رحلة كردستاني الى كنوز الأنسانية وقصور الأباطرة في شمال ايطاليـا
كاتب الموضوع
رسالة
Dr.Hannani Maya المشرف العام
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 61353مزاجي : تاريخ التسجيل : 21/09/2009الابراج : العمل/الترفيه : الأنترنيت والرياضة والكتابة والمطالعة
موضوع: رحلة كردستاني الى كنوز الأنسانية وقصور الأباطرة في شمال ايطاليـا السبت 18 ديسمبر 2010 - 8:42
قصر مانين أحد كنوز الإنسانية </TD>
رحلة كردستاني إلى كنوز الإنسانية وقصور الأباطرة في شمال إيطاليا
العرب أونلاين- بدل رفو
شمال إيطاليا
* القسم الأول
الانطلاق من خريف غراتس في النمسا
أيام وأسابيع في كردستان ولحظات خالدة من سفر الحياة مع الأحبة ،ومهرجان تكريمي وتكريم الثورة لي، والحب الكبير الذي تلقيته من شعبي .وبالأخص هذه المرة فرحة عشاق الادب والرحلات لرحلاتي كانت الدافع الكبير بأن أنقل لهم رومانسية العالم وفنون ايطاليا والإنسانية عبر عدستي المتنقلة في بقاع العالم برفقة قلمي الذي يخط رحلاتي ويسافر معي بكل دقة وأمانة. العشق لفن إنساني وقلاع أباطرة وقياصرة وقصور لم أزرها في سفرتي الاخيرة إلى إيطاليا ،دفعتني أن أحمل حقيبتي وأسافر في رحلة الخريف الى مدن الشمال في ايطاليا.
وبالأخص الى عمق الحضارة الانسانية الخالدة"تريست"التي أبهرت العلماء والفنانين والشعراء .انطلقنا صباحاً من مدينة غراتس النمساوية والمخيلة مليئة بذكريات عشتها خلال رحلتي الاخيرة وقريتي الشيخ حسن وصومعاتها التي لم أزرها لكثرة أشغالي. وأنا أرهف السمع لمطربة العرب الاولى "فيروز" وهي تغني لبيروت السلام والقبل والبحار، وانا اردد مع نفسي ولشعبي القبل والجبل والكلمة . ما أجمل أن تسافر وأنت تبحث عن الجديد والتقاليد والحضارة لتنقلها الى أقرب الناس. عبرنا مدينة كلاكين فورت النمساوية وبحيرة "فورت سى" أجمل بحيرة رأيتها في حياتي. عبرنا جبال النمسا الشاهقة ورومانسية الطبيعة القاهرة في الخريف. يحتل العين قبل الفكر تساقط أوراق الشجر وأحيانا الضباب الكثيف. المرور السريع ورقصة اوراق الشجر وتساقطها مع كثافة الضباب تولد أفكارا شعرية رائعة لتمنح اللقطة أجمل وأحلى متعة بصرية.
- الدخول إلى الأراضي الايطالية ورومانسية الخريف في بالمانوفا
عبرنا دولة النمسا ودخلنا الاراضي الإيطالية وعلى الحدود أبصرنا العمال الإيطاليين وهم يلملمون بقايا نقاط التفتيش لأن الحدود تلاشت بين دول الاتحاد الاوربي ولا حدود بعد الآن. وتمنيت أن يعم السلام العراق وتزال كل نقاط التفتيش. إيطاليا دولة الجمال والفن . عبرنا مدينة اودينا الايطالية التي زرناها في الرحلة السابقة ومن دون حتى ان نشرب قهوتها التي سافرت إليها يوما من النمسا لأجل شرب القهوة فقط. أحببت أن لا اضيع الزمن في مدن زرتها سابقاً.
وصلنا مدينة "بالمانوفا" وطرقنا أبوابها الجميلة. و تسمية المدينة تعني النخلة الجديدة. وقد شيدت هذه المدينة نهاية القرن السادس عشر على شكل نجوم في زمن عصر النهضة. وتقع المدينة في الشرق من البندقية. والهدف من تشييدها كان تحصين أمان للبندقية ضد النمساويين والأتراك . للمدينة ثلاثة أبواب. ومركز المدينة على شكل سداسي، تحيط به أشجار النخيل. وكذلك تنتشر فيه المقاهي.
- قصر مانين أحد كنوز الإنسانية
خريف وبرد أوروبي ورحلة كوردستانية حتى وصلنا قصرا ضخما هو قصر"مانين" الذي كان مقر إقامة آخر دوقات البندقية في القرن الثامن عشر. وبعدها سكن فيه نابليون بونابرت حتى وقع معاهدة "كامبوفورميديو".
يقع قصر مانين في الجنوب الغربي من مدينة "اودينا" وقد شيدته عائلة "مانين" في القرن السابع عشر. وامام القصر هناك منحوتات للفينيسيين و ساحة كبيرة تذكر بساحة بطرس في روما. وفي هذا القصر وقعت معاهدة سلام مع الإمبراطورية النمساوية ونابليون . يعد اليوم قصر مانين أحد معالم الإنسانية والفنون في إيطاليا. في الداخل صالات كبيرة وغرف رائعة ولوحات في السقوف وثريات كريستال مصدرها مورانو. و داخل القصر مزيج بين الكلاسيك والحداثة.
يحتوي القصر على متنزه كبير فيه تماثيل كثيرة وأشجار الفواكه. ويقضي فيه السياح والإيطاليون اوقات جميلة. واللافت في القصر وجود معرضين. في جانب من القصر مساحة كبيرة لمعرض العربات التي تجرها الأحصنة من القرن 15 وإلى غاية القرن 19 ومساحة المتنزه تقدر ب 19 هكتارا وأشجاره من كل انحاء العالم.
وقد فرحت وتذكرت كوردستان حين رأيت شجرة الرمان وفسحة بين أحضان قصر مانين تمنح الإنسان الدفء والحنين لأروع معاني الحياة. كذلك زرت المعرض الكبير المقام في القصر الذي يقع في طابقين والمعرض تحت عنوان"مونخ وروح الاسكندنافيين الشماليين في اواخر القرن التاسع عشر" .معرض كبير لعمالقة الفن الاسكندنافي والعنوان للفنان الكبير "ادوارد مونخ" لأن لوحاته تحتل مساحة كبيرة من المعرض المقام في صالات كبيرة للقصر من الفترة 25 سبتمبر/أيلول ولغاية 6 ملرس/آذار2011.
قصر مانين والواقع في "كودروبيو" التي تبعد 24 كيلو مترا عن مدينة "بالمانوفا". وهذه هي المرة الاولى التي تعرض أعمال كبار فناني اسكندنافيا الخالدة في إيطاليا. و يبين المعرض القدرة الفائقة والتقنية العالية لفن "ميونيخ" 1863ـ 1944، وللفنانين المعاصرين في الدانمارك والنرويج وفنلندا والسويد .
عرضت 120 لوحة عالمية عمرها يتجاوز القرن من الزمن، ومن ضمنها 40 لوحة للفنان "مونخ" و 10 لوحات للفنان "فيلهيلم هامير شوي". وهذه اللوحات إعارة من المتاحف الأوروبية والاسكندنافية والامريكية. وأهمية المعرض تكمن في معادلة الطبيعة والبشر وانعكاس روح شمالي أوروبا. وتبرز شخصية مونخ ومراحل حياته عبر لوحاته الخالدة.
واكثر لوحاته من متحف أوسلو في النرويج. وفي المعرض أيضا جناح خاص وغرفة القيصر الفرنسي نابليون بونابرت ولا يمكن تغييرها. وفي جناح نابليون هناك سريره المزركش والمزخرف ، وكذلك منضدته وغرفته الخاصة .وهناك حكاية تروي بأن نابليون أخبر دوقات البندقية بأن القصر كبير عليهم ولكنه صغير لقيصر مثله.
لحظات جميلة بين أروقة معرض كبير وقصر خالد يعتبر بحق أحد كنوز الانسانية وقبلة السياح من كل أنحاء العالم. وتستمر الرحلة.
* القسم الثاني
- دوينو..القلعة القديمة،قلعة الشاعر "راينر ماريا ريلكه"
خلال السفر من مدينة بالمانوفا بالسيارة حيث يلوح الافق الجميل والطبيعة المدهشة تلتقي عيناك بصخور ضخمة عليها قلعتان،واحدة مجرد حطام من زمن الروم، والاخرى شيدت في القرن الرابع عشر على انقاض ثكنة عسكرية رومية.
هذه القلعة غدت سكناً لأمراء تورن وتاكيس منذ القرن الثامن عشر. وفي عام 1911 ارسلت الاميرة "ماريا فون تورن" دعوة للشاعر النمساوي"راينر ماريا ريلكه" للإقامة في هذه القلعة . ونظرة من نوافذ وابواب وبرج القلعة للبحر تمنح الشاعر الدفق العنيف لكتابة اعماله. وهذا ما دفعه الى كتابة العديد من اعماله في هذه القلعة التي لا زالت تسمى بقلعة الشاعر. ويزورها الكثيرون من النمساويين لمعرفة اين قضى الشاعر "ريلكه" اوقاته في ايطاليا.
وغدت هذه القلعة الآن متحفاً كبيرا. ومن زوار هذه القلعة ضيوف كبار سجلوا تاريخ الانسانية من بينهم: امبراطورة النمسا"سيسي" و"ارست هيرتزوك ماكسيميليان" وزوجته"شارلوتي"البلجيكية و الموسيقار الخالد"يوهان شتراوس"و"فرانس ليست"و"راينر ماريا ريلكه". اما سلالم القلعة فقد صممها المصمم "بلاديو".
وهناك طابق كامل للآلات الموسيقية. وعرضت الة البيانو التي عزف عليها هناك العازف النمساوي الشهير"فرانس ليست". و الكثيرون من الموسيقيين يتدربون على آلاتهم في هذا الطابق "من اجل ان يلتقي الماضي بالحاضر عبر موسيقاهم". هذا ما قاله لي احد الموسيقيين. كذلك زرت السرداب الكبير للقلعة وقد شيده الالمان عام 1943 وهو يطل على البحر وفيه تم صنع الاسلحة ايضا.
تقع القلعة في اربعة طوابق مليئة بالتحف الانسانية الخالدة واعمال "ريلكه" ورسائله موجودة في ركن خاص وفي مكتبة زجاجية للحفاظ عليها، كذلك صور الشخصيات والضيوف من بينها صورة العالم النفسي "سيغموند فرويد". زينت جدران القصر لوحات قديمة لكبار الفنانين العالميين ومعظمها كانت اهداء من الفنانين للعائلة المالكة. وعرض سرير الاميرة وممتلكات هذه العائلة.
والشيء المدهش العدد الهائل من الكتب والمخطوطات في المكتبة الضخمة للقصر. وهذا دليل بان امراء تورن كانوا على علاقة متينة بالوسط الثقافي والفني. ويلفتنا متنزه في القلعة في وسطه نافورة جميلة .اوقات جميلة في قلعة الشاعر ريلكه.
طريق ريلكه.. طريق الشعر والفكر والنمساويين.. طريق اللحظات والرومانسية طريق مسافته ساعتان ذهابا وايابا. يبدأ الطريق من باب القلعة حتى مدينة صغيرة اسمها "سيستيانا".هذه المنطقة حيوية، قد حافظت على اجوائها وعلى بيئتها وتطل على البحر.
كان الشاعر ريلكه يتمشى في هذا الطريق ساعات وساعات عبر اشجار الزيتون والصخور والاماكن الرومانسية وكل انواع الورود والاشجار . على سواحل "سيستيانا" بوسع السائح ان يشاهد نقاط التفتيش للإمبراطورية النمساوية على البحار. يتنزه الكثيرون من النمساويين في هذا الطريق والكثيرون منهم يسافرون الى شمال ايطاليا من اجل ان يمشوا في طريق ريلكه. هذا هو اسم الطريق من قبل ايطاليا حفاظا على اسم الشاعر النمساوي الكبير الذي زود المكتبة الإيطالية والإنسانية بنتاج كبير.
- "اكوئيلايه" اكبر مدينة رومانية تاريخية لا زالت آثارها قائمة
رحلة بالسيارة وفي اجواء خريفية ايطالية حيث تتساقط اوراق الاشجار بالوان شتى، حتى وصولنا الى اكبر مدينة تاريخية رومية يعود تاريخها الى ما قبل الميلاد وهي مدينة "اكوئيلايه" . لقد كانت هذه المدينة اهم مدينة تاريخية واكبرها مع الميناء. واليوم ترقد كمدينة صغيرة بين احضان الاشجار والتنقيب عن آثار الرومان فيها. شيدت المدينة عام 181 قبل الميلاد على يد الروم.
وكانت مدينة ساحلية حتى بلغ عدد ساكنيها في عصرها الوردي ب 100 ألف نسمة. وشيدت وقتها القصور والفيلات والحمامات. وقد سماها اليونانيون بالمدينة الذهبية.عاشت المدينة زمنها الزاهي في تلك المرحلة. وقد تعرضت المدينة للخراب ووقعت الحروب على ارضها. وبعد انهيار الامبراطورية النمساوية التي كانت تحكم المدينة ،عادت الى احضان ايطاليا.
يمكن مشاهدة الآثار الرومية في المدينة وهي الاعمدة الضخمة في الحديقة الكبيرة للكنيسة وكذلك الموزاييك الارضي على ارضية الكنيسة وبالوان وفنون رائعة وزخرفة مدهشة. وحين زرت ما كان يسمى بالساحل اذا بالبحث عن حفريات واثار الروم يجري على قدم وساق للبحث عن تراث وحضارة الانسانية. في هذه المدينة القديمة بوسع السائح ان يشاهد اثارا رومية من دون تذكرة دخول تكلف الكثير. والمدينة كلها ورشة يجري البحث فيها عن الاثار. لهذا يعتبرونها اكبر واهم مدينة رومية آثارها تكتشف يوميا. ما اجمل الانسجام بين اللحظة الحلوة والتاريخ برفقة آثار حية من زمن الفرسان والامراء وتستمر الرحلة.
* القسم الثالث
رحلة وسفرة على شواطئ البحر والمدن الساحلية لغاية وصولنا مدينة "كرادو" وهي التي سمونها بالمدينة الساحلية والكنوز الفنية والمدينة الرائعة وكل من يزورها يعجب بها،"كرادو" تعتبر نصف جزيرة فنصفها في الماء والنصف الاخر في اليابسة وقد كانت هذه المدينة في القرن السادس عشر مسكونة بالناس والصيادين نظراً لموقعها الجميل وبما تملكه من شواطئ رملية جميلة للسباحة وحين يتجول السائح في المدينة القديمة تقع عيناه على ابنية قديمة من القرن التاسع عشر وربما قبل هذا التاريخ قد شيدت ايضا وخاصة في مركز المدينة وبما فيها كنيسة المدينة والازقة الضيقة جدا والتصميم وفن العمارة الراقي وخلال جولتي في هذه المدينة اي نصف الجزيرة ،ذكرتني بالبندقية وقنوات المياه تمر عبر شوارعها وشباك الصيادين على جانبي القناة ،ففي هذه المدينة كانت ظاهرة علامات الرومانيين وفنون بنائهم واسلوبهم في فن العمارة ..
مدينة تتسم بالهدوء رغم كثرة السواح واغلبهم من النمساويين وخاصة اقليم كارنينا لانها قريبة عليهم،وفي نزهة على شواطئ البحر والانسجام مع الروح وقراءة قصيدة شعرية مع نفسي حلقت بي الى اجواء وجبال كوردستان والحنين الى شعبي.
تريست..مدينة الفن والشعر والجمال والتاريخ القديم والامبراطورية النمساوية: تعد هذه المدينة التاريخية ،مدينة للفنانين والشعراء والجمال والابنية التاريخية والقصور والحضارات التي قطنت فيها والدوقات والقياصرة والامبراطوريات ،حيث كان للجميع بصمات على هذه المدينة الساحلية.
يبلغ عدد نفوس مدينة تريست "230"ألف نسمة وربما يعد مينائها بوسط اوربا فهذا مايسمونه اهالي تريست على مدينتهم وربما تعد المدينة رأسمال الحضارات والاقوام التي قطنت فيها وكذلك تعد المدينة ارث الامبراطورية النمساوية المجرية ولقد حافظت الثقافات والفنون التي ورثتها المدينة من الحضارات على اصالتها .
شيدت هذه المدينة الاقوام السلافية ."تيركيستا"ـ هكذا كان يسمونها الروم في القرن الاول قبل الميلاد اي السوق وهذه المدينة والميناء كانا يعدان سوقا تجارية للمعاملات وشيدت فيها ابنية تاريخية مازالت المدينة تزهو بها وحكمت المدينة قياصرة واباطرة وحكومات عبر تاريخها وفي عام 1295 كانت مدينة الدولة ومستقلة تماما وكانت لها عملتها الخاصة بها وقانونها الخاص ولكنها بعد فترة وصلت الى درجة الافلاس وبعدها احتلت من قبل جمهورية البندقية ..مدينة الجمال والشعر.
- تريست.. مدينة المنفى الاختياري للكاتب الايرلندي جيمس جويس
الكاتب والشاعر الايرلندي"جيمس جويس 1882ـ1941" اختار هذه المدينة منفى اختياريا هاربا من وطنه الكاثوليكي ،ففي المرة الاولى من 1904 ولغاية 1915 والمرة الثانية من 1919 ولعام واحد.
ففي هذه المدينة اكمل الشاعر عمله الكبير صورة الفنان في شبابه وتذكرت ايام الجامعه في بغداد حين ترجمها المترجم ازاد حمه شريف واهداني اياها وكذلك كتب اعمالا رائعة من منفاه وهنا كتب قصيدة النثر واليوم المنطقة التي قطن فيها والطريق الذي كان يمر فيه باستمرار سمي باسمه وهو طريق جيمس جويس بالاضافة الى فنانين وشعراء سكنوا فيها ومنهم كما ركزنا في القسم الماضي مجئ شاعر النمسا الكبير "راينر ريلكه"وسكنه في قلعة.
- مدينة تريست في عصر الامبراطورية النمساوية
لقد كانت هذه المدينة الممر والباب للامبراطورية النمساوية للبحر ولذلك شيد خط سكة حديد من فيننا الى تريسيت وللمدينة حكايات وحكايات ومنها ما سمعتها من النمساويين بان مدينة تريست ولحد الان هي مدينة سوق خضراوات وفواكه طازجة من زمن الامبراطورية النمساوية فكان القطار يسافر ليلا الى فيننا محملاً بالفواكه والخضراوات لتباع في اليوم الثاني في سوق الفلاحين في فيننا وكان الفلاحون التريستيون ينتظرون كي تكون زوجاتهم حوامل ويرسلونهم الى فيننا لتضعن اطفالهن في فيننا وهناك يحصلن على حق الاقامة.
متاحف كثيرة مليئة في هذه المدينة واعمدة الرومان تكثر فيها وفن العمارة واضح على ابنيتهم الضخمة وكذلك الساحل والعدد الهائل من البواخر في الميناء الجميل وفي مركز المدينة حيث محطة القطارات الرئيسية وفي هذه المدينة يتحدث الاهالي ثلاث لغات وهي الايطالية والالمانية والسلوفينية وفي مركز المدينة حيث المسرح الروماني الذي كانت تعرض فيه فعاليات الرومان في تلك الحقبة وبالنظر الى صغره لكنه مجذب للنظر ويعد تحفة للمدينة.
شعب طيب للغاية فالغريب لا يحس للغربة في هذه المدينة التي تستقبل يومياً آلاف الزوار بما فيها من متاحف وروثها من الامبراطوريات والحكام الذين حكموها ..تريست بابنيتها الكبيرة والمنحوتات عليها تبين للمشاهد قوة التقنية الفنية والعمارة في تلك المرحلة من تاريخ المدينة وحيث الحب للسفر والعشق للكتابة يمنح تاريخا وتستمر الرحلة.
* القسم الرابع والأخير
- قصر ميرامارى.. أسطورة من ارث الإمبراطورية النمساوية
جولة وسياحة في مركز مدينة تريست حيث تبهر المشاهد تلك القصور الرائعة لورثة الإمبراطورية النمساوية لهذه المدينة التي طالما سموها بقلب النمسا البحري. على مسافة خمسة كيلومترات إلى الشمال من المدينة ومن بعيد نلمح قصرا مشيدا على الصخر ،ثلج ابيض في بحر شديد الزرقة .إنه قصر "ميرامارى"ـ قصر أسطوري على ساحل البحر وقد شيد بصعوبة شاقة على صخور الساحل وفي مكان مرتفع.
في الحقيقة كان الاسم "ميرامار"هكذا سماه الأمير النمساوي "ارست هيرتزوك ماكسيميليان"ولكنه في النهاية سماه"ميرامارى" بالايطالية. صمم القصر الأمير"ماكسيميليان". وبالرغم من انه كلف المصمم "كارل يونكير"بمهمة التصميم والإشراف ولكنه ،أي الأمير، كان يشرف وحاضرا في كل القرارات التي كان يطلقها المصمم. لقد اقتبس المصمم فن عمارة القصر من العصور الوسطى ولغاية الكلاسيك. وقد استغرق تشييد القصر العملاق "1856ـ1860" كعش زوجي ومحب لأمير الامبراطورية الهابسبوركية "ماكسيميليان"وزوجته "شارلوتي" البلجيكية.
لقد عاش الأمير في هذا القصر أربع أعوام فقط لأنه ابلغ بأنه سيكون قيصرا على مكسيكو ولكن لعبة ضيافته في أمريكا انتهت دموياَ وكان هدفاً للثوار"بيني تو يو آريز" وأما زوجته "شارلوتي"فقد أرهقها موت الأمير وعاشت بقية عمرها وماتت في بلجيكا عام 1927.
- "الله..هوية كردستان الصحفية!!!"
قصر ميرامارى هو تحفة معمارية وكنز من كنوز الإنسانية الخالدة. ويعد قبلة للزوار من كل أنحاء العالم وبالأخص من النمسا لرؤية ذلك الرمز التذكاري من أمير نمساوي لأميرته البلجيكية.
ومما أضاف جمالية أخرى إلى القصر عند وقوفي أمام شباك التذاكر أبرزت لهم هوية صحفيي كوردستان وإذا بالموظفة تنهض من مكانها وقالت بدهشة كبيرة وفرحة عارمة هذه العبارة:"الله ..هوية كوردستان".كم فرحت وتألمت في وقت واحد. الغريب يقدر هويتنا وهويتنا منسية في كوردستان.دخلت القصر بشغف كبير.
فصالات القصر ما زالت تحتفظ بأثاثها الأصلي بالرغم من النهاية التعيسة للأمير. ولم يتم تغيير أي شئ في هذه الصالات. والمكان لغاية اليوم يعد قمة الرومانسية والحب. وكذلك يحتفى في الشهر السابع والثامن من كل عام بقصص الحب التي عاشها هذان الزوجان في هذا القصر وتجري إعادة تمثيل قصة حبهم. والبعض يعتقد بأن هذا القصر لعنة لكل من يعيش فيه. وكل من عاش فيه مات بعيدا عن الوطن مثل "آميديو ودوكا د آوستا"اللذين عاشا في هذا القصر من "1931 ولغاية 1938 ولقد ماتا في أفريقيا.
جولة ونزهة جميلة في قصر "ميرامارى" حيث كان الطابق الأرضي مسكناً للأمير وزوجته .يتميز الطابق بجمالية فائقة وأرضية رائعة وحيطان مزخرفة. أما الطابق الأول فقد كان للضيوف مع صالات كبيرة تحتوي على لوحات فنانين من تلك المرحلة قدمت هدايا للأمير.
وفي مدخل الصالة سلالم خشبية وعلى جانبيها منحوتات وطراز خشبي فني راق. وقد تم صنع الأثاث كله بإشراف الأمير نفسه. حتى انه اخذ بعض أثاثه إلى مكسيكو. والدهشة الحقيقية الثالثة لي هي مكتبة القصر الضخمة التي تحتوي على 7000 كتاب في مختلف المجالات. وفي وسط صالة المكتبة منضدة الأمير وعليها كرة أرضية كبيرة. أما في غرفة الأميرة "شارلوتي" فقد كان أسلوب"ماريا" واضحا عليها وصورة كبيرة لقيصرة النمسا المحبوبة"ماريا تيريزا"معلقة على الحائط وكذلك لوحة كبيرة للأمير والأميرة.
وأما تصميم غرفة النوم في الجانب الجنوبي فقد كان هدية زواجهما من مدينة "ميلانو"ومن غرفة تبديل الملابس الطريق إلى المصلى ورسومات الحوريات وتلامذة السيد المسيح على الحائط ورسم مريم العذراء على السقف الداخلي. وفي القصر غرفتان على الطراز الصيني والياباني حسب رغبة الأميرة "شارلوتي".
هذا القصر التاريخي الأسطوري يمثل مرحلة من تاريخ الإمبراطورية النمساوية ومدى شغفهم بالأساليب المعمارية والكتب على مر التاريخ واللوحات الفنية المعلقة على الحائط والدواليب والأثاث. والشيء المدهش الآخر هو منتزهه الكبير الذي يعد لأهالي تريست المكان الهادئ لبث الطمأنينة في النفس وكذلك لسياحة القادمين من خارج ايطاليا.
وطرق المنتزه تسودها الظلال في الصيف الساخن. وهناك مقهى ايطالي كي يمزج القهوة الايطالية بإرث الإمبراطورية النمساوية ويسمى المقهى"ماسيميليانو".
لقد كان الأمير المشرف العام حتى على الحديقة. وهو الذي كان يزرع الأشجار والزهور والنباتات والمنتزه. خلال زيارتي كان مليئا بالزوار وفي حديثي مع النمساويين اخبروني بأن هذا القصر يعد تاج محل لنا رمز الحب والعشق.
غادرت القصر والمنتزه وايطاليا والخريف الايطالي عائدا إلى النمسا وفي مخيلتي وفكري جمال ميراماري وكان حلما حقيقا.عدت إلى النمسا كي أواكب مهرجان أفلام الجبال والمغامرات وتستمر رحلتي مع الغربة الأزلية. xtrx