصية وان التواصل يساعد على الحفاظ على الجذور والأساسيات وعدم الاستغراق في مجتمع جديد والانسلاخ عن النفس والأصل ! وهنا أقف عند حد الخطر !!! واسترسل في مشكلة العراقيين في غربتهم.
لقد استوطن الكثير من العراقيين المهجر وابتعدوا عن وطنهم العراق لأسباب سياسية ، أو للظروف التي أحاطت بالعراق بالذات دون غيره . هناك جيل بكامله استوطن في بلاد المهجر وابتعد عن قاعدته وثقافته وبنى لنفسه مجتمعا جديدا يخلط بين الثقافة العراقية واللاعراقية وبدا ينسى ويبتعد عن كثير من خبراته داخل العراق وانتماءاته ولظروف الحرب التي جعلت إمكانية التواصل وزيارة الوطن شحيحة أو نادرة وبالأحرى معدومة أحيان كثيرة.
وهنا يكمن تصدع ثقافتنا حيث إن الجيل الجديد قد حرم من وطنه وتراثه وحب الأهل والمجتمع فالمجتمع الجديد مجتمع حديث التكوين بالنسبة لنا بمعنى مجتمع العراقيين والأصدقاء والتي هي معظمها علاقات تطفو على السطح ولا تلامس أعماقنا ،
الكثير من أطفالنا وشبابنا أصبحوا غرباء حتى عن عوائلهم لأنهم لا يستطيعون استيعاب التجربة العراقية او اللغة وأبعاد التفكير السليم للوصول الى مصالحة ومهادنة بين الانتماء والجذور وواقع الحال وهكذا نجد الجيل الجديد ينسلخ تدريجيا دونما وعي او قدرة على الموازنة حيث ان الاهل انفسهم غير قادرين على استدراك المأساة والانفصام التكويني لأولادهم ونجد ان أرباب العوائل العراقية انفسهم يفقدون الثقة بانفسهم بالتدريج عندما يجدون الحلول تنفلت بين أيديهم دونما السيطرة عليها ويفقد الجيل الثاني قدرته على الثقة باولياء الامر لانهم لم يعودوا يملكون الكثير من الخبرات المتنوعة لاحتواء مشاكل جيل الشباب والأطفال ،
لهذا يصبح الحل أمامهم هو الاندماج مع متطلبات المجتمع الحديث لغة وثقافة وكينونة كي يشعروا بالأمان والانتماء والاستقرار ورويدا رويدا تصبح ثقافتهم ثقافة غربية أكثر منها عراقية ويبقى الحفاظ على بعض القيم والأخلاقيات والانتماء إلى بيت العائلة ما يربط الجيل الأول مع الثاني ولكن السؤال ما مصير الجيل الثالث ؟؟
إذن علينا ان نوقف عملية الانسلاخ التي عاشها ويعيشها وسيعيشها أجيالنا السابقة واللاحقة كي نستطيع إنقاذ العراقيين وتسليحهم بثقافتهم الأم كي لا نكون قد خسرنا أهم أواصر الثقافة العراقية.
أنوار الوزان
برلين/ المانيا
14 Nov. 2010
الثقافه العراقيه في بلاد الغربه : المهندسه انوار الوزان