الكاهن اليهودي خادم يعمل في الهيكل، يدبر أموره، ويعلم الشعب كلمة الله، ويباشر خدمات العبادة. وفي ذلك الوقت كان يوجد نحو عشرين ألف كاهن في كل أنحاء البلاد. وهو عدد أضخم من أن يتمكن معه كل الكهنة من الخدمة في الهيكل في نفس الوقت. ولذلك تم تقسيم الكهنة إلى أربع وعشرين فرقة منفصلة، قوام كل منها نحو ألف كاهن، وذلك حسب تعليمات داود الملك (1أخ 24: 3-19). وكان زكريا كاهنا في فرقة "أبيا"، وكانت الخدمة عليه في ذلك الأسبوع. وفي كل صباح كان أحد الكهنة يدخل إلى القسم الداخلي، هيكل الرب، ليرفع البخور. ولذلك كانت القرعة تلقى لتحديد من يصيبه الدور في الدخول إلى هيكل الرب. فوقعت القرعة على زكريا في أحد الأيام. ولم تكن مصادفة أن يؤدي زكريا في ذلك اليوم خدمته الكهنوتية، وأن تصيبه القرعة ويختار لتقديم البخور، وهو الأمر الذي لا يحدث عادة إلا مرة واحدة في العمر كله. فقد كان الله يدبر بدقة أحداث التاريخ ليعد الطريق أمام مجيء يسوع المسيح إلى الأرض.
هيرودس المذكور هنا هو هيرودس الكبير الذي نصبه مجلس الشيوخ الروماني ملكا على اليهود. ولأنه كان نصف يهودي، يحرص على استرضاء سادته الرومان، قام بإجراء عملية توسيع وتجميل لهيكل أورشليم. إلا أنه وضع النسر الروماني أعلى المدخل. وعندما كان يعاون اليهود، لم يكن يفعل ذلك بدافع الاهتمام بهم بل لأغراض سياسية. وقد أمر هيرودس الكبير، بعد ذلك بفترة، بمذبحة ضخمة لجميع الأطفال دون السنتين، في محاولة يائسة لقتل الطفل يسوع الذي دعاه البعض "ملك اليهود" (مت 2: 16-18).
لم يتبع زكريا وأليصابات قوانين الله فحسب لكنهما أيدان خضوعهما الخارجي بطاعة داخلية. إن طاعة الروح معناها أن تتفهم قصد الله وأن تطيعه، وليس أن تفسر مقاصده بالطاعة الحرفيه للشريعة فقط.
كان البخور يحرق في الهيكل مرتين يوميا. وعندما يرى الناس الدخان المتصاعد من البخور المحترق كانوا يرفعون صلواتهم لله. فالدخان المتصاعد إلى السموات يرمز إلى صلواتهم الصاعدة إلى عرش الله.
الملائكة كائنات روحية تحيا في حضرة الله وتعمل إرادته. ولم يذكر الكتاب المقدس سوى اسمي ملاكين فقط هما ميخائيل وجبرائيل. لكن هناك الكثيرين غيرهما ممن يحملون رسائل الله للبشر. وقد سلم جبرائيل هنا رسالة خاصة إلى زكريا. ولم يكن ذلك حلما أو رؤيا، فقد ظهر الملاك بصورة مرئية، وتكلم كلمات سمعها زكريا الكاهن.
يوحنا اسم عبري معناه "الرب حنان"، ويسوع اسم عبري معناه "المخلص" وكلا الاسمين من اختيار الله وليس الإنسان. وفي كل الأناجيل نجد أن الله يعمل بحنان، ويعطي الخلاص لشعبه.
كان زكريا يصلي وهو يقدم البخور على المذبح. وربما كان يطلب ابنا، أو ربما كان يطلب مجيء المسيح. وفي كلتا الحالتين استجيبت صلواته. فسرعان ما صار له ابن يعد الطريق أمام السيد المسيح. إن الله يستجيب الصلاة بطريقته، وفي الوقت الذي يحدده هو. كما أنه يعمل في الظروف "المستحيلة"، فقد كانت زوجة زكريا عاقرا، ليتمم كل النبوات الخاصة بالسيد المسيح. فإن كنا نريد لصلواتنا أن تستجاب، فلابد أن ننفتح على ما يقدر الله أن يفعله في الظروف المستحيلة، وبعد ذلك ينبغي أن ننتظر الله ليعمل بأسلوبه وفي الوقت الذي يريده.
أفرز يوحنا لخدمة خاصة لله. وربما حرم عليه أن يشرب الخمر، كجزء من عهد النذير، وهو النذر القديم لتكريس الإنسان لله (انظر عدد 6: 1-4). وكان شمشون نذيرا (قض 13) وكذلك صموئيل (1صم 1: 11).
هذه أول مرة يتكلم فيها لوقا عن الروح القدس، الأقنوم الثالث في الثالوث. وحينما يقال هنا، كما في العهد القديم، إن إنسانا قد امتلأ من الروح فمعنى ذلك أن هذا الإنسان قد صار مخصصا لغرض خاص، ولأداء مهمة معينة. ومنذ يوم الخمسين (أع 2: 2-4) صار الروح القدس ساكنا في المؤمنين بصفة دائمة.
كان دور يوحنا المعمدان مطابقا تقريبا لدور أنبياء العهد القديم، وهو تشجيع الشعب وحثه على ترك طريق الخطية والرجوع إلى الله. وغالبا ما يقارن يوحنا المعمدان بإيليا النبي العظيم في وقفته أمام الحاكم الشرير ومواجهته له (ملا 4: 5 ؛ مت 11: 4 ؛ 17: 10-13). اقرأ عن حياة إيليا في (1مل 18).
إعدادا للشعب لقدوم المسيح الذي انتظروه طويلا فإن يوحنا المعمدان "يغير القلوب" الحجرية ليحل محلها قلوب لينة، تحمل براءة الطفولة والطاعة والثقة والقابلية للتغيير والتجديد (انظر حز 11: 19، 20 ؛ 36: 25-29 لتقرأ المزيد عن تغيير القلوب). ومع أنه ينبغي على الكبار ألا يكونوا طائشين كالصغار إلا أن إيمانهم ينبغي أن يحمل صفات وبراءة الطفولة. فهل تفتح قلبك لله كما ينبغي؟ أم أنك تحتاج إلى تغيير قلبك؟
عندما قال الملاك لزكريا إنه سيرزق ابنا، شك زكريا في كلمات الملاك. ويمكننا أن نقبل هذا الشك من المنظور الإنساني ومن مفهوم البشر، إلا أن كل شيء ممكن بالنسبة لله. فمع أن زكريا وزوجته أليصابات قد تخطيا سن الإنجاب إلا أن الله رزقهما طفلا. ومن السهل أن نسيء فهم ما يريد الله أن يعمله بحياتنا. بل وحتى شعب الله المؤمن قد يقع في خطأ الثقة بعقله أو خبرته الخاصة الشخصية أكثر من ثقته بالله. وعندما تواجهنا تجربة الظن باستحالة تحقيق وعود الله فينبغي أن ننظر إلى الموقف من مفهوم الله الذي لا تحده قيود البشر.
لقد ظن زكريا أنه من المستحيل بالنسبة له ولزوجته العاقر في شيخوختهما أن يرزقا بابن، لكن الله ينفذ ما يعد به، وينفذه في الوقت المناسب تماما. كن واثقا تمام الثقة من أن الله يحفظ وعوده. قد تتأخر بعض الوعود لكنها لابد آتية في الوقت الذي يراه الله مناسبا. فاصبر إذا إن كنت تنتظر أن يجيب الله طلبا لك أو يسد لك احتياجا ما. إن ما يقوله الله في وعوده وفي كتابه يتحقق في الوقت المناسب مهما بدان مستحيلا.
كان الشعب يقف خارجا ينتظر خروج زكريا لينطق بالبركة المعتادة كما هو وارد في (عدد 6: 22-27).
كان زكريا وأليصابات بارين، لكنهما كانا يتألمان. وكانت هناك فئة من اليهود لا تؤمن بقيامة الأجساد، ولذلك كان كل أملهم في الخلود يكمن في الذرية، بالإضافة إلى رعاية الأبناء لوالديهم في الكبر. كما أن الأبناء يضيفون إلى ثروة العائلة ومركزها الاجتماعي، فالأبناء يعتبرون بركة. وقد ظل زكريا وأليصابات بلا نسل لفترة كبيرة من حياتهما بل لمعظمها. ولم يتوقعا أن يحدث أي تغيير في هذا الوضع لذا فإنهما فقدان الأمل. إلا أن الله كان ينتظر فقط الوقت المناسب ليباركهما بنسل.
حبيب حنا حبيب عضو فعال جداً
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 21916مزاجي : تاريخ التسجيل : 25/01/2010الابراج :