هؤلاء «النصارى واليهود»، و «الكفار والمشركين»، الذين تدعو عليهم الميكرفونات والأشرطة والكتيبات بالويل والثبور، وعظائم الأمور، وبانقطاع النسل وخراب الديار، هم الذين يقفون خلف رفاهية المسلمين، وبقائهم أحياء، وتمتع الكثير منهم بالأمن والأمان.. في ديار الإسلام نفسها! هؤلاء هم الذين يقودون التقدم الإنساني في سائر حقول العلم والبحث والتقنية، ويسهلون الاتصال بين البشر، ويضعون في خدمة المسلمين السيارات والطائرات التي يحجون بها الى الاراضي المقدسة كل عام، وهم الذين يمدونهم بالتلفونات والتلفزيونات والانترنت التي تجعل المسلم في جاكرتا يطمئن على جدته وزوجته وخالته في مكة المكرمة.
</TD></TR></TABLE>
هؤلاء هم الذين طوروا الساعة والميكرفون والتكييف والتدفئة التي يستفاد منها في كل مسجد وبيت وسيارة، وهم الذين نقلوا الى ملايين المسلمين آخر تطورات الطب والهندسة والصناعة، واستقبلوا في جامعاتهم خيرة شباب بلداننا على امتداد اكثر من قرن او قرنين، وهم الذين طوروا انواع العلاج ضد الامراض الخطيرة، وهم الذين اسسوا الطب الوقائي الذي لولاه لكان عدد المسلمين اليوم ربع او خمس ما هم عليه، ولكان معظمهم يعانون من آثار الجدري ومن فقدان البصر وشلل الاطفال، ولكانت ديارهم مستوطنات للبلهارسيا والدوسنتاريا والكوليرا.. وعشرات الأوبئة الاخرى.
هؤلاء هم الذين يحفظون التوازن الدولي ويجبرون أهل التشدد والتعصب والمغامرات العسكرية والعقائدية على التزام حدودهم، وهم الذين يتيحون الفرصة للكثير من شعوب العالم واديانه وقومياته بأن تنعم بحياتها، وتطور مصالحها وتنمي ثقافتها وآدابها بسلام!
هؤلاء هم الذين يطعمون العالم! ويوفرون للبشرية الخبز والحليب والزبدة واللحوم بكميات كبيرة وبأسعار معقولة ودون انقطاع. وهم الذين بالتالي، بالدواء والغذاء والاستقرار الدولي، سهلوا للمسلمين بأن يتكاثروا بهذا الشكل، وبأن تقفز اعدادهم الى ما فوق المليار ونصف، وهم كذلك الذين ابتكروا منظمات الاطباء والقانون وجمعيات حماية العمالة والطفولة وحقوق المرأة والعمال والاطفال، وهم الذين يفر إليهم المسلمون للحماية والرعاية والحصول على الجنسية وجواز السفر والمساعدة المالية والقانونية وحقوق المواطنة!
هؤلاء هم الذين اقاموا العدل في البلقان، وهم الذين اتوا لنجدة ضحايا زلزال باكستان، وهم الذين يصرفون المليارات لبناء افغانستان وحمايتها من وحوش تنظيم طالبان وارهاب «القاعدة» ولو انسحبوا منها لضاعت افغانستان وباكستان ولسحق التطرف والارهاب كيان الدولتين وقلبا حياة الرجال والنساء إلى جحيم لا يطاق.
هؤلاء هم الذين حطموا عسكريا وفكريا واعلاميا، وعلى امتداد نصف قرن ونيف، كل الدكتاتوريات، وفككوا انظمة التسلط اللاانسانية في اوروبا وآسيا.
فلنكتشف من جديد واقعنا وعالمنا ونسأل أنفسنا من نحن وماذا نريد؟ كيف نصبح جزءا من بشرية التقدم واتخاذ القرار؟ وكيف ننقل المسلم والمسجد والفكر الديني.. إلى أفق جديد!